أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح3















المزيد.....

إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح3


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7392 - 2022 / 10 / 5 - 14:11
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ليس من الغريب اليوم أن نسمع بكلمة تتردد بين عموم الناس وخاصة في العراق كدولة ونظام سياسي أجتماعي ديني مختلط لا حدود فيه بين ما هو سياسي وما هو خلاف ذلك، فالتداخل بين صفات منظومة الحاكم في العراق ليس غريبا ولا جاء نتيجة تراكم تجريبي ولا هو نظرية جديدة في الحكم، تركيبة النظام الحالي جاء نتيجة التخادم بين أطراف القوة المتنفذة في المجتمع، فهي تجمع بين قوة السلطة السياسية وما تتمتع به شرعية النظام من كون العراق دولة ذات سيادة، وبين العامل الديني تلك القوة الضخمة الهائلة القادرة دوما على تحريك الروابط والعلاقات التشاركية داخل النظام السياسي، بما تملك من سطوة على العقل السياسي والاجتماعي والشعبي العام، وأخيرا الركن الثالث والذي يتحرك ذيليا حسب ما يتاح له من حرية، يظنها جزء من حدود الفوضى التي تبيح له الحق في التمرد على قوانين الدولة، في محاولة أستقواء ضدها ليظهر تميزا في محاولة وجود موقع قدم له في السلطة.
هذه الكلمة وإن كانت تاريخيا أو على الأقل فقهيا موجوده في العقل الديني الأجتهادي ولا سيما في الفقه الشيعي التداولي، لكنها كانت دوما محصورة في طبيعة الصراع الذي يدور خفيا وعلنيا في أحيان لبن رجال الدين والسلطة، فقد أورد الكاتب العراقي رشيد الخيون في مقال له بعنوان أموال الدولة.. وفق «مجهول المالك»! منشورا في موقع العربية لمحة بسيطة تبين لنا حقيقة هذا الصراع، وكيف كان يتم توظيفه دينيا في محاولة التسيد على صنع فكر ديني منحوت وفقا لرأي المنظومة الدينية، أساس هذه الفكرة والمحور الذي تدور حوله من مخرجات التفكير الشيعي القائم على فكرة الإمامة الظاهرة والإمامة النيابية التي أنفرد الشيعة فيها وحدهم بجعلها واحدة من أصول الفقه لديهم، يقول الكاتب (على أن الدَّولة في عصر الغيبة كلّ ما تملكه يُعد مغتصباً يمكن التَّصرف به بلا حرج، فالدَّولة خارج تلك الولايَّة لا تملك شيئاً، وما يؤخذ منها بلا حقٍّ لا يُعد فساداً، إلى جانب إذا اختلط الحرام بالحلال يُحلل بدفع الخمس لنائب الإمام).
إذا العامل الأساسي الذي يجعل من أموال الدولة في عصر الإمامة بالنيابة أو الوكالة محترما وله عنوان أجتماعي أو سياسي شرعي هو الغاية من جعله بهذه الصفة حتى يتم تمويل المؤسسة الدينية التي تعتمد بشكل أساسي على فكرة حق الإمام، فحق الإمام الفكرة تدور على أن الإمام الظاهر في ظهوره أو نائبه أو وكيله في زمن الغيب هو المخول شرعا بقبض الخمس بعنوانيه (لله وللرسول)، وبالتالي فالدولة التي تعتبر أكبر مالك في المجتمع الإسلامي تمثل أكبر دافع للخمس حسب النظرية الشيعية، فلا بد من الأستحواذ على هذا المال "الخمس" بطريقة لا تجعل من أمر أنتقاد النظرية متاحا، بل أعطت للكل حق أستغلاله لأنه مغصوب أو مغتصب، وبذلك فقد هدت الفكرة الأجتهادية هذه أسس النظام السياسي للدولة الذي يعتمد على قدرته المالية في إدارة الدولة، إذا كان العنوان المعلن شيئا والنتيجة المطلوبة إضعاف سلطة الدولة مقابل تقوية سلطة المؤسسة الدينية الشيعية هي الهدف والغاية من نظرية كون مال الدولة مغصوب.
تطرق الكاتب رشيد الخيون إلى فضية مهمة أخرى وإن كانت بصورة غير مباشرة ولكنه أستعرضها كما هي بلا رتوش، يقول الكاتب (النَّاس تتبع الفقهاء وفق التَّقليد الدِّيني، فإذا كان المسؤولون يُقلدون الفقهاء في المعاملات الماليَّة، تصبح مسألة المال «مجهول المالك» ذريعةً للفساد بالأموال العامة)، هذا الفصل من الكلام ليس تجنيا من الكاتب ولا هي بدعة أراد منها الطعن بالمؤسسة الدينية بقدر ما شخص حالة الفساد والإفساد العلني المنتشر اليوم في نظام حكم الإسلام السياسي في العراق الطاغي بصبغته الشيعية، هذا الموقف الفكري الديني الأجتهادي إذا هو المسئول الأول عن ظاهرة الفساد ونهب المال العام والتصرف به لأنه مغصوب، أولا من قبل الدولة والتي يديرها رجال المرجعية ومقلديها في واحدة من أبشع أنواع التناقض بين النظرية والتطبيق، فإن كانت الدولة غاصبة يعني أن من يديرها أصلا من مقلدي المرجعية الدينية هم الغاصبين، وهم السراق ومالهم حرام وسحت لا يجوز عليه التخميس والتزكية وحتى لو فعلوا، وبالتالي فالمرجعية ورجالها ومقلديها مجموعة من السراق واللصوص في دولة هم يديروها باسم الإمام في زمن غيبته.
لقد حطم الشيعة بعد ألف وأربعمائة سنه من حلم دولتهم الكريمة مثلما يصفونها بأيدهم تجربة نادرا ما تتكرر، وبذلك يتحملون وزرين أمام الله والشعب، وزر الخراب والتحريف والتلاعب بالحقائق التشريعية عندما جعلوا من المال العام مال مجهول المالك ليبيحوا عوامل الفساد داخل المجتمع ويسقطوا قوتهم الأساسية بهذا التخريج الفقهي الأجتهادي، وثانيا تحميل أفراد المجتمع وزر المال الحرام وأثم السرقة بعنوان تحليلي لا يصمد أمام الوقائع التشريعية الحقيقية، هذا ليس فقط على مستوى الأفراد بل أيضا على مستوى نخب المرجعيات أو من يدعون نيابة الإمام، وهنا لا بد أن نذكر طريفة أوردها الكاتب رشيد الخيون تبين المنهج التبريري النفعي الذي تمارسه تلك النخب عندما توضع أمام حقائق لا يمكن نكرانها ولا التجاوز عليها، فقد أورد في نفس المقال حكاية تفضح حقيقة المال مجهول المالك (يُذكر أن الشَّيخ جعفر كاشف الغطاء(تـ:1812)، كانت له سطوة على شاهات إيران، لكن مِن ناحية الفقه يعتبر أموال الدولة مجهولة المالك، فلما أقام له حاكم أصفهان وليمةً، قال له «إن هذا الطَّعام الذي تتناوله هو فعلاً مِن الحرام» مِن الجمارك والضّرائب! فأجابه الشّيخ «مجهول المالك عليَّ حلال وعليك حرام»).
في هذه المقدمة التوضيحية أردنا من خلالها أن نبين حقيقة واحدة لا يمكن الفرار منها أو محاولة تناسيها لوجود قضايا أهم وأخطر في روزنامة السلطة السياسية في العراف، الحقيقة تقول أن أي خطأ في بداية أي مشروع ما لم يتم الألتفات إليه وتعديله وتصحيحه سيكون عامل هدم وتخريب كلما مضت التجربة بدون ملاحظة هذا الخرق حتى لو كان بسيطا، وبالرغم من بعض الفتاوى الخجولة والترقيعية التي يصدرها بعض المراجع حول حرمة المال العام من باب سد الذرائع، لا يمكنها معالجة إرث تاريخي بني على فكرة مزيفة ومخلة بالنظام الاجتماعي للجماعة الشرية، السبب في فشل هذه الفتاوى الخجولة أن مطلقها يقر في داخل عقله وعقيدته خلافها ومستمر على الإيمان بنظرية مجهولية المالك ويدرسها ويعتمدها جزء من منظومة العقيدة الشيعية.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح2
- إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح1
- نشيد صامت.... لذكرى صفاء
- بين الوحي والتنزيل
- بناءأطر القيادة والعمل التنظيمي
- استقالة الحلبوسي مغامرة سياسية أم لعبة قانونية... ح2
- استقالة الحلبوسي مغامرة سياسية أم لعبة قانونية...
- نفي العبثية وعبثية النفي
- الوجود الواحد ووحداية الوجود
- صناعة الحرام والتحريم
- أسطرة النص الديني تحريف للقضية أم تقريب للصورة؟
- التناقض الفكري في منظومة الفكر التعبدي
- الحقيقة وفلسفة السؤال ح3
- الحقيقة وفلسفة السؤال ح2
- الحقيقة وفلسفة السؤال
- العروج إلى الله دراسة في المعنى اللغوي ح1
- سورة يوسف جمالية الأداء اللغوي وعلمية الطرح الفكري ح2
- ديني .. دين الذرة
- سورة يوسف جمالية الأداء اللغوي وعلمية الطرح الفكري ح1
- -يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ-


المزيد.....




- الصحة اللبنانية: مقتل 33 وإصابة 169 جراء الغارات الإسرائيلية ...
- صافرات الانذار تدوي في نهاريا شمال إسرائيل بعد تسلل مسيرات م ...
- روسيا تعدِّل عقيدتها النووية: قد أعذر من أنذر
- بالفيديو.. لحظة استهداف مواقع إسرائيلية في نهاريا بطائرات مس ...
- إسرائيل تغتال نصر الله.. كيف سترد إيران؟
- إعلام إسرائيلي: الجيش يشن هجمات واسعة في بلدة المغراقة وسط ق ...
- لافروف: إعادة بيع تركيا لأنظمة -إس 400- غير ممكنة بدون موافق ...
- لافروف: أنشطة الولايات المتحدة عائق أمام التطبيع بين تركيا و ...
- لندن.. وقفة عقب مقتل نصر الله
- نتنياهو: كلما رأى السنوار أن حزب الله لن يتواجد لمساعدته بعد ...


المزيد.....

- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عباس علي العلي - إشكالية مجهولية المالك بين النص والأجتهاد. ح3