|
تجربة الاضراب السياسي من دروس أكتوربر الأخضر
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 7394 - 2022 / 10 / 7 - 20:35
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
1 اشرنا سابقا الى أن البلاد تعيش البلاد الاوضاع نفسها التي أدت الي انفجار ثورة اكتوبر 1964م قبل 58 عاما، التى اطاحت بالحكم العسكري الأول ، كما في التدهورالمريع في الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الأمنية ، واتساع موجة الاضراات والاحتجاجات ، والتدهور في اوضاع حقوق الانسان ، كما في القمع الوحشي للمواكب السلمية ، والابادة الجماعية في دارفور والمنطقتين وبقية المناطق لنهب الاراضي والمعادن ، واشتداد حدة التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للبلاد،وفشل اتفاق جوبا الجزئي الذي تحول لمحاصصات ونهب لموارد البلاد . لقد اصبحت الحياة لاتطاق تحت ظل هذا الانقلاب الذى يعاني من العزلة والتناقضات وصراعات المصالح بين أجنحته الحاكمة التي كدست الثروات علي حساب الكادحين ونهبت ممتلكات الشعب، وبالتالي توفرت الظروف الموضوعية نفسها التي ادت لاندلاع ثورة اكتوبر 1964م. فما هو جوهر انقلاب 17 نوفمبر 1958؟ 2 في صبيحة 17 نوفمبر 1958م، وقع الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق ابراهيم عبود والذي كان في جوهره تسليم عبد الله خليل رئيس الوزراء يومئذ الحكم للجيش، بهدف مصادرة الديمقراطية والقضاء علي الحركة الديمقراطية في البلاد، ومصادرة نشاط الحزب الشيوعي الذي كان متناميا وتصفيته، وكبت حركة الطبقة العاملة ، ومنع تطور حركة المزارعين، والاستسلام للتدخل الأمريكي في البلاد تحت ستار "المعونة الأمريكية" ووقف الثورة الديمقراطية في البلاد. بالفعل كانت أول القرارات صبيحة الانقلاب هي : حل جميع الأحزاب السياسية، ومنع التجمعات والمواكب والمظاهرات، ومنع صدور الصحف حتي اشعار آخر، وفي نفس يوم الانقلاب أعلن النظام حالة الطوارئ، وايقاف العمل بالدستور وحل البرلمان، كما صدر قانون دفاع السودان لعام 1958 ولائحة دفاع السودان لعام 1958م، وتمت بموجبهما مصادرة ابسط حقوق الانسان، بجعل عقوبة الاعدام أو السجن الطويل لكل من يعمل علي تكوين أحزاب أو يدعو لاضراب أو يعمل علي اسقاط الحكومة أو يبث الكراهية ضدها، كما تم حل النقابات والاتحادات، ومصادرة جريدة " الطليعة" التي كان يصدرها اتحاد العمال واعتقال القادة العمال وعلي رأسهم: الشفيع أحمد الشيخ ورفاقه وتم تقديمهم لمحاكمات عسكرية ايجازية. وكان الهدف من الهجوم الشامل علي الحريات تجريد الشعب من كل أدواته الرئيسية في الصراع من اجل الديمقراطية وتحسين الاوضاع المعيشية والسيادة الوطنية والحل السلمي الديمقراطي لمشكلة الجنوب. 3 صدر أول بيان للحزب الشيوعي بتاريخ 18 نوفمبر 1958 يدعو لمقاومة الانقلاب العسكري واسقاطه واستعادة الديمقراطية، بعنوان: " 17 نوفمبر انقلاب رجعي". وبعد ذلك استمرت مقاومة الشعب السوداني واحزابه وتنظيماته النقابية عن طريق البيانات والعرائض والمذكرات والاضرابات والمواكب والاعتصامات، والصمود الباسل للمعتقلين في السجون والمنافي وأمام المحاكم وفي غرف التعذيب ، والاعدام رميا بالرصاص. وشملت المقاومة نضالات العمال والمزارعين والطلاب والمثقفين والمرأة السودانية ومقاومة الشعب النوبي ضد اغراق حلفا وتدمير ثقافة القومية النوبية وارثها التاريخي العظيم، وتنصل الحكومة من الوطن البديل بجنوب الخرطوم. ونضال جبهة أحزاب المعارضة، وحرب الجنوب التي تفاقمت، ودفاعات المناضلين أمام المحاكم. 4 دروس تجربة الاضراب السياسي العام: علي أن من أهم دروس ثورة اكتوبر تجربة الاضراب السياسي العام وكان أول من طرح فكرته الحزب الشيوعي السوداني، في بيان المكتب السياسي للحزب حول الاضراب السياسي العام في أغسطس 1961م، و الذي نشر في العدد ( 109) من مجلة الشيوعي ( المجلة الفكرية للجنة المركزية للحزب الشيوعي) الصادر بتاريخ: 29/ أغسطس/ 1961م. والجدير بالذكر أن الحزب الشيوعي طرح فكرة الاضراب السياسي لاحزاب المعارضة كما اشرنا في المقال السابق ، ولكنها لم تتجاوب معها، وبعدها انسحب الحزب من جبهة احزاب المعارضة، وطيلة الثلاث سنوات ظل الحزب الشيوعي يعمل بصبر مع الحركة الجماهيرية الي مستوي تنفيذ الاضراب السياسي ، الي نقطة الانفجار الشامل. أوضح الحزب الشيوعي فكرة الاضراب السياسي علي النحو التالي: " أنه توقف الجماهير الثورية عن العمل ، ويتم تنفيذه عندما تصل الجماهير الثورية الي وضع لاتحتمل فيه العيش تحت ظل النظام الراهن، ولهذا فهو يمثل تغييرا كيفيا في وضع الجماهير الثورية وعقلياتها، انه عملية وسلسلة من المعارك الجماهيرية اليومية ضد النظام وليس ضربة واحدة، ولكنه يأتي تتويجا لتراكم تلك المعارك في لحظة الأزمة الثورية أو الانفجار الشامل التي تصبح الحياة لاتطاق تحت ظل النظام ويعجز النظام عن الحكم وتصل التناقضات داخل النظام الي قمتها، وتفشل اجهزة القمع في وقف النهوض الجماهيري. وجاءت لحظة الانفجار الشامل قبل يوم من أحداث الندوة الشهيرة في جامعة الخرطوم حول قضية الجنوب، والتي هاجمها البوليس واطلق النار علي الطلاب المتظاهرين مما أدي الي استشهاد أحمد القرشي عضو رابطة الطلبة الشيوعيين ورفاقه، وكانت ندوة جامعة الخرطوم القشة التي قصمت ظهر البعير ، بعد أن وصلت البلاد الي لحظة الأزمة الثورية والانفجار الشامل. 5 وبعد اعلان الاضراب السياسي العام برزت مطالب ثوار اكتوبر التي دعت الي مواصلة الاضراب السياسي العام حتي: التصفية النهائية للحكم العسكري الرجعي، والغاء حالة الطوارئ فورا والغاء كافة القوانين المقيدة للحريات، وقيام حكومة انتقالية تمثل قوي ثورة 21 اكتوبر المجيدة، واطلاق سراح جميع المعتقلين والمسجونين السياسيين فورا.واستمر الاضراب السياسي العام حتي نجحت الثورة في الاطاحة بالحكم العسكري واستعادة الديمقراطية، والتي اجهضتها الأحزاب التقليدية بحل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان عام 1965م، مما أدي الي خرق الدستور وانتهاك استقلال القضاء وحكم القانون، والمصادرة الكاملة للديمقراطية بعد انقلاب 25 مايو 1969م. وبعد ذلك اصبح الاضراب السياسي العام سلاحا قويا في يد الشعب السوداني، فقد اطاح شعبنا بديكتاتورية النميري في انتفاضة مارس- ابريل 1985م عن طريق الاضراب السياسي العام والعصيان المدني.، واطاح بالبشير في ثورة ديسمبر 2018 ،وسوف يطيح شعبنا بانقلاب 25 أكتوبر الراهن ، الذى هو امتداد لانقلاب الانقاذ في 30 يونيو 1989 ، واللجنة الأمنية في 11 أبريل 2019 ، بهدف قطع الطريق أمام الثورة ، والذي فرط في وحدة البلاد وافقر شعبنا ونهب ممتلكاته ومارس ضده كل صنوف القهر والقمع ، والتفريط في السيادة الوطنية ،ايضا عن طريق الاضراب السياسي والعصيان والمدني، مع الاستفادة من دروس تجربة اجهاض ثورة اكتوبر 1964م، وانتفاضة ابريل 1985م وضمان انتصار نهوضه الجماهيري، بتحقيق أهداف الثورة ومهام الفترة الانتقالية، حتى لا تتكرر الانتكاسة.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانعزال يعنى الابتعاد عن تطلعات الجماهير
-
دروس أكتوبر الأخضر
-
اضرابات العاملين في فترة الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)
-
الجذور التاريخية لاضرابات العاملين في السودان ( 1900- 1939)
-
الاستعداد الجيد لمعركة اسقاط الانقلاب القادمة
-
حنى لا تتكرر انتكاسة ثورة ديسمبر
-
حيثما كنتم تلاحقكم العدالة
-
بمناسبة مرور 155 عاما علي صدور مؤلف ماركس - رأس المال-
-
الذكرى 95 لميلاد عبد الخالق محجوب
-
الصحافة السودانية والأنظمة الشمولية
-
التسوية وتفاقم الصراع بين اقطاب الرأسمالية
-
وهم تسليم السلطة للمدنيين
-
احاطة فوكلر وساعة الصفر للحوري
-
تجربة انقسام سبتمبر 1970 في الحزب الشيوعي السوداني
-
اعلان دستوري في غياب الشعب!!
-
تفاقم الأزمة واتساع موجة الاضرابات
-
نحو أساس متين لوحدة قوى الثورة (2) والأخيرة
-
نحو اساس متين لوحدة قوى الثورة
-
ذكرى هبة سبتمبر وتصاعد المقاومة للانقلاب
-
كارثة اتفاق جوبا
المزيد.....
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|