أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد الشديدي - انهم يقتلون أطفال العراق














المزيد.....

انهم يقتلون أطفال العراق


سعد الشديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:42
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


آخر الأخبار تقول ان مجموعة مسلحة, أكدت بعض المصادر انها تابعة لحزب البعث المنحلّ, اغتالت زوج شقيقة قاضي محكمة الجنايات العليا التي تنظر في قضيةالأنفال, القاضي محمد العريبي, وابن شقيقته البالغ من العمر سبع سنوات.
الخبر لا يحتاج الى تعليق. ولكنه يحتاج الى ادانة. ليس لأن عملية الأغتيال تلك تصفية حسابات سياسية يدفع ثمنها مواطنون ابرياء لا علاقة لهم بما يجري. بل لأنها غريبة على الروح العراقية.
فمنذ متى يأخذ العراقيون الصغير بجريرة الكبير؟
ثمة طفل لم يتجاوز عامه السابع قتله مجهول بصلية رشاش من سيارة مسرعة. طفلٌ وُلد في مدينة عراقية. اول ما سقاه والداه كان ماء دجلة والفرات. طبعت خطواته الأولى أثر قدميه الصغيرتين على تراب هذا الوطن. تعلّم لهجة الأكو – ماكو. وحفظ سورة الفاتحة وقل هو الله أحد. تناول الحامض حلو والمسقول. رسم في كراسة الرسم صورةً لنخلةٍ او شجرة توت ارادها ان تكون خضراء. وقف امام محل الألعاب وبعينيه رجاء وأمل ان يشتري له ابوه احدى تلك اللعب المضيئة في واجهة المحل. ركب المرجوحة في العيد وربما سقط منها وركض الى امه باكياً.
هذا الطفل لم يعد موجوداً. مات كغيره من ضحايا ما يسمى بالعنف السياسي والطائفي في العراق. لم يفعل شيئاً يستحق من اجله ان يُقتل. لم يشتُم أو يهدد أحداً ولم يعتدِ على احد. كان جالساً في سيارة ينظر من خلال زجاجها الى الشارع وأعمدة الكهرباء تمّر مسرعة امام عينيه. فجأة سمع صوت صليات رشاش. شعر اولاً بالفزع ثم احسّ بألم في احشائه. وبعد ثواني. مات.
هكذا ببساطة انتهت حياة عراقي صغير لم يمهله اعداء قاضي محكمة الجنايات كي يفهم لماذا يقتل ابناء بلاده بعضهم البعض. لا اعرف هذا القاضي ولا اقف معه أو ضده. لكن علينا ان نقف ضدّ كل جرائم القتل فهي غريبة علينا ولا تمت لنا بصلة. لذلك لابدّ ان نصرخ بأننا ندينها وان بُحتْ اصواتنا. كل السيارات المفخخة واجساد الأنتحاريين النتنة التي تتفجر في سوق شعبي او مسطر للعمال الفقراء او في شارع يكتظّ بالمارة الأبرياء غريبة على ما تعلمناه من امهاتنا وآبائنا, من معلمينا وأصدقائنا, ومن القصائد التي حفظناها عن ظهر قلب والأغاني التي سمعناها والكتب التي جمعنا ثمنها بشق الأنفس لنكتشفها ونكتشف أنفسنا فيها.
لذلك ندين جرائم القتل تلك. لأنها تنتمي الى عالم اسود, شديد القتامة, نرفض ان ندخله ولو مرغمين.
وفي هذا العراق الذي ظهر لنا فجأةً وكأنه قادم من اعماق الأرض الصدئة يصبح قتل البشر مبرراً, بل مباحاً. فمنذ متى احترفنا نحن العراقيين ذبح بعضنا البعض؟ ومنذ متى اصبح حلالاً علينا قتل اطفالنا لأنهم ابناء خصومنا السياسيين والطائفيين؟
آلاف من اطفال العراق تختطفهم عصابات محترفة. بعضهم يعود سالماً والآخرون يأخذهم درب الصد ما ردّ. اطفال آخرون يموتون بطلقة في الرأس او عند انفجار سيارة مفخخة. هكذا اصبح مصير اطفالنا.
لماذا؟ هل انتهى عراقنا الذي نعرف؟ هل اصبحنا أمة تأكل اطفالها؟
لا اريد أن اصدّق بأن عراقي الذي ارضعتني اياه امي قد مات مع ذلك الطفل ذي الأعوام السبعة.
لست متفائلاً ولا متشائماً ولكنني اعرف جيداً ان وطني قادم من درب الآلام الذي نسير عليه. من حشرجة الرؤوس المقطوعة والملقاة في برك الماء الآسن. من بقايا الأجساد المتناثرة على شوارع لم يبق بها من اسفلت. ومن الثقوب التي يحفرها الرصاص المنطلق بحقد وضغينة الى صدور اطفالنا ورؤسهم الصغيرة.
انه قادمٌ رغم كلّ هذا الدم المُراق من جسده الممددّ مابين الحياة والموت.
واذا لم يأتِ فسأخلقه كما خلقت الآلهة بلاد سومر وزقوراتها. فما الحياة دون وطن؟ وما العالم دون عراق يتوسط الخارطة بنهريه اللذين ينبعان من جنات عدن, واطفاله
الذين يتسلقون اشجار التوت والنخيل ويريدونها ان تكون خضراء.. خضراء؟



#سعد_الشديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيدرالية حقٌ يُراد به باطل
- موطني.. حتى إشعارٍ آخر
- ايها العراقي انت نملة.. فكن سعيداً
- الزرقاوي.. نحروه أم انتحر؟
- اسرائيلي واحد بألف عربي؟ يا بلاش
- وزير الدفاع العراقي يعلن الحرب على الشيوعية
- انقلاب عسكري في بغداد.. قريباً
- عفية .. والله عفية
- كشف الغُمّة في تبيان غباء قادة الأمة
- رسالة عراقية الى الغرباء
- قصائد تشبه الموت
- الحرب الطائفية وحدود جهنم
- قفوا معنا لنكون معكم
- وطنٌ بلونِ ألسماء
- المشهد السياسي العراقي واحداث سامراء
- الشيعة الى السلطة.. والعراق الى الجحيم؟
- العراق ومقدمات الحرب الأهلية
- سامراء.. الرهان.. والتداعيات
- الأنتخابات التشريعية العراقية: فضيحة أم كارثة؟
- هوامش على ملحمة جلجامش


المزيد.....




- أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل ...
- الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر ...
- الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب ...
- اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
- الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
- بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701 ...
- فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن ...
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سعد الشديدي - انهم يقتلون أطفال العراق