|
عندما يصبح الجميع ملائكة إلا مصر !!
أحمد فاروق عباس
الحوار المتمدن-العدد: 7396 - 2022 / 10 / 9 - 00:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصر تكاد تكون هى الدولة العربية الوحيدة التى يجمع الكل على النيل منها ، سواء من أبناءها أو من أبناء الدول العربية الأخرى ، وحتى عندما تكون مصر مخطئة ، ويكون الآخرون مخطئون مثلها ، تنسى فورا أخطاء الآخرين أو يتم تجاهلها ، ويصبح الخطأ المصرى فقط هو مركز الاضواء ..
ومناسبة هذا الكلام هو برنامج كنت استمع إليه على اليوتيوب ، ولكاتب احبه واقدره جدا ، وكان الحديث عن حرب الخليج الثانية ( حرب تحرير الكويت ) .. ولم يلفت نظر المتحدث سوى موقف مصر !!
وهو موقف متكرر ، وله أمثلته العديدة ، وقد اخترت الأمثلة التى ارى ان السياسة المصرية أخطأت فيها ، لئلا اتهم بأننى ادافع بالحق وبالباطل ، أو اننى " أطبل " لبلدى بألفاظ هذه الأيام العجيبة ..
١ - يتذكر الجميع خطأ السادات فى بداية حرب أكتوبر وخطابه إلى كيسنجر بعدم توسيع مدى الاشتباكات ، بينما يتناسون أن تطوير الهجوم يوم ١٤ أكتوبر لتخفيف الضغط عن سوريا اتخذ بقرار من الرئيس السادات نفسه ، وضد رغبة قواد جيشه وأولهم الفريق الشاذلى ، وهو الهجوم الذى كلف مصر غاليا في الأفراد والمعدات ، وهو نفسه الذى نتجت عنه الثغرة ، والتى سمحت لإسرائيل فيما بعد بادعاء انتصارها في الحرب أو على الأقل عدم هزيمتها !!
لقد كانت نجدة مصر لسوريا بدون استعداد كاف ، وتطوير الهجوم إلى المضايق وبعيدا عن حماية حائط الصواريخ المصرى هو ما سمح للأقمار الصناعية الأمريكية بملاحظة وجود ثغرة بين الجيشين الثانى والثالث ، وبسرعة أرسلت المعلومات المهمة لإسرائيل التى قامت باستغلال الأمر كما هو معروف .. نسى ذلك وأصبح السادات هو الخائن ، الذى طعن الصديق في ظهره !!
٢ - يتذكر الجميع خطأ الرئيس عبد الناصر فى حرب ١٩٦٧ ، وينسى الجميع أن سبب الحرب ما قيل عن وجود حشود إسرائيلية على الحدود مع سوريا ، وإن النظام المغامر الذى كان يحكم فى دمشق وقتها حاول مرارا من منتصف ١٩٦٦ جر رجل مصر إلى حرب مع إسرائيل لم يكن زمانها ولا مكانها مناسبا لمصر ، ينسى الجميع ما نشر فيما بعد أن أحد أجنحة حزب البعث الحاكم وقتها - ومازال - فى سوريا كان على علاقة بالمخابرات البريطانية ، وهى ما اوحت إليه بتسخين ألاوضاع وتسخين خطابه ضد عبد الناصر ، ووقع عبد الناصر فى الفخ المعد له بعناية ، وحمل هو الهزيمة كلها ، ونسى ما فعله الحكم في سوريا !!
٣ - لا يتذكر أحد وقوف سوريا ( العربية ) مع إيران في حربها ضد العراق العربى ، ولا يتذكر أحد وقوف ليبيا ( العربية ) مع إيران في حربها ضد العراق العربى ، بينما وقفت مصر ( العربية ) وقتها مع العراق العربى .. لم يقل أحد وقتها أو الآن أن سوريا وليبيا طعنتا العروبة طعنة شديدة بوقوفهما ضد بلد عربى مهم فى حربه مع بلد غير عربى ..
وحتى لو كان صدام حسين مخطئا - ولقد توفرت أدلة كثيرة الان أن نظام الخومينى الدينى هو من سعى لتفتيت وحدة العراق بنداءه للشيعة في العراق بالثورة - فقد كان بإمكان سوريا وليبيا الوقوف على الحياد ، والسعى للصلح بين بلدين جارين ، لكن كان الانحياز لإيران واضحاً في موقف البلدين ..
مع أن سوريا وليبيا كانتا أشد الأصوات مناداة بالوحدة العربية ، وحزب البعث العربى يعتبر نفسه هو حزب الطليعة العربية المنادية بالوحدة والإخاء العربى ..
لم يتكلم عن ذلك أحد وقتها ، ثم نسى كل شئ بعدها ، وغسلت دول وأنظمة حاكمة سمعتها وبقيت السمعة السيئة من نصيب مصر فقط !!
٤ - ينتقد دائما موقف مصر وحسنى مبارك من غزو العراق للكويت ، وينسون أن كل الدول العربية أدانت الغزو وليس مصر فقط ، وينسون أن الجيش السورى والمغربي وجيوش بلدان عربية كثيرة شاركت أيضا في التحالف الذى قادته أمريكا لطرد العراق من الكويت ، وليس فقط الجيش المصري !!
٥ - لقد أخطأ السادات - من وجهة نظر كثيرين - فى مفاوضات الصلح مع إسرائيل ، ولكن ألم يفعلها قبله بثلاثين سنة الملك عبد الله بن الحسين ملك الاردن عام ١٩٤٨ ، ومفاوضاته مع موشيه شاريت وجولدا مائير ووايزمان معروفة ومشهورة ؟ الم ينادى الحبيب بورقيبة رئيس تونس علنا فى ١٩٦٥ بالصلح والسلام مع إسرائيل ، وكان ذلك سبب القطيعة ثم التلاسن المشهور بينه وبين عبد الناصر ؟! الم تكن للملك الحسن الثانى ملك المغرب اتصالات وزيارات مع مسئولين إسرائيليين قبل صلح مصر مع إسرائيل بسنوات وسنوات ..
مرة ثانية .. ليس قصدى تبرئة مصر وتخطئة الآخرين .. ولكن أردت القول أنه حتى بفرض أن مصر أخطأت في هذا الموقف أو ذاك ، فالاخرين أيضا اخطأوا قبلها ، وربما أكبر منها ..
ربما يقول قائل أن مصر هى أكبر الدول العربية ، وخطأها لا يقاس بغيرها ، وهو قول فى مجمله صحيح ، ولكن ينسى من يقل ذلك أن مصر ليست دولة عظمى ، فلمصر مشاكلها ومصاعبها الهائلة ، الاقتصادية والاجتماعية وغيرها ، ومصر خرجت من عصر الاستعمار كغيرها منذ نصف قرن فقط ، وهى حاولت وتحاول المساعدة فى حدود طاقتها ، وأحيانا فوق طاقتها ..
وحتى عندما جاء عصر البترول كان من حسن الحظ أن أدرك ذلك دول عربية عديدة استفادت غنى وتطورا ، ولكن كان من سوء الحظ أن مصر لم يكن لها نصيب من تلك السلعة شديدة الأهمية ، بينما سبقتها أخواتها العربيات فى الغنى والثروة ..
ويتذكر الجميع أن ما مكن روسيا - وهى دولة عظمى بمقاييس السلاح - من الصمود أمام الضغط والحصار الاقتصادى الغربى الهائل عليها هو اكتفاءها ذاتيا من البترول والغاز والغذاء والسلاح ، ولولا ذلك لكان استسلام روسيا لضغوط الغرب مسألة وقت ليس إلا ..
وروسيا فى النهاية دولة بحجم قارة كاملة ، ولديها موارد طبيعية لا تنتهى ، والأهم أنها لم تعرف عصر الاستعمار ، ولم يستنزفها أو ينهبها أحد ..
لكن مصر دولة بلا موارد طبيعية تقريبا ، فليس لديها بترول ولا لديها معادن نادرة ، وأرضها الصالحة للزراعة لا تكفى غذاء ربع شعبها ، وزيادة أراض جديدة للزراعة يقف دونه حصتها المحدودة من مياه تأتى من خارج حدودها ..
وحتى وقت قريب كان الأنجليز يحتلون مصر وينهبون خيرها إلى لندن ، وقبلهم كان هنا الأتراك ينهبون خيرها إلى الاستانة العلية !!
مصر تحتاج من العرب إلى التفهم قبل الانتقاد ، وإلى التعاطف قبل الغضب ، فكما قال شوقى منذ مائة عام .. كلنا في الهم شرق .
#أحمد_فاروق_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
6 أكتوبر 1973
-
المعارضة أم التأييد .. أيهما أكثر إفادة ؟!
-
إغلاق إذاعة لندن .. وذكريات لا تنسى .
-
الحرب بين العصور
-
متى يتعلم المعارضون المعارضة ؟!
-
هجوم الخريف المعتاد .. لماذا نسى هذا العام ؟!
-
وفاة القرضاوى
-
الغزو الوهابى لمصر .. أم الغزو الإخوانى للسعودية ؟!
-
رجل من الماضى
-
فى ذكرى وفاته .. هل كان مجئ عبد الناصر ضرورياً ؟
-
هل هو حقا يمين متطرف ؟!
-
النقاب
-
جوانب سياسية فى قضايا دينية ( تعديل لبعض أخطاء المقال )
-
جوانب سياسية فى قضايا دينية
-
لماذا يختلف دور الجيوش فى الشرق عن الغرب ؟
-
أين يوجد موقف الدولة الصحيح من الدين ؟
-
الأحزاب الشيوعية ..
-
الهوية الوطنية .. ماذا بقى منها ؟
-
عواطف المسئول السياسى وعقله .. سوريا نموذجاً
-
المستشفى
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|