أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - ابن عم والدي ...فصاحة اللسان ومرمدة الدخان














المزيد.....


ابن عم والدي ...فصاحة اللسان ومرمدة الدخان


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 7414 - 2022 / 10 / 27 - 03:34
المحور: الادب والفن
    


أفقت باكرا هذا الصباح مضطرا / مكرها. أخذت فطور الصباح كاس شاي بالنعناع والأفسنت (مخلوط عشبتين) وقرص مسمن مدور من دقيق القمح وزيت زيتون ومثلث جبنة. الضباب يكتنف المدينة ويغطي سحاب رمادي يميل الى السواد جبل العياشي فأل الخير. تدنت درجة الحرارة وأكرهت الناس / الأهالي على فتح الصوان لإخراج ملابس الشتاء اتقاء للسع القر. عرفت البلدة تساقطات مطرية هامة وفاضت الأودية والشعاب مع زخات رعدية بعد يأس وقنط من جفاف أتى على الزرع والضرع وجدته الحكومة وسيلة وحجة لتبرير الغلاء وحث المواطن عبر قنواتها الرسمية وفقهاء منابرها على الصبر على البلاء لأنه ابتلاء. يتذكر جيلنا رجلا من هامش المدينة * مدمن خمرة قوله بالأمازيغية ما معناه (غدا قولوا قطرات) وقد سقط في بركة ماء من أمطار سابقة وهو يقصد النشرة الجوية. لابد من مغادرة الدار والهروب الى مقهى بالجوار كلما همت سيدة البيت بدعوة شغالة لنظافة المحل التي باعها مالكها لسوء في التسيير والتدبير وعدم تقدير للزبون /الملك الذي عاب عليه طول مكوثه أمام قدح قهوة أو براد شاي عبر تدوينة على حائطه بالفايس بوك. أتذكر أحد أبناء عم والدي (رحمهم الله) قوله ( من ضعف المروءة أن يمكث الرجل في المنزل وبين الفينة والأخرى تصيح به المرأة / الزوجة ارفع رجليك لأكنس المكان ...غير مجلسك لأمرر الكراطة / الشيفون) زبناء قليلون بالمقهى منع البرد بعضهم من الحضور وبعضهم لهم أعمالهم التي تنتظرهم ووظائفهم التي تجبرهم على الغياب. قهوة سوداء بدون سكر لمزيد من مرارة الطعم. كان ابن عمي حكيما، فصيحا وبليغا رغم أنه لم يتعلم أبجديات القراءة والكتابة ولو في المسيد / الكتاب. يدخن بشراهة سجائر من التبغ الأسود الرخيصة. صلة الأرحام عفوية بين الآباء والأجداد لا تتسبب في قطعها مشاكل أو خصومات جانبية لبساطة الحياة وعدم التكلف وصفاء القلوب. غالبا ما يرتدي الجلباب ويعتمر طاقية وهذا لا يمنع من القول أنه يلبس بذلة وحذاء لامعا في مناسبات عدة . قمحي اللون ، غليظ الشفاه وواسع العينين. محدث بارع يشد الإنتباه . يحب دائما أن يتكأ على جنب واحد وتحت إبطه الوسادة وأمامه مرمدة ( طفاية ) مع غياب الأرائك . لا تخلو أغلب البيوت في ذلك الزمان منها بشتى الأحجام والأشكال فهي من حديد ، خزف أو زجاج ، ولا عيب في أن يلوث جو المنزل بالدخان ، وهذا هو الإسم المتداول عند العامة ترادفه ( تباغا ) عند الأمازيغ منهم ، وهي الى العربية أقرب ( التبغ ). يروق لي قول أحد الفكهين العقلاء* من أيت بن إيشو :( الذي ببيته مدخن كمن بسقف بيته قطرة من أمطار عليه أن يتلقاهما بمرمدة وآنية ) . يتقبل الناس الضيف المدخن وإن كان أهل الدار من غير المدخنين ...سيجارة تعقبها أخرى وحديث غير متقطع فيه حكم، عبر وفرفشة. يطول حديثه وقد عرج به الى شتى مجالات الحياة. يعتقد جازما أن أن نهرا من المال / الثروة يمر من المغرب، ولكن الفرق بين الناس / المواطنين / الرعية أن البعض / القلة / النخبة تملك ما تغترف به منه والبقية يعدمون الوسيلة فيكتفون بالنظر الى المستفيدين ويعانون من ضنك العيش ...حدثني أبي أن الرجل في شبابه عزم أن يغادر القرية بحثا عن مورد رزق في بلاد الله الواسعة، فقال لأبيه:
( قررت أن أغادر القرية يا أبي ، فهل أنت مرافقي )
سأله الأب في دهشة : ( ولماذا نفعل يا بني ولسنا مضطرين لنترك أرضا نعيش بها ومنها ولدينا منزل وبقرة وبغل ؟ )
يجيبه في حزم وثقة في النفس : ( ما نفع أرض تطعم بالكاد بقرة وبغلا ) .
اقتنع الأب بكلام ابنه فغادرت الأسرة القرية في الصباح الباكر يعبرون الجبال الى أن انتهى بهم المقام بأرض أوضاض / ميدلت .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*لا أذكر بعض الأسماء وإن كنت أتذكرها لأن بعض قرائي من الأهل يعيبون علي ذكرها.



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أوراق معلم بدكالة | 1991- 1995
- من أوراق معلم أمي ( حبيبة ) الهيفاء وضرب النساء
- أمي رقية ...رقة عفراء معطاء
- | أمي ( حبيبة ) الهيفاء وضرب النساء
- ريان من إغران بشفشاون وملحمة تضامن عبرت حدود الأوطان والأديا ...
- قبس ضياء ومقبرة ظلماء
- الجزع من الجرعة الأولى من اللقاح ضد كوفيد سارس2
- ليلة القدر....قبل نور مصباح أديسون
- العكاز وأزيز الدراجة النارية من يوميات معلم|تازناخت | إزناكن ...
- من كراس محبس الفيروس
- نعيمة - زهرية - ... قربان فقهاء الكنوز بأكدز
- أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف
- من يوميات كورونا
- اسمي كورونا
- أبي...الميت الحي
- كورونا ... الحتف المنيف
- كورونا ...حتى لا تتحجر قلوبنا
- كوفيد ...سواد تتلبد منه البلاد ويرتعد منه العباد
- اليهودية الحسناء
- الأرجوحة


المزيد.....




- -كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد ...
- أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون ...
- بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
- بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر ...
- دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
- -الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - ابن عم والدي ...فصاحة اللسان ومرمدة الدخان