لخضر خلفاوي
(Lakhdar Khelfaoui)
الحوار المتمدن-العدد: 7408 - 2022 / 10 / 21 - 18:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ـ كتبها : لخضر خلفاوي*
**
وحيد" النادل و العامل البنغلاديشي خلوق و هادئ جدا يشتغل عند التركي الكردي صاحب ( المقهى-المطعم)، صاحب جدارية ( الكردية الضاحكة أبدًا ) على ذقن المنافي و الضياع في -مصارين و أحشاء الغربة- !.
-عند دخولي هذا الصباح سألته قهوتي الصباحية المُعتادة ( المُلفْزَزَة):
-Wahid ! Tu es tout seul , où sont les autres collègues?! ( ، أين بقية زملاءك ؟، هل أنت تشتغل لوحدك يا وحيد).
فأجابني إجابة غير متوقعة من شخص لا يُتقِن التعامل باللغة الفرنسية كما هو لدى السكان الأصليين أو كمعظم المغاربة و الأفارقة ( أبناء المُستعمرات القديمة لفرنسا ). لعلمكم؛ مخطئ من يعتقد أن الاستعمار من القارة السمراء و غيرها من القارات قد اختفى !
-"وحيد"، أمزح معه باستمرار و كنتُ أقول له دائما عليك أن تفخر باسمك المميز يا صديقي ، فالوحيد يعني l’unique ، أي الفريد و ليس فقط ( الوحيد ) المتصل بالوحدة و المُغيّب عن الجذور … فابق يا عزيزي وحيدا كما أنتَ.
-"وحيد" بنغلداش فخورٌ به جدا كعامل أجنبي هامَ و ساحَ على وجه القدر في بلدان كثيرة آسيوية قبل أن يستقر في فرنسا ، بضواحي باريس .. آخر بلد و محطة عبورية ( منفاوية ) قسرية مكث فيها لسنوات معتبرة هي ( تُركيا ).. يتقنُ "وحيدي" اللغة ( التركية ) و يحادث الزبائن الأتراك بسلاسة أيّ باللغة التركية حتى أنه يحدث أنه يُبهر العنصر التركي بسيطرته التامة على اللغة و اللهجة التركية ( الصعبة )!.. من تعلّم لغة قوم آمنَ شرّهم ، فلا تعتقدوا أن الخيرَ عملة مرغوبة في عالمنا هذا الممسوخ !. تمكنه من اللغة التركية جعله يثري معجمه و لسانه الشخصي إلى جنب لغته الأم و اللغة " الإنجليزية " ، ها هو ( الوحيد) متعددّ اللغات رغم أنف الفقر و الحاجة و التهجير القسري ؛ مستمرّ في محاولاته أثناء معاشرته للمجتمع الفرنسي ليجعل من الفرنسية سلاحا إضافيا لسانيا يعتمد عليه في ملاسنة عن جدارة غياهب البعاد و الانشطار و يؤمّن قوته و قوت الذين تركهم و رحل لأجلهم حبه هناااااك والديه و أخواته !.
- ابتسم كعادته ابتسامة التسامح و حبّ حياته كما هيَ ، و يقول لي ضاحكا ساخرا :
- Oui! Je suis “tout seul, il ne faut pas s’étonner cher monsieur, tu as oublié que je m’appelle Wahid !?
-نعم ! إني لوحدي ، لا تعجب من ذلك ، أَوَ نسيتَ أني أُدعَى " وحيد !".
-أسرني هذا الشاب بهذا الرد و العبارة القاتلة و التي ترقص إبداعًا إدراكي و ترميز مهول بكل بساطة و سذاجة الموقف، و تفاهة هذا العالم المفروض علينا عند سقوطنا من السماء!.
—- باريس الكُبرى جنوبا
٢٠ أكتوبر ٢٠٢٢
#لخضر_خلفاوي (هاشتاغ)
Lakhdar_Khelfaoui#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟