|
المقاومة الشعبية في استراتيجية السلطة واللجنة التنفيذية (1)
معتصم حمادة
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
الحوار المتمدن-العدد: 7440 - 2022 / 11 / 22 - 12:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
■ في بيانها الأخير (15/11/2022) أشارت اللجنة التنفيذية، التي عقدت اجتماعاً برئاسة الرئيس أبو مازن إلى أهمية تطوير المقاومة الشعبية ضد الاحتلال. لكن لا هي ولا حكومة السلطة الفلسطينية، اتخذت من الإجراءات والخطوات ما يعزز دور المقاومة الشعبية، ويمدها بعناصر القوة والصمود، وكأن اللجنة التنفيذية بذلك، ومن وراءها حكومة سلطة الحكم الإداري الذاتي، تقفان موقف المتفرج على نضالات ومجابهات المقاومة الشعبية لقوات الاحتلال وعصابات المستوطنين المسلحة. لكن، بالمقابل، إذا ما ذهبنا أبعد من هذا الرأي، وقرأنا موقف اللجنة التنفيذية، من المقاومة الشعبية في سياق ما جاء في البيان من نقاط أخرى، وما بحثته اللجنة التنفيذية في اجتماعها، وما توصلت إليه من «توجهات»، نلاحظ أنها لم تغير استراتيجيتها السياسية القائمة على الاحتفاظ بمسار أوسلو والتزاماته واستحقاقاته، فمازالت حكومة السلطة وأجهزتها الأمنية تلتزم شروط العلاقات مع الاحتلال، كما هي عليها منذ سنوات أوسلو، ولم تغادر مواقعها في الالتزام به، رغم شكواها أن دولة الاحتلال تخلت من جانبها عن الالتزام بالاتفاق واستحقاقاته، وإن لم يبق منه سوى التنسيق الأمني (من جانب السلطة فقط) والتنسيق الإداري، المفروض على حياة الشعب الفلسطيني (أيضاً من ضمن التزامات أوسلو)، وبحيث تكون الإدارة المدنية للاحتلال، هي المرجعية العليا لسلطة الحكم الإداري الذاتي، كما لم يبقَ من أوسلو، سوى التبعية الاقتصادية التامة لأراضي السلطة الفلسطينية (إن السلطة في رام الله أو سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة) للاقتصاد الإسرائيلي، ومن ضمنه قيود الغلاف الجمركي الموحد، الذي تفرض إسرائيل قوانينه من طرف واحد، بدعوى حماية الاقتصاد الإسرائيلي. وبالتالي؛ يمكن لنا أن نخرج بخلاصة أولية، تفيد أن ما جاء في بيان اللجنة التنفيذية وفي مباحثاتها في اجتماعها الأخيرة، بما في ذلك التحركات في الأمم المتحدة، ونحو الوكالات الدولية ذات الاختصاص التي ما زالت مجرد كلام القوى ولم يترجم عملاً) وطلب العضوية العاملة في الأمم المتحدة، وغير ذلك من العناوين، إنما تندرج في السياق السياسي نفسه، أي السياق الانتظاري، إلى أن تحين اللحظة الأميركية المناسبة لاستئناف المفاوضات، بدعوى «حل الدولتين»، ولقد كان أمين سر اللجنة التنفيذية، ووزير الشؤون المدنية في حكومة السلطة في رام الله، شديد الوضوح حين أكد بعد عودته من واشنطن، بعد ساعات على خطاب الرئيس عباس في الأمم المتحدة، أن القيادة الفلسطينية اتفقت مع الدوائر المختصة في واشنطن، على العمل معاً لحماية مشروع «حل الدولتين»، بحيث لا يقوم أي من طرفي الصراع (السلطة وإسرائيل) بأي خطوات أحادية من شأنها أن تقطع الطريق على «حل الدولتين» وفق رؤية الولايات المتحدة له، ولعل أهم الشروط، وأكثرها جوهرية، في عدم اللجوء إلى إجراءات جانبية، هو عدم الخروج من أوسلو والتزاماته، باعتباره القاعدة السياسية، والركيزة الأساسية للعلاقة مع إسرائيل، وباعتباره الشرط الأميركي الرئيس لمواصلة «رعاية» الوضع في الأراضي الفلسطينية، والشرط الرئيس للحفاظ على مسارات العلاقة بين السلطة في رام الله، وبين الدوائر الأميركية ذات الصلة في واشنطن. إذن؛ حركة سياسية هدفها ملء الفراغ، والإيحاء بأن هناك جديداً تعمل اللجنة التنفيذية، على التحضير له، علماً أن أي جديد، إذا لم يكن الخروج من أوسلو، فليس إلا من باب المناورات السياسية، لنشر الوهم بأن القيادة السياسية لا تقف مكتوفة الأيدي، وأنها لا تطلق الصرخات جزافاً، وأنها على استعداد لتحدي الولايات المتحدة، علماً أنه مجرد «تحدٍ» تدرك الولايات المتحدة جيداً حدوده، وتدرك سقفه، وتقدر جيداً أنه ما زال «تحدٍ» يلتزم قواعد لعبة أوسلو والتزاماته. وفي هذا السياق؛ تندرج مناورة الحديث عن المقاومة الشعبية، لتكون رسائل إلى واشنطن، وبروكسل، وإلى الحكومة الإسرائيلية أن الغرب المعني برعاية حل القضية الفلسطينية، بأن تصاعد المقاومة الشعبية ستكون له تداعيات كبرى، قد تمس حتى وجود السلطة الفلسطينية نفسها، يندرج في هذا السياق تصريحات وزير المال في السلطة الفلسطينية شكري بشارة، عن العجز المالي الذي وصل إلى المليار دولار، كما تندرج في هذا السياق تحذيرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خطورة احتمال انهيار السلطة الفلسطينية، والنتائج الكارثية على إسرائيل، كما تقول المؤسسة نفسها، فالسلطة الفلسطينية وبقاء السلطة الفلسطينية، والأجهزة الأمنية للسلطة، وبقاء الأجهزة الأمنية وتماسكها، ومدها بالمال اللازم والعتاد المطلوب، حاجة إسرائيلية – أميركية، لضمان الاستقرار والهدوء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتتولى نيابة عن إسرائيل، ضبط الوضع وإدارته، وإعفاء إسرائيل من تلك الأعباء. السلطة تدرك ذلك، وهي أكثر من مرة، هددت بتسليم المفاتيح لإسرائيل، لذلك تدفع السلطة الوضع نحو «التسخين»، بحيث لا تتجاوز حرارته الحد المطلوب، وبحيث يسخن المرجل، لكنه يبقى بعيداً عن حدود الانفجار. لذلك - على سبيل المثال – تدعو السلطة واللجنة التنفيذية لمواصلة المقاومة الشعبية، وفي الوقت نفسه تتدخل لمنع تجاوز المقاومة حدودها المرسومة لها، فحين انطلقت الجماعات المسلحة بأسمائها المختلفة، وحين وجدت إسرائيل (والسلطة) أن الأمر تجاوز حدود «التفاهم» الأمني، اقتحمت قوات الاحتلال نابلس وجنين، وارتكبت مجازرها بحق المواطنين، الأمر الذي هدد بدفع الأمور نحو انفجار يخرج الوضع عن السيطرة، وتلبية لنداء إسرائيلي تدخلت السلطة وضغطت على بعض الشبان المسلحين، و«أقنعتهم» تحت ضغط الابتزاز بتسليم السلاح، واحتجزتهم في سجن أريحا، بدعوى حمايتهم من بطش الاحتلال، أرادت ذلك أن يكون سابقة لخطوات مماثلة، تتولى عبرها إعادة المقاومة الشعبية إلى ما كانت عليه قبل ولادة «كتيبة جنين، وعرين الأسود وعسكر والعروب وغيرها من مجموعات الفدائيين»، الذين انطلقوا على عاتقهم يخترقون سقف المعركة السياسية التي ما زالت تقف عندها السلطة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني. إذن؛ السلطة الفلسطينية ومن خلفها اللجنة التنفيذية، بحاجة إلى مقاومة شعبية، بحدود مرسومة لا تتعداها، وبسقف سياسي لا تخترقه، وبحيث تبقى مجرد ورقة بيد السلطة ومناوراتها ■
#معتصم_حمادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد 9 أشهر على انتخابها نتائج عمل اللجنة التنفيذية ... كتلة
...
-
شهر على خطاب نيويورك النتيجة ... «كتلة أصفار»
-
«إعلان الجزائر» (مقدمات – نتائج – مآلات - احتمالات)
-
«رباعية ميونيخ» ... بدل عن ضائع
-
رسالة مفتوحة إلى غوتيربش
-
لا تسقطوا اتفاق أوسلو من يدي
-
ماذا سيحمل خطاب فلسطين إلى الأمم المتحدة هذا العام؟!
-
ما دامت هذه هي حل مؤسسات م. ت. ف. فلماذا لا تغادرونها؟!...
-
مؤسسات منظمة التحرير تحت المجهر
-
«إعلان القدس» ... وكأن شيئاً لم يكن
-
المقاومة السلمية وتسول تجربة غاندي
-
عن اليوم التالي لقرارات المجلس المركزي
-
الرهان على المشاريع النافقة لن ينقذ القضية الوطنية
-
هل فقدت شعوبنا العربية قدرتها على الغضب؟ معتصم حمادة عضو الم
...
-
أسئلة غبيّة من وحي الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية ... !
-
المتاهة السياسية في رام الله
-
بعد ثلاثين عاماً على ولادتها ... السلطة الفلسطينية حلاً بديل
...
-
من التطبيع إلى الحلف الإقليمي الجديد ...
-
خطيئة إسرائيل وتجاهل منطق التاريخ
-
المجلس المركزي ال31 مقدمات ونتائج وتداعيات ...
المزيد.....
-
مهرجان للأضواء في كوبنهاغن.. المدينة تشعّ نورا يكسر رتابة ا
...
-
حادث عرضي وليس تخريبًا: السويد تكشف أسباب قطع كابل بحري في م
...
-
عشية زيارته لتركيا: الشرع يتحدث عن الانتخابات وسلاح -قسد-
-
بروكسل ترد على مطامع ترامب حيال غرينلاند
-
العراق.. تريث إزاء المشهد السوري
-
تقري أممي يشير إلى فشل في تطبيق قرار تجميد الأصول الليبية
-
الشرع إلى تركيا بدعوة من أردوغان
-
الأنصاري: نأمل أن يطلب ترامب من نتنياهو الوفاء بتعهداته وإرس
...
-
نتنياهو في واشنطن.. هل يستجيب ترامب لمطالبه؟
-
مفاوضات وقف إطلاق النار.. -حماس- تتهم إسرائيل بـ-المماطلة-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|