أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رشيد كرمه - آه نرمين ...آه عراق














المزيد.....

آه نرمين ...آه عراق


رشيد كرمه

الحوار المتمدن-العدد: 1692 - 2006 / 10 / 3 - 07:09
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



كان لخليل الجاف ( * ) رؤى ان زارته وهو بين اليقظة والمنام إبنته الشابة اليافعة الجميلة والمدللة ( نرمين ) وهو في بلاد الغربة مستغيثتا ًبنداء حنون _ بابا _ وما هي إلا لحظات حتى يرن الهاتف من العراق بغداد شارع الكفاح محلة ابو سيفين لينقل نبأ مقتل ( نرمين * *) بطلقٍ ٍ ناري طائش من ميليشيات الإسلام وهي على سطح منزلها أصاب حنجرتها وفارقت الحياة في الحال .
رن هاتفي الجوال وأنا في أوج ساعات العمل بين الحديد والأسمنت قائلا ً وسائلا ً : أهلا ابو علي , خيرا ؟ وبحشرجةٍ بالغة جائني الجواب : لقد ماتت .. وعندما هممت بالسؤال : من هي ؟ ًقال منتحبا ًإنها ( نرمين )....الوحيدة التي حملتها بين ذراعي ,وهي الأقرب لي من بين شقيقاتها الثلاث كانت تجمع لي قصاصات الورق التي أكتب بها عن مكنوناتي وتخبئها , كانت تفتخر بإنها إبنة لعامل متنور وكانت مصرة رغم كل شئ على إكمال تحصيلها العلمي وهاهي تقترب من حلمها في كلية التجارة ..ولكن ؟؟؟؟؟؟
يعيش خليل الجاف مع كافة أحزانه وآلامه بعيدا عن الوطن العراق حيث زوجته وبناته المتطلعات للمستقبل , إحدى بناته حازت في العام الماضي على درجة ماجستير ..وكان يمني النفس بلقائهم ...حتى تحولت الأماني إلى مايشبه السراب ..ناشدني الإهتداء الى وسيلة يؤمن فيها إرسال مبلغ لرسوم الدفن ومجلس الفاتحة في بغداد .....ثم هام لبضعة ليال لم ألتقيه ولم أهتدي الى مكان تواجده كما أنني لم أفلح للوصول اليه عبر الهاتف الجوال ....لقد مَنحته إدارة العمل إجازة لمدة سبعة أيام , خلتها بعد ان إلتقينا سبع سنين عجاف ...لقد إحدودب الرجل وتكشفت مرارة الزمن القاسي على ملامح وجهه وأختلط حديثه مع شهقة وتكتم وبكاء ...
في أول إتصال هاتفي حصل بيننا زرته وبملابس العمل الى حيث يقيم , عانقته وسالت من عيوننا دموع أبوة حارقة لاحول لها ولاقوة يضاعف من ألمها هذا المنفى وهذه الغربة وصمت العالم أزاء الإرهاب وأزاء ما جرى ويجري في العراق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إفترقنا على أمل ان يقيم النادي العراقي في مدينة بوروس مجلس فاتحة لـ ( نرمين ) . خلال البضعة أيام من التحضير لمجلس الفاتحة كنت أرى خليل الجاف دؤوبا ومنشغلا لشئ ما سرعان ماعرفت إنه أفلح في الحصول على مجموعة من الصور وشهادة الوفاة وبعضا من الأوراق , ولقد سلمته كنوع من المؤأساة والمؤازرة والوقفة الأخوية العراقية في مثل هذه المواقف نعى النادي العراقي وتعزية من الحركة النقابية العمالية الديمقراطية فرع يوتبوري وكذلك تعزية منظمة الحزب الشيوعي العراقي /يتبوري .
وزعت اللجان المسؤولة في الهيئة الإدارية بيان النعي وزمان ومكان مجلس الفاتحة
بالإضافة الى التبليغ عبر الهاتف .. وصلتُ الأول الى مقر النادي حيث كان خليل الجاف بإنتظاري حاملا معه كيسا مليئا ً بالشموع والصور , كنت أرقبه وهي يرتب الصور والشموع وكأنما يعد الزينة لزفاف إبنته ( نرمين ) يحاول ترتيب وتنسيق الصور ومساقط الضوء ,الصورة الأجمل على مستوى النظر الصور الأصغر تتناسب هنا , وتلك هناك ... أفردنا منضدتين للصور محاطة بشموع أوقدناها بحسرة ودموع بالغين ونثر النادي العراقي أورادا حمراء قانية على مُحياها . إستبعدنا اللون الأسود كوشاح للصور
سألني ان كنا قد أوصلنا التبليغ عن مجلس الفاتحة للجميع ؟ فأجبته : نعم ..بدأ المطر ينهمر بحيث تسرب بعضا منه الى قاعة النادي .. أسرعنا كلينا لسد المنفذ .توافد البعض وشرعنا نقرأ الفاتحة , غير ان المطر لم يزل ينهمر والشهر رمضان والساعة قاربت الإفطار , كان الجمع المعزي قليلا وهو دون المستوى المتوقع وهذه سلبية تسجل على الجالية العراقية في هذه المدينة _ ولو قدر لي ان أكون مفتيا ً دينيا ً لحسبت حضور التعزية فرضا دينيا ً شأنها شأن الصلاة والصيام _ الوقت المعلن لفترة الفاتحة قد أزف , تشاورت مع زملائي وزميلاتي في الهيئة الإدارية بأن ننهي مراسم الفاتحة حتى يذهب الجميع لحالهم ونبقى نتداول الى ما يجب عمله لنشاط قادم .
إقتربت من خليل الجاف معزيا ومتمنيا بإسمي الشخصي وبإسم النادي العراقي ان تكون هذه الفاجعة آخر آلأحزان وبدأنا لملمة الصور وإطفاء الشموع , ووضعنا الأوراق والصور بعناية في كيس كبير , وسلمناه اليه حيث كان واقفا على بعد خطوة واحدة من مخرج القاعة حيث تقدم الجميع مواسيا ومعزيا وشادا من عضد لمواقف صعبة .. كان الحاج رحمن الى جانبي يتوسطنا خليل الجاف وكاكه آزاد الطلباني ينتظم في صفه الأخ حمه صديق ونهله زهير وزينب كاظم وخلود اورهام ومنال كاظم وفهيمة يعقوب ومنيرة جاويد وام محمد , توجه الينا شاكرا ثم إنفجر بصوت متهدج ماانفك ان تحول الى عويل وبكاء على ( نرمين ) ذو النونة والعيون الواسعة والأحلام الكبيرة قال خليل : لقد حملتها الملائكة الى السماء كما حملت المسيح ,ومسترسلا ببكاء أشد وألم أمضى : أي أرض طيبة ستحتضنك ؟ قالها ووجهه مسمرا بالأرض , مستفهما بوجوم : لم إنصبت اللعنة على العراق ؟ وعلى فقراء العراق وعلى بنات العراق ...أي ذنب إقترفناه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أيه حبيبتي ( نرمين ) أما زلت تفتقدينني ؟ نظر الينا والجميع باكيا وقال انا لا اشك لحظة في ان الله ود ان يحتفظ بها لحلاوتها ودماثة أخلاقها وسمو شرفها ورفعتها .. اللعنة على البعث واللعنة على الإحتلال ومن سببه واللعنة على المليشيات الإسلامية التي حولت أرض العراق الى خراب ....قالها بحرقة مما جعلني أتقدم اليه معانقا وقائلا : أخي خليل ,لا املك إلا الدموع متمنيا لك الصبر والسلوان وفي داخلي صرخة بحجم آلام كل العراقيين ..........آه نرمين ...آه عراق ....

* في ساعة متأخرة من الليل رن هاتفي الجوال وكان على الجانب الآخر _ خليل الجاف _ طالبا مني وبصوت منخفض واهن ان أدون رقم هاتف في العراق مع رجاء بالإتصال والتأكد من خبر مقتل 6 ( ستة ) من عائلته في منطقة الدورة !!!!
ولقد فعلت وكان على الجانب الآخر من بغداد إحدى قريباته التي أفادت بأن الستة بينهم إمرأة قد أختطفوا الى مكان مجهول ..
**نرمين = وتعني بالعربية الندى



#رشيد_كرمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أولية في مشروع برنامج الشيوعيين العراقيين......
- جريمة القرن المتحف العراقي
- ........متابعات وهموم
- نعم..لا بُدَ من حل ولا بُدَ من مخرج
- وللأيام طعم العلقم
- مساهمات جادة في الطريق .......
- موقف وذكرى
- الثامن من آذار يوم إنتصار ألمرأة
- بيان استنكار
- عن النوادي العراقية
- سينما وإبداع ...ولكن في الجانب الآخر!!!!
- سينما ولكن في الجانب الآخر!!!!
- خفقة قلب....لماذا ؟
- يوم بكى الشيخ........
- الغلو في الدين ....من المسؤول عنها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
- القائمة العراقية الوطنية 731
- لابد من ثورة للمثقفين..............
- الإنتخابات العراقية ومبدأية الناخبين..ومن وحي التراث والدين
- التاريخ مسؤولية ولا شك في ذلك مطلقا ً
- إنهم يستهد فون الجياد !!!!!!!


المزيد.....




- أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم ...
- الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
- تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
- بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م ...
- موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو ...
- بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا ...
- شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ ...
- بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت ...
- بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رشيد كرمه - آه نرمين ...آه عراق