نقد الدولة _ دولة النقد ( البحث عن دولة حديثة ناقدة) (٢_٤)

وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 7400 - 2022 / 10 / 13 - 11:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نقد الدولة _ دولة النقد
البحث عن دولة حديثة ناقدة ( ٢_ ٤)

دولة الشورى

استطاع البدوي ان يندمج مع دولة الاسلام الاولي دون نسيان ماضيه القبلي ودون ترسيخ النموذج الجديد المرتبط بالاختيار للحاكم بواسطة " اهل الحل والعقد " ، والحكم بواسطة الشورى " وامرهم شورى بينهم " وضمن مقولة " انتم اعرف بدنياكم " للرسول محمد ، واهل الحل والعقد ليسوا من عامة الناس من جهة وغير منصبين بشكل إلهي من جهة اخرى ، متسامحين مع الاختلاف ومتقبلين للنقد والكشف عن الاخطاء ، ولكن ضمن حدود الجماعة المؤمنة فحسب ، وهنا تكون الغلبة والاستغلال موجودان لدى الامم غير المؤمنة والتي يجب عليها الخضوع او دفع الجزية " عن يد وهم صاغرون " او دخول الاسلام (١١)
ولم تتأسس هذه الدولة دونما وجود صراعات سياسية حيث تخبرنا الروايات التاريخية انه بعد وفاة النبي محمد مباشرة تم الاجتماع في سقيفة بني ساعدة لاختيار من يقود الدولة من جديد .
والصراع كان بين جناحين بارزين في الإسلام احدهما يمثل بعض من المهاجرين من صحابة النبي والقرشيين ، والثاني يمثل بعض من المهاجرين والانصار وعلى رأسهم علي بن أبي طالب ، فكان لابي بكر وعمر وابو عبيدة الدور الكبير في تحريض الأنصار على اختيار الخليفة ضمن المهاجرين ومن صحابة النبي بالتحديد ، حيث كانت الاكثرية مع اختيار الخليفة ابي بكر واهم اسباب انتصار الاول ( المهاجرين ) على الثاني ( الأنصار) يحدده هادي العلوي في كون الشخصية التجارية ( قريش) اكثر سطوة وقدرة على الاقناع والتأثير من الشخصية الزراعية " اهل المدينة " وبالتالي لم تكن بحاجة إلى التنظيم حيث وجود الاكثرية الساحقة مؤيدة لها (١٢)
وما عملته هذه الدولة يكمن في تكملة مشروع النبي محمد في الانتشار العالمي عبر الفتوحات ونشر الاسلام وتقسيم العالم ضمن ثنائية ( دار الايمان _ دار الكفر) فكانت النتيجة غنائم اكثر وازدهار اقتصادي وتقدم سياسي وظهور الاستغلال بين تابع ومتبوع او بين مستغل ومستغل " بفتح العين" كل ذلك ألب الضعفاء والموالي على نهاية هذه الدولة بشكل سريع عبر مقتل الخلفاء الثلاثة (٣) وانقسام الدولة الى دولتين في العراق والشام ليعقبها انتصار دولة القبيلة والملك العضوض ذات الاتجاه الاسري الاكثر استغلالا للجماعتين المؤمنة وغير المؤمنة بعد صراعات وحروب اهلية بين المسلمين انفسهم تلك التي أدت الى مقتل اخر الخلفاء علي بن أبي طالب ، وابرز ما عملته دولة القبيلة خارج اطار الإنتشار الاسلامي هو انها دشنت عصر التدجين " للنص الديني المختلف التأؤيل والفهم وكانت النتيجة انتاج مذاهب فلسفية كالجبرية والمرجئة والمتصوفة وغيرها تمنع المسلم من امتلاك صفات النقد والرفض والتغيير ، فكل ذلك موكول لجهات عليا خارج فضاء البشرية والمجتمع الانساني ، وهكذا مع استمرار نموذج الدولة المتداولة بالعنف والغلبة والاستبداد بشكل تاريخي مزمن بين الاسر الاموية والعباسية والعثمانية وصولا الى الدول الحديثة الملكية والجمهوية اصبحت مساحة النقد اكثر محدودية ليس للنظام السياسي فحسب بل للاخلاق والدين والتربية والتاريخ والمجتمع كانظمة فكر راسخة الجذور تعرضت الى التبديل والتغيير بشكل مستمر واكتسبت صفات مغايرة لشكلها الاولي ولم تتعرض لصفات النقد والدراسة والبحث ضمن حدود النسبي الا في الازمنة الحديثة وبشكل محدود كما بينا في موجز الحداثة والنقد سابقا .

المصادر والهوامش

١_: والتصغير هنا حسب الطبري هو الاذلال لغير المسلمين او بين من هو جالس وبين من هو قائم حيث تشير الاية واسباب نزولها في غزوة تبوك " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون بدين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون " القرآن الكريم ، سورة التوبة ، الاية ٢٩ . الطبري ، جامع البيان في تأويل القرآن ، مؤسسة الرسالة ، الجزء الرابع عشر ، الطبعة الاولى ٢٠٠٠ ، ص ١٩٩ .
٢_ هادي ، العلوي / تجارب التنظيم السري والعمل الحزبي في الإسلام ، مجلة الثقافة الجديدة العدد ، ٢٠٧ ، ١٩٨٧ .
٣_ حول وفاة ابي بكر يختلف الرواة بين من يقول انه مات مسموما ولا نستبعد ذلك وبين من يقول انه مات عن طريق حمى اصابته ولم تمهله طويلا ولمدة خمسة عشر يوما .

#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات