أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر ابو حلتم - سقف المغارة !














المزيد.....

سقف المغارة !


منذر ابو حلتم
قاص وشاعر ، عضو رابطة الكتاب الاردنيين

()


الحوار المتمدن-العدد: 7418 - 2022 / 10 / 31 - 13:28
المحور: الادب والفن
    


كانوا يحيطون بك .. ينظرون إليك بحب وألم ، وأنت ممدد على أارض المغارة . يتحركون جيئة وذهابا” .. تحاول أن تبدو طبيعيا” .. لكن الألم شديد .. شديد جدا” ، وعرق بارد غزير يغطي جسدك المرتعش .
تمد يدك ببطء .. تتحسس ساقك ، خدر عميق يتسلل إلى كل جسدك .. وهذه الرعدة اللعينة .. إنك ترتعش ، تحاول أن تتمالك نفسك .. أن تكبت هذا الارتعاش .. ولكن ..يضع أحدهم قطعة قماش مبللة بالماء على رأسك ، ضوء السراج الشاحب ينعكس على وجهك القلق ، تسمعه يهمس :
– إنه يشتعل .. الحمى تكاد تقتله
تشعر بالدوار .. وعلى سقف المغارة تدور الصور في دوامة غريبة .. الشارع يمتد طويلا” .. بلا نهاية .. شبان كثيرون تعرفهم جميعا” حتى وإن كانوا ملثمين ، دخان الإطارات المشتعلة يشكل سحباً سوداء تحجب سماء الخليل الصافية .. طائرة مروحية تقترب .. تحوم فوق الشبان كدبور أسود كبير .. جنود كثيرون .. يقتربون ، يتمركزون على مداخل الشوارع والأزقة ..

– اضرب ..! صاح صوت تعرفه جيدا
– اضرب ..! تصرخ أنت أيضاً .. حجارة .. حجارة كثيرة تطير بقوة نحو الجنود .. الطائرة تمطر سحاباً أبيض كثيفاً ..
– تجمعوا عند الزاوية .. لا تدعوهم يدخلون
سيارة ( جيب ) عسكرية تزمجر قادمة بسرعة .. تطارد شابين ، وعند نقطة معينة يتوقف الشابان ثم يتفرقان .. السيارة تنحرف بجنون .. صوت فرامل .. ثم تهوي في الوادي القريب ..
– ضع الزيت على المنعطف الآخر !
سقف المغارة يقترب .. يقترب .. يكاد يسحقك .. وهذه الدوامة اللعينة ..
يتناهى إليك صوت أحدهم : – تأخر خالد .. يجب إخراج الرصاصة فورا” ..
دوامة الصور تدور على سقف المغارة ، رصاص .. رصاص كثيف.. تتلفت حولك
– استشهد وليد !
رصاص وسحب بيضاء خانقة .. تشعر بالغثيان والاختناق .. تزيل اللثام عن وجهك وتركض ، سيارة عسكرية تصعد الشارع .. إطار يشتعل قربك ، تتناول الإطار بقضيب حديدي وتدحرجه نحو السيارة .. السيارة تنحرف وتصطدم بعمود الكهرباء .. ثم .. آخ ..!! كتلة من اللهب تخترق قدمك .. عند الركبة .. ترتفع الأرض إليك ..ترتطم بك بقوة ، يجب أن تنهض .. لن تسمح لهم بالقبض عليك .. تقف .. تقفز على قدم واحدة .. الدم يسيل بغزارة .. الجنود يطاردونك .. حجارة .. حجارة كثيرة تحاصرهم من كل الجهات .. يتراجعون .. أيادٍ كثيرة تمتد إليك .. تحملك ، تنظر إلى عيونهم .. إلى وجوههم الملثمة .. تبتسم .. ثم تغيب عن الوعي ..!

– اشرب .. ستنفعك الميرمية !

تحاول أن توقف دوامة الصور .. تتشبث بالواقع ، تجيل عينيك الملتهبتين في أرجاء المغارة .. ضوء السراج الشاحب يجعل التخلص من الدوامة أمرا” صعبا” .. تقول بصوت هامس مبحوح :

– أعطوني سكيناً .. سأخرج الرصاصة بنفسي !
يخيم الوجوم عليهم .. يدخل أحدهم فجأة

– جاء خالد !
تنظر إليه فيتابع : – طالب في كلية الطب .. شيء خير من لاشيء
يدخل خالد ، يحيطون به .. يسأله أحدهم
– ألم يتبعك أحد ؟؟
– اطمئنوا .. جئت عبر الأحراش .. أحضرت معي المشرط وبعض الكحول .. أشعلوا النار .
ينظر إليك .. – ليس معي مخدر .. لكنك ستتحمل أليس كذلك ؟
تنظر إلى السقف بتحد عنيف .. صورة واحدة يجب أن تسيطر على عقلك المشتعل .. أختك هدى ..! المشرط الملتهب يقترب من مكان الرصاصة .. يخيم الصمت .. أختك هدى .. لقد قتلوها .. لقد تألمت اكثر منك .. يرتفع صوت الحديد المحمى وهو ينطفئ في اللحم .. آخ ..!
– أخرجتها …
يصفق الشبان .. أحدهم يقول : – سنشرب شاياً بهذه المناسبة ..! ويسرع لصنع الشاي ..
يقترب خالد .. يضع يده على جبينك ويقول :
– لم تصرخ .. أنت رجل حقيقي ..! يبتسم .. يشد على يدك ويهمس :
لا وقت للألم يا صديقي .. لا وقت !
تنظر إليهم .. إلى عيونهم ، يناولك أحدهم كأس الشاي .. تنتشر في المغارة رائحة الميرمية .. أيها الأصدقاء الطيبون .. من منكم سيستشهد غداً .. ومن سيبقى ؟! .. تنظر إليهم وتشعر أنك قوي .. قوي جداً .. وتبتسم …!



#منذر_ابو_حلتم (هاشتاغ)       #          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امشي على جسدي اليك ..
- كي يعيشوا موتهم .. !
- الريح تعرف دربها
- اكذوبة التقويم .. اكذوبة التاريخ ..
- الرجل الذي يشبهني ..
- صعودا ... صعودا
- لم يتغير شيء
- القطعان والشمس الحمراء المخيفة
- هذا زمانك .. قد مضت ازمانهم ... مهداة للشهيد عدي التميمي
- اسراب من الوجوه المهاجرة !
- فحيح الظلال
- كم كان حزينا .. !
- ماذا عن سانشو ؟!
- نبوءة العراف العجوز .. وقصص اخرى
- اين ومتى رأيت هذا الوجه ؟!
- بعد السبات .. قصة قصيرة
- وجهي والمدينة ..
- امن .. وقصص اخرى
- قطارات ...
- الكلب والتماثيل ..


المزيد.....




- جمعة اللامي يرحل بعد مسيرة حافلة بالأدب ومشاكسة الحياة
- رجل نوبل المسكون بهوس -الآلة العالِمة-: هل نحن مستعدون لذكاء ...
- لماذا لا يُحتفل بعيد الفصح إلا يوم الأحد؟
- -ألكسو-تكرم رموز الثقافة العربية لسنة 2025على هامش معرض الرب ...
- مترجمة ميلوني تعتذر عن -موقف محرج- داخل البيت الأبيض
- مازال الفيلم في نجاح مستمر .. إيرادات صادمة لفيلم سامح حسين ...
- نورا.. فنانة توثق المحن وتلهم الأمل والصمود للفلسطينيين
- فيليبي فرانسيسكو.. برازيلي سحرته اللغة العربية فأصبح أستاذا ...
- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منذر ابو حلتم - سقف المغارة !