لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 7412 - 2022 / 10 / 25 - 10:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
—-
*تمحيص فكري كتبه : لخضر خلفاوي *
*****
تتكوّن الأبجدية اللاتينية من 26 حرفا -أساسيًا -، كون على سبيل المثال أن الفرنسية تعتمد على ال26 حرفا أساسيًا بالإضافة إلى 16 حرفا ثانويا، علما أن أغلب مستعملي هذه اللغة في أوطانها الرئيسية يجهلون هذا التفصيل ، فيفاجأ و يُصدم من صُحِّحَ له الأمر و أن للفرنسية مجموع 42 حرفا .
-يحتلّ حرف ال"جي" G المرتبة السابعة في الأبجدية اللاتينية .
موضوعي هذا طبعا ليس متعلقا بثيمة طرحي في هذا المقام ، فهي توطئة - إضافية - معلوماتية لمن يجهل هكذا تفصيل لغوي و لكي نتحوّل بسلاسة إلى موضوعي مع ( الحرف جي G) و اقترانه في بداية القرن المنصرم بموضوع ( الشهوة الجنسية القصوى ، أو الرعشة الكبيرة ) بعد عملية ممارسة ( الجنس )، و هي تخص تحديدا كما - رُوّج له في بدايات القرن الفارط - بالمرأة أثناء ممارستها الجنس مع بعلها . للإشارة فإن الفكرة موجودة منذ قرون خلت في ثقافات عديدة لكنها تدعمت أكثر في بداية القرن المنصرم كما ذكرت، و أنا أقول دون ريب أن آدم و حوّاء من المؤكد أنهما استمتعا بالرعشة و الشهقة الجنسية دون وجود وسائل اتصال و لا تواصل و لا باحثين في الفروج و قيعان البشرية المناطق الحميمية .
-ما هي ( نقطة أو موضع جي G) The G-spot - أو Le Point-G التي كثر استخدامها منذ ذلك الوقت في مجال العلاقة الحميمية بين الرجل و المرأة ؟
-نظرية أو فكرة وجود ( منطقة مركزية داخل فرج المرأة ) بالغة الحساسية ، تدعى مركز الشبق الكبير و الشهوة العارمة التي قد تصل إليها الأنثى عند ممارستها للجنس .
-لا يخفى على أحد بعدما انهارت الحدود الأخلاقية بين مجتمعات محافظة و مجتمعات متمردة بسبب الاستعمار الرقمي و الافتراضي للمعلومة المصنوعة بإغراض خبيث شديد ، صار الوطن العربي و المسلم وكرا لهكذا أفكار و مشاريع تسعى لتفكيك سبل و ظروف العفة و الطهر لدى الأسرة العربية و المسلمة .. الفيس بوك و أخواته الشريرة و الآثمة فرضت نفسها من خلال ( الهواتف و اللوحات الذكية ) و صارت عنصرا أساسيًا لا يُستغنى عن فتنه في بيوتنا .. هكذا وسائل و تطبيقات سمحت بانتشار كل ( المشاريع ) الهدامة الاستدراجية لتهييج أفراد مجتمعنا المحافظ نحو الفضول و التجريب العصياني .. أصحاب هكذا تطبيقات و صفحات و مجموعات يدركون وقع و مفعول طرح مواضيع حساسة تخص الحميمية الشخصية و المتعة و الشهوات ، و هذا سببا من أسباب شهرة الأدب الداعر الآثم و الأفلام العاهرة و الأفكار الوقحة ينطلق أساسا بفضول -قد يكون بريئا- و غالبا ما يصبح -إدمانًا - و وسيلة لتسلية و تلهية الأنفس المريضة .. صفحات لمجموعات و قنوات في ظاهرها يعطي الانطباع أنه إرشادي و بمجرد دخولك تدرك بسرعة البرق أنها فضاءات الترغيب للدخول في الدعارة و البغاء من أبوابها النتنة الوسخة و الدنيئة ؛ أي أنها صفحات بغاء مقنعة بخطاب نشر معلومات و تثقيف المستخدمين و الزائرين لهكذا صفحات و قنوات ( ساقطة)… ما عليكم سوى للتجربة زيارة هكذا صفحات لتتأكدوا بأنفسكم كيف الأمر يأخذ مجاري أخرى في البذاءة و الصعلكة و الفسق اللفظي و فرصة لتبديد الحياء و تشجيع اختلاط الجميع ذكورًا و إناثًا في مهرجان البغاء و الفساد بكل أريحية ، مع طلبات مواصلة النقاش على الخاص للامتاع الخاص و طبعا تعرفوا خواتم هكذا تبادلات !.
-اخترت لكم بشكل تفسير صحيح أكاديمي و تاريخي لهذه ( الفكرة ) المتعلقة بالمنطقة المركزية للشهوة و الشبق و "الرعشة" التي تبحث عنها بعض النساء من خلال ممارستهن للجماع ؛ أصدقكم القول لا يمكن الحصول على هكذا -رعشة - في هكذا صفحات استدراجية للسقوط بالقيم العفيفة مشبوهة عدا - الاتساخ- بشبهاتهم و غيّهم الشيطاني الماكر بالأخلاق العربية الإسلامية !.
- تمّ إطلاق هذه التسمية ( نقطة أو موضع جي G) The G-spotأو Le Point-G تكريما و نسبة للطبيب الألماني المختص بأمراض النساء المدعوة غرافنبارغ Gräfenberg و اسمه أرنست Ernst ، أي الحرف الأول من لقبه G.
هذا الطبيب الذي عرف باختراعه عام 1930 ا "خاتم منع الحمل " الذي يوضع في أدغال فرج المرأة و يثبت لمنع حملها إراديا ، سمي بعد ذلك بعد تحديثات مهمة ب( الستريلي ) Stérilet.
-في عام 1950 طرح الطبيب المختص - حسب نظره -فكرة وجود منطقة جد حساسة داخل جدران الفرج من شأنها حسب - فرضيته- أن تعمّق الفارق و تحدث تلك الرعشة القوية جنسيا لدى المرأة في مرحلة ما من ممارستها للجنس . في مستهل الثمانينات 1980 اقتفى ثلاث من المهتمين الأمريكيين فكرة و فرضية وجود منطقة -لغز - داخل مهبل المرأة و أصدروا كتابا شبيه بالدراسة عنوانه :
The G-Spot and Other Recent Discoveries about Human Sexuality (Ed. Holt Paperbacks).
*
Le point G et d autres découvertes récentes sur la sexualité humaine (Ed. Holt Brochés).
"المنطقة "G" و غيرها من الاكتشافات الحديثة حول النشاط الجنسي البشري."
و تعتقد النظريات و الأفكار التخمينية أن منطقة الحساسية المطلقة للشهوة التي أستند اسمها إلى سابع حرف أبجدي لاتيني و هو حرف ال "G" ، هده المنطقة يعتقد وجودها في عمق المهبل على امتداد جداره في نهاياته باتجاه البطن و بلوغه يصعد بالممارسين و خصوصا الأنثى إلى السماء السابعة .. و عليه تمّ ابتكار مخططات بيانية و رسومات تحدد هكذا " فرضيات " و نظريات " لم يؤكدها العلم !.
*كان لهذا الإصدار وقع الشرارة الدعائية الكبيرة في سوق ( الجنس و العلاقات الجنسية في مختلف صفاتها) و تفشي بشكل عالمي كما هو الحال احتفائية ( السان فالونتين Saint-Valentin) ( فكرة ) وجود " المنطقة G جي " في مهبل المرأة و على الرجل الممارس الجنس مع أنثاه أن يسعى جاهدا للوصول و التنقيب عن هذا الفردوس المجهول في أدغال فرج صاحبته لاكتشاف " الرعشة التي تبحث عنها ( هي ). .. و رغم انتشار هذا ( المعتقد )، فإن الأبحاث منذ ذلك الزمن لم تثبت لحد الساعة علميا و بشكل مقنع عمليا وجود هكذا ( منطقة مختبئة في زاوية من زوايا جدران الفرج الأنثوي )، و بقيت "حكاية و حدوثة " النقطة "جي G” تشبه إلى حدّ كبير جدا حدوثة " مثلث البرمودا "!.. Le triangle des Bermudes
-و هناك من ذهب بعيدا ( دائما في إطار العقول الهشة السطحية ) في تأليف مقالات و كتب تتحدث عن ( الوضعيات ) الجنسية الرئيسة التي تسمح للمرأة بالحصول على ( الرعشة الجنسية ) بإصابة منطقة ال G التي تتوارى و تتخفى بين جدران مهبلها الداخلية و تلعب لعبة " الغميضة " مع ذَكر الرجل !.
-و مع ذلك تستمر و تنتشر هكذا معتقدات و أفكار تضليلية افترائية واهية لا أساس لها - علميا من الصحة و الجدية و الموضوعية- في العالم الغربي و بالمحصلة الثقافية الاجتياحية في الوطن العربي الإسلامي.
*سأنصح في هذا المقام ( المعرفي و التعريفي ) كل من يبحث عن ( الرعشة ) أو ( الشهقة ) الجنسية أنه حتى و لو ثبُتَ - افتراضا - وجود منطقة "جي" في مهبل المرأة و أُستُطيع اكتشافها ماديا و حسيا لا يمكن أن تحدث أي رعشة و لا أي شهقة ؛ لأن الجنس لا يعتمد بالأساس على دخول ذكَرِ الرجل في مهبل المرأة أثناء الجماع بعد برمجة و تحديد موعد اللقاء!
الرّعشة الماتعة و الشهقة الآسرة بلذتها تتأتى عند تغليب و حضور العلاقة التناسقية " الشغفية" بين ذكر و أنثى ؛ أي هذا يريد بكل قواه الآخر و يرغب فيه و به ، عندها يحدث ما يسمى ب ( أسموز osmose ) , و التقاء انسجامي ، كيميائي أو ما يسمى ب interpénétration أي التداخل النفسي العضوي العاطفي بشكل عال الاتفاق و الانسجام بين الجسدين و الروحين و الفكرين .. فقد تكون إطلاق كلمة في خضم التبادل الجنسي تُغيّر مجرى حياة العملية الجنسية فتحدث من خلال ( التفاعل الكيميائي المشترك ) نقلة فجائية تدب فيها نار المتعة و الاشتهاء بين الإثنين في الإثنين للإثنين .
-قد تكون حركة ، أو أيّ إضافة جديدة غير متوقعة تكتم أنفاس الرتابة و - ميكانيكا - عملية الإيلاج بين المُولج و المولوجة.. فلا توهموا أنفسكم بأن هناك زرّ خفي أخفته عنكم الطبيعة في ركن من أركان مهابل إناثكم و ما عليكم إلا بإدخال عضوكم للتنقيب و البحث عنه ثم الضغط عليه ..
-إن الباحث عن المنطقة (G) كما الباحث عن وجود الماء على سطح القمر أو المريخ ، الموضوع الذي يشغل وكالة الناسا لعقود من الزمن و لم و لن يجدوه و لو حرصوا!.. فمعجم الجنس و الشبق و الشهيق الجنسي و أبجدياته ( حروفه لا تنتهي ) بالنسبة للعملية الجنسية و ممارسة الحب بنجاح و لمَ لا ب ( إبداع ) لأنه يتوقف على سلامة و صحة عقل و فكر الزوج و مدى ثقافتهم السليمة ..
*للأسف ؛ نحن أمة خبيرة في حديثها عن "القاع" و حبها للقاع .. الغربيون الذين بعمانا الفكري نقلّدهم بحذافر - خيبتنا - استثمروا منذ زمن عوالم و أقطار الفضاء و المجرات و الكواكب و أشغلونا نحن بأحاديث القيعان ! أصبحنا مشغولين في البحث عن " حرف " يتيم واحد واهم و أهملنا باقي حروف الأبجدية للفكر السليم و المعرفة التي ترتقي بمجتمعاتنا و أوطاننا !.
- باريس الكبرى جنوبا
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.