|
وثيقة العهد، اعتراف صريح باقتراف جرائم الارهاب والقتل
عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم
(Abdulsattar Noorali)
الحوار المتمدن-العدد: 1696 - 2006 / 10 / 7 - 03:42
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
طلعت علينا عدد من الكتل والأحزاب السياسية العراقية البارزة على الساحة والمشاركة في السلطة والممثلة في البرلمان وبرعاية السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بتوقيع وثيقة العهد (وثيقة رمضان) مساء الاثنين الثاني من أيلول 2006 والموافق العاشر من رمضان المبارك. وقد جاء فيها أن هذه القوى عقدت العزم على تطبيع الأوضاع في العراق والتخلص من حالة الاحتقان الطائفي والسياسي الى الأبد والحفاظ على أرواح المواطنين ومعالجة ملف الأزمة ووقف نزيف الدم واعتماد الحوار السياسي الفاعل بدلاً من العنف. جميل أن توقع هذه القوى والأحزاب على مثل هذه الوثيقة ، وجميل أكثر لو كانت لدى قياداتها الارادة الحقيقية المخلصة والمتجردة عن الاجندات السرية والأهواء والمصالح الشخصية والسياسية الخطرة على مصلحة العراق وشعبه كي تعمل على تنفيذها، إن تمكنت ، ولو كنا نشك في ذلك! فالسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو: أليست هذه الكتل والأحزاب نفسها مشاركة معاً في العملية السياسية وفي السلطة وممثلة في البرلمان؟ أما تقوم بتصديع رؤوسنا ليل نهار بادعاء الحرص على العراق وشعبه والدعوة الى نبذ الطائفية والتطرف ومحاربتهما والعمل على استتباب الأمن والحفاظ على الدم العراقي واستنكار كل ما يجري في الشارع من تمزيق للنسيج الاجتماعي على خلفية طائفية لم يعرفها العراقيون من قبل وشجب الارهاب والقتل والتهجير على الهوية ؟ ألا يدعون الى محاربة وتفكيك ومطاردة المليشيات التي تسرح وتمرح وتقتل وتذبح وتهجر وتهدد؟ ألم يكن من المفروض فيها كقوى لها امتداد وتأثير كما تدعي في الشارع العراقي وتعمل لمصلحة العراق وشعبه أن تخاطب جماهيرها وتثقفها على ثقافة المحبة والوحدة والتسامح وقبول الآخر وتحريم الدم العراقي البريء ؟ أم أن كلام النهار والجاملات الكاة يمحوها الليل البهيم خلف ستائر الغرف السرية وفي معامل تفخيخ السيارات وزرع العبوات وتشكيل فرق الموت لخطف الناس من بيوتهم وقتلهم وذبحهم؟! ألا يجلس قادة القوى هذه معاً يضحكون ويتعانقون ويقبل بعضهم بعضاً ويأكلون ويشربون على مائدة واحدة ويتبادلون الكلام والغرام والابتسام والمجاملات المنافقة المزيفة، وديدنهم هو الضحك على ذقون الناس وعقولهم؟ وخلف الكواليس يشهرون سيوف الكراهية والحقد والبغض والانتقام المتبادل، ثم يطلقون وحوشهم البشرية الضارية الهمجية لتنهش في أجساد العراقيين الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل مايجري فتقع الضحايا بالآلاف ومنها الكوادر العلمية والثقافية المهمة. ألا تنحر الأعناق وتلقي بالرؤوس فوق أكوام النفايات التي تملأ شوارع وازقة مدن العراق التي تشبه مدن القرون الوسطى ؟ إذا لم تستح فاصنع ما شئت! لكن ما يشاؤون رهيب ومدمر، هو نحرالشعب المسكين وتقطيع أوصال البلاد والعباد الى حصص وطوائف وقبائل ومناطق وأحياء لا يربطها رابط الا اسم بلد كان يدعى العراق، وكل ذلك من أجل اجندات خارجية مشبوهة ومصالح ونزوات ذاتية نفعية وسياسية ضيقة ومذهبية وطائفية مقيتة ومن اجل أن تنطلق أيديهم بحرية في السرقة والنهب والسلب من غير رقيب أو حسيب أو قانون صارم؟! لماذا وثيقة للعهد والمصالحة وبين من ومن؟! أليس الموقعون هم حكام البلد وسياسييه العباقرة الفطاحل العاملين معاً والمخططين الاستراتيجيين لمستقبل العراق والماسكين بمصائر الناس الذين يدعون تمثيلهم والدفاع عن مصالحهم وفي الحقيقة إنهم قد تحولوا الى أمراء حرب وقادة مافيات خطيرة وقتلة محترفين؟!! مثل هذه الوثائق والعهود تكون بين متخاصمين وأعداء متحاربين تسفك بينهم الدماء. فهل الموقعون أعداء متخاصمون متحاربون؟ وإن كانوا كذلك فكيف يشتركون معاً ويجلسون سوية على طاولة واحدة في حكم وادارة هذا الوطن الجريح المدمى المدمر ؟ وإن كانوا جميعاً متفقين على حرصهم على العراق وشعبه ويدعون الى المحافظة على دمائه ومصالحه ووحدته، فلماذا إذن هم في خصامهم وغيهم يعمهون؟ وما الحاجة الى المصالحة ووثيقة عهد والحالة هذه ؟ عجيب أمور غريب قضية ! وعلى حد تحليلنا وفهمنا لما خلف مضامين الوثيقة فإن الموقعين عليها يعترفون ضمناً وصراحة بأنهم خصوم متنازعون وأنهم يقفون وراء ما جرى ويجري من ارهاب و قتل وذبح وتهجير على الهوية وتفخيخ وتفجير وعبوات ناسفة وفرق موت واستفحال التفرقة والتناحر الطائفي البغيض، وإن لم يكونوا كذلك فما الحاجة الى عهد ووثيقة ؟! ما تعلمناه من القانون وما صادفناه في حياتنا أن من يهدد أو يعتدي أو يحاول الاعتداء على انسان آخر يوقع أحياناً تعهداً قانونياً بعدم القيام بذلك ثانية والا تعرض الى ملاحقة قانونية والى عقوبة. وعليه فإنه يمكن لنا قراءة تعهد الموقعين على وثيقة العهد (وثيقة رمضان) بتنفيذ كل ماورد فيها بأنه شبيه بالذي ذكرناه (تعهد قانوني اضافة الى السياسي والأخلاقي) واعتراف صريح لا لبس فيه ولا غموض ولا شك ولا جدال بأنهم هم وراء كل ماجرى ويجري من جرائم بشـعة بحق الأبرياء من العراقيين بكل أطيافهم ، ودماء هؤلاء وانعدام الأمن واستفحال الارهاب والذبح والقتل يقع في رقابهم وهم يتحملونه شرعياً وقانونياً واخلاقياً، وعلى الشعب العراقي ملاحقتهم ومحاسبتهم جميعاً دون استثناء على الجرائم المنكرة بحقه والتي يندى لها جبين الانسانية!
وللعلم فقد ابرم العهد رئيس الوزراء نوري المالكي، ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، ورئيس جبهة التوافق عدنان الدليمي، ورئيس مجلس الحوار الموحد الشيخ خلف العليان، وممثل المجلس الاعلى للثورة الاسلامية الشيخ جلال الدين الصغير، ورئيس منظمة بدر هادي العامري، وممثل التيار الصدري حسن الربيعي، وممثل حزب الدعوة عبد الفلاح السوداني، والسيد فالح الفياض، وممثل حزب الفضيلة حسن الشمري، وممثل جبهة الحوار الوطني الدكتور مصطفى محمد امين. ولم يشارك التحالف الكردستاني والقائمة العراقية في محادثات وابرام العهد لكنهما رحبا به.
#عبد_الستار_نورعلي (هاشتاغ)
Abdulsattar_Noorali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرأس
-
هذي السويدُ درة البلدان
-
سيدة الكلمة الحية
-
هل اصبحت قضية الكرد الفيليين في خبر كان؟
-
هنا بيروت
-
هولير وظلها البعيد
-
الى التحالف الكوردستاني: الفيليون ليسوا كرداً من الدرجة الخا
...
-
قراءة في دفاتر الشاعر محمود الريفي
-
رسالة من شاعر
-
هل الفيليون كرد مع وقف التنفيذ...؟!
-
جلجامش والأفعى الى الشاعر عدنان الصائغ
-
أي طرطرا تطرطري
-
الشاعرة خلات احمد بين الذاكرة والدهشة
-
بهاء الجهات الأربعة
-
لوركا ... انهضْ
-
البركان البهيج
-
أرض العشق البركان
-
قصائد للشاعر السويدي روبرت اولفده
-
مازلتُ أمارسُ لعبةَ البركان
-
هوغو شافيز
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|