|
قصَّة أغنية -أيظنُّ- لنجاة الصغيرة
سيمون عيلوطي
الحوار المتمدن-العدد: 7422 - 2022 / 11 / 4 - 17:11
المحور:
الادب والفن
بمثابة رد.... عتبَ عليَّ بعض الأصدقاء ومنهم من لامني لأنَّني في رأيهم مصريّ الهوى، أكتب عن بليغ حمدي، ثمَّ عن نجاة الصَّغيرة، ولم أكترث بالمطربين الفلسطينيّين، ولا حتَّى من منطلق "الأقربون أولى بالمعروف". لهؤلاء أقول: لقد كتبتُ عدَّة مقالات عن حركة الغناء الفلسطينيّ، وبشكل خاص عن الغناء الذي يقع ضمن حدود 1948، ثمَّ جمعتُ تلك المقالات في كتاب، عنوانه: "جئتكم أغنّي-البحث عن النَّكهة المفقودة في الغناء الفلسطينيّ المعاصر". صدر الكتاب عن "كليَّة الناصرة للفنون" في مطلع العام 2019، تحدَّثتُ فيه عن نخبة من المطربين الفلسطينيّين، منهم: نوح إبراهيم، فوزي السَّعدي، كاميليا جبران، ريم بنَّا وغيرهم. وقد أخترت من المطربين الفلسطينيِّين أولئك الَّذين أولوا اهتمامًا ملموسًا لأغانيهم الخاصَّة بهم، والتي تُؤشِّر بشكل أو بأخر على الأغنية الفلسطينيَّة المعاصرة بالتَّحديد. أمَّا المقالات التي نشرتها حديثًا تحت عنوان: "مجنون نجاة" فهي عبارة عن سلسلة مقالات استعرض فيها قصصًا واقعيَّة لقصائد أثارت عند تلحينها وغنائها ردود فعل متباينة، بدأتها بالكتابة حول قصَّة قصيدة "لا تكذبي"، لمؤلّفها الشَّاعر كامل الشّناوي، كان قد وجهها للمطربة نجاة الصَّغيرة، عبِّر فيها عن ألمه الشّديد، وذلك لخيانتها حبه لها، وقد غنَّتها نجاة سنة 1962، بأسلوب ابداعيّ سحر ألباب الجُّمهور في حينه، وسيبقى يأسر قلوبهم عند كل مرّة يسمعونها. "أيظنُّ" وقصَّتها الطَّريفة بين نجاة الصَّغيرة ونزار قبَّاني: سأتناول فيما يلي قصَّة قصيدة أخرى، أضافت للمكتبة الموسيقيَّة والغنائيَّة العربيَّة لونًا جديدًا ومميّزًا، وهي أغنية "أيظنُّ"، شعر نزار قبَّاني، تلحين محمَّد عبد الوهَّاب، غناء "عصفورة الجنَّة" المطربة القديرة نجاة الصَّغيرة، 1960، ملخَّص الحكاية كما تفيد المصادر: أنَّها استيقظت ذات صباح على قرع جرس باب شقَّتها، استغربت كثيرًا، وتساءلت بحيرة وهي تفرك بعينيها الحالمتين اللتين لم يغادرهما النُّعاس بعد، ترى من عساه يكون هذا القادم في مثل هذا الوقت الباكر من ذلك الصباح، ومن غير تحديد موعد مسبق كما هو مألوفٌ لديها، إذ ليس من عادتها أن تستقبل أحدًا من دون تحديد موعد، لأيّ هدف، سرَّحت شعرها الأسود النًّاعم بأصابع يدها، تفاجأت عندما فتحت باب شقتّها "بالبوسطجي" يحمل إليها رسالة بالبريد المستعجَّل، ناولها الرسالة وهو يقول: يا صباح السَّعد علينا... مش معقول ... هُوَّ أنا حقيقي واقف قدَّام ست الكل ... مطربة الدَّلال عليَّا تْطل ... ده أنا صباحي فل... وتابع: ده رسالة لحضرتك من سوريا. حول ذلك كتب الصَّحفيّ المصريّ محمَّد بكري في "جريدة رأي اليوم الإلكترونيَّة" الصادرة في: 16 سبتمبر/أيلول 2016، تقريرًا صحافيًا جاء فيه: "تروي المطربة، التي كانت وقتها تبلغ من العمر 22 عامًا، بأنَّها عندما فتحت الرّسالة وجدت فيها قصيدة، بعنوان: "أيظن"، موقَّعة باسم الشَّاعر نزار قبَّاني، وتضيف لإحدى الصُّحف السوريَّة عام 1966: "أحسستُ بعد قراءة هذا الشَّعر أنَّ هناك كنزًا بين كلمات هذه القصيدة، ولكن العثور عليه كان يتطلَّب صعوبة كبيرة"، "معترفةً بأنَّها لم تستقبل القصيدة بارتياح، لأنَّ مفرداتها صعبة ولم يسبق لها أن غنَّت بتلك اللغة، فقدَّمتها للموسيقار كمال الطويل تسأله عنها وعن إمكانية تلحينها، فأجاب مُستغربًا: إيه ده!، ومثله فعل الملحّن محمّد الموجي، وبليغ حمدي وغيرهما، واعتذروا عن تلحينها". تضيف نجاة، بحسب الصَّحفي السوري شمس الدين العجلاني: "شعرت بأن الموضوع لن يتم، وقرَّرت أن أرسل القصيدة للنَّشر في إحدى الصّحف المصريَّة، تكريمًا لصاحبها الذي أرسلها لي وخصَّني بها، وبعد نشرها فوجئت بعبد الوهَّاب يتَّصل بي ويقرأ لي القصيدة من الصَّحيفة، وليسألني هل هذه القصيدة لك؟ فقلت له نعم، وكان يريد الاستفسار ما إذا كانت قد مرَّت على غيره من الملحّنين، أو قرأتها لهم، وسـردتُ له ما جرى، فطلبَ منّي أن أراه كي أستـمع إلى لحن الأغنية بعد تلحينها". "تقول المطربة المصريَّة الكبيرة إنها كانت حينها السَّاعة الحادية عشرة صباحًا، "وأكد عبد الوهَّاب عليَّ أن ألتقيه بعد ساعتين، وفعلًا، حينما ذهبت إليه كان اللحن جاهزًا، وغنيت "أيظن"، وخرجت الأغنية للحياة لتحقّق حضورًا ساحرًا". "وقت خروج الأغنية للنّور، وفق ما تقول نجاة، لم يكن نزار متواجدًا في مصر أو سوريا حيث كان يعمل دبلوماسيًا في السَّفارة السوريَّة ببكين، وغضب بشدة لإطلاق أولى قصائده المُغنّاة إلى النَّور دون أن يسمعها. ثمَّ بعث الشَّاعر رسالة عتاب لها طالبًا منها إرسال نسخة من الأغنية، كي يحتفل بها. ورد في الرسالة: (أيتها الصديقة الغالية: لا أزال في آخر الدُّنيا... أنتظر الشَّريط الذي يحمل أغنيتنا "أيظن" تعيش في الصُّحف... في السَّهرات وعلى شفاه الأدباء... وفي كل زاوية في الأرض العربيَّة... وأبقى أنا محرومًا من الأحرف التي أكلت أعصابي... يا لكِ من أمٍ قاسية يا نجاة... أرَيْتِ "المولود" الجَّميل لكل إنسان، وتغنَّيتِ بجماله في كل مكان... وتركتِ أباهُ يشرب الشَّاي في بكين، ويحلم بطفلٍ أزرق العينين يعيش مع أمّه في القاهرة... لا تضحكي يا نجاة إذا طلبتُ ممارسة أبوَّتي، فأنا لا يمكن أن أقنع بتلقّي رسائل التهنئة "بالمولود" دون أن أراه... فانهضي حالًا لدى وصول رسالتي، وضعي "المولود" في طرد بريد صغير... إذا كنتِ أمًا عن حقٍ وحقيق، أمَّا إذا تمرَّدتِ فسأطلبكِ إلى بيت الطاعة رغم معرفتي بأنكِ تكرهينه". "وصل الرَّد لنزار قبَّاني بطردٍ يحمل الأغنية التي هرع بها إلى كاسيت السَّفارة لكنَّه لم يعمل لمشاكل تقنيَّة، فبعث إلى الإذاعة الصينيّة يستشيرهم في حل، فمكنوه من سماعها على أحد أجهزة الرَّاديو لديهم". أيظنُّ، أثارت شائعات عن البعض أنها كانت السبب في علاقة حب بين الشَّاعر والمطربة، ما عزز هذه الشَّائعات هو: قبوله أن يمثِّل أمامها في مسلسل إذاعي، عنوانه: "القيثارة الحزينة"، تأليف الأديب يوسف السَّباعي. حول هذا المسلسل، يتمحور حديثنا في الحلقة القادمة. رابط "أيظنُّ على يوتيوب هو: https://www.youtube.com/watch?v=FbWCDj58dbs
#سيمون_عيلوطي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-يا يَمَّه- بين زهور حسين وفايا يونان
-
بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس
...
-
بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس
...
-
بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس
...
-
بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس
...
-
بليغ النَّغم: قراءة جديدة في تجربة بليغ حمدي الفنيَّة والانس
...
-
جئتكم أغنيِّ: كتاب جديد للشَّاعر سيمون عيلوطي
-
جئتكم أغنّي
-
موسى إبراهيم يستلهم في معرضه -شخصيات ووجوه- الواقع المعاش، و
...
-
مجمع اللّغة العربيَّة يصدر العدد التاسع من مجلّته المجلّة
-
كتاب -مرايا في الأدبِ والنَّقدِ والثقافةِ- للدُّكتور محمَّد
...
-
مجمع اللّغة العربيّة يصدر كتابًا جديدًا للبروفسور إبراهيم طه
-
لقاء مع الدكتور ياسين كتّاني، رئيس مجمع القاسمي للّغة العربي
...
-
حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوم
...
-
حوار مع أبرز مؤسّسي مجمع اللّغة العربيّة البروفسور ساسون سوم
...
-
السّلطات المحليّة.. والثّقافة
-
صدور ديوان-أخذتني القوافي- للشّاعر حسين مهنّا
-
الفنان فوزي السعدي مبدع الأغنية الفلسطينية المحلية
-
الموجِه كِفْرَت بِالبَحَر..؟!
-
مستعار الإسم... مستعار الرأي..!
المزيد.....
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
-
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
-
الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا
...
-
-الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|