أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فارس محمود - حول سمات هبّة جماهير ايران















المزيد.....


حول سمات هبّة جماهير ايران


فارس محمود

الحوار المتمدن-العدد: 7406 - 2022 / 10 / 19 - 02:43
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


إلى الأمام تحاور فارس محمود



الى الأمام: منذ أكثر من شهر ومجتمع ايران يغلي بنضال عارم في ايران. من المعروف ان الحركة قد انطلقت مع مقتل مهسا أميني. ماهي أرضية ومبررات هذه النضالات وهذه الهبّة الجماهيرية برايكم؟!

فارس محمود: بدءاً، لأشير لمسألة مثيرة. كي أوضح طبيعة النظام الحاكم في ايران، دعني ابدا من اسم القتيلة، "مهسا". ان اسمها الحقيقي هو "زينا"، ولكن نظام الجمهورية الاسلامية فرض على العوائل ان لا تختار اسم غير اسم يوافق عليه النظام ! فهناك كتاب بالأسماء الموافق عليها من قبل الجمهورية الاسلامية توجهه للعوائل لتختار منه اسم لوليدها سواء ذكر أو انثى. ولهذا للكثيرين، وبالأخص في كردستان، اسماء ثنائية احدها للدوائر الرسمية واخر اسم في الحياة العادية. ولهذا فان اسمها الحقيقي هو "زينا"، ولكنه في الاوراق الرسمية هو "مهسا". ولهذا بوسعنا ان نتصور حجم مصادرة حريات جماهير ايران.

ان هذه الهبّة هي هبّة ضد نظام الجمهورية الاسلامية، نظام العنف والحروب، نظام القتل والجريمة المنظمة، نظام الاعدامات والفساد والنهب وسرقة خيرات المجتمع، نظام الجوع والفقر والحرمان والعوز، نظام مصادرة ابسط الحقوق والحريات السياسية والمدنية، نظام معاداة المرأة. ان هذا النضال يتواصل ويتسع بأبعاده على صعيد كل المجتمع.

وكسائر الثورات في العالم، ان كان مقتل همسا اميني هو مبعث انطلاق شرارة هذه الهبّة جراء الاوضاع التي اشرت لها، فان هدفها المباشر هو الاطاحة بهذا الكابوس الجاثم على صدور الجماهير منذ ما يقارب 43 عام.

جاء هذا النظام الاسلامي للحكم عام 1979 من أجل وأد ثورة جماهير ايران ضد الشاه، الثورة التي اندلعت من اجل الرفاه والحرية. اذ كانت ثورة جماهيرية عارمة ويسارية معادية لأمريكا والغرب، لليسار وقواه وتنظيماته حضور واسع فيها، شعاراتها ومطالبها يسارية، الطبقة العاملة في الميدان بشعار "كاركران نفت ما ... رهبر سرسخت ما" (عاملنا في النفط... قائدنا الصلد). ثورة كانت بوسعها ان تمضي نحو ارساء سلطة وحكومة يسارية، سانديناستية (نيكاراغوا) مثلا او على غرار يسار امريكا اللاتينية. في تلك الاوضاع العالمية، الثنائية القطبية (الشرقية-الغربية) والحرب الباردة، تدخل الغرب وأتى بخميني بطائرة من باريس، ليجهز على الثورة. وشرع بحكمه وسلطته بحملة إعدامات شنيعة لليسار ومعارضي نظامه بلغت أوجها مع أطلاق لجام وحوش حزب الله للقيام بحملة اعدامات طالت عشرات الالاف من التقدميين واليساريين والمعارضين لنظام الجمهورية الاسلامية، وهي الحملة المشهورة باسم 30 خرداد عام 1981.

ولأنه نظام برجوازي معادي للعمال، كانت مقاومة العمال ونضالاتهم ضد الظروف والاوضاع المعيشية الصعبة والبائسة و سلب الحقوق والحريات العمالية مشهود لها على امتداد اكثر من 4 عقود

من جهة اخرى المجتمع من حيث تقاليده ونمط حياته وحضور المرأة والحريات المدنية هو غربي الطراز. ولهذا، فان جماهير ايران هي من اليوم الاول لاستلام الاسلاميين وخميني للسلطة هي في مقاومة عنيدة ولم تتوقف عن مناهضة النظام الذي تعتبره جماهير ايران من الناحية الثقافية كذلك، رقعة هجينة على جسد المجتمع. ولهذا ولد هذا النظام، والاحتجاج والمقاومة ضده هي جزء من اركان هذا المجتمع. حتى ان النظام نفسه رأى في الحرية العراقية –الايرانية فرصة ذهبية ولا تقدر بثمن للإجهاز النهائي على الثورة ولفرض الاستبداد السافر وسحق المعارضة السياسية له وتثبيت اركان نظامه. ولهذا ليس غريبا لن يرى خميني في انهاء الحرب آب 1988 "تجرع سم"! ناهيك عن الاغتيالات وتصفية المعارضة السياسية في داخل ايران وخارجها. ولهذا فانه نظام اجرامي فاشي بكل معنى الكلمة.

ولهذا ليست الاحتجاجات عموما بوجه هذا النظام بجديدة. مثلما قلت انها لم تتوقف اساساً ولكن الاحتجاج الجاري هو شيء اخر يختلف وذو ميزة نوعية عن كل ما سبقته.....

الى الامام: تحدثت عن كون هذه الهبة الجماهيرية تختلف عن سابقاتها الكثيرات، ذات سمة نوعية وزخمها ايضاً مختلف، هل بوسعكم ان توضحوا هذه النقطة أكثر للقارئ؟!

فارس محمود: من الممكن ان اشير لها على عجالة بالتالي:

أتساع الهبة وطابعها الشامل: مثلما ذكرت ان هذه الحركة هي ولحد الان شيء اخر بمعنى ما. حركة احتجاجية عارمة وواسعة شملت اكثر من 130 مدينة وبلدة وفي مقدمتها المدن الكبيرة كطهران ومشهد وسنندج وغيرها، اغلب مدن ايران بغض النظر عن "قومية" و"اثنية" او...، حركة يومية تكون السلطة "بيد" الحكومة في النهار وتغيب مساءا ليسيطر عليها المحتجون. انها حركة اجتماعية، كانت نقطة انطلاقها هي النساء والحركة النسوية ضد مقتل مهسا، لتتحول فوراً الى حركة من أجل "الخلاص الثقافي"، اي من اجل الحريات وفي مقدمتها إلغاء الحجاب وسائر الحريات والحقوق المدنية. حلّت الجماهير النسوية في الميدان بدءاً، وبعدها هبّ طلبة الجامعات والتدريسيون، والان نشهد تدخل الحركة العمالية وفي مقدمتهم عمال البتروكيمياويات والسكر في "هفت تبه" وحتى التهديدات التي اطلقها ويطلقها عمال النفط، عمال النفط الذين أطاحوا بالشاه حين اقفلوا "حنفيات" النفظ عن ارساله الى جنوب افريقيا، وليس رجالات البازار مثلما تتحدث الدعاية الغربية الكاذبة والمخادعة.

مشاركة المرأة الاستثنائي في هذه الحركة: في الحقيقة ان النساء في ايران هن من اضرمن شرارة هذه الهبة الجماهيرية. وشاركن من اليوم الاول ولحد الان بشكل واسع وعظيم في ذلك. وحالهن حال الرجال، تجابهن ودخلن في عراكات كثيرة بوجه شرطة الآداب وقوات البسيج والشغب وغيرها دون اي خوف او مهابة او تردد. ان الوجود الحي للمرأة في مجتمع ايران وجسارتها وشجاعتها وعنفوانها النضالي هو امر مشهود وتاريخي، انه ليس وليدة اليوم. ولهذا ليس بغريب ان يتحدث منصور حكمت عن "ان الثورة المقبلة في ايران قد تكون ثورية نسوية".

الدعم والتأييد العالمي: راينا بأم اعيننا انعكاسات هذ الامر في ارجاء العالم المختلفة. راينا كيف وقفت اغلب برلمانات العالم ضد "اجراءات قمع" الجمهورية الاسلامية ومساندة "للحقوق الاساسية لجماهير ايران"، راينا عشرات النساء في برلمانات العالم يقصون شعرهن تضامناً مع نساء ايران، راينا عشرات التظاهرات في اوروبا والعالم وحتى في بلدان العالم العربي مثل تونس والسودان وغيرها داعمة لجماهير ايران، راينا حتى شخصيات ومشاهير من مثل شاكيرا قد هرعت لتأييد ودعم نضالات نساء ايران، وراينا المنتخب السويدي للفتيات يرفع قميص المنتخب وفيه عبارات دعم لنساء ايران، رأينا وقوف رئيسة بلدية في باريس وقرار البلدية بإطلاق اسم "همسا" على احد شوارع المدينة وغيرها وعشرات الامثلة على ذلك، ناهيك عن ما يجري من دعم في داخل ايران من موسيقيين وفنانين ورياضيين (من ضمنهم شخصيات من مثل علي كريمي وعلي الدائي) يتحدثون بمليء فمهم ضد هذا الظلم والاجرام الممارس على جماهير ايران، ان حجم هذا الدعم والتأييد والمساندة العالمية لا يمكن مقارنتها باي احتجاج اخر او هبة جماهيرية اخرى لجماهير ايران.

الطابع العام والشامل والموحد والانساني للاحتجاجات: ان احد النقاط البارزة في هذه الانتفاضة الجماهيرية هو دخول جماهير ايران قاطبة بغض النظر عن القومية والدين والطائفة والاثنية وغيرها من الهويات التفريقية المخادعة او الكاذبة حول مطالبها. لم يكن لهذه التصنيفات أية مكانة في هذه الحركات. من أجل نيل مكاسب سياسية واجتماعية في كردستان، حاول القوميون الكرد والاحزاب القومية الكردية اللعب على هذا الوتر القومي المتهرئ بإبراز بدءاً "كردية" مهسا الكردية التي قتلت في طهران، او ابراز وتفخيم "كرد"ية مهسا وتأجيج المشاعر والاحاسيس القومية وتحويل القضية الى صراع كردي-فارسي! الا ان هذا المسعى أخفق اخفاقاً ذريعاً من لحظاته الاولى. وهكذا سعى القوميون الاهوازيون العرب، ولم تلق ادعاءاتهم ونداءاتهم اذاناً صاغية وفشلوا!

الطابع المدني والعلماني للحركة: مجتمع ايران مجتمع علماني ومدني وعصري. لم تكن هذه الهبة ذات أي صبغة "اسلامية" او دينية او رجعية. انها حركة بوجه الاسلام السياسي والاسلام كذلك. انها حركة من اجل الاطاحة بحكم الاسلام الذي ممثله في السلطة اليوم هو تيار خامنئي. انها حركة ليست على استعداد للقبول بـ"اسلام معتدل" او غيره من ترهات. كما لم تلق مخاطبة خاتمي، "الاصلاحي"، للحكومة وجناحها "المتشدد" وخامنئي، ودعواته ومطالبته الخاصة بان حان الوقت ان يعيد النظام النظر بمسالة لبس الحجاب وجعلها شخصية، بأية استجابة او استحسان من المحتجين او النساء. فالأمور تعدت هذه القضية، واصبح الهدف هو منازلة هذه السلطة والاطاحة الفورية بها. من المعلوم ان دعوة خاتمي كانت تهدف الى تهدئة التظاهرات وامتصاص نقمة الجماهير الغاضبة على هذا النظام ككل بجناحيه "المتشدد" و"الاصلاحي"!

ولهذا فان طبيعة هذه الهبة ذات سمات تختلف عن سابقتها على اصعدة كثيرة. وهذا ما يدركه جيداً نظام الجمهورية وعبر عنه في اشكال مختلفة سواءً على صعيد تعامله او ردود فعل مسؤوليه.



#فارس_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا لكم -لطفكم-، ولكن لتكف اياديكم عن النساء!
- كيف أطاح نضال المرأة في إيران، بـ-صروح- نظرية بالية؟!
- ما الهدف السياسي وراء ضجيج -عاشوراء والاربعينية- هذا العام؟!
- ان ما يبعث السرور هو وجود هذه الراديكالية العمالية والنسوية ...
- إنه نموذج لانعدام المسؤولية السياسية والأخلاقية!
- صور أفلتت كل هذه العفونة!
- حدود وأهداف حركة التيار الصدري الاخيرة!
- بصدد أهداف -الصلاة الموحدة-
- -قانون تجريم التطبيع-: -عرب وين ... طنبورة وين-!
- تكتيك مفضوح!
- الصراع في أوكرانيا ومهمة الشيوعيين!
- دور أمريكا في خلق هذه الحرب، ليس أقل من الدور الروسي!
- إنها ليست قباحة وزير، وانما قباحة طبقة!
- السعودية و-حجة قرداحي-!
- من فشل لفشل...!
- بصدد ما بعد إعلان نتائج الانتخابات وقرع الولائيين طبول الحرب ...
- أن تكونوا خلف القضبان، هذا ما تتطلع إليه جماهير العراق!
- بصدد خديعة -من تشرين الى تشرين-
- حول مقترح قانون الكاظمي الخاص ب -إعادة التجنيد الإلزامي-!
- -يقاطع!-... -يشارك!-، غدٌ مشرقٌ يبدأ من صفحة أخرى!


المزيد.....




- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- «المحكمة العسكرية» تحبس 62 من أهالي سيناء لمطالبتهم بـ«حق ال ...
- منظمات دولية تدعو السلطات المصرية للإفراج عن أشرف عمر
- متضامنون مع الصيادين في «البرلس» و«عزبة البرج» الممنوعون من ...
- تأييد حكم حبس الطنطاوي وأبو الديار عقابًا على منافسة السيسي ...
- متضامنون مع “رشا عزب”.. لا للتهديدات الأمنية.. لا لترهيب الص ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
- تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل ...
- في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو ...
- التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - فارس محمود - حول سمات هبّة جماهير ايران