أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - دين هو أَم دولة؟













المزيد.....

دين هو أَم دولة؟


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 7423 - 2022 / 11 / 5 - 19:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هو السؤال الأكثر تردداً وإلحاحاً في محيط شرقنا الأوسط الآن. وتدور حوله الصراعات الساخنة. ليس فقط المعارك الفكرية، بل وأيضاً المعارك العنيفة الدموية. ويتوقف على الإجابة عليه حاضر ومستقبل شعوب هذه المنطقة.
تختلف إجابة هذا السؤال باختلاف الدين محل النظر.
فقد بدأت اليهودية كمشروع دولة تجمع ما نعرفه بالقبائل العبرانية الإثنتي عشر. وقد احتاجت تدعيماً لتحالفها هذا إلى أمرين، يحتاجهما دوماً تشكيل الجماعات، بالأخص في العصور القديمة:
الأول رابطة عصبية، وفرتها أسطورة تُرجع هذه القبائل إلى الانحدار من أصل أو جد واحد. في حالتنا هذه هو شخصية يعقوب، الذي نُسب له إثني عشرة ابناً، باسماء تلك القبائل المتحدة.
والثاني رابطة حياتية، تمثلت في شريعة تنظم حياة هذه القبائل معاً، وتحدد علاقاتهم بمن يجاورهم من الشعوب.
ولقد احتاج هذا وفقاً لثقافة تلك العصور اسناد هذه الشريعة إلى مصدر مقدس هو إله. كانوا استقروا بعد تنوع عباداتهم للعديد من الآلهة المعروفة في ذاك الوقت للشعوب التي قطنت منطقة فلسطين، على أن يكون إلههم الخاص هو "يهوه" إله الصواعق والبراكين. والذي كانوا يحملونه معهم في تابوت أثناء ترحالهم. بعدما كان يتقدم جحافلهم الرحالة في عمود سحاب نهاراً، وعمود نار ليلاً. وعندما دخلوا مرحلة الاستقرار بنوا له بيتاً ليسكن فيه. هو ما يعرف بهيكل سليمان. وتقول الأسطورة أن هذا الإله قد كتب لهم "بإصبعه" على لوحي حجر الشريعة التي كانوا يحتاجون إليها لحياتهم. والتي سميت بالشريعة الموسوية، نسبة لقائدهم الأسطوري موسى. وهذا هو ما نعرفه الآن بالدين أو العقيدة اليهودية.
اليهودية إذن دولة وقومية بالدرجة الأولى. والدين ملحق بها أو لازمة من لوازمها.
ونلاحظ في هذا الصدد أن تصورات اليهود للمخلص أو المسيا المنتظر أو المسيح، لم تكن تصوراً لرجل يُصْلح من شأن الدين أو يدعمه أو يطوره. لقد انتظروا ملكاً يعيد المجد لمملكة إسرائيل، يأتي من نسل ملكهم الأسطوري داود. فيجلس على عرش أبيه. ويخلص اليهود من الذل والخضوع والاحتلال الروماني. ويرفع شأن اليهود بين الأمم. لهذا كان رفض عموم اليهود لرسالة يسوع. الذى نفى عن نفسه تصور المُلك الأرضي. وحدثهم عن مملكة أخرى في السماء.
نشأة المسيحية تختلف:
فلقد بدأت فكراً أو تديناً كهامش متفرع من داخل منظومة الفكر أو الدين اليهودي. تحمل رؤية عميقة وروحية لذات الشريعة القومية الموسوية. فلقد كان يسوع ملتزماً بالانتماء القومي للجماعة. مؤكداً أنه جاء إلى اليهود باعتبارهم خاصته. وأنه جاء ليعيد تجميع خراف بيت إسرائيل الضالة حسب تعبيره الوارد بسيرته. هكذا كان الأمر على يد يسوع تعميقاً للإيديولوچية الدينية الخاصة بالدولة اليهودية. ولم يتعداها لخارجها. لا من حيث الفكر، ولا من حيث المستهدفين بالخطاب والدعوة اليسوعية.
لكن تطور الأمر بعد ذلك على يد من ورثوا رسالة يسوع. وبالذات على يد شاول الطرسوسي أو بولس. الذي خرج بجهود يسوع الفكرية من قوقعة اليهودية. التي كانت تطلق على من لا ينتمون لشعب إسرائيل "الأمم". وينظر اليهود إليهم كما يُنظر للكلاب والخنازير. فجاء بولس ليصوغ فكراً أو إيديولوچية أو ديناً جديداً يقدمه للعالم أجمع. واضطر سائر المهتمين من بقايا تلاميذ يسوع لمسايرته. ليكون هو من خرج بنواة الفكر اليسوعي الذي قام هو بتوسيعه، من نطاق الدولة والقومية اليهودية، ليكون ديناً محضاً قائماً بذاته، عُرف فيما بعد بالمسيحية.
وعندما تضخم هذا الإنتاج "المسيحي" الجديد فكراً وحجم أشياع، وظفته الإمبراطورية الرومانية على يد الإمبراطور قسطنطين (306- 337 م.) كإيديولوچية تجمع شعوبها. وظلت المسيحية ليست دولة، وإنما رفيقة لصيقة بالدولة، حتى عصر النهضة ثم عصر الأنوار. حين شرعت المسيحية في العودة الإجبارية إلى بدايتها الأولى. وهي أن تكون ديناً فقط، منفصلاً عن الدولة. وهو ما أطلقنا عليه "العلمانية".
نستطيع أن نخرج من هذا، أن السهولة النسبية التي عادت بها المسيحية من كونها حليفة دولة أو شبه دولة، إلى أن تكون مجرد دين يعتنقه المؤمنون كأمر شخصي بحت، يرجع إلى طبيعة المسيحية، التي نشأت في الأساس كدين وليس دولة. أي أن تيار العلمانية قد دفعها أو أجبرها أن تعود لأصلها.
هذا بخلاف اليهودية، التي هي بالأساس دولة وقومية. فرغم علمانية النظام السياسي لدولة إسرائيل الآن، إلا أنها تستند ولو مظهرياً فقط، لذات العاملين الأولين الذين جمعا القبائل العبرانية قديماً. وهما الرابطة العصبية المستندة إلى أسطورة أن اليهودية جنس موحد يجمع سائر اليهود، رغم التنوع الواضح لأعراق اليهود الواردين إليها من كافة أنحاء العالم. وكذا إلى فكرة الدين الواحد الذي يجمع الشعب الإسرائيلي، رغم حقيقة وجود قطاعات ضخمة من هذا الشعب واهية العلاقة بالدين، أو منقطعة الصلة به.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثالوث الإلهي Trinity
- الأسرة المصرية- تصدعات هيكلية
- نحن ومملكة الطبيعة
- التبادل بين الآلهة والشياطين
- بعد وهم نهاية التاريخ
- البرجماتية المظلومة ومحاذير التطبيق
- صخور في نهر العلمانية
- إشكالية المواطنة في ظل التنوع
- نحن وثقافة الصراع
- من العقلية الشفاهية إلى الكتابية
- إشكالية- في البدء كانت الكلمة 3/3
- إشكالية- في البدء كانت الكلمة 2/3
- إشكالية- في البدء كانت الكلمة 1/3
- مقولة -لا طلاق إلا لعلة الزنى-
- الصعود في الممنوع- قصة قصيرة
- بداية ذئب- قصة قصيرة
- قراءة النصوص المقدسة
- اختلاف الرؤى الإنسانية
- المادية اللاماركسية
- آلهة وشياطين


المزيد.....




- حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان ...
- المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
- حرس الثورة الاسلامية يفكك خلية تكفيرية بمحافظة كرمانشاه غرب ...
- ماما جابت بيبي ياولاد تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر ...
- ماما جابت بيبي..سلي أطفالك استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- سلطات غواتيمالا تقتحم مجمع طائفة يهودية متطرفة وتحرر محتجزين ...
- قد تعيد كتابة التاريخ المسيحي بأوروبا.. اكتشاف تميمة فضية وم ...
- مصر.. مفتي الجمهورية يحذر من أزمة أخلاقية عميقة بسبب اختلاط ...
- وسط التحديات والحرب على غزة.. مسيحيو بيت لحم يضيئون شجرة الم ...
- “سليهم طوال اليوم” تحديث تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كمال غبريال - دين هو أَم دولة؟