عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7402 - 2022 / 10 / 15 - 02:33
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يقول جون جاك روسو" إن البشر في حالة ليسوا لا صالحين ولا أشرارا، إذ لا تجمع بينهم أية علاقة أخلاقية أو واجبات مشتركة"، وهنا يتعارض مع هوبس الذي يعتقد بأن الإنسان الطبيعي شرير بطبعه لأنه لا يمتلك أي فكرة عن الخير والشر مفطور على تحقيق رغباته وتلبية شهواته .
لكن في المقابل يرى جون جاك روسو أن الإنسان بطبيعته بسيط يحب ذاته ويدافع عن مصالحه، وفي نفس الوقت يتعاطف مع الآخرين، فالإنسان شعوريا ووجدانيا، يسعى للاجتماع بغيره من الناس، لأن الناس في حالة الطبيعة خيرون لا يوجد فيهم المكر والخداع وروح العدوان والغدر الذي تحدث عنه هوبس، حيث كان الناس في حياة الطبيعة محكومين بالطبيعة البشرية التي هي ضد الشرور وضد تسلط أحد على أحد، أما الشرور والمفاسد فهي لا تنتمي إلى الطبيعة البشرية بل هي من فعل المدنية والتقدم، وبفضل الملكية الخاصة .
كان الإنسان في مرحلة الطبيعة يتميز بالحرية التي تسمح له بتحقيق كل أهدافه بدون قيد أو شرط يكبل إرادته، حيث يؤكد روسو في كتابه أصل التفاوت بين البشر على " أن أفراد المجتمع قد عاشوا أحرارا وصالحين طالما قنعوا بكوخهم البسيط، واكتفوا بلباس الجلود ثيابا وبالريش زينة ؛ أي طالما لم ينشغلوا إلا بالأعمال التي في مقدور فرد واحد القيام بها، لكن ما أن راودت الإنسان حاجة إلى أن يؤازره أخر حتى اختفت المساواة وظهرت الملكية وغدا العمل ضروريا".
يعصف الاجتماع البشري إذن في نظر روسو بالحياة الخيرة للإنسان ويدخلها في دواليب التدهور والانحطاط ، وفي هذه المرحلة يبدأ التفاوت والاستغلال على اعتبار أن المجتمع والاجتماع يتأسس على المصلحة الخاصة وليس على المصلحة العامة، وبالتالي فإن تضارب المصالح من شأنه أن يِؤدي إلى الصراعات ويسبب في التناقضات.
أدى ظهور الملكية إذن إلى نزوع الجنس البشري نحو التدهور، يقول روسو: " إن أول من سيج أرضا وقال هذا ملك لي، ووجد أناسا يصدقونه كان المؤسس الحقيقي للمجتمع المدني" لكن ليس المجتمع المدني بالمعنى الذي نتداوله حاليا لكن التجمع الإنساني.
يذهب روسو إلى اعتبارا الملكية عامل سلبي في تاريخ الإنسانية إذ أن ملكية الأرض تولد اللامساواة ويؤدي إلى صراع المصالح والاستغلال والعبودية .
والحقيقة أن هذا المقال " أصل التفاوت بين البشر" قد ألهم مجموعة من الباحثين والمفكرين الماركسين للبحث في أصل التفاوت والتمايز الطبقي ذلك أن روسو يدعو ضمني إلى نوع من الملكية الجماعية للأرض وعدم تقسيمها على شكل ملكيات ،ذلك أن التقسيم هو السبب الأساسي في حدوث التفاوت بين البشر .
مما يؤدي إلى حدوث نوع من التلاقي بين روسو والماركسية على مستوى المبادئ العامة ، وذلك في سياق النظر إلى الملكية لوسائل الإنتاج من منظور سياسي تاريخي له تأثير كبير على نوعية العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع الواحد.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟