|
استشعار ضفة القصة في الناصرية
ابراهيم سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 10:39
المحور:
الادب والفن
أن الحديث عن بدايات المشهد القصصي في مدينة الناصرية يجرنا للحديث عن نشأة القصة في العراق .. وحيث أن القصة العراقية بدأت في وقت مبكر من القرن العشرين وتحديدا بعد نشر العديد من المحاولات القصصية في الصحف والمجلات التي كانت تصدر في ذلك الوقت مثل : (تنوير الافكار . صدى بابل ، العلوم، لغة العرب . الرقيب ، وغيرها ... ) فكانت تلك المحاولات اشارات غير واضحة في بدايات مسيرة المشهد عموما .. اذا بدا العد الحقيقي لتاريخ المشهد القصصي العراقي على يد محمود احمد السيد رغم أن سلمان فيضي قد سبقه بنشر رواية ( الرواية الايقاظية) عام 1919 . الا انها كانت بمثابة مقالات وعضية وارشادية بعيدة عن مقومات الرواية . فعدت قصة ( في سبيل الزواج قصة طويلة 1921 ) لمحمود احمد السيد أول قصة عراقية استوفت المفهوم العام لهذا الفن . ثم تبعها بنشر قصة طويلة اخرى( مصير الضعفاء 1922) واعقبها في مجموعة قصصية اخرى عنوانها (النكبات 1923 ) بعدها اصدر مجموعة ( الطلائع 1928) . لكن رواية ( جلال خالد 1927) تعد اهم اعمال السيد واكثرها نضوجا ، رغم انه انهى حياته القصصية بمجموعة ( في ساعة زمن 1935) ، إلا إن ( جلال خالد) مؤشر جيد لتطور اساليب الرواية العراقية ومن ثم فانها بداية صحيحة لاتجاه واقعي الذي انتشر بعد الحرب العالمية الاولى موازيا للاتجاه الرومانسي الذي كتبه عبد المجيد لطفي وفؤاد بطي ويوسف متي . وكان ابرز كتاب الاتجاه الاول ذنون ايوب وجعفر الخليلي وعبد الحق فاضل . لقد شكل نتاج السيد القصصي بداية حقيقية لنشوء القصة العراقية ثم لحقه القاص انور شاوول باصدار مجموعته ( الحصاد الاول 1930) مع أن ابرز من كتب في تلك الفترة القاص جعفر الخليلي الذي كان غزيرا جدا فاصدر في 1923 قصته الطويلة ( التعساء) و ( السجين المطلق 1935) . ويستمر في اصدار مجاميعه ورواياته بعد وفاة السيد 1935 ، فاصدر اكثر من عشرة كتب . وبذلك يكون الخليلي اكثر القصاصين الواقعيين نتاجا مبلورا تجاهه بصورة مطلقة. فكان موضوعه لايخرج عن معاناة الناس وهموم المجتمع والمرض والفقر والصراع من اجل حياة افضل . الخليلي لم يكتف بما أصدره من مجاميع قصصية ، فاصدر روايتين الاولى في العام 1937 بعنوان ( الضائع ) والآخرى في عام 1944 بعنوان(( في قرى الجن)) وتوج نشاطه الأدبي في إصدار مجلة (( الهاتف)) في النجف الأشراف وظل يحررها لسنوات طويلة حتى إنها خصصت أحد أعدادها وتحديدا في سنتها الحاديةعشر عام 1946 ، للقصة القصيرة وبذلك سجل سبقا في هذا المجال . وهكذا ساهمت جميع الروايات والمجاميع القصصية في إرساء قاعدة في القصة العراقية مستفيدة من المناخ الثقافي والادبي السائد انذاك والمتمثل بانتعاش حركة الترجمة لكبار الكتاب العالميين ، ووصول الكتب والمجلات العربية المتخصصة الى بغداد وكان من الطبيعي أن يكون التأثير واضحا في النتاج الادبي العراقي عموما سيما أن القصة العراقية بدات اصلا متاثرة بالواقعية . وقد تزامن ظهور القصة في مدينة الناصرية مع صدور اول صحيفة فيها على يد محمد القطيفي واسماها (البهلول) ثم اصدر لفتة مراد صحيفة (المنتفك) الأسبوعية عام 1939 . وقد اتسم الاطار العام لها باقترابها من الصحف البغدادية الرائجة آنذاك . وساهمت في نشر اخبار ونشاطات مدينة الناصرية . وبعدها اصدر عبد الغفار العاني صحفا عدة منها الطليعة واللواء . الا أن اهم اصدارين كانا هما مجلة البطحاء للمحامي شاكرالغرباوي ومجلة الناصرية التي اصدرتها مديرة التربية . لكن الغريب في مجلة البطحاء انها لم تنشر قصة واحدة على امتداد اعدادها الستة عشر . وللامانة نقول بانها نشرت محاولتين في النثر لاتصنف ضمن خانة القصة لعدم توفر عناصرها ولكنهما اقرب الى الخاطرة . ففي العددين الثامن والتاسع ( مجلد واحد) نشرت مادة نثرية بتوقيع الآنسة ( هتوف) من الناصرية عنوانها ( صدى النفس) . وفي العدد (16) نشرت الآنسة (عطارد) مادة اخرى عنوانها (السعادة) وهي خاطرة تتحدث عن تاثير السعادة على النفس البشرية ولايختلف السيد حسين مروة عن الانستين بنشره مادة نثرية عنوانها (خدعة الشيطان ) في العدد الحادي عشر . أن تلك المحاولات لاتعد قصصا بالمعنى المعروف ولكنها حاولت الاقتراب منها وان لم تصل اليها البته .. وبذلك لم تضف مجلة البطحاء أي جديد في مسيرة القصة في الناصرية رغم وجود بعض الاصوات والمحاولات في تلك الفترة امثال( عبد الكريم يعقوب وبهاء نور علي وسامي عبد الله الجليلي). في حين اهتمت بعض المجلات الصادرة في المدن الاخرى بالقصة وعدتها من الفنون الادبية المهمة ، كمجلة ( الهاتف) التي اصدرها الرائد جعفر الخليلي في النجف كما اسلفنا وهي ذات الفترة التي كانت تصدر فيها البطحاء ، فقد تمكن بعض كتاب القصة ممن نشروا نتاجهم القصصي في صحف محلية صدرت في الناصرية واخرى في بغداد مثل عبد الرزاق رشيد الناصري وصبري حامد وحسين الجليلي وخضر عبد المجيد وغيرهم .. وفي الخمسينات استمدت القصة عناصرها من التحولات التي مر بها المجتمع العراقي .. اضافة الى الانفتاح الكبير على تراجم الادب العالمي والاطلاع على المدارس والمذاهب الادبية في الغرب .. فتاثر الادباء والمثقفين تاثرا واضحا انعكس على نتاجهم الادبي والقصصي الجديد على صفحات المجلات والصحف الرائجة انذاك .. فكان تهافت الادباء على النشر من مؤشرات تلك الفترة مما جعل الباحث والدراس يتبين مسار القصة واساليبها من خلال الكم المنشور .وكان لا بد لبعض القصاصين ان يغيروا الاساليب القديمة التي ظهرت في العشرينات والثلاثينات وحتى تلك التي ظهرت في الاربعينيات (الى حد ما ) تلك الاساليب التي كانت بمثابة منشورات وعظية واصلاحية مباشرة . واكثر ما كانت تعالج مشاكل الفقر والتخلف اذا ما استثنينا بعض المحاولات في بث الفكر والاصلاح .. فكانت المهمة عسيرة امام اولئك القصاصين بان يكتبوا بجدية اكثر فكانت واقعيتهم النقدية متطورة قياسا الى الفترة التي سبقتهم ولكنها ظلت محصورة بالنقل الحي للاحداث والمشاكل اليومية دون الالتفات للصيغة وحرفية القصة كفن له ملامحة الخاصة .. واذا ما اعتبرنا بان الواقعية النقدية قد ظهرت في القرن التاسع عشر ،الا انها وجدت طريقها الى القصة الخمسينية في العراق كنهج وافد من الخارج وتمثلت بصورة قريبة في ادب غائب طعمة فرمان القصصي ، اذ تمثلت في نقد الواقع وتشخيص عيوبه ورفضه ولكن دون وضع الحلول او البدائل بسبب نظرتها السوداوية واليأس وقتامة الاحداث .. فكانت امرا طبيعيا أن يقع معظم قصاصينا تحت تاثير هذا الاتجاه واعتبارا أن الهم القصصي الذي كان موجودا لا يتعدى عرض عام لحالات اجتماعية لم تعالج بطرق حداثوية او تجريبية بل سقط بعضها في السذاجة والضعف الفني ، اما لقلة الخبرة او لعدم الاطلاع على التجارب الجيدة التي ظهرت موازية له .. في حين يمكن استثناء اسماء استطاعت الوقوف بجدارة في المشهد الخمسيني واثرت بوضوح في كتاب القصة الاخرين .. وقد استندت تلك الاسماء على ثقافة خاصة وارث قصصي اسسه عبد الملك نوري وجعفر الخليلي وانور شاؤول فانجب الخمسينيون اسماء مهمة صنعت تاريخا واساليبا متميزة كغائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي ، اذ عالجت حالات المجتمع بلغة صادقة وهادفة ، وكان لا بد لاي قاص أن يتاثر بهما اذا ما اعتبرنا بانهما جددا في القصة. فتاثر كتاب القصة في الناصرية مع من تاثر بهما ، فنجحت بعض المحاولات في محاكاة قصصهما بمنهجها الواقعي النقدي اضافة لمحاولات اخرى كانت تتاثر بالواقعية الاجتماعية والتيار الرومانسي الذي ازدهر في الثلاثينات والاربعينات .. فكانت صحافة الناصرية تنشر نتاجات اولئك المغامرين الذين دخلوا عالم القصة الصعب .. وتميزت بعض محاولاتهم بالصدق والامانة لهذا الفن النبيل وفي الستينيات نجد أن قصاصي مدينة الناصرية قد استفادوا من جميع المحاولات التي سبقتهم على صعيد القصة العراقية المتمثلة في الارث القصصي الخمسيني الذي كتبه فؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان ومهدي عيسى الصقر واحمد فائق السعيد وادمون صبري وحسين علي راشد وحمدي علي وخليل رشيد وعبد الله نيازي وشاكر خصباك وصفاء خلوصي وعبد الرزاق الشيخ علي وفيصل الياسري ومحمد بسيم ونزار سليم وهلال ناجي فكان لابد من أن نجد القصة الستينية في الناصرية قد نضجت متأثرة بما انتجته تلك الاسماء واسماء اخرى ظهرت في الناصرية مثل عادل عطية وطاهر امين وعبد الرقيب احمد وصبري حامد ومجيد حميد النجار وخضر عبد المجيد وريسان العسكري واسماعيل سعيد ومن قبلهم عبد المحسن الكناني وعبد الكريم الامين .. على الرغم من أن بعض الستينيين كان له رأي اخر في ذلك. يقول القاص عبد الرحمن مجيد الربيعي بجرأة (لم اكن مقتنعا بما قرأته لقصاصين عراقيين من الفترة التي سبقتنا ، احسست بان نتاجهم مدعوم اعلاميا وسياسيا اكثر من اهميته الفنية ) ولعل الهم الذي حمله كتاب القصة في الناصرية قد اهلهم لكتابة قصة جديدة اختلف كليا عن القصة الخمسينية . باعتبار أن فترة الستينات السياسية الفكرية والثقافية كانت اكثر سخونة لما لاحداثها وتطوراتها من اهمية جعلت القاص والمثقف يعي المرحلة وخطورتها وتحولاتها فكريا وثقافيا حتى بات الادب على شفا حفرة من السقوط في الادلجة السياسية والفكرية .. لقد برز كتاب كثيرون في الناصرية حملوا الهم الادبي الى جوار مدينتهم ، فتميزت تلك الفترة بظهور عدد كبير من كتاب القصة مثل : فائق عباس – عبد الحميد الصباغ – نبيل حسين – عبد الرحمن مجيد الربيعي – فهد الاسدي – داود امين – عبد الكاظم ابراهيم – عبد الهادي والي – احمد الباقري –بلقيس نعمة العزيز –محسن الموسوي – عزيز السيد جاسم – ماجد كاظم علي – كريم حسين الخالدي – عباس خلف الساعدي – ابراهيم محسن الجار لله – عباس مجيد – حسن كريم العامري – جاسم عاصي – محسن الخفاجي –مهدي السماوي –عامر السوداني – عبد الجبار العبودي – قاسم دراج – كامل الغرباوي – عزيز عبد الصاحب – حسين السلمان – عبد الخالق الخاقاني – عبد الرحمن سلمان الناصري – قاسم خضير سلمان – حسن عباس الطائي ـ غالب الخزعلي .. في فترة الستينيات ، حققت القصة في مدينة الناصرية تقدما كبيرا وانتشارا واسعا .. فقد واكبت التطور في الحداثة وعملية البناء الجديدة التي ظهرت على مجمل الانتاج القصصي العالمي ، وبذلك تكون القصة قد وصلت الى درجة من التطور لم تصل اليه من قبل .. فقد اصدر بعض قصاصي الستينيات في الناصرية كتبا كثيرة ، ساهمت بشكل فاعل في بلورة الخطاب القصصي العراقي عموما بالاشتراك مع قصاصين عراقيين اخرين . فشهدت ساحة القصة العراقية ظهور اسماء جديدة ساهمت في رفد الفن القصصي بوعي قصصي جديد .. فقد اصدر قاسم خضير عباس رواية عنوانها ( لا تقبر الحق ) عام 1966 واصدر القاص جواد العبد الله روايته ( سفر النخيل ) عام 1966 . واصدر حسين الجليلي مجموعة قصصية عنوانها ( رسائل من الهور ) عام 1969 . واصدر فهد الاسدي مجموعتـــــــــــــــــــــه ( عدن مضاع ) 1969 . واصدرت بلقيس نعمة العزيز مجموعتها الاولى ( زفاف الايام المهاجرة ) عام 1969 . الا أن عبد الرحمن مجيد الربيعي قد تميز حقيقة في اصدارته في فترة الستينات ، اذ اصدر في عام 1966 مجموعته الاولى (السيف والسفينة) ، واصدر مجموعته القصصية الثانية (الظل في الرأس) عام 1968 . و(المواسم الاخرى) 1969 قصص . ويبدو أن النتاج القصصي الغزير للربيعي قد اهله ليحتل مرتبة متقدمة في قائمة القصاصين العراقيين في تلك الفترة .. وقد نجح في اخراج القصة من محليتها والانطلاق بها خارج اسوار مدينته حينما انتقل الى بغداد عام 1962 وعمل محررا في جريدة الانباء الجديدة الاسبوعية التي نشر فيها وبغزارة اهم طروحاته في القصة والشعر والفن . يقول الربيعي : ( على صفحات الانباء الجديدة ولدت حركة الستينات في العراق ، اقول هذه الملاحظة جازما ... خالد حبيب الراوي ـ بثينة الناصري ـ علي العلاق ـ حميد المطبعي ـ موسى كريدي ـ عزيز السيد جاسم ـ محمد عبد المجيد ـ عزيز عبد الصاحب ـ مؤيد الراوي ـ سركون بولص ـ يوسف الحيدري) . في تلك الفترة نشر الربيعي نتاجه الادبي المختلف وبغزارة واضحة في جريدة المستقبل وجريدة 14 تموز اضافة لما كان ينشر في صوت الجماهير والانباء الجديدة .. فبدات تتبلور وبصورة جلية ، افكاره واتجاهاته القصصية ، فقد تناول الواقعية بنمط اخر ، وتناول انهزامية الانسان وانكساره ، كما استخدم فن التقطيع القصصي وهي محاولة جديدة في القصة العراقية انذاك متاثرا بثقافته التشكيلية . يقول الربيعي عن كتاباته الواقعية : (انني عندما اكتب اليوم وفق المنهج الواقعي فانا لا انطلق من ذلك المفهوم ، وانما انطلق من واقع روائي اخر تحدثت عنه ناتالي ساروت ايضا وقالت أن الواقع في نظر الروائي هو المجهول ، هو المحجوب ، هو الوحيد الذي توجب رؤيته، هو فيما يبدو له ، اول ما يتوجب ادراكه ، هو ما ما لا يقبل التعبير عنه باشكال معروفه ومستهلكة ، بل هو الذي يتطلب لكي ينكشف ، اسلوبا جديدا في التعبير واشكالا جديدا لا يمكن أن ينكشف بدونها) ومنذ اول اصداراته (السيف والسفينة )1966، بدأ الربيعي ميدان التجريب القصصي اذ بشرت المجموعة بولادة فن قصصي جديد ، مع انها كانت بمثابة بحث في التجريب والتجديد . احتوت المجموعة على احدى عشر قصة ، تميزت بغموض بعضها ، ووصفها ببعض النقاد حينها بانها تنتمي الى الادب السريالي ووصفها اخرون بطغيان الصبغة الوجودية عليها ، وكأنه اراد بها كسر مألوف القصة العراقية في تلك الفترة رغم الجهد الستيني الواضح عليها بتياراته الجديدة . الا أن الربيعي استطاع بمحاولة اخرى ( الظل في الراس ) 1968 . أن يثبت نظريته الخاصة بالجديد الذي يجب أن يطرأ على القصة ومغادرة القوالب الجاهزة والمكررة .. لقد تميز نتاج الربيعي الضخم ومنذ بدايته بمروية متسلسلة عن مدينة الناصرية فكانت قصصه عبارة عن سيرة مدينة باطار فني فية المعاصرة والتراث والشعر الذي وقعت بعض قصصه تحت تاثيره .. لقد اثر غزارة نتاج الربيعي ببعض ادباء المدينة وخاصة كتاب القصة ، لتناول ذلك النتاج بالنقد والتحليل ... اذ لم يكتف اولئك بما كتبوه في مجال القصة ،بل راحوا يؤشرون نقديا نتاج غيرهم .. فنشروا دراستهم وتحليلاتهم عن قصص الربيعي اذ عدوه مجددا في القصة ، وربما انطلقوا من مبدأ انتماء الرجل الى مدينتهم فاخذوا على عاتقهم مهمة تاشير منجزه الكبير .. فقد كتب القاص محسن الخفاجي وفي مرحلة مبكرة من رحلة الربيعي القصصية ، دراستين الاولى كانت بعنوان (الظل في الرأس) نشرها في مجلة الكلمة الصادرة في بغداد العدد 24 سنة 1968 والثانية (وجوه من رحلة التعب علامة مهمة في التيار القصصي) نشرها في ملحق الجمهورية في بغداد بتاريخ 14/2/1969 . الا أن القاص فهد الاسدي كان سباقا في نشر دراسته حول مجموعة السيف والسفينة عنوانها (الربيعي في السيف والسفينة ـ ملحق الجمهورية ـ بغداد 1966) . وبذلك سجل فهد الاسدي السبق في تناول الربيعي نقديا . كما تناوله القاص عبد الجبار العبودي بدراستين نقديتين الاولى كانت بعنوان (الظل في الرأس) في مجلة العلوم الصادرة في بيروت العدد 7 لعام 1969 . والثانية بعنوان (قراءة لوجوه في رحلة التعب) في احدى الصحف البغدادية عام 1969 . وكتب القاص والناقد داود سلمان الشويلي دراسة نقدية عن رواية الوشم عنوانها (رواية الوشم بين الواقعية والرموز) نشرها في جريدة المجتمع الصادرة في بغداد بتاريخ 3/8/1972 . كما اجرى الشاعر كاظم جهاد حوارا مهما مع الربيعي نشر في مجلة الطليعة الادبية عام 1976 . وكان بمثابة مقدمة للمجموعة القصصية (الخيول) . اما عبد الرحمن مجيد الربيعي نفسه فقد تناول مشكلات القصة نقديا بدراسات كثيرة متناولا قصاصي المدينة بالتحليل وتاشير ابداعهم ، فكتب مقدمة للمجموعة القصصية (احتراق طائر ضخم) الصادرة عام 1975 للقاص عبد الجبار العبودي جاء فيها (في العراق اليوم حركة هائلة في مجال القصة القصيرة . عشرات الاسماء . مئلت الاعمال ، محاولات في الشكل والتجديد في اللغة .. وتنخرط كل هذه الاعمال في مجال التجريب الذي لم يأخذ وجهه النهائي بعد على الرغم من انه قد بدأ يأخذ ملامحه الاكثر هدوءا . ومجموعة احتراق طائر ضخم لعبد الجبار العبودي تنطوي تحت لواء التجديد ... وتمتلك قصصها خصوصيتها وبراءتها التي تنساب بهدوء وموسيقى ، فبها لغة الشعر وفيها عواطف متدفقة ..) كما تناول بشيء من التفصيل بعض منجز ادباء المدينة القصصي بشيء من التفصيل ونشره في الصحف والمجلات العراقية والعربية مثل احمد الباقري ومحسن الخفاجي وسعد عوض الزيدي وابراهيم سبتي وعلي عبد النبي الزيدي وعبد الامير الوليد وغيرهم .. واصدر الربيعي كتابعه النقدي ( الشاطيء الجديد ) عام 1979 متناولا فيه ارائه الصريحة عن القصة العراقية والعربية .ومن القصاصين الذين اهتموا بالدراسات النقدية المتعلقة بابداعات القصة في الناصرية ، القاص محسن الخفاجي الذي كتب النقد مبكرا ، فنشر دراسة عن القصة القصيرة في مجلة الناصرية عام 1969. واستمر بكتاباته داعيا الى تفعيل الموضوعة في القصة ومعالجتها بلغة قوية مؤثرة . وكتب القاص قاسم دراج عدة دراسات حول القصة منها دراسته عن قصة ( استطراد رجل ميت ) للقاص محسن الخفاجي المنشورة في مجلة الناصرية العدد الاول 1969 . ونشرت الدراسة في العدد الثاني من المجلة نقتطع منها : ( .. النموذج فشل في ترسيخ ابعاده وخلق جوا مشحونا بالكثير من التوترات والتعميات وامتطى العبارة وحملها اكثر مما تطيقه فاعطت نتيجة لذلك اثرا يكاد يكون فجا احيانا وعندما نفكر في معطيات هذا النموذج فلن نعدم أن تكون هناك ثمة فوائد تكمن فيه فاننا قد نخلص الى انه نموذج للفشل ..) . وكتب القاص جاسم عاصي النقد القصصي وكان غزيرا فيه ومازال، تميزت كتاباته بمعالجة الجوانب النفسية للشخوص مع انحيازه للجوانب الفنية المتعلقة بالشكل موليا الموضوعة اهتماما خاصا .. كتب عن اغلب قصاصي المدينة مثل محسن الخفاجي وحسن عبد الرزاق وابراهيم سبتي وكاظم الحصيني وغيرهم .. وكتب القاص ماجد كاظم علي دراسات غزيرة في القصة والرواية ونشر قسم كبير منها في الصحف العراقية والعربية .. وكتب القاص الخمسيني خضر عبد المجيد عدة مقالات ودراسات في النقد نشرها في صحف الخمسينيات والستينيات ولكنها كانت عامة شملت نواحي الادب المختلفة متناولا فيها مشاكل الادب في تلك الفترة .. ونشر مقالاته في صحف اليقظة 1957 ـ الشرق 1960 ـ الاماني الزاهرة 1958. ودخل القاص عبد الرحمن سلمان الناصري ميدان الدراسات النقدية ، فنشر في الستينيات نتاجه في صحف مختلفة مثل جريدة البيان 1961 وجريدة المستقبل 1962 والمنار الادبي 1966 والاخبار 1966 . ومن القصاصين الاخرين الذين كتبوا الدراسات النقدية لاحقا زيدان حمود ومحمد خضير سلطان و نعيم عبد مهلهل وابراهيم سبتي وحسن عبد الــــــــــــــــــــــــــــــــرزاق وعلي عبد النبي الزيدي .. في السبعينيات ، تظهر اسماء قصصية اخرى في مدينة الناصرية اضيفت الى قائمة القصاصين الذين رسخت منذ الستينيات ، اشتغلت على الشكل الفني تريد مغادرة الجو الستيني في القصة . لكنها اتكأت عليه في كثير من الامور .. واستفادت حقيقة من الموروث الستيني ولكن بطريقة جديدة وربما ظلت الافادة محصورة في الموضوعة التي انحازت لها القصة الستينية كثيرا . غير أن التجديد والتجريب كانا اهم مايميز قصة السبعينيات . وصار الانسياق خلف الاشكال الجديدة هما ، بينما تأطرت الموضوعة السياسية التي طغت على القصة باطار انساني فاتخذت السياسة بعدا انسانيا وهو شيء جديد في القصة . واستخدم القاص السبعيني لغة واضحة بسيطة .. وغرقت قصصه في الوصف واستخدام المنلوج وسيناريو الفلم السينمائي .. الا أن القاريء سيجد وحدة في الجو العام وعانت الشخوص من التوحد والغربة والبحث عن الفردوس المفقود . ومن الاسماء القصصية السبعينية في الناصرية شوقي كريم حسن ، جاسم عاصي ، محمد سعدون السباهي ، علي الناصري ، ضياء خضير ، داود سلمان الشويلي ، محسن الموسوي ، حسن الخياط ، كريم حيال ، خضير الزيدي ، سعد عطية ، اسماعيل شاكر ، عبيد عطشان ، محمود يعقوب ، جواد الازرقي ، عادل سعد ، صاحب السيد جواد ، عامر عبد الرزاق ، ناصر كريم ، علي البدري ، ناصر البدري .. فشهدت تلك الفترة نشاطا ملحوظا في اصدار المجاميع القصصية ، فاصدر جاسم عاصي مجموعته الخروج من الدائرة عام 1974 . واصدر احمد الباقري ومحسن الخفاجي وعبد الجبار العبودي مجموعة قصصية مشتركة عنوانها ( سماء مفتوحة الى الابد ) عام 1974 . واصدر عبد الجبار العبودي مجموعته ( احتراق طائر ضخم ) عام 1975 . واصدر شوقي كريم حسن مجموعته ( عندما يسقط الوشم عن وجه امي ) عام 1977 . واصدر محسن الخفاجي في تلك الفترة السبعينية ايضا مجموعته ( ثياب حداد بلون الورد ) عام 1979 . واصدر القاص عامر عبد الرزاق مجموعة قصصية عنوانها ( طريق الالم ) عام 1978 . واصدر القاص صاحب السيد جواد مجموعتين قصصيتين الاولى ( احلام البنات ) عام 1974 والثانية بعنوان ( شجرة الاحنف ) عام 1978 . فيما اصدر الربيعي نتاجا قصصيا وروائيا غزيرا في السبعينيات .. فاصدر رواية الوشم 1972 وعيون في ذاكرة الحلم قصص 1974 ورواية الانهار 1974 وذاكرة المدينة قصص عام 1975 ورواية القمر والاسوار عام 1976 والخيول قصص 1976 . فكانت تلك الفترة بمثابة سجل قصصي حافل لمدينة الناصرية ، سيما أن المشهد القصصي فيها اخذ يتبلور عن مفاهيم جديدة جعلت القصة تأخذ مسارها الحقيقي وتؤسس لها قاعدة قوية ساهمت في تعزيز المشهد العراقي عموما ، فاغرق قصاصوالمدينة الصحف والمجلات العراقية بسيل هادر من المنجز القصصي والروائي واطبق الحال على الشعر ايضا . فقد كانت الحركة الشعرية في السبعينيات ناشطة جدا في الناصرية واسست مع آخرين المشهد الشعري السبعيني في العراق ، فاخرجت اسماء مهمة شاركت بدور فاعل ومؤثر في الحركة الشعرية العراقية مثل خالد الامين وكاظم جهاد وكمال سبتي وعقيل علي ، فاصدروا مجاميعا شعرية اضافة الى تنظيراتهم في قضايا الشعر المعاصر. ويمكن عد السبعينات فترة متألقة في الحركة الادبية في تاريخ الناصرية . مما مهد لظهور اسماء كثيرة اخرى في مجال الادب عموما وخاصة القصة . فكانت الثمانينات حافلة باسماء قصصية اثرت كثيرا بنتاجها المنشور قصصا ومجاميع وروايات ، على المشهد القصصي العراقي بشهادة النقاد والباحثين ، فظهرت قصصا لزيدان حمود ومحمد خضير سلطان ونعيم عبد مهلهل وابراهيم سبتي وحسن عبد الرزاق ومحمد حياوي وحسن البصام ومحمد مزيد وعبد المنعم حسين وعباس داخل حسن وناجي حنون وسعدي عوض الزيدي وعلي لفتة سعيد وجبار عبد العال ووجدان عبد العزيز وكمال السعدون.. فاضافت هذه المجموعة الكثير الى المشهد القصصي في الناصرية فكانت تمتلك ناصية متقدمة في تقنية القصة وتنوعت اسليبها فكان كل اسم منها يبحث عن التجريب ليتمكن من تعزيز مكانته في القصة العراقية .. وقد حظيت بعض الاسماء منها باهتمام الكثير من النقاد . فكتبت مقالات ودراسات نقدية لمنجزها مما جعلها تتبؤا مكانة مهمة ولائقة في المشهد القصصي في الناصرية ..وقد استمر نشاط بعض الاسماء الثمانينية في نشر نتاجه واصداراته فيما انسحب البعض الاخر من الساحة وتلاشى تماما مثل صاحب المختار وكامل عبد الحسين وعبد الجبار الازرقي .. وظهرت في اواخر الثمانينيات تجارب تستحق التأشيرلمواظبتها وحضورها مثل علي عبد النبي الزيدي وهيثم محسن الجاسم .. وفي بداية التسعينيات برزت اسماء كثيرة دخلت ميدان القصة وسجلت حضورا واضحا وبعضها متميزا مثل كاظم الحصيني وفاضل عباس الموسوي وحيدر عودة ومنصور عبد الناصر وعبد الامير الوليد ومحمد الكاظم وعلي السباعي وفاهم وارد العفريت ومنى العبيدي .. وفي اواخر التسعينيات ظهرت اسماء اخرى اسهمت في مد الفن القصصي بحضور فاعل مثل محمد رسن صكبان وامجد نجم الزيدي وفاقد الحمداني وازهار علي حسين وحامد المسفر وحسين عبد الخضرومحمد الحسيني ومحمد حسين وكريمة حسين وعقيل الواجدي ونادية رزاق واحمد نوري ..
#ابراهيم_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سواقي القلوب رواية الذاكرة الطرية
-
نعيم عبد مهلهل .. حلم المبدع المرصع بالحنين
-
صراع الاقواس .. من يغلقها اولا ؟
-
كم من المدن تنام فوق السطوح ؟
-
بقايا معطلة / قصة قصيرة
-
الشاهد والمطر / قصة قصيرة
-
متاهة / قصة قصيرة
-
اوجاع بلا هوادة
-
يوم من ليلة / قصة قصيرة
-
حافة الزمن / قصة قصيرة
-
قصة قصيرة / قراءة في لوح التراب
-
محنة الرقم 4 .. الى كمال سبتي
-
فلنعش ولنرجم الغراب بحجر
-
كان اسمها ورقة التوت / قصة قصيرة
-
ليلة الرمل / قصة قصيرة
-
قصة قصيرة - ما قاله الرقيم
-
المُدَوّنة / قصة قصيرة
-
الكثرة تغلب القراءة
-
المواطن الناصري الابدي
-
ايقاع الالم وسحر الكتابة
المزيد.....
-
صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
-
إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م
...
-
مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
-
خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع
...
-
كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
-
Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي
...
-
واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با
...
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|