أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - دراسة منهجية للقرآن - الفصل العاشر - قصص القرآن















المزيد.....



دراسة منهجية للقرآن - الفصل العاشر - قصص القرآن


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 7395 - 2022 / 10 / 8 - 10:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


القرآن ملئ بقصص، بعضها أساطير من ثقافات أخرى، وبعضها خرافة لا وجود لها. والقرآن يقول لمحمد (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ) هود 100). مؤلف القرآن في العادة لا يذكر تاريخ أو مكان حدوث القصة. فلنبدأ بقصة أهل الكهف. القرآن يقول:
(أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا. إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا ائتنا من لدنك وهيئ لنا من أمرنا رشدا. فضربنا على آذانهم في الكهف سنينَ عددا. ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا. نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى. وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاً شططا. هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهةٍ لولا يأتون عليهم بسلطان بيّنٍ فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا.) (الكهف 9 – 15).
هذه مقدمة القصة وبها عدة أخطاء أو كلمات مبهمة. لا أحد يعرف معنى الرقيم. يقول الطبري إن الرقيم تعني اللوح باللغة الحبشية. القرآن لا يوضح لنا علاقة اللوح بهذه القصة، أو لماذا اختار أن يخاطب العرب بلغة الحبشة. القصة التي نقل منها محمد لا تذكر أي لوح، ومحمد لم يذكر اللوح بعد ذلك. وكذلك لا نعرف معنى "وضربنا على آذانهم سنين عددا". فهل حجب عنهم السمع فناموا، وهل كل من يفقد السمع ينام عدة سنوات؟ أم ضرب على آذانهم فماتوا؟
(وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوةٍ منه ذلك من آيات الله من يهدي الله فهو المهتدِ ومن يضلل لن تجد له ولياً مرشدا. وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعبا) (الكهف 17 – 18).
نفهم من هذا الطرح أن الكهف كان بابه متجها شمال شرق بحيث تكون الشمس عن يمين المدخل إذا أشرقت، وعن شماله إذا غربت. وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود. فهل كانوا نائمين وهم رقود أم كانوا يقظين أم ميتين؟ الجُمل المذكورة لا توضح لنا. لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعبا. لماذا يفر المرء منهم وهم نيام، وإله القرآن يقلّبهم يمينا ويساراً؟ لا شك ان الإنسان الذي يراهم يحسبهم نياماً، فلماذا يفر منهم رعبا
(وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائلٌ منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاماً فليأتكم برزقٍ منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا) (الكهف 19 – 20). فابعثوا أحدكم بورقكم هذه، هذه أكبر هفوة في قصة الكهف إذ حدثت القصة التي استقى منها الجميع في القرن الرابع الميلادي أيام حكم الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس Theodosius الذي كان بعد قسطنطين العظيم الذي جعل المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية. وقد حكم قسطنطين بين عامي 306 و337م. وأول عملة ورقية ظهرت في ستوكهولم بالسويد عام 1660م. فلا نعلم ماذا قصد مؤلف القرآن عندما قال "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه".
(سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمارِ فيهم إلا مراءً ظاهراً ولا تستفت فيهم منهم أحداً) (الكهف 22)
فما الغرض من هذه الآية؟ إذا كان إله القرآن يعرف عددهم، لماذا لم يقل لمحمد إن الذين قبلك كانوا مخطئين، وعدد هؤلاء الشباب كان سبعة، بدل كل هذا اللف والدوران؟ ثم لماذا يقول له لا تمار فيهم إلا مراءً ظاهراً؟ والمراء هو الجدال. فهو يقول له لا تجادل اهل الكتاب في عدد صبية الكهف خوفاً من أن يكون أهل الكتاب على علم بعددهم.
أما القصة الأصلية التي أخذ عنها عدة أمم، فقد ظهرت في الإمبراطورية الرومانية الشرقية في القسطنطينية، وغالباً لم تكن قصة حقيقية إنما قام بتأليفها رجال متحمسون للمسيحية التي لم تكن قد استتبت في الإمبراطورية الرومانية. وتزعم القصة أن سبعة شبان من عوائل غنية قد اعتنقوا المسيحية بينما كان الإمبراطور ثيودوسيوس ما زال يعبد آلهة الرومان وقد أمر رعاياه بذبح القربان للآلهة. هرب هؤلاء الشباب السبعة ودخلوا في غار في مدينة أفسوس في تركيا الحالية. وأماتهم الله ولم يكن معهم كلب كما في الرواية القرآنية. وتصادف أن مر راعي بالقرب من الكهف واكتشف النيام السبعة الذين أحياهم الله في ذلك الوقت. وانتشر خبرهم في المدينة وسمع بهم الإمبراطور الذي جاء بعد ثيودوسوس وكانت المسيحية قد انتشرت في ذلك الوقت. وعندما جاء الإمبراطور ورجال الكنيسة ليروا المعجزة، كان الله قد أماتهم ثانيةً، فبنوا حائطاً عند مدخل الكهف وتركوهم في نومهم .
وهناك قصة مماثلة في الثقافة اليونانية كما في الكنيسة الشرقية. وكانت الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بعيد فتية أفسوس في يوليو من كل عام كما تحتفل الكنيسة الشرقية بهم في أكتوبر.
قصة موسى والنبي الخضر
كل قصص موسى في القرآن قصص من أساطير العبرانيين ولا دليل عليها لا في المنحوتات المصرية ولا في الحفريات التي قام بها علماء الآثار في إسرائيل على مدى خمسين عاماً من العمل الدؤوب. وما انشقاق البحر وخروج بني إسرائيل من مصر إلا واحدة من هذه الأساطير. أما قصة النبي الخضر فربما أخذها مؤلف الأسطورة من قصة النبي إليا العبراني، الذي أوكل الله إليه المطر، فكان يأمرها أن تهطل وأن تتوقف. وكان الإله يهوه يستجيب لكل طلباته.
تبدأ قصة موسى وفتاه في سورة الكهف بالآتي: (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حُقبا. فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا. فلما جاوزا قال لفتاه إئتنا غدانا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال أرأيت إذ آوينا إلى الصخرةِ فإني نسيت الحوت وما أنسانيه ألا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا. قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا.) (الكهف 60 – 64).
قال موسى لفتاه "لن أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين". موسى كان في منطقة جنوب الأردن وصحراء سينا. فأقرب مجمع بحرين بالنسبة له هو ملتقى خليج العقبة بخليج السويس، وما بينهما صحراء قاحلة. فموسى كان قد واعد ربه في منطقة جبل سيناء أربعين ليلةً، ولما رجع لقومه وجد أنهم قد صنعوا عجلاً فغضب وكسر الألواح، وكان قومه في حالة جوع وعطش، وطلبوا منه أن ينزل الله لهم مائدة من السماء. فهل ترك موسى قومه في هذه الحالة وخرج إلى ملتقى الخليجين ليبحث عن الحكمة؟ فالهدف من الرحلة كان أن يصلا مجمع البحرين. (فلما بلغا مجمع ما بينهما) وهو الهدف من الرحلة، (نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا). بعد رحلة شاقة في الصحراء، يحمل فتاه سمكاً لا بد أنه سمك ميت ومجفف، اتخذ هذا السمك طريقه للبحر. أكيد أن العقل لا يقبل هذا الطرح حتى وإن كان المقصود منه معجزة. فالسمك الميت المملح يستحيل أن يتحرك ويتخذ طريقه للبحر. وحتى لو كان المقصود منها معجزة، ما الفائدة منها وموسى لم يشهد المعجزة ولا فتاه قد شهدها. فالفتى نسي السمك ولم يتذكره إلا عندما طلب موسى غداءه.
(فلما جاوزا قال لفتاه إئتنا غدانا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا). هما أصلاً كانا قد وصلا مجمع البحرين، الذي هو الهدف من الرحلة. لكن القرآن يقول لنا: لما جاوزا مجمع البحرين طلب موسى غداءه، فقال له فتاه: أتذكر لما جلسنا عند الصخرة ونسيت الحوت وأنسانيه الشيطان فاتخذ سبيله في البحر. كيف عرف فتاه أن السمك قد اتخذ طريقه في البحر، وهو كان قد نسيه؟ فلو رآه يتخذ سبيله في البحر لأخبر موسى حتى يصطاد سمكاً غيره. على العموم توكل موسى على يهوه ورجعا إلى مجمع البحرين. وفي طريقهما إلى مجمع البحرين:
(لقيا عبداً من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلمناه من لدنا علماً. قال له موسى هل اتبعك على أن تعلمنِ مما عُلمت رُشدا. قال إنك لن تستطيع معي صبراً. وكيف تصبر على مالم تُحط به خبراً. قال ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً. قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أُحدث لك منه ذكراً. فانطلقا حتى ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً. قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عُسراً. فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله قال أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نُكراً. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً. قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عُذراً. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قريةٍ استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقاماه قال لو شئت لاتخذت عليه أجراً. قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً. أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملكٌ يأخذ كل سفينةٍ غصباً. وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكُفرا. فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاةً وأقرب رُحما. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمةً من ربك.) (الكهف 65- 82).
سذاجة الطرح هنا تشيء ببشرية القصة. موسى قابل هذا الرجل الذي علمه الله علماً. فتركا غلام موسى وركبا سفينة الصيد، ودون أن يشرح لأصحابها أو يستشيرهم خرق السفينة ليعيبها حتى لا يأخذها الملك غصباً. أحد شيئين لا بد أن يحدث هنا: إما أن تغرق السفينة بمن فيها، وإما أن تستمر في رحلتها فيأخذها الملك غصباً ويصلح الخرق. أما قوله إن السفينة كانت لمساكين، فكل صيادي الأسماك مساكين، خاصة في مجتمع ما قبل الميلاد. وكونهم امتلكوا سفينةً في ذلك الوقت فهذا يدل على انهم كانوا أحسن حالاً من بقية الصيادين، ولم يكونوا مساكيناً
أما الغلام الذي قتله في الشارع، فلا تبرير له منطقياً ولا أخلاقياً. أن يقتل طفلاً بشبهة أنه لما يكبر سوف يرهق والديه المؤمنين، فيعجز العقل أن يفهم هذا المنطق. الطفل لم يبلغ الرشد بعد وهو غير مكلّف دينياً. أما أن يقتله باعتبار ما سوف يكون، فأمر غير مفهوم رغم أم المؤمن قد يقول إن الله علمَ أنه سوف يكون كافراً. لماذا لا يشاء الله أن يهديه وهو يقول (إن الله يهدي من يشاء). ثم ما هو الإرهاق الذي سوف يسببه لوالديه عندما يكبر؟ فهو قد يدعوهما إلى الكفر، ولكن الله هو المتحكم في من يؤمن ومن يكفر. فلو أراد الله لهما أن يستمرا في إيمانهما فلن يستطيع ابنهما أن يغيّر معتقدهم. فلا أجد أي تبرير أخلاقياً ولا دينياً يبرر قتل الطفل باعتبار ما سوف يكون، وهذا يعني أن الطفل مجرد من إرادته عندما يكبر، فقد يختار أن يؤمن مثل والديه، وإن اختار أن يكفر، فالقرآن يقول (من شاء فليومن ومن شاء فليكفر).
أما الحدث الثالث وهو إقامة الجدار الذي كان مائلا وكاد أن يسقط وتحته كنز للأطفال، فقد كان بإمكان الله إذا أراد للجدار ألا يسقط، كان بإمكانه أن يقول له كن مستقيما، فيكون. فالقرآن يقول (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (النحل 40). خاصة إذا عرفنا أن أهل القرية رفضوا أن يطعموا موسى والرجل الحكيم. وهذا حدث في مجتمع ما قبل الميلاد، أي حوالي عام 1200 قبل الميلاد عندما خرج موسى ببني إسرائيل من مصر. والمجتمعات وقتها كانت مجتمعات كل شيء فيها مشاع، خاصة الأكل والشرب. يقول الدكتور علي الوردي في كتابه ––مهزلة العقل البشري، ص 32 - أن هذه المجتمعات البدوية كانت مشاعة، وكانوا يجوعون مع بعض ويشبعون مع بعض. فليس من المعقول أن تكون القرية قد رفضت أن تطعم موسى والخضر. فالقصة كلها يبدو أنه نسجها خيال بدوي يجهل كيف تسير الحياة في الواقع.
أما قصة موسى الأخرى عن خروج بني إسرائيل من مصر وانشقاق البحر الأحمر، فحدّث ولا حرج.
موسى تربى في قصر فرعون إلى أن بلغ رشده، ومن المحتمل جداً أنه كان ينظر إلى فرعون كوالده. وفي يوم من الأيام وهو يتجول في المدينة رأى اثنين يتشاجران، أحدهما من بني إسرائيل والأخر مصري. فوكز المصري وقتله. ثم هرب إلى أرض مدين في الأردن. فإذا عرفنا أن عاصمة الفرعون في حوالي عام 1200 قبل الميلاد كانت "طيبة" وهي الأقصر حالياً، فكيف وصل موسى إلى الأردن؟ لا بد أنه سار بمحاذاة النيل حتى وصل آخر نقطة في خليج السويس، ثم استدار يميناً ودخل صحراء سينا ثم دخل الأردن. فقناة السويس لم تكن موجودة وقتها، ولم يذكر القرآن ولا التوراة أن موسى شقّ البحر الأحمر في تلك الرحلة إلى مدين. ثم عاد من مدين إلى مصر بنفس الطريق دون أن يشق البحر الأحمر.
العهد القديم يخبرنا أن موسى أخذ معه 600 ألف رجل، غير النساء والأطفال والحيوانات. وإذا علمنا أن عرض البحر الأحمر حوالي مائة وتسعين ميلاً وعمقه عشرة ألف قدم، فكم يوماً استغرق بنو إسرائيل ليعبروا البحر الأحمر، وهم حوالي مليون شخص ومعهم حيواناتهم وأغراضهم الشخصية، ونساء ورجال كبار في السن وبطيء الحركة؟ وإذا تذكرنا أن هذا العدد الهائل من الناس والحيوانات، يحتاج وقتا طويلاً ليأكل ويشرب، ووقتاً لقضاء الحاجة، مع ملاحظة أنه لا يوجد مكان يختبيء فيه الرجل أو المرأة لقضاء الحاجة. ومع كل هذه الصعاب، لو فرضنا أنهم ساروا عشرين ميلاً في اليوم، فقد احتاجوا عشرة أيام ليعبروا البحر الأحمر. فلا بد أن جيش فرعون لحق بهم في عرض البحر، وإذا أغرق الله جيش فرعون، فلا بد أن جزءاً كبيراً من بني إسرائيل قد مات إما بالهجوم من جيش فرعون وإما غرقاً لما التحم ماء البحر الأحمر وأغرق فرعون.
ثم نسأل لماذا اختار موسى أن يشق البحر الأحمر وهو يملك خبرة سابقة في السير بمحاذاة النيل حتى لا يموت الناس من العطش، ثم العبور للأردن فوق خليج السويس، كما فعل سابقاً؟
ثم هناك سؤال أخر. إذا كان موسى قد تربى في قصر فرعون منذ ولادته إلى أن صار رجلاً وهرب إلى مدين، كيف عرف أنّ هارون أخوه وطلب من الله إن يرسل معه أخاه هارون وزيرا؟ (واجعل لي وزيراً من أهلي. هارون أخي. أشدد به أزري. واشركه في أمري) (طه 29 – 32). فالقصة كلها مليئة بالثقوب والفجوات
قصة إسحق والخروف المنزل من السماء:
عندما تحدث القرآن عن إبراهيم بعد أن كبر ووهب له إسحق، قال: (فبشره بغلام حليم. فلما بلغ معه السعي قال يا بني إنى أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبتِ أفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين. وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء العظيم. وفديناه بذبح عظيم) (الصافات 101 – 107).
القصة الإسلامية مأخوذة برمتها من العهد القديم الذي أخذها بدوره من الميثولوجيا الإغريقية.
العهد القديم يقول: (وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم، فقال له: يا إبراهيم!. فقال: هأنذا
فقال: "خذ ابنك وحيدك، الذي تحبه، إسحاق، واذهب إلى أرض المريا، وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك"
فبكر إبراهيم صباحا وشد على حماره، وأخذ اثنين من غلمانه معه، وإسحاق ابنه، وشقق حطبا لمحرقة، وقام وذهب إلى الموضع الذي قال له الله.وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد،
فقال إبراهيم لغلاميه: "اجلسا أنتما ههنا مع الحمار، وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد، ثم نرجع إليكما"
فأخذ إبراهيم حطب المحرقة ووضعه على إسحاق ابنه، وأخذ بيده النار والسكين. فذهبا كلاهما معا.
وكلم إسحاق إبراهيم أباه وقال: "يا أبي!". فقال: "هأنذا يا ابني". فقال: "هوذا النار والحطب، ولكن أين الخروف للمحرقة؟"
فقال إبراهيم: "الله يرى الخروف للمحرقة يا ابني". فذهبا كلاهما معا.
فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله، بنى هناك إبراهيم المذبح ورتب الحطب وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب.
ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه.
فناداه ملاك الرب من السماء وقال: "إبراهيم! إبراهيم!". فقال: "هأنذا"
فقال: "لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا، لأني الآن علمت أنك خائف الله، فلم تمسك ابنك وحيدك عني"
فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن ابنه.
فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع "يهوه يراه". حتى إنه يقال اليوم: "في جبل الرب يرى".
ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء
وقال: "بذاتي أقسمت يقول الرب، أني من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تمسك ابنك وحيدك،
أباركك مباركة، وأكثر نسلك تكثيرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر، ويرث نسلك باب أعدائه،
ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض، من أجل أنك سمعت لقولي".
ثم رجع إبراهيم إلى غلاميه، فقاموا وذهبوا معا إلى بئر سبع. وسكن إبراهيم في بئر سبع)
فنرى في العهد القديم حبكة أجمل للقصة، بينما القرآن يقول إنه بشره بغلام حليم، ثم فجأة ينتقل إلى إبراهيم وابنه لما بلغا السعي، ثم فجأة يقول للطفل إني حلمت أن أذبحك. وبكل هدوء يقول الطفل لأبيه، أفعل ما تؤمر. إبراهيم لم يقل للطفل إني أُمرت أن أذبحك، إنما قال : رأيت في المنام أني أذبحك. أي طفل أخر ربما قال لأبيه: دع المزاح يا أبتي. ولكن القرآن يخبرنا أن الطفل إسحق قال لأبيه: أفعل ما تؤمر. هذا الطرح أبعد شيء عن طبيعة البشر. الطفل يخاف بطبيعته من كل شيء ويحاول الالتصاق بأمه أو أبيه ليحميه. لا أتخيل أي طفل يقول لأبيه هيا اذبحني يا أبي.
والقصتان مأخوذتان من الميثولوجيا اليونانية عندما اختطف باريس أمير طروادة هيلين زوجة شقيق أجمانون، قائد الجيوش. فجمع أجمانون جيشاً من أثينا وسبارتكا وجزيرة رودوس وأبحر بإسطوله العظيم نحو طروادة. وعندما توقف الأسطول للاستجمام، اصطاد أجمانون أيلاً من إيول الإلهة أرتميس، مما أغضب أرتميس ومنعت الريح من الاسطول فلم يستطيعوا الإبحار نحو طروادة. وطلبت أن يقتل أجمانون أبنته إفيجينيا Iphegenia لتغفر له أرتميس، وإلا سوف تحطم الإلهة اسطوله. رضخ أجمانون لطلب الإلهة أرتميس وقرر ذبح ابنته. وفي اللحظة الأخيرة أشفقت الإلهة أرتميس على الطفلة وافتدها بخروف.
فليس هناك فكرة جديدة لا في العهد القديم ولا في القرآن تختلف عن القصة في إلياذة هوميروس.
قصة يونس والحوت
القرآن اقتبس قصة يونس من العهد القديم لكنه غير فيها بعض الأحداث، فهو يقول:
(وإن يونس لمن المرسلين. إذ أبق إلى الفُلك المشحون. فساهم فكان من المدحضين. فالتقمه الحوت وهو مليم. فلولا أنه كان من المسبحين. للبث في بطنه إلى يوم يبعثون. فنبذناه بالعراء وهو سقيم. وأنبتنا عليه شجرةً من يقطين. وأرسلناه إلى مئة ألف أو يزيدون) (الصافات 139 – 147).
القرأن كالعادة لا يعطينا أي تفاصيل لأن مؤلف القرآن غير متأكد من الحقائق. فهو يقول إن يونس كان من المرسلين، ثم أبق إلى الفلك المشحون. لماذا أبق إلى الفلك، لا أحد يعلم. ثم ساهم أي أشترك في عملية يانصيب (قُرعة)، وخسر فألتقمه الحوت. ثم لما لفظه الحوت، كان سقيماً فأنبت الله عليه شجرة يقطين. ثم أرسله إلى مئة ألف أو يزيدون. أين يسكن هؤلاء المئة ألف، لا أحد يعلم.
قصة القرآن مأخوذة من العهد القديم، ولم يكن الشخص الذي سمع القصة من اليهود متأكداً من التفاصيل.
قصة العهد القديم تقول:
(وصار قول الرب إلى يونان بن أمتاي قائل
«قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة وناد عليها، لأنه قد صعد شرهم أمامي».
فقام يونان ليهرب إلى ترشيش من وجه الرب، فنزل إلى يافا ووجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش، فدفع أجرتها ونزل فيها، ليذهب معهم إلى ترشيش من وجه الرب
فأرسل الرب ريحا شديدة إلى البحر، فحدث نوء عظيم في البحر حتى كادت السفينة تنكسر
فخاف الملاحون وصرخوا كل واحد إلى إلهه، وطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم. وأما يونان فكان قد نزل إلى جوف السفينة واضطجع ونام نوما ثقيلا
فجاء إليه رئيس النوتية وقال له: «ما لك نائما؟ قم اصرخ إلى إلهك عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك»
وقال بعضهم لبعض: «هلم نلقي قرعا لنعرف بسبب من هذه البلية». فألقوا قرعا، فوقعت القرعة على يونان
فقالوا له: «أخبرنا بسبب من هذه المصيبة علينا؟ ما هو عملك؟ ومن أين أتيت؟ ما هي أرضك؟ ومن أي شعب أنت؟
فقال لهم: أنا عبراني، وأنا خائف من الرب إله السماء الذي صنع البحر والبر
فخاف الرجال خوفا عظيما، وقالوا له: «لماذا فعلت هذا؟» فإن الرجال عرفوا أنه هارب من وجه الرب، لأنه أخبرهم.
فقالوا له: «ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا؟» لأن البحر كان يزداد اضطرابا
فقال لهم: «خذوني واطرحوني في البحر فيسكن البحر عنكم، لأنني عالم أنه بسببي هذا النوء العظيم عليكم
ولكن الرجال جذفوا ليرجعوا السفينة إلى البر فلم يستطيعوا، لأن البحر كان يزداد اضطرابا عليهم
فصرخوا إلى الرب وقالوا: «آه يا رب، لا نهلك من أجل نفس هذا الرجل، ولا تجعل علينا دما بريئا، لأنك يا رب فعلت كما شئت
ثم أخذوا يونان وطرحوه في البحر، فوقف البحر عن هيجانه
فخاف الرجال من الرب خوفا عظيما، وذبحوا ذبيحة للرب ونذروا نذورا وأما الرب فأعد حوتا عظيما ليبتلع يونان. فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال.
ثُمَّ صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً قَائِلًا:
قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ، وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا.
فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً للهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَنَادَى وَقَالَ: بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْقَلِبُ نِينَوَى
فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللهِ وَنَادَوْا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحًا مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ.
وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى، فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ، وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ.
وَنُودِيَ وَقِيلَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ قَائِلًا: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئًا. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ، وَيَصْرُخُوا إِلَى اللهِ بِشِدَّةٍ، وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ
لَعَلَّ اللهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ».فَلَمَّا رَأَى اللهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ، نَدِمَ اللهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ، فَلَمْ يَصْنَعْهُ. وَخَرَجَ يُونَانُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَجَلَسَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ، وَصَنَعَ لِنَفْسِهِ هُنَاكَ مَظَلَّةً وَجَلَسَ تَحْتَهَا فِي الظِّلِّ، حَتَّى يَرَى مَاذَا يَحْدُثُ فِي الْمَدِينَةِ.
فَأَعَدَّ الرَّبُّ الإِلهُ يَقْطِينَةً فَارْتَفَعَتْ فَوْقَ يُونَانَ لِتَكُونَ ظِلاُ عَلَى رَأْسِهِ، لِكَيْ يُخَلِّصَهُ مِنْ غَمِّهِ. فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحًا عَظِيمً. ثُمَّ أَعَدَّ اللهُ دُودَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ في الْغَدِ، فَضَرَبَتِ الْيَقْطِينَةَ فَيَبِسَتْ.)
ونلاحظ الفرق في التفاصيل بين القصتين. فيونان أو يونس كان مرسلاً إلى مدينة نينوى لكنه قرر الهرب إلى ترشيش. ولما ظل في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ، قذفه الحوت ولم يكن سقيماً، وفي الحال طلب منه يهوه إن يذهب إلى نينوى، فذهب. وعندما علم أهل نينوى، وكان عددهم مائة وعشرين ألفاً، أن الرب سوف يدمّر مدينتهم، لبسوا الخيش وتضرعوا ليهوه. وخرج يونس من نينوى وبني لنفسه مظلة تقيه الشمس. فأنبت الإله يقطينة لتظلله. واليقطينة بما أنها نبات زاحف فقد زحفت فوق المظلة وسترت يونس من الشمس.
إله القرآن يقول أرسله إلى مئة ألف أو يزيدون. إله العهد القديم يقول إلى مئة وعشرين ألفاً. إله القرآن يقول إنه أنبت شجرةً من يقطين لتظلل يونس، واليقطين ليس شجراً إنما نبات زاحف. إله العهد القديم يقول إن يونس بنى لنفسه مظلةً ثم أنبت الإله يقطينة زحفت فوق المظلة لتظلل يونس.

ذو القرنين:
(ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا. إنّا مكّنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا. فاتّبع سببا. حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذّب وإما أن تتخذ فيهم حُسنا. قال إما من ظلم فسوف نعذبه ثم يُرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكرا. وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يُسرا. ثم اتبع سببا. حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا. كذلك وقد أحطنا بما لديه خُبرا. ثم اتبع سببا. حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً. قالوا يا ذا القرنين إنّ ياجوج وماجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سدا. قال ما مكني فيه ربي خيرٌ فأعينوني بقوةٍ أجعل بينكم وبينهم ردما. ءاتوني زُبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال ءاتوني افرغ عليه قِطرا. فما اسطاعوا أن يظهروه وما اسطاعوا له نقباً. قال هذا رحمة ُ من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاً وكان وعد ربي حقاً) (الكهف 81 – 98).
ذو القرنين في التراث الإسلامي يُقصد به الاسكندر الأكبر، ويتفق كل مفسري القرآن على ذلك. ولأن عرب ما قبل الإسلام كانوا قد سمعوا عن ذلك الملك العظيم الذي غزا واستعمر الامبراطورية الفارسية قبل الميلاد، سألوا محمداً عنه وعن قصته. أجابهم مؤلف القرآن على لسان رب السماء أن ذا القرنين كان نبياً أو رجلاً صالحاً أتاه الله من كل شيء سبباً. والمعروف أن مؤلف القرآن كان يجهل التاريخ ويجهل أسماء الأشخاص الذين يتحدث عنهم فيرمز أليهم بحرف الإضافة "ذو" أو ذا" وتعني صاحب الشيء.، فنجده يقول "فرعون ذو الأوتاد" لأنه كان يجهل اسم فرعون مصر في زمن موسى، وكذلك يقول "ذو الكفل" عن أحد الأنبياء الذي يجهل المفسرون هويته ولا يتفقون حتى في تفسير كلمة "الكفل" التي نُسب لها ذلك النبي، و"ذا النون" عن نبي آخر.
يزعم مؤلف القرآن أن ذا القرنين قد سار حتى وصل مغرب الشمس ووجدها تغرب في عينٍ من الطين الحار، ووجد عندها قوماً خيّره الله أن يعذبهم أو يحسن إليهم. وأصبح ذو القرنين إلهاً يحكم على بعض هؤلاء القوم بأنهم ظلموا فيعذبهم، ويغفر عن الباقين. ثم سار حتى وصل مشرق الشمس ووجدها تشرق على قومٍ لم يجعل الله لهم ستراً من الشمس، كأنما قد جعل لبقية الناس ستراً من الشمس في الربع الخالي أو في صحارى العالم الأخرى. ثم سار ذو القرنين حتى بلغ ما بين السدين. القرآن هنا يُعرّف السدين بأداة التعريف "ال" مع أن المخاطبين وقتها كانوا لا يعرفون شيئاً عن هذين السدين، وحتى نحن لا نعرف عن هذين السدين شيئاً. وتعريف الشئ المتحدث عنه بالألف واللام دون أن يكون السامعون يعلمون عنه شيئاً يصادم قواعد البلاغة. والغريب في الأمر هنا هو أن القرآن يقول إنه وجد عندهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً، ومع ذلك استطاعوا أن يبرموا اتفاقاً مع ذي القرنين بأن يعطوه مالاً ليبني لهم سداً يمنع عنهم ياجوج وماجوج. فقال لهم ذو القرنين أن يأتوه بزبر الحديد، وفهموا ما قاله لهم وأتوه بالحديد، فقال لهم يوقدوا له ناراً، ففعلوا. وعندما أذاب الحديد طلب منهم أن يأتوه بالقطر الذي هو القطران أو النحاس في رواية بعض المفسرين، ففعلوا. فكيف يقول القرآن إنهم لا يكادون يفقهون قولاً؟
الاسكندر الأكبر كان عمره 22 عاماً عندما أصبح ملكاً على مقدونيا Macedonia شمال اليونان عام 334 قبل الميلاد. أبحر بجيش قوامه 37600 جندي قاصداً الدردانيل عند ملتقى البحر الأبيض المتوسط مع البحر الأسود. بعد عبور الدردانيل سار الاسكندر بجيشه في الحدود الغربية لتركيا، متتبعاً شواطئ البحر الأبيض المتوسط مروراً بأرض لبنان الحالية حتى وصل مدينة غزة التي حاصرها طويلاً ختى فتحها. ثم دخل مدينة ممفس (القاهرة) في مصر وسار حتى الحدود الليبية ليزور معبد آمون رع. ثم غفل راجعاً إلى ممفس ومنها قطع صحراء سينا ودخل إلى سوريا. وبعد أن فتح دمشق سار إلى العراق وفتح بابل، ثم اتجه شرقاً وفتح مدينة سوسا في فارس، ومنها سار إلى بيرسوبلس Persepolis عاصمة الإمبراطورية الفارسية، وكان اسمها الفارسي "تخت جمشيد". ثم سار شمالاً في إيران حتى وصل شواطئ بحر قزوين، ثم اتجه شرقاً حتى مدينة سوسيا Susia . ثم اتجه جنوباً إلى منطقة قندهار في أفغانستان الحالية، ثم سار شمالاً إلى كابول ودخل شمال الهند (البنجاب) في عام 327 قبل الميلاد. وعندما اعترضته المنطقة الجبلية الممتدة من أفغانستان حتى جبال الهمالايا في شمال الهند، اتجه جنوباً بمحاذاة نهر الإندس، ثم اتجه غرباً ووصل إلى بيرسيبولس حيث استقر وتزوج الأميرة روكسانا Roxane وأمر قواده أن يتزوجوا فارسيات، كما بارك زواج الجنود من الفارسيات.
يبدو أن الاسكندر أُصيب بمرض نفسي Paranoia فأمر بإعدام بعض كبار قادته العسكريين. وفي ليلة حمراء سكر الاسكندر وتشاجر مع صديقه كليتس Cleitus فخطف حربة حرسه الشخصي وطعن بها كليتس، الذي مات بعد قليل من الطعنة. وكان الاسكندر وجنوده مولعين بشرب الخمور مما أدى إلى عدة مشاجرات بينهم. وبالتدريج بدأت الخلافات تدب بين الاسكندر وكبار قادته بعد هذا الحادث.
بعد فترة نقاهة قرر الاسكندر غزو الجزيرة العربية وأمر بإحضار تعزيزات من الجنود من مقدونيا. وفي ليلة 7 يونيو 323 قبل الميلاد أقام القائد ميديس Medius حفلة ودعا لها الاسكندر. تناول الاسكندر كأساً من الشراب وصرخ وقتها كالملدوغ، وتوفي في اليوم التالي، ربما مسموماً، وتقاسم قواد الجيش إمبراطورية الاسكندر الشاسعة .
فأين إذاً مغرب الشمس الذي بلغه الاسكندر الأعظم؟ أقصى منطقة في الغرب وصلها الاسكندر هي معبد آمون رع في الحدود مع ليبيا الحالية. فهل وجد الشمس تغرب في عينٍ حمئة في هذه الصحراء؟ وهل حكم على بعض الأهالي هنا بأنهم ظالمون وعذبهم، كما يقول القرآن؟ وهل قال إن الظالمين سوف يردون إلى ربهم فيعذبهم عذاباً نكراً وهو قد عاد لتوه من معبد آمون رع ولم يكن قد سمع بإله موسى أو بالديانات التوحيدية؟ إنها خطرفات مؤلف القرآن.
أما أقصى نقطة وصلها الاسكندر شرقاً فهي منطقة البنجاب، فهل وجد قوماً لا يكادون يفقهون قولاً وكانت الهند وقتها من الحضارات العظيمة؟ تلك الحضارة التي اخترعت لنا الصفر الذي لولاه لما تمكنا من اختراع الكمبيوتر أو النظريات الحسابية والهندسية؟ وهل لم يجعل إله القرآن للناس في البنجاب ستراً من الشمس، ومنطقة البنجاب تغطيها الغابات وتغمرها مياه الأمطار في موسم رياح المنسون كل عام؟ ثم أين هذه المنطقة بين السدين التي كان ياجوج وماجوج يفسدون فيها وطلب أهلها من الاسكندر بناء سدٍ يمنع عنهم ياجوج وماجوج؟ لا بد أن مؤلف القرآن كان قد سمع بممر خيبر Khyber Pass بين الهملايا وجبال أفغانستان واعتقد أن سلسلة الجبال في كل جانب تمثل سداً. وهل طلب أهل البنجاب منه بناء سد لقفل هذا الممر. وأين هذا السد الذي بناه الاسكندر من الحديد والنحاس في القرن الرابع قبل الميلاد ولا نجد له أثراً الآن بينما نجد الأهرامات التي بناها المصريون من الحجارة في حوالي عام 2500 قبل الميلاد وما زالت ثابتة في مكانها؟
عاد وثمود:
يرجع تاريخ ثمود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد (حوالي عام 3000 - 2500 ق.م)، وكانوا يسكنون في شمال غرب الجزيرة العربية بالقرب من الأردن الحالية. وكانوا يعملون بالتجارة ويحرسون الطريق التجاري الرئيسي بين الشام واليمن. وكانت لهم لغتهم المكتوبة التي تشبه طريقة كتابتها الخط المسماري. وقد عثر الباحثون على هذه اللغة الثمودية في الحجاز واليمن ونجد. ويدل انتشار لغتهم إلى عملهم بالتجارة وترحالهم بين نجد واليمن وشمال الجزيرة . وقد ذكرهم بطليموس في كتابه عن الجغرافيا Ptolemy, Geography, VI 7:4, 7:21). وقد تحدث بمثل ذلك ديودورس (Diodorus) (Hejaz, pp 291, Diodorus, Bibl. Hist. III. 44). وتُعتبر منطقتهم امتداداً للاراضي النبطية
بعد الاحتلال الروماني لمنطقة البترا وشمال غرب الجزيرة في عهد الإمبراطور تراجان Trajan في القرن الثاني الميلادي عمل الثموديون جنوداً في الجيش الروماني. واستمر وجودهم حتى القرن الخامس الميلادي. وقد سكن الثموديون منطقة الحِجر في شمال غرب الجزيرة العربية. وهذه المنطقة يتكون أغلبها من جبال هشة تُسمى Limestone أي الحجارة الجيرية. وهذا النوع من الحجارة يتآكل داخله بفعل المياه التي تحتوي على حامض الكربون Carbonic acid الذي يتكون في الأمطار بسبب امتصاصها لثاني أكسيد الكربون من الجو. وعندما تتسرب هذه المياه إلى داخل الجبل عن طريق الشروخ الموجودة بالصخر، يتآكل الصخر من الداخل وتتكون الكهوف العديدة التي قد تمتد عشرات الأمتار داخل الجبل. ولهذا السبب تكثر الكهوف في هذه المنطقة من الجزيرة العربية وفي فلسطين. ويذكر العهد القديم أن الكهوف كانت تستعمل كمدافن للموتى.
وبما أن محمداً كان يسافر في قوافل قريش إلى الشام، كانت الطريق تمر بمنطقة الحجر المليئة بالكهوف، والتي تُعرف الآن بمدائن صالح، ويوجد في تلك الجبال صفوف من واجهات منحوته في الجبال وفي وسط كل واجهة باب مربع، هو مدخل الكهف، فتخيل محمد أن هذه الكهوف هي منازل ثمود، فقال في قرآنه مخاطباً ثمود على لسان نبيهم صالح (وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين) (الشعراء 149). وقال عن قوم عاد الذين سكنوا نفس المنطقة كما يزعم القرآن حين قال لثمود (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتاً ) (الأعراف 74).
وقد يكون من المفيد أن نذكر أن قوم عاد لا ذكر لهم في التاريخ ولا في اللغات اللحيانية أو النبطية أو الثمودية. وقبائل لحيان سكنت منطقة الَحجر حوالي القرن السادس إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وكانت لهم لغتهم المكتوبة. وكانت عاصمتهم ديدان (العُلا) التي هي موقع مدائن صالح الآن. ولم يذكر اللحيانيون قوم عاد في نقوشهم. ولم يجد الخبراء أي نقش أو مخطوطة تذكر قوم عاد. وحتى كتاب العهد القديم والمخطوطات العبرية التي ذكرت أعداداً كبيرة من القبائل، لم تذكر قوم عاد أو نبيهم هود. القرآن هو المصدر الوحيد الذي ذكرهم. فهل فعلاً خلفت ثمود قوم عاد ولم تذكرهم النقوش الثمودية؟ المواقع الإسلامية على الإنترنت نشرت عدة مقاطع فيديو وصوراً تبين هياكل ضخمة تفوق حجم الإنسان العادي مرتين أو ثلاث مرات، وزعموا أنه موقع قبائل عاد وقد تم اكتشافه حديثاً. ولكن في واقع الأمر فإن الهياكل المصورة هي هياكل بلاستيكية صنعتها هوليود لتصوير فيلم من أفلام ال science fiction . تجدون بعض هذه الهياكل على هذا الموقع https://www.youtube.com/watch?v=GZtKxNbGDKY
ونعود إلى القرآن الذي يقول عن ثمود (وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين)، فهل فعلاً نحت قوم ثمود الجبال قبل الميلاد وهم عرب شبه رُحل لا يملكون من الآلات ما يمكنهم من حفر بئر ناهيك عن نحت الجبال؟
في حقيقة الأمر أن هذه الواجهات نحتها النبطيون عندما توسعت مملكتهم جنوباً وضمت المنطقة التي تقع فيها هذه الكهوف . وقد نحت النبطيون هذه الواجهات على مداخل كهوف كانت أصلاً قائمة، وربما وسعوا بعض تلك الكهوف واستعملوها كمدافن لأسرهم المالكة
المداخل المنحوتة في واجهة تلك الكهوف عليها نقوش لحيانية ونبطية ورومانية، ولكن لا توجد أي نحوت ثمودية رغم أن المنطقة هي السكن الرئيسي للثموديين مما يدل على أن ثمود لم تنحت الجبال بيوتاً كما يقول القرآن. ومما يدل على أن الكهوف لم تكن بيوتاً هو أن الواجهات منحوتة نحتاً جميلاً وعليها نقوش جميلة بينما داخل الكهف لا يجد الزائر إلا كهوفاً بائسة لا تصلح سكناً ولا تتماهى مع جمال المدخل، لأن باطن الكهف كان مقبرةً لموتى الملوك والعظماء.
يقول القرآن عن ثمود (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين) (الأعراف 78). والرجفة في المفهوم القرآني هي الزلزال. التاريخ لم يسجل لنا أي زلزال ضرب منطقة العُلا حيث توجد مدائن صالح، والحفريات لم تجد ما يدل على حدوث زلزال في تلك المنطقة. ولو أن ثموداً قد نحتت تلك الكهوف وواجهاتها الجميلة ثم جاءهم زلزال قضى عليهم جميعا فلا بد أن يحدث الزلزال شروخاً وتهدماً في تلك الواجهات الجميلة حتى إن لم يهدم الكهوف. ولكن لا توجد أي شروخ في الواجهات. فقد كذب مؤلفو القرآن في زعمهم أن ثمود هلكوا بالرجفة.
ثم يستمر القرآن فيقول لنا (وثموداً فما أبقى) (النجم 51 ). ويقول مفسرو القرأن إن الآية تعني أن الله لم يترك أحداً من ثمود وقضى عليهم جميعاً. ولكن المصادر التاريخية تؤكد لنا أن ثموداً استمرت حتى القرن الخامس الميلادي، أي قبل ظهور محمد بحوالي مائة عام فقط . والغريب أن القرآن نفسه يقول لنا (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون) (النمل 45). وهذا يعني أن هناك فريقاً آمن بصالح وتخاصم مع غير المؤمنين. فهل أهلك الله المؤمنين كذلك بالزلزال ولذلك قال لنا (وثمود فما أبقى)؟ ويُحكى هنا أن الحجاج بن يوسف الثقفى خطب يوماً فقال "بلغني أنكم تقولون إنّ ثقيفاً من بقية ثمود، ويلكم! وهل نجا من ثمود إلا خيارهم ومن آمن بصالح فبقي معه! ثم قال: قال الله (وثموداً فما أبغى). فبلغ ذلك الحسن البصري فتضاحك وقال: حكم لكع لنفسه، إنما قال عز وجل (فما أبقى) أي لم يبقيهم فأهلكهم. فرُفع ذلك إلى الحجاج فطلبه فتوارى عنه حتى هلك الحجاج".
يتضح لنا من هذا السرد أن مؤلفي القرآن كانوا يجهلون تاريخ تلك المنطقة ولذلك جاء قرآنهم مناطحاً للتاريخ الموثق بالحفريات والمخطوطات. وأن قوم عاد لا وجود لهم ولم تخلفهم ثمود في منطقة الحِجر. ولم تنحت ثمود الجبال بيوتاً، وأن الله لم يهلك ثمود بالرجفة.
انهيار سد مأرب:
(لقد كان لسبأٍ في مسكنهم آيةٌ جنتانٍ عن يمينٍ وشمالٍ كلوا من رزق ربكم وأشكروا له بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفورٌ. فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيلَ العرمِ وبدلناهم بجنتيهم جنتينِ ذواتي أُكلٍ خمطٍ وأثلٍ وشيء من سدرٍ قليل... وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرًى ظاهرةً وقدرنا فيها السيرِ سيروا فيها ليالِ وأياماً آمنين. فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديثَ ومزقناهم كل ممزقٍ إنّ في ذلك لآياتٍ لكلِ صبّار شكور) (سبأ 15 – 19).
مؤلف القرآن جعل من انهيار سد مأرب قصة طويلة وجعل سيل العرم من عنده. وقال كانت لسبأ جنتان عن يمين وعن شمال. سبأ كانت عاصمة كبيرة ومتقدمة جداً بمقاييس ذلك الزمان. فكيف تعيش عاصمة مثل سبأ على جنتين واحدة عن اليمين والأخرى عن الشمال؟ وحتى لو كانت هناك جنتان فهما لم ينزلا من السماء إنما أنشأهما أهل سبأ بجهدهم ومالهم. فكيف يقول (كلوا من رزق ربكم)؟ ثم قال إنه أرسل عليهم سيل العرم وأبدلهم جنتين ذاتا أكلٍ خمط وسدر. ولا أدري لماذا احتقر السدر هذه المرة وهو كان قد اختاره ليكون جوار عرشه (سدرة المنتهى) ثم اختاره لأهل الجنة التي جعل فيها سدراً مخضودا (وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين. في سدرٍ مخضودٍ. وطلحٍ منضودٍ. وظلٍ ممدودٍ) (الواقعة 27 – 30).
ثم قال إنه جعل بين سبأ والقرى الأخرى قرًى جديدة وجعلها آمنة وقال لهم سيروا فيها أياماً وليالٍ آمنين. ولكن الغريب أنه جعلهم يقولوا (ربنا باعد بين أسفارنا) مع أن العكس هو الصحيح إذ أنشأ لهم قرًى ظاهرةً بينهم وبين القرى الأخرى. ثم مزقهم كل ممزق. وهذه يمكن أن تكون الحقيقة الوحيدة في القصة كلها. فقد تفرّق أهل سبأ في الجزيرة العربية: بعضهم ذهب إلى يثرب (الأوس والخزرج)، وبعضهم ذهب إلى مكة (جرهم). وبعضهم ذهب إلى حضرموت وما جاورها من القرى. فما هي حقيقة سيل العرم؟
سد مأرب بناه أهل سبأ في الألفية الأولى قبل الميلاد – حوالي عام 700 قبل الميلاد. وكان يروي حوالي 98000 كيلومتراً مربعاً. وأكيد إنّ هذا يروي أكثر من جنتين عن اليمين وعن الشمال. بل اشتهروا منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد بتجميع مياه الأمطار النازلة من الجبال وبنوا سدودا صغيرة كثيرة. السد كان مبنياً من الحجارة الضخمة ولكن بين الحجارة كانت هناك كمية كبيرة من الرمل، كقاعدة للسد.
تعرض السد لعدة انهيارات صغيرة على مدى مئات السنين، وفي كل مرة كانوا يرممونه. ويبلغ طوله 580 متراً، وارتفاعه خمسة عشر متراً. وحافظ اليمنيون على السد لعدة قرون، فأعاد ملوك حمير بناؤه، حيث رُفع السد إلى 14متراً، وأنشئت قنوات التصريف، وبرك الترسيب، كذلك قناة يبلغ طولها 1000متراً تصل إلى خزان توزيع، واستمرت الأعمال التوسيعية لسد مأرب حتى القرن الرابع من الميلاد .
كانت الترميمات تجري على السد باستمرار، وأخر من أجرى عليه ترميما وترك لنا نقشاً بالقرب من السد هو أبرهة الحبشي، حاكم اليمن. النقش بالخط المسماري ويشرح كم كلفه ترميم السد، والإجازة التي منحها للعمال ليزوروا أهلهم ثم يرجعوا لمزاولة الترميم.
وكانت تكلفة الترميم كما يلي 50806 كيسا من الدقيق و 26 ألف حمل من البلح وثلاثة آلاف ثور وجمل ومئتا ألف وسبعة آلاف رأس من الغنم لتغذية العمال . وهذه النفقات تساوي نصف مليون جنية استرليني تقريبا في العصر الحاضر . وفي حوالي عام 570 ميلادية، أما لكثرة الأمطار، وإما بسبب زلزال ضرب المنطقة، انهار السد نهائياً وأتلف جميع الأراضي مما اضطر أهل سبأ إلى النزوح إلى عدة أماكن في جزيرة العرب.
فقصة القرآن عن سيل العرم قصة خيالية وليس لها أي علاقة بالمعجزات أو العقاب الرباني. وقد انهار السد تقريباً أيام ولادة محمد وبالتالي كانت القصة معروفة في الحجاز نسبة لنزوح أهل سبأ إلى تلك المناطق.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل التاسع - المرأة في القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثامن - الولاء والبراء
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل السابع - إله القرآن والغيب
- دراسة منهجية للقرآن - تافصل السادس - العنف في القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الخامس - الإرادة والتخويف
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الرابع - تناقض آيات القرآن
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثالث - الأخطاء العلمية
- دراسة منهجية للقرآن - الفصل الثاني، منطق القرآن
- دراسة منهجية للقرآن- الفصل الأول - لغة القرآن
- دراسة منهجية للقرآن
- دين الإسلام مبني على تزييف الحقائق
- الأشجار في القرآن
- إله القرآن يعوزه المنطق
- عندما مات الله في جزيرة العرب
- طلاسم القرآن
- ذاكر نايك والتجارة بالإسلام
- أن هو إلا وحيٌ يوحى
- آيات تثبت بشرية القرآن
- هل هناك حياة بعد الموت
- بلاغة القرآن المزعومة


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - دراسة منهجية للقرآن - الفصل العاشر - قصص القرآن