حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 1698 - 2006 / 10 / 9 - 11:16
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
أحالت النيابة صلاح البندر إلى القضاء بتهمة السرقة والاستيلاء من غير حق على أوراق مملوكة للدولة مستغلا وظيفته .هذا الأمر لا يعنينا كثيرا ، فإذا وجدت الدولة أن الأمر يقتضي مقاضاة البندر بسبب هذه التهمة أو سواها فلتفعل ، وعلى القضاء أن يقول كلمته ، رغم أن المجتمع كله يبدي استغرابه من أن البندر ابعد من البحرين دون أن يتعرض حتى إلى تحقيق أولي حول ملابسات قضيته برمتها ، أكثر من ذلك سمعت روايات متناقضة حول ملابسات ما جرى ، قبل أن يستقر الأمر أخيرا على رفع دعوى ضده ، قلنا إن أمرها لا يعنينا كثيرا .
ما ترغب الناس في معرفته هو ملابسات التقرير ذاته ، والبيانات الواردة فيه ، والدور الحقيقي للبندر شخصيا في الأمر كونه عرف الآن على نطاق واسع بصفته مستشارا ، يوصف بأنه استراتيجي ، في جهاز حكومي حساس وبمرتب خيالي ، فضلا عن انه قدم استشارات لمؤسسات أخرى إعلامية وغير إعلامية ، وتطرح أسئلة كبرى حول الوظيفة الحقيقية التي أسندت للرجل ، وحول وظائف الجهاز ، أو الأجهزة ، التي كان على صلة بعملها .
أسوا أمر يمكن أن يفكر فيه البعض انه من خلال إحالة صلاح البندر إلى المحكمة الجنائية سيجري صرف الأنظار عن ملابسات وتداعيات التقرير الذي عرف باسمه ، والذي لا يجوز أن يجري التصرف بعده كأن شيئا لم يكن . ففي المجتمع اليوم حالة من القلق والمخاوف من التوجهات التي كشفت عنها وئائق هذا التقرير ، ولابد من إزالة هذه الحالة عبر طي هذا الملف من خلال تحقيق مستقل ونزيه حول ما ورد فيه ، خاصة وان الأمر يتصل بأشخاص على صلة مباشرة بإدارة الانتخابات القادمة ، التي هي اليوم موضع اهتمام المجتمع كله ، الذي يعنيه أن تتم العملية الانتخابية بعيدا عن أية تدخلات ترمي للتأثير على مخرجاتها ، وكان تقرير البندر قد عزز مثل هذه المخاوف .
يمكن للتحقيق المستقل الذي تتبعه أو تترافق معه إجراءات إدارية تتصل بالأشخاص المعنيين فيه أن تترك أثرا ايجابيا لدى القوى المختلفة ، وتبدد بعض غيوم الشك والريبة التي تلبد بها فضاء العلاقة بين الدولة والمجتمع ، وعلينا في هذا المجال أن نستفيد من تجربة دولة الكويت الشقيقة ، حين برهنت الدولة هناك على قدرتها في امتصاص حالات الاحتقان السياسي في بعض المنعطفات الحادة ، بأن تخلت عن من عرفوا بوزراء التأزيم ، مما ترك آثارا ايجابية على طبيعة العلاقة بين الحكومة والمعارضة ، وفي هذا السياق يمكن العودة لمقال صديقنا الدكتور باقر النجار المنشور أمس في " الأيام" والذي سلط فيه الضوء على النموذج الكويتي في التعاطي الرسمي مع الأزمات السياسية التي تنشأ في البلد .
نعود إلى ما بدأنا به ، لنقول أن محاكمة البندر بالتهم الهشة المنسوبة إليه ، لن تقدم جوابا واحد شافيا على سلسلة من الأسئلة ينشغل بها المجتمع . علينا أن نواجه الحقيقة ، لا أن نبحث عن مخارج للهروب منها !
#حسن_مدن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟