أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - طلال الشريف - مسكين هذا الإنسان تحمله الرياح من مكان وتسقطه في مكان جديد














المزيد.....

مسكين هذا الإنسان تحمله الرياح من مكان وتسقطه في مكان جديد


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 7397 - 2022 / 10 / 10 - 13:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تعبيرات جديدة يكتبها إنسان الرقميات على مسطحات التواصل كلافتات أو خواطر او شكوى وغالبا بكائيات بعد استهلاك كل أنواع النقد الناعم أو العنيف لأنظمة الحكم أولا وباقي شرائح وسلوكيات الإنسان الآخر .. هل هو أدب جديد؟
شدني تعليق أو بوست يقول كاتبه:
" الله يرحمك ياوالدى
والله انو اشتقنا لك "
في عصرنا الجاف بالمشاعر حتى تخيل الرجل بأنه مجرد وقت وسيلتقي بوالده بعد اشتياق.
قمة الإنسانية وتعبير فعلي وحقيقي باح به الرجل في لحظة تجلي كأننا سنبقى احياء لعودة الغائب بالموت لنلتقيه ونسي صاحبنا أن الأموات لا يعودون بكل تأكيد بل نحن من نذهب إليهم.

حين يعبر الرقميون على الرقميات بمقتضب الكلام ويجبرون على التماشي مع منظومات النشر لتواكب نمط التلقي السريع الذي أصبح مزاجا للمتصفحين يحكم على البوست أو التغريدة بالقراءة أو الإهمال أذا طال الكلام هو نوع من أدب التواصل المستحدث مع كثافة النشر وتدفق المشاركات التي تميز رقميات الرقميون في هذا العصر ..

الرقميون هم نحن جميعا أو بغالبية عظمى عظمى تكاد لا تبقي إلا شذرا من متوقف عن مواكبة العصر أو حشاش اجتماعي بطيء الحركة والفكرة يرى نقطة المار نهر أو بحر فيرى أن مقالا ولو متوسط الحجم فقراءته درب من المستحيل ولماذا يضيع وقته ففي هذا الوقت لقراءة مقال يمكنه الاطلاع على ألف بوست رقمي مختصر أو تغريدة أو صورة او مقطع فيديو أبو دقيقة، ولذلك أصبح مقالا من عشرين سطرا في عصر الرقميات يمثل رواية من الحجم الكبير بتاع زمان .. مقال يعرض قضية كبرى في خمسة أسطر ويحللها في خمسة أسطر ويصل لعقدتها وتحدياتها في خمسة أسطر ويقدم الحل في خمسة أسطر يعتبر اليوم بمثابة رواية من القطع الكبير لديستوفيسكي، فروح إنسان الرقميات قد قصرت وأصبحت تلك صفة لصيقة لإنسان عصرنا، فكيف تريد من متلقي الرقميات هذا الإنسان الجديد المتسرع أو المتسارع أن يتفرغ ربع ساعة أو حتى خمس دقائق لقراءة المقال، فالصفة السائدة لإنسان الرقميات هي التعجل والسرعة البرقية للاطلاع حتى لو كان هذا الانسان متقاعدا وليس لديه عمل أو إلتزام بمهمة، فهو أصبح مثل الرقميات نفسها سريع جدا والأثر المتبقي لديه لا يتجاوز تنقله بين الصفحات التي تأتي بالجديد ليس يوميا كصحف الماضي بل هو سيل متدفق من الأحداث والمشاركات لا يمكن لأي إنسان قديم الفكر والطبع أن يلم بأحداث يوم كامل وأحيانا كثيرة بأحداث ساعة واحدة حروب كبيرة جدا واحداث كبيرة جدا لا يتوقف الرقميون عندها أكثر من ثواني أو دقائق ..

لم يعد الأدب أدب ولا السياسة سياسة ولا الاقتصاد إقتصادا ولا الاختراعات ولا المنتجات ولا أي نوع من التخصصات مفصولا عن الآخر فالعلوم والأدب والفلسفة والسياسة هي خلطة واحدة تقذف في عين المتصفح وعقله كعلم واحد دون تفريق، رقص وطبل وغناء وجربمة وحرب وسياسة وتجارة وجنس ودين وشعر وأفراح وتهاني وتعازي وشتائم وتكفير وتخوين ودعارة وشحدة ونصب واحتيال ورياضة وألغاز وطبايخ وحلويات وعنف وقتل وجمعات مباركة وجمعات طيبة وخداع بصري وخداع فكري وسحر وشعوذة، كل ذلك في جرعة أو كبسولة واحدة ترفع الضغط وتخفضه وتتلاعب به في جلسة واحدة بلا رحمة ولا توقف للعقل للاستراحة، هذا ما يجتاحنا الآن والمتلقي لايستطيع النوم فمحاولة النوم أصبحت متعذرة وأن غفت العيون تصحو الجفون جافة والتوتر مستمر في حال الإغفاء أو الصحو ..

إنه عصر النكد المكثف، والجنس المكثف، والحرب المكثفة، والاعلام المكثف، والسياسة المكثفة، والشكوى المكثفة، والاحتياج المكثف، والاشتباك الداخلي والخارجي المكثف ..

إنه عصر التكثيف المراوغ والمخادع .. إنه عصر مسطحات أدب الرقميات حيث عاد مصطلح أدب يحتوي كل مناحي الحياة والعلوم بمعنى حياة الناس ، عادت كل علومها ومناحي الحياة لتصب في قوقعة الأدب كجامع لها وانتهت تقسيمات عصور ما قبل الرقميات الكاذبة التي تم تقسيمها إلى تخصصات وفروع وعلوم قبل عصر الرقميات .. الأدب في الأصل ليس النصوص تعكس حياة وأفكار وابداع وثقافة الانسان بل هو كل الحياة الحياة

إنه أدب حياة مكثف .. كل شيء عاد واندمج مع باقي أجزائه في حياتنا وأصبح الإنسان متشابها في كل شيء والمتبقي فقط هو اختلاف الأديان، ولا غرابة ولا عجب إن ظهر نبي لهذا العصر الجديد ليبلغ البشر برسالة جديدة كما حدث في كل العصور رغم اغلاق هذا الباب بختمة النبي محمد ..

مسكين هذا الإنسان تحمله الرياح من مكان وتسقطه في مكان جديد تماما كما الأمطار حين تهب الرياح من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض محملة ببخار الماء وعندما تصطدم بمناطق ضغط منخفض فإنها تسقط حمولتها على شكل أمطار ... هكذا هذا الإنسان المسكين تحمله الرياح ويتصور أنه السيد والقائد والعارف لكل شيء.



#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الإنسان أجمل ما الكون ؟
- فانتازيا الحرب العالمية الثالثة
- خطأ بنيوي تاريخي في قيام الأحزاب والفصائل الفلسطينية تسبب في ...
- التفكيكية السياسية
- خطاب الرئيس عباس
- لماذا تريد حماس السلطة
- تحيا مصر والقطري هو من زار مصر أولا
- من حق المواطن نقد الجميع خالد مشعل وحسين الشيخ وغيرهم
- السياسي المحترف والغطاس المغامر
- الفلسطيني من استراتيجية الكهف والسرداب إلى إستراتيجية القوقع ...
- حماس وعباس لا تنتقدوا ولا تعايروا بعض
- بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني دبرها يا مستر دل
- دولة - الأسكارس -
- تقود القائد - س-
- فهم طبيعة الصراع ضرورة لازمة
- حماس وأخواتها والحروب بالوكالة
- مال فلسطين لفلسطين وشعبها
- حماس ستقرر من هو الرئيس الفلسطيني القادم
- بقايا
- خطر كبير في الضفة الغربية


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - طلال الشريف - مسكين هذا الإنسان تحمله الرياح من مكان وتسقطه في مكان جديد