أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - العزيمة : قصة قصيرة














المزيد.....

العزيمة : قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 7430 - 2022 / 11 / 12 - 08:57
المحور: الادب والفن
    


العزيمة

قررت هذه الساعة أن تضعي حدا لمعاناتك الطويلة وتعبك المستمر ، صبرك فاق الحد و نضالك يسير في طريق مسدود ، لا كلمة عرفان ولا نظرة من عين ، تشعرك إن إيثارك اللامحدود لم يكن عبثا وان حبك آتى بعض أكله ، هذه الساعة فقط تمتلكين القوة التي طالما حلمت بها ، وتقهرين ضعفك ... لمَ الاستسلام ؟ولمَ يتواصل معك نزيف القهر ، وماذا جنيت من سهرك الليالي الطوال بجانب سريرها تعتنين بها ، الأمهات يحلمن أن يكبر الأولاد وتنمو البنات ليتمتعن بالحياة وقد أزهرت الشجرة المعطاء، وأينعت ثمارا من زهرات جميلة، تمنح شذاها الجميل فماذا تنتظرين أنت ؟ تحملت أوجاع الحمل وتعذبت أثناء الولادة ، وسهرت بجانب المهد ليالي طوال تأملين أن تثمر جهودك بكلمة شكر او نظرة حنان، أو لفتة محبة ،تنسيك كل ما قمت به من جهود ، هذه اللحظة تقررين أن تتناسى كل تعبك المضني ، فالحياة جدير بها الأقوياء، أما المساكين الضعفاء فلا يستحقون أن يعيشوا ، ولدت قطعة من اللحم لا تملك الأحاسيس الخمسة ، انتظرت أن تعبر عن مشاعر ، ان يرتسم على محياها معنى ، انتظارك طال بلا فائدة ، وجهها مبهم ،فمها المفتوح دائما يطالب بالمزيد من الطعام ، تلتهم ما تقدمين لها بدقائق ، وتفتح فمها من جديد ، حتى مضغ الطعام لا تعرفه ، تعبت وبلغت معاناتك حدا لا يمكنك المواصلة ، أنت إنسانة ، هرب منك زوجك وابناك ، وخاصمتك ابنتك قائلة ان زوجها لايفهم ترددك السقيم هذا ،طالبوك جميعهم أن تضعي حدا لهذه الحياة العسيرة التي تكتوين بنارها ، وأنت وحدك المسؤولة عن هذا الاستمرار ، عطفك يقف حائلا دون تحقيق ما يريدون ، هي قطعة لحم لا تشعر ولا تنطق ، حتى كلمة ماما التي حلمت بها وناضلت وتحملت كل الصعاب من اجلها، لم تعرف كيف تقولها ، مخلوق فريد لا يملك القدرة على شيء ، الطفل حديث الولادة يضحك حين تناغينه وتلعبين معه، يتعرف الى أمه من بين العديد من الناس ، ضاعت أحلامك سدى وخابت آمالك ،وغادرك الزوج والابناء آملين منك ان تقرري وأد معاناتك المستمرة، كي يعودوا إلى عشك الدافيء الحاني..
لا صعوبة في تنفيذ ما اعتزمت عليه ، تبتعدين عن مكان نومها، وتحاولين الخروج من المنزل ، مهامك كثيرة وعليك انجازها بين شراء الحاجات الضرورية ومتطلبات المعيشة ، كثر دائنوك ولم تعد وظيفتك قادرة على الوفاء، بمتطلبات الفم المفتوح ، فم نهم لا يشبع ولا يرتوي ، تظلين تضعين فيه ما عندك من لقم فيزدردها طالبا منك المزيد ، أين يمكنك الهروب؟ لعنة حلت عليك وكنت تظنينها نعمة ،تنسيك تعب الأيام وسهد الليالي الطوال، حرمت نفسك من الكثير ، ومنحتها عن طيب خاطر ، تحبسين نفسك في المنزل ، رغبة في تنفيذ ما تطلب منك ، لا تعرف الكلام ولا تستطيع المشي ، عيناها خاليتان من التعبير،لا يبدو عليها معرفة من تكونين، تفتح فاها، تطلب منك المزيد وأنت متأهبة للطاعة ، لا تعرفين ما العمل
- اخرجي سيدتي من المنزل ، وامكثي هناك ساعات ولا تعودي قبل يوم كامل..
هل حقا حان وقت الخلاص ؟ وهل تستطيعين فعلا أن تنفذي ما أشار به عليك الطبيب ، كلهم نصحوك بإنقاذ نفسك من براثن هذا المخلوق الغريب ، الأمل ما فتيء يداعب خيالك ، من يدريك لعل الطب يتقدم ،ويكون قادرا على إنقاذها مما تعاني منه من تخلف ،وضمور الأحاسيس، من يعرف ماذا تخبئ لك الأيام ؟ لم يطاوعك قلبك على الإقدام ،على فعل يأباه لك القلب وترفضه العواطف ، ولكن أي قلب هذا وأنت ظمأى لمن تناديك بماما ، وقد بذلت من اجلها كل ما تستطيعين ،وهرب زوجك واولادك ومعارفك وأصدقاؤك، طالبين منك التسلح ببعض شجاعة يتطلبها الموقف السليم
قررت هذه اللحظات ان تنقذي نفسك وان تبدئي من جديد ، لعل الشمل يلتم ،والجرح الغائر في الأعماق يندمل ، والخيبات المتلاحقة تبرأ أسقامها المعشعشة في الروح ، لا يتطلب الأمر جهودا فوق العادة ، وسوف تنقذينها أيضا مما هي فيه، فلا نفع فيها.
- فكري بالأيام سيدتي ، ماذا يمكنها ان تفعل حين يحل بك مكروه ؟ ستظل وحيدة ، إنها عاجزة عن أي شيء .
تستمعين الى النصائح ،تنهمر عليك من كل الجهات ، وصراعك رهيب ،ليس بمقدورك أن تبتي بالأمر ، لماذا لم يقم بهذا العمل زوجك او ابنتك ؟ اوابناك الغائبان ؟ولماذا تركوك وحدك مع هذه المهمة الشاقة ؟
أعباء الحياة تشتد صعوبتها عليك، وأنت وحيدة مع مخلوق لا يعي شيئا ويطالبك بإطعامه باستمرار
- قلبك مريض ، رعايتها والقيام بكل أمورها وتنظيف ما تحتها ، يتعب قلبك ويضعفك ..
- كوني قوية ونفذي ما اشرنا به عليك
تنظرين إليها ، خالية من كل صفات الإنسان ، كتلة ليست متناسقة تأكل بشراهة..
- إنها مخلوق غريب ، توجد بنسبة واحد بالمليون
- ستعذبك ، تفترس قدرتك ، تقضي على طاقتك ، ليس لديك الخيار
تسيرين في الشوارع المتعددة، شارع يفضي بك إلى آخر، قلبك يفكر بها ، هل يمكنك الاستمرار في عمل ما قررت القيام به ، وقلبك هل تستطيعين إسكاته ، الحيرة تستبد بك ، هجرك الجميع ، أدركوا ألا نفع يرتجى ، الطب عاجز ، وإمكانات الشفاء مستحيلة ، وقد خلت المخلوقة من أي رغبة ، تمضي الساعات طويلة كئيبة ، هل تواصلين ؟



16 آب 2010



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدارسنا بين الامس واليوم
- المتسول : قصة قصيرة
- الوظيفة : قصة قصيرة
- المحفظة قصة قصيرة
- تأشيرة السعادة : رواية : الجزء الاول
- الواقع والاحلام لا يلتقيان
- الدليل : قصة قصيرة
- رواية راحلون رغما عن انوفهم - الجزاء الاول
- البديل : قصة قصيرة
- قراءة جديدة لمجموعة قصص التابوت لصبيحة شبر
- الر ائدة سافرة جميل حافظ تحول مكتبتها الخاصة الى عامة
- عيد ميلاد في 1/7
- راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الثاني: الفصل الخامس و ...
- راحلون رغما عن أنوفهم _ رواية - الجزء الاول : الفصل الاول وا ...
- بائعة الورد : قصة قصيرة
- وصول متأخر: قصة قصيرة
- كيف تنأى عن موقفك ؟
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الخامس والأخير
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثالث


المزيد.....




- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - العزيمة : قصة قصيرة