الأوراق المطلوبة للمنصب العام

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)

الحوار المتمدن-العدد: 7391 - 2022 / 10 / 4 - 22:09
المحور: كتابات ساخرة
    

عادة ما بكون المنصب العام والوظيفة الكبيرة والمسؤولية السياسية واحتلال الواجهات لعقود طويلة والتربع على عروش القرار في الدول الفاشلة والمنهارة والفقيرة والمفلسة عبارة عن هبة توهب، أو وراثة تورّث، أو إقطاعة تقتطع، وتوهب لهذا وذاك، وهي بالنهاية تفويض رسمي مطلق وإطلاق لليد، واستباحة للمال العام، و"شيك" على بياض للأقرباء واقرباء الاقرباء، والحواشي، والمقرّبين والمدللين والمحظيين والمحظيات والحبايب والأصحاب والخلان والصاحبات (وهؤلاء غير صاحبات الرايات)، والخليلات والعشيقات مشفةعاً –أي التفويض- بغطاء قانوني ورسمي وحماية ورعاية واحتضان للمسؤول الذي يكون عادة شبه مغفل وأبله، وغير كفؤ ولا مؤهلاً تقنيا للمنصب وليس لديه أحياناً، حتى شهادات التعليم الأساسية، وربما وبالكاد يفك الخط، ويكون حر التصرف بالمال العام وبرقاب العباد حيث تتحول المؤسسة الحكومية بما فيها لشبه ملكية خاصة، ويكون لديه إعفاء من المساءلة ورفع المسؤولية عنه عن كل ما يقوم به من عمليات نهب ممنهج البلاد وعلى عينك يا تاجر وانتهاك للقانون وتجاوزات على الحقوق وسرقة ثروات الدولة وإفقار العباد وضعضعة الاقتصاد الذي، يقود في النهاية لتفكيك وتدمير الاوطان وتشريد الناس....وقد اظهرت وافرزت لنا الحقب والعقود الماضية بعد ظهو، ما سميت بالحقبة الوطنية( ما بعد خرائط سايكس-بيكو المجيدة) شخصيات جوفاء مبتذلة ومهترئة شبه امية وجاهلة ولا تفقه من امرها شيئا ولا تدرك وليس،لديها اية فكرة عن إدارة الدولة والمجتمعات (لكن صدقا لديها الوحي والإلهام والايمان بالله) وبدون اية خبرات وتجارب سياسية وميدانية وإدارية او انتاحية وإبداعية وقد احتلت الواجهات لعقود فكان هذا التفكك والانهيار والإفلاس، وحين تدقق في هوية وشخصية مسؤول ما، فستكتشف على الفور، أنه قريب لفلان، أو محظي ومرضي عنه من قبل علتان العلتاني، ومحبوب أو صهر وأخ لعلان العلاني، ليس إلا وهذه هي كل إمكانياته ومواهبه الفذة في الحياة، وجواز مروره نحو الشهرة والمال والجاه، وغالياً ما يكون لصيقاً جداً، عائلياً أو عشائرياً، بأحد النافذين أو المافيات ورموز النهب العام...
ولن تكون، أبداُ، في هذه المنظومة الفاشلة والمنهارة، بحاجة، لشهادات عليا ودراسة تخصصية وخبرات و"C/V" دسم ومحشو بمؤلفاتك وخبراتك وكتبك وشهاداتك الأكاديمية ودرجات الدكتوراه والماستر والأبحاث التي قمت بها في تخصصك والدول التي زرتها أثناء توليك مهامك وأعمالك الناجحة، والمؤسسات التي قمت بإدارتها والنجاحات التي أحرزتها والمشاريع التي أنجزتها، أو الزمن والمدة التي أمضيته في مهنة ومؤسسة أو ما يعرف بـ "Career" فكل هذا لا يلزم، قدر ما يلزم معرفتك بفلان وعلان، وقربك من الحيزبون الشمطاء علانة، ودرجة استزلامك وتبعيتك أو حتى اقترانك ومصاهرتك لسائق ضرسان الضرساني، أو قدرتك على الوصول لذاك المعتوه وشبه الأبله الذي يغفو وينام على مليارات من دم وشقاء الناس. وفي المرحلة العابرة، والخالية الماضية، فقد، في الفضاء العام، برز جيل كامل ومصفوفة من أشباه المتعلمين وحملة الشهادات "الثانوية" و "الإعدادية" بدرجة "الشحط" (أي النجاح بصعوبة وتدفيش)، ووثيقة محو أمية لإدارة بلدان معقدة والتعامل مع ملفات أمنية وسياسية واقتصادية وإقليمية ودولية شائكة تتطلب خبراء مؤهلين تخصصين بدرجات عالية في الملف المطلوب.

#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات