|
حوار حول الشأن الثقافي بالمغرب
إدريس لكريني
كاتب وباحث جامعي
(Driss Lagrini)
الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:42
المحور:
مقابلات و حوارات
1- كمبدع و متتبع للشأن الثقافي العربي و الوطني طبعا، نسألك في البداية عن ملامح المشهد الثقافي المغربي؟ من المفروض أن يكون أي مشهد ثقافي بمثابة مرآة تعكس أولويات وتطلعات المجتمع، ويقوم بالتالي بدور محوري في بلورة وعي المواطن وتربيته وتكوينه، وأن يكون عامل وحدة وانسجام داخل هذا المجتمع. غير أنه وباستحضار هذه المعطيات؛ يبدو أن المشهد الثقافي في المغرب لازال يسير بخطى متعثرة؛ وبعيدا عن تطلعات المواطن وتحقيق الأهداف المنوطة به في مواجهة التحديات الكبرى سواء في بعدها الداخلي أو الخارجي. وإذا ستثنينا بعض الأصوات التي تتحمل مسوؤليتها وتناضل وتقاوم بفكرها وإبداعها التخلف والقهر والظلم.. رغم المعيقات والإكراهات، فإن بعض المحسوبين على هذا الحقل؛ ممن أتيحت لهم شروط موضوعية وافرة، يكرسون ثقافة التعتيم تارة والتجميل تارة أخرى، وبين هذا وذاك فضل البعض الانعزال والانكفاء.. وعلى العموم، فهذا المشهد لم تتح له بعد إمكانية الاستفادة بشكل جيد من مختلف التحولات التي شهدها المغرب؛ ومن الإمكانيات الحديثة التي أضحت تتيحها تكنولوجيا الاتصال. 2- ونحن على أعتاب موسم جديد؛ هل من دخول ثقافي مغربي حقيقي وواضح؟ لا يمكن الحديث عن دخول ثقافي حقيقي في المغرب على غرار الدخول الجامعي أو السياسي أو الرياضي.. لعدة اعتبارات - في مجملها موضوعية -؛ ترتبط أساسا بغياب سياسة ثقافية واضحة المعالم تعتمد دعم المنتوج الثقافي والإبداعي والترويج له عربيا ودوليا في زمن العولمة، وفي وجود أشكال مختلفة من الزبونية والاحتكارية والإقصاء داخل مختلف المؤسسات والمنتديات الرسمية والمدنية المحسوبة على هذا الحقل. إن هذا الدخول يظل رهينا باستراتيجية ثقافية؛ تروم إعطاء المثقف دوره الحقيقي داخل المجتمع، وتخليق الفضاء الثقافي؛ ليستأثر بدوره المحوري على مستوى التنشئة الاجتماعية، وترجمة هواجس المواطن، وهذا لن يتأتى طبعا إلا من خلال دمقرطة مختلف المؤسسات المحسوبة على هذا القطاع؛ باتجاه الانفتاح الحقيقي على كل المثقفين والمبدعين وإنتاجاتهم.. ولكي نتحدث أيضا عن هذا الدخول، ينبغي إقرار برامج سنوية منتظمة ترتبط بترجمة كتب ورصد الإمكانيات الضرورية لضمان عدد معقول من الإصدارات الجديدة، والواقع أن المغرب وعلى غرار العديد من البلدان العربية؛ لا زال يتبوأ مكانة متدنية على مستوى النصيب الهزيل والمحتشم المخصص لهذا القطاع الحيوي. 3- بالنظر إلى ما تعيشه بلدان أخرى، ما سبب غياب ملامح قارة وثابتة في مشهدنا الثقافي الوطني؟ كيف يمكن أن نلمس ملامح قارة وثابتة وواقعية في مشهدنا الثقافي في ظل ثقافة سائدة مبنية على الإقصاء والاحتكار..؟ فمنابرنا الإعلامية بكل أشكالها المسموعة منها والمرئية والمقروءة ودور النشر، تبدو وكأنها أجمعت على فتح أبوابها أمام عينة معروفة من المثقفين والمبدعين والمفكرين، فيما أوصدتها أمام جيل جديد من المبدعين الذين لم يجدوا أمامهم بدا من استثمار الإمكانية التي تتيحها بعض المنابر الإعلامية والثقافية والعلمية العربية والدولية المعروفة بمصداقيتها أو بعض المواقع الإلكترونية؛ حيث عبروا عن إمكانيات إبداعية كبيرة جديرة بالتنويه والاحترام..؛ فيما فضلت فئة أخرى منهم - وتحت هذه الظروف - نهج خيار الانعزال والانكفاء.. وكيف يمكن الحديث عن ملامح في هذا المشهد في غياب سياسة ثقافية واضحة المعالم؟ 4- أين يكمن الخلل في غياب استراتيجية ثقافية، على صعيد المؤسسات الثقافية العامة و الخاصة طبعا باستثناء المهرجانات والملتقيات التي أكدت معظمها نجاحها؟ طبعا لا يمكن نكران الحراك الإيجابي الذي شهدته الساحة الثقافية في العقدين الأخيرين، نتيجة لتوسيع هامش الحريات، بالشكل الذي ظهرت معه ألوان مختلفة من الإبداع والفكر وبرزت معه أيضا طاقات إبداعية وفكرية عرفت بأهمية وعمق أعمالها؛ غير أن هناك غيابا لمجموعة من الشروط الموضوعية لا زالت تقف حجرة عثرة وتحول دون تطور الشأن الثقافي ببلادنا؛ ذلك أن الممارسة الميدانية وبخاصة في البلدان التي يحظى فيها المشهد الثقافي بمكانة لائقة، تؤكد أن وجود استراتيجية ثقافية محددة المعالم أمر ضروري وملح لضمان أي حراك ثقافي حقيقي يعكس هموم المجتمع ويترجم انتظاراته، هذا بالإضافة إلى اعتماد واستثمار مختلف إنتاجات المفكرين والباحثين في شتى المجالات وبلورتها في الواقع.. وكباحث أكاديمي؛ أؤكد أن عدم الاهتمام بمراكز الأبحاث وعدم استثمار دراساتها- التي تظل في مجملها حبيسة الرفوف - وبلورة نتائجها ميدانيا من قبل صانعي القرار، يفوت فرصا مهمة على الدولة والمجتمع برمته. كما أن وجود قناة إعلامية مغربية تعنى بشؤون الثقافة والمثقفين وتفتح أبوابها أمام كل مبدع؛ يظل بدوره أمرا مطلوبا. 5- هل نتوقع الجديد خلال هدا الموسم ؟ في ظل هذه الأوضاع التي لازالت تحتل فيها الثقافة مكانة محتشمة ضمن أولويات الدولة، لا يمكن أن نتوقع جديدا بحجم الانتظار والتحديات. إن الاستثمار في حقل الثقافة رهان استراتيجي ورابح، وهذا ما ينبغي الاقتناع به من قبل أولئك الذين لم يستوعبوا بعد أهمية هذا الأمر. ورغم كل هذا؛ فأنا متفائل كثيرا بحجم الطاقات التي يحفل بها الفضاء الثقافي المغربي بكل مظاهره؛ والتي لا شك أنها ستتحمل مسؤوليتها الكبرى من أجل تجاوز كل هذه الأوضاع التي لم تعد خافية على أحد. حوار مع الباحث إدريس لكريني أجراه الصحفي عبد العزيز بنعبو لجريدة المنعطف، المغرب، بتاريخ 25 شتنبر 2006
#إدريس_لكريني (هاشتاغ)
Driss_Lagrini#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ندوة: الانتقال الديموقراطي بين حقوق الإنسان ورهان الإصلاحات
...
-
التحولات العالمية بعد أحداث 11 شتنبر
-
أحداث 11 شتنبر: قراءات في إشكالية الضلوع
-
أحداث 11 شتنبر ومعادلات الربح والخسارة في المجتمع الدولي
-
تقرير حول ندوة دولية في موضوع: الحركات الإسلامية المشاركة في
...
-
التدخل في الممارسات الدولية: بين الحظر القانوني واتلواقع الد
...
-
إدارة الأزمات الدولية في عالم متحول: مقاربة للنموذج الأمريكي
...
-
الصراع الهندي- الباكستاني في ضوء الحملة الأمريكية لمكافحة ال
...
-
إدارة مجلس الأمن للأزمات العربية في التسعينيات: أزمة لوكربي
...
-
بعد هزيمة الأقطاب الدولية الكبرى في معركة العراق, هل سيكون م
...
-
تطور السياسة الخارجية المغربية إزاء قضية الصحراء
-
الإسلام والغرب: بين نظريات الصدام وواقع الفهم الملتبس
-
القضية الفلسطينية والمحيط الدولي المتغير
-
الهاجس البيئي: من العلم إلى السياسة
-
حقوق الإنسان في أعقاب الحملة الأمريكية لمكافحة -الإرهاب-
-
الزعامة الأمريكية في عالم يتغير: مقومات الريادة وإكراهات الت
...
-
مكافحة -الإرهاب- الدولي: بين تحديات المخاطر الجماعية وواقع ا
...
-
في ذكرى أحداث 16 مايو: الحاجة إلى مجتمع مدني فاعل
-
الإصلاحات المغيبة ضمن المشاريع الأمريكية لمكافحة الإرهاب
-
الجامعة العربية في زمن التحديات
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|