أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - مصر: التاريخ يعيد نفسه مأساة














المزيد.....

مصر: التاريخ يعيد نفسه مأساة


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 7420 - 2022 / 11 / 2 - 06:33
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تواجه مصر حاليا ازمة اقتصادية حادة جرها على مصر اعتمادها في هذا المجال على القروض والضرائب والجبايات والاعانات ما جعل الجنرال عبد الفتاح السيسي هذه الأيام يكثر من الظهور متحدثا عن الظروف الاقتصادية الحرجة التي تواجهها مصر. وكمن يطلب الإنقاذ من الغوص في رمال متحركة، ظل الجنرال يطلب من الاقتصاديين والشعب عموما مساعدة النظام في مواجهة الأزمة التي تسببت فيها قراراته باستبعاد أي مشاركة من الشعب؛ لكن هدف الجنرال هو تهيئة لشعب لقبول استمرار نظامه في سياسة الاقتراض واهمال تنمية قدرات البلاد المحلية.

ووفقاً للإحصاءات الرسمية للدولة، فان مديونية مصر الخارجية تبلغ 160 مليار دولار، ومجموع دينها العام (الداخلي والخارجي) يبلغ أكثر بقليل من 100% حجم الناتج المحلي الإجمالي. ومعظم الدين الخارجي تم اقتراضه خلال حكم السيسي، فقد ارتفع حجم الدين الذي بلغ 44 مليار دولار في 2013 ليصل الى 160 مليار دولار في مارس 2022. وتقدر البيانات الرسمية للدولة أن خدمة الدين الخارجي (المتراكمة مستحقاته) تبلغ 84 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة (يعنى لا يتبقى ما يصرف على المشاريع التنموية).

في 27/10/ 2022 أعلن صندوق النقد الدولي، في بيان له، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة المصرية لتمويلها بقرض قيمته ثلاث مليارات دولار على مدى 46 شهرا، وسيعرض الاتفاق على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي خلال شهر ديسمبر 2022 لاعتماده. ومن شروط الصندوق لتمرير القرض الجديد هو اجراء تعويم كامل لقيمة الجنيه وجعل سعره مقابل الدولار يتحدد وفقا للعرض والطلب، وبعض الإجراءات التقشفية الأخرى. وقد تم تعويم الجنيه الذي أدى (وتزامنه مع رفع سعر الفائدة) الى هبوط قياسي في سعر العملة المحلية الذي أدى بدوره الى موجة عارمة من التضخم ....

ولكن يبقى الشرط الأهم هو ما أورده الصندوق في بيانه من ضرورة وجود وصاية إقليمية ودولية على مراقبة الأداء المالي لمصر؛ فقد جاء في البيان: ”سيلعب شركاء مصر الدوليون الإقليميون دورا حاسما في تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها“، دون أن يوضح من هم الشركاء وما هو دورهم، إلا أن ذلك لا يعنى شيئا سوى التدخل في تسيير شؤون البلاد المالية والاقتصادية والوصاية عليها. ويضيف البيان ”أن الاتفاق يمهد إلى حصول القاهرة على تمويل إضافي يبلغ حوالي 5 مليارات دولار من الشركاء متعددي الأطراف (multilateral partners) والإقليميين، بما سيساعد على تعزيز الوضع الخارجي للبلاد “، وبالتالي المزيد من وقوع البلاد في مستنقع الاستدانة.

وهكذا أوصل تطبيق سياسة الانسياق لمؤسسات التمويل الدولية ( مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) مصر لأن تنتهك سيادتها بشكل خطير بتسليم تنفيذ سياساتها وإصلاحاتها الاقتصادية للدول الأجنبية كما ورد في بيان صندوق النقد الدولي المشار اليه أعلاه.

وهكذا يعيد التاريخ نفسه مأساة نتعرف عليها باستدعاء واقعة لجنة ”صندوق الدين“ الذي أُنشئ في مصر في 1876فى فترة حكم الخديوي إسماعيل. فالخديوي إسماعيل (1830-1895) أغرق مصر في الديون الخارجية أثناء حكمه لها (1863-1879) للدرجة التي جعلته يلجأ لسدادها ببيع الأصول المصرية، كبيعه لنصيب مصر في شركة قناة السويس في 1875. وبيع الخديوي لأصول مصر يماثل ما يفعله النظام المصري حاليا لسداد ديونه؛ وجدير بالذكر أن الخديوي درج على صرف الاموال التي يستدينها على المباني والمشاريع غير التنموية وهو نفس الشيء الذي يفعله السيسي كمشروع العاصمة المصرية الإدارية الجديدة في الصحراء، الذي تبلغ قيمته 58 مليار دولار ؛ وشراء الأسلحة بأثمان باهظة.

وعندما تفاقم فشل الخديوي إسماعيل في مقابلة مطالب الدائنين وافق على اخضاع مصر لوصاية بعض الدول الاوربية لضمان سداد القروض التي قدمتها لمصر؛ وفي 1876 أنشأ الخديوي إسماعيل ”صندوق الدين“ كخزانة مستقلة عن الخزانة العامة تتولى تسلم معظم موارد البلاد لضمان سداد القروض الخارجية؛ وقد كان الصندوق بمثابة دولة داخل الدولة المصرية في انتهاك صريح لاستقلال مصر السياسي والمالي والاقتصادي.

وهكذا اضعفت الضغوط الخارجية سلطة الخديوي إسماعيل حتى احتلتها في نهاية المطاف إنجلترا التي سيطرت على البلاد لمدة سبعين عاما.
*******
إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين، في المرة الأولى على شكل مأساة، وفى الثانية في شكل مهزلة؛ وما تشهده مصر حاليا مأساة.
*******
وإنّ ما يجرى في الجارة مصر درس عظيم لنا في السودان حيث عبثت حكومة ”الحرية والتغيير“ الانتقالية العميلة، التي جاءت في اعقاب سقوط نظام الإنقاذ في 2019، بالقرار السيادي للبلاد في مختلف الاتجاهات، وعززته (عبثها) بمنح مؤسسات التمويل الدولية؛ بشكل تفردت به عن مختلف الدول الفقيرة ، شيكا على بياض(carte blanche) لوضع كل ما يعن لها من شروط.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الأولوية للدستور أم البرنامج السياسي!؟ 2-2
- هل الأولوية للدستور أم البرنامج السياسي!؟ 1-2
- الشعب يريد اسقاط الانقلاب وبيرتس يبحث مع البرهان عن مخرج
- السودان: فولكر بيرتس يلقى احاطة -قحت- أمام مجلس الامن
- فولكر بيرتس يقدم احاطة -قحت- لمجلس الامن
- إبراهيم البدوي: أفكار مفلسة وفساد
- مصر ودوامة الاقتراض
- قيمة الجنيه السوداني والتفسير التوتولوجى
- فولكر بيرتس: يريد ادخال -الحضارة- للسودان
- السودان: في الذكرى 66 لانتفاضة جودة 1956 ومسألة -الدولة المد ...
- فولكر بيرتس: الأَبْلَه والأحمق
- السودان: مبادرة الهيبك (HIPC) وسياسة استدامة الدَيْن
- لجنة تفكيك نظام الإنقاذ السودانى: المساءلة القانونية والنقد ...
- الاتحاد الأفريقي وتعزيز شرعية الكيان الصهيوني
- السودان: الجيش وحرب الفشقة والبيان الفضيحة
- مصر الرسمية ليست صديقة للسودان
- إنها الرأسمالية يا عزيزي
- مقاطعة إسرائيل : السودان أولاً
- السودان: أجمل وأبشع ما قيل في مجرى انتفاضة ديسمبر
- السودان: مسألة الحرب والاقتصاد لدى أرجوزات المجلس السيادي


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود محمد ياسين - مصر: التاريخ يعيد نفسه مأساة