|
العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني في فلسطين 1948-1952 * - 4
ابراهيم حجازين
الحوار المتمدن-العدد: 1694 - 2006 / 10 / 5 - 10:46
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
قوانين الأمر الواقع تفرض نفسها مرة أخرى عام 1951 قررت العصبة التحول إلى الحزب الشيوعي الأردني استنادا إلى التحليل الماركسي الذي اعتمدته في المرحلة السابقة . حيث تنتقد العصبة بشكل حاد تاريخها ونشاطها لأنه جاء على أرضية قومية وليس طبقية مما أدى إلى توجيه ضربة قوية لوحدة الطبقة العاملة العربية اليهودية في فلسطين ، ومن هذا المنطلق قيم القرار إيجابيا توحيد الشيوعيين العرب ممن بقوا في إسرائيل في الحزب الشيوعي الإسرائيلي ، ومن هذا المنطلق أيضا حللت العصبة الظروف التي نشأت في أعقاب فشل الشعب الفلسطيني في بناء دولته ، فيتم التأكيد في القرار أنه قد ظهرت مستجدات حيث تم توحيد جزءا كبيرا من فلسطين مع الأردن لذا فإن المهمة الأولى من أجل تطبيق قرار الأمم المتحدة القاضي بإقامة الدولة الفلسطينية هو في التخلص من هيمنة الاستعمار وتوحيد الشعبين الأردني والفلسطيني في النضال المشترك ضده ، والقوة الوحيدة القادرة على ذلك هي الطبقة العاملة وحزبها الموحد وبما أنه لا يوجد حزب للطبقة العاملة في الأردن فإن العصبة قررت تغيير اسمها إلى الحزب الشيوعي الأردني . في حقيقة الأمر لم يبقى أمام عصبة التحرر الوطني في فلسطين ضمن السياق المنطقي لرؤيتها الطبقية التي التزمت بها إلا هذه الخطوة فالهزيمة قد أكملت حلقاتها حول عنق الشعب الفلسطيني وجرمته حقه في التعبير الوطني عن وجوده من خلال دولة تحقق ذلك . إن التكيف مع الواقع ومحاولة التفاعل معه في بعض الأحيان لا يعني الخضوع له ، بل البحث عن السبل الكفيلة للإفلات منه ، وفي هذه الحالة كان الأجدر أن تبحث العصبة عن الشكل المناسب للحفاظ على الشخصية الوطنية الفلسطينية ضمن الخارطة السياسية للمنطقة نظرا لعدم قدرة الفلسطينيين إقامة دولتهم .ولذلك ما لم تستطع العصبة أن تقوم به قامت به قوى لم تكن موجودة إبان تلك السنين ، فبعد سنوات قليلة من الهزيمة ومن أوساط لا صلة لها بالطبقة العاملة برزت قوى لم تخضع لقانون الوحدة الطبقية حملت على عاتقها فك تلك الحلقات معطية الأمل بمصير أخر . بقرار التحول الذي اتخذته العصبة تجاوبت مع الواقع الجديد وهي خطوة موفقة من حيث إنها ضرورة لتوحيد الشعبين الشقيقين ضد الاستعمار ، لكنها في نفس الوقت تضع حدا لوجود العصبة كقوة فلسطينية تعبر عن المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني وهذا يعتبر ثغرة في رؤية العصبة لأنه يصب في النهاية في مصلحة الاستعمار والصهيونية اللذان عملا منذ البداية لإلغاء الشخصية الفلسطينية من خلال تطبيق مبدأ ( شعب بلا أرض لأرض بلا شعب ) ويتماشى أيضا في نهاية الأمر مع رغباتهم لإيجاد حل يعمل على تصفية القضية الفلسطينية وعلى حساب الأردن وهذا يتناقض مع مصالح الشعبين الشقيقين القومية . كان من الأفضل للعصبة وهي المنظمة الفلسطينية الوحيدة التي مثلت خروجا عن السائد في فلسطين عند تأسيسها من حيث تميزها عن القوى التقليدية وطرحها السياسي الناضج وتمثيلها السياسي والاجتماعي لأوسع الفئات الشعبية أن تتروى قبل أن تتخذ موقفها ذاك ، لقد غاب عنها موضوع الحفاظ على الشخصية الوطنية الفلسطينية مقابل محاولة تصفيتها ،كما أن العصبة لم تتوقع الأخطار التي ستضر الأردن جراء عملية الوحدة . نضع هذه التحفظات ليس من جهة رفضها بالمطلق لكن من حيث الضرورة أن الوحدة كان يجب أن تدرس بشكل كافي للتقليل من سلبياتها على الشعبين والاستفادة من إيجابياتها لبناء أرض صلبة لتحقيق انتصار في المستقبل . ليس بالإمكان أن يضع المرء وصفة لما كان يفترض أن يكون أو أن يغير الماضي ، لكن بعض الاحتمالات كان يمكن للعصبة أن تأخذها بعين الاعتبار في ظل موافقتها المبدئية على الوحدة، مثل المطالبة بإدارة ذاتية للضفة الغربية في إطار الدولة الأردنية أو الحل الفدرالي كشكل أقوى لبناء علاقة أمثل بين الشعبين فهو يبقي الشخصية الفلسطينية نشطة في إطار سيادة محددة وسيمنع أية محاولة مستقبلية من قبل المتربصين بالشعب الأردني وبالشعب الفلسطيني أن يصفوا القضية الفلسطينية نهائيا على الجانب الأخر من النهر، وهو ما تسعى له القوى المعادية للشعبين الشقيقين . درس أخير يبدوا واضحا أن المطلوب اليوم فيما يخص العلاقة الأردنية الفلسطينية والأخطار المقبلة على مصالح الشعبين معا أن تعلن القيادات الرسمية والشعبية الوطنية في الأردن وفلسطين رفضها للتوطين وإصرارها على حق العودة للاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية تطبيقا لقرارات الأمم المتحدة ورفضها أيضا لأية حلول إقليمية يستخدم فيها أحد الطرفين تكون نتيجتها وبالا على الاثنين وعلى المنطقة بأسرها خاصة في ظل النهج السياسي الأمريكي-الإسرائيلي المعني بتصفية القضية الفلسطينية وتقسيم المنطقة وإعادة توصيلها وبسط الهيمنة الاستعمارية الأمريكية عليها. وبعد ذلك إن رغب الشعبين في تحقيق الوحدة بينهما أن يتم ذلك من خلال استفتاء يعلن فيه الشعبان المستقلان تماما رغباتهما . وهذا سيشكل أرضية امتن للوحدة بينهما وسيحافظ على هويتهما الوطنية. *هذا بحث عن موقف عصبة التحرر الوطني في فلسطين السلف المباشر للحزب الشيوعي الأردني من العلاقة الأردنية الفلسطينية وهو موضوع تم بحثه رسالة الدكتوراه للكاتب بعنوان "عصبة التحرر الوطني في فلسطين 1943-1951 " صادرة عام 1991 من بلغاريا .
#ابراهيم_حجازين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني ف
...
-
العلاقة الأردنية الفلسطينية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني ف
...
-
العلاقة الأردنية في ضوء خبرة عصبة التحرر الوطني في فلسطين عا
...
-
ثمة دواعي لاستقالة الحكومة الاردنية فهل تفعل؟ !
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|