أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - نافورة الحياة














المزيد.....

نافورة الحياة


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7399 - 2022 / 10 / 12 - 20:34
المحور: الادب والفن
    


النظام الخاطئ للحياة يجعل الأيام تتراكم فوق بعضها في رحلةٍ مُبهمة مَعدومةِ الملامح في استعجال قَسْري لأحداث مخلوقة عارضة، وأخرى قدرية تستنفذ كلَّ قدرة وطاقة، لِتُلقي الجُموع الحائرة المُرتَقِبة من البشر الإِنسيِّين في غياهِب المجهول غاطِسين في بحار الحيرة.
لكن أن تعيش مُحبّاً ومحبوباً
هنا يكمن جوهر الوجود، وغائية الحياة في حدود الومضة التي برقت فيها كينونتك ضمن الأرقام اللانهائية لأفراد بني جنسك أولاً،
ثم أشباهك وأقرانك من أجناس أخرى ثانياً،
وممن ترتبط معهم في وحدة الوجود الكبرى المؤلِّفة لممالك الأحياء.
هناك امرأة تهمس في أذنيك، ويداك تربتان على جلدها الناعس.
جسدها الأملس يخفق بنشيج متناغم مع همساتكما الخافتة، وأنتما في غمرات الانتشاء تستمدان من مكنونات الجواهر الباطنة طاقات الخلود.
هي محض لحظة مارقة غير خاضعةٍ لقياس زمن.
لا شأن لك برتابة حياتها اليومية
ولا شأن لها بدنياكما الفانية
فأنتما قَدَرينِ في ومضة لا تتكرر
أن تعيشا كآلهة هكذا دون مُنغِّصات دنيوية.
هذه هي اللعبة الحقيقية في سرِّ التكوين الخالد.
وحين يتسرب الملل إلى دواخل الأنفس وينضب الجوى، لا مناص من التغيير، والانبثاق للكيانات الأسمى التي جَدَّدتها آلهة الجمال في بوتقة العشق الأكبر.
فأنتما لستما أبديان في الدنيا الواسعة العريضة التي يرتقبها الفناء الأكيد، بل ومضتان تبرقان لرمشة عين الوجود متعاليتان ساميتان تحتويان كل خفايا السر الأعظم، ثم تنطفئان فجأة عندما يجفُّ ماء الحياة.
لا تُقتل نافورة الحياة ويوأد استمرارها ونموها ويحيلها إلى مأساة طويلة ممتدة سوى الدوغمائية التي تعمي البصيرة، وتُغَيِّب العقل، وتشطح بمنظومة الأخلاق، وتُنَصِّب شيوخ المتزمتين ليتسلطوا على رقاب البشر دون تفويض أعلى.
فحرية الفرد السامية؛ هي عنوان الخَلق الأعظم ستنبذها الشياطين الرجيمة وتلقيها في أتون القِيَم المُنبطحة على مذبح الجمع المهووس ببقايا الفضيلة.
أما استحقاقات الفرد الفعلي في الحياة الكريمة فقد طُمست معالمها من أجل مبادئ الأمة والجماعة، وحدود مرسومة لوطنٍ ضبابِيِّ الملامح، وجغرافية أرض مستباحة للجميع، ولمن يقدر أن يستغل ثرواتها ويعمِّرها كوطن للأسياد، لا للعبيد الكسالى الخانعين الذين لا يُجيدون سوى النوم والتثاؤب، ويندبون حظوظهم العاثرة كلما سلب وطن، طالبين العون متوسلين من قوى لم تزرع في نفوسهم سوى جحيم الموت بعيداً عن الانصهار في خفايا الحياة واستنهاض أسرارها.
لكي يكتمل وجودك وترتقي لابد أن تكون فرداً حراً سامياً أولاً، لا أن تتركز فقط في بؤرة ضيقة ممحية الملامح وتتشتت، عندها ستتبعثر ذاتك وتضمحل بين جموع الأفراد بكتل لا يجمعهم جامع سوى منطق السلع والدينار، وهي اللغة المألوفة المهيمنة على المسارات العرجاء لتخلف الأحياء.
كانت تتقدم بمشحوفها المغزلي وهو يمخر عباب المياه بعتمتها الخضراء الداكنة. انكسارات ضوء القمر تتراقص على صفحة الهور كلما ضربت لُجّة الماء بمجذافها الخشبي لتدفع القارب الصغير إلى الأمام.
كان ينتظرها منذ أن علا قرص القمر أعذاق النخيل الممتدة نحو الأفق. بعض البرودة الناعمة سرت في أوصاله وهو يحلم بدفء قريب سينقله إلى عوالم كالكامش وعشبة الخلود. فالدقائق القادمة الفاصلة سيعيشا فيها لحظة سمو وارتقاء فوق كل الأنماط المألوفة ويتحرران تماما من كل شيء كما بُعثا أول مرة في شهقة الحياة الأولى.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موظفة الاستقبال
- عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)
- فانتازيا الزمن
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء
- أبناءُ السماء
- أفق الحدث
- الأصابع البيضاء
- العاملة الصغيرة
- مخروط الزمن
- لا يفقهون تسبيحاً
- ومضة الحياة
- توأما السماء
- العقل الأعزل
- الفَيلسوفة الرّاقِصة


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - نافورة الحياة