عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7435 - 2022 / 11 / 17 - 15:17
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
وقد كان للأفكار التي أتت بها المدرسة التقليدية أثر بالغ في ظهور مبادئ ومطالب إصلاحية في منظومة السياسة الجنائية تمثلت في الكف عن وحشية العقاب الذي ينافي إنسانية الإنسان ، وجعل المسؤولية الجنائية شخصية ومبنية على حرية الاختيار، وظهور مبدأ عرف له مكانة دولية ألا وهو مبدأ الشرعية من أجل الحد من سلطة القضاء المطلقة، وجعل العقوبة متناسبة مع الضرر الذي أحدثته الجريمة حتى يتحقق أهدافها المتمثلة في تحقيق الردع العام والخاص.
وعلى الرغم من مزايا أفكار المدرسة التقليدية إلا أنها أخذت عليها عيوب كثيرة كإفراطها في التجريد بحيث حصرت اهتمامها في الجريمة دون شخصية المجرم وظروف ودوافع ارتكاب الجريمة (بوساق, 2002)، وكذا اعتبارها حرية الاختيار مطلقة ومتساوية لدى جميع الأفراد مع العلم أن الأشخاص يتفاوتون في دوافعهم وقوة الإدراك لديهم .ومهما يكن من انتقادات فإن أفكار هذه المدرسة كان لها دون جد هام وتمظهرات على عدة مستويات في السياسة الجنائية المعاصرة إذ أخد مكانة مرموقة فيها، خاصة بعد التعديلات التي أدخلتها عليها المدرسة التقليدية الجديدة.
المدرسة التقليدية الجديدة .
أمام النقص الذي عرفته أفكار المدرسة التقليدية ظهرت المدرسة التقليدية الجديدة لسد هذا النقص والإتيان بأفكار جديدة، وعليه فإن السياسة الجنائية الجديدة في شقها العقابي تعد بلا شك امتدادا للمبادئ التي قامت عليها المدرسة التقليدية القديمة، وعلى وجه الخصوص مبدأ حرية الاختيار ومبدأ العقد الاجتماعي. إلا أن هذه المبادئ جاءت في صيغة جديدة تفاديا للعيوب والنقص الذي تعرضت له. لكن ما هي يا ترى إضافات المدرسة التقليدية الجديدة من أجل تطوير السياسة الجنائية المعاصرة ؟
صحيح أن هذه المدرسة احتفظت بالأفكار التي جاءت بها المدرسة التقليدية، ففي مجال حرية الاختيار فإن هذه المدرسة اعترفت بها إلا أنها غير متساوية عند الناس لأن الحرية درجات تختلف باختلاف الأشخاص(بوساق, 2002). وبناءا على ذلك فإن المسؤولية تكتمل إدا تمتع الجاني بحرية اختيار كاملة و تنقص بقدر نقص الحرية. وتفاوت حرية الاختيار يقابله المتفاوت في شدة العقوبة تبعا لمقدار حرية الاختيار تحقيقا للتناسب المطلوب لإقامة العدالة الجنائية (الضيفي, 2001).
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟