|
لم تكن محاولة تفجير مقر الشيوعيين العراقيين مفاجأة
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:47
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كل الحقائق تقول: لم تكن العملية الإرهابية الأخيرة في ساحة الأندلس مفاجأة لأن تاريخ تفجير مقر الحزب الشيوعي العراقي في بغداد الجديدة وحرق ومداهمة وتدمير البعض من مقراته في الجنوب ومسلسل الاغتيالات ضد أعضاء وكوادر الحزب واليسار الديمقراطي في العديد من مناطق العراق استمرت قائمة على قدم وساق وهي امتداد لتلك العقول الوسخة المريضة التي تكره كل ما هو وطني ونظيف وتحاول أن تشوه التاريخ وتقلب الحقائق، التفجير الأخير كان ضحاياه من المواطنين الأبرياء حيث امتزجت دمائهم مع دماء الشيوعيين العراقيين الذين كانوا ومازالوا في مقدمة المضحين والمناضلين من جل خير الوطن وسعادة الشعب، هذه العملية الإرهابية التي قادها انتحاري تقبع بين ثناياه عقارب سوداء طائفية ممزوجة بحقد بعثصدامي لن تكون الأخيرة لأن دور الحزب الشيوعي ونضال الشيوعيين يشكل رأس حربة في الصراع الذي كان دائراً منذ أكثر من ( 70 ) عاماَ ومازال في القوة نفسها من اجل الاستقلال الوطني والحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والدفاع عن مصالح الكادحين وحق تقرير المصير وحقوق القوميات المتآخية شوكة في قلوب الحاقدين من عملاء ورجعيين وطائفيين وشوفنيين وظلاميين الذين يسعون بكل ما لديهم من وسائل للانتقام من الحزب الشيوعي العراقي بعدما فشلت مساعيهم في إنهاء دوره وإيقاف نضاله وتحريف مسيرته وأسيادهم من استعماريين وقوى رجعية وحكومات لا ديمقراطية وكل ما كان بجعبة النظام الشمولي من وسائل وأساليب وإمكانيات، وليس الماضي القريب ببعيد عندما توعد وتعهد صدام حسين منتشياً وفي غرطسة شوفينية معادية لأبسط الحريات المتعارف عليها في العالم بإنهاء الحزب في عام 1980 وغاب عن باله وبال كل الذين يحملون الحقد الطبقي البغيض انه لا يمكن القضاء على حزب يمثل طبقة اجتماعية لها المستقبل وقوى تقدمية تؤمن بالخيار الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية وعلى الرغم من رفض قضية الحرب والاحتلال وكنا نتمنى أن يسقط النظام الشمولي من خلال الشعب وقواه الخيرة الوطنية الديمقراطية وليس عن طريق الاحتلال والحرب المدمرة فإن صدام حسين ومن أراد تدمير الحزب الشيوعي العراقي الذي هو ضمير الجماهير الشعبية الكادحة والمثقفين الثورين قد لفضوا من أكثرية أبناء شعبنا ولنتذكر سقوط ( 14 ) محافظة بين ليلة وضحاها في 1991 وهو اقتراع بالدم ضد النظام السابق وهم الآن في يد العدالة يحاكمون لما اقترفت أيديهم من جرائم ضد الشعب والوطن.. نعم الحزب الشيوعي والشيوعيين العراقيين النجباء باقين على العهد على الرغم من انوف كل الحاقدين زارعي الشر والبغضاء ولن ترهبهم التفجيرات والاغتيالات والمؤامرات لأنهم بالسليقة يعرفون أن الشر دائماً يتربص بالخير ولكن الخير هو الذي سينتصر في النهاية وان الصراع الجاري هو صراع طبقي اجتماعي بين الفئات والطبقات التي لا تؤمن بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية مهما تبرقعت بأسماء ومسميات دينية أو طائفية أو قومية أو سياسية وبين الأكثرية من أبناء شعبنا العراقي من عمال وفلاحين ومثقفين ثوريين وكسبة وموظفين وكل الذين لهم مصلحة في الحريات السياسية وحقوق الإنسان ، مصلحة في الاستقرار الأمني وخروج القوات الأجنبية عن البلاد وإعادة بناء دولة العراق على أسس ديمقراطية تعددية. إن الحزب الشيوعي العراقي عندما يقف الآن في صراعه من أجل تحقيق مصالح أوسع الفئات الشعبية لا يمكن اتهامه بالعمالة أو مسك العصا من الوسط لكي لا يعلن مواقفه بشكل صريح فهو لم يكن يوماً ولا يكون براكماتياً لا في برامجه السياسة ولا مواقفه الوطنية والطبقية الواضحة وهو يصوغ سياسته من رؤيا علمية للواقع وبخاصة بعد المؤتمر الخامس حيث أعلن قراره بضرورة الديمقراطية والتجديد ولهذا فان أي موقف متطرف أو متخاذل سوف يضر ليس مصلحة الحزب والشيوعيين العراقيين فحسب بل مصلحة قوى اليسار الديمقراطي ومصلحة البلاد والشعب العراقي، والذين يضربون بالطبل الأجوف على تحالفاته السابقة وهو الذي أعلن مواقفه منها بشكل علني أو تحالفاته فيما يخص الانتخابات يطالبونه أما باتخاذ طريق العنف المسلح، أو يريدون منه احتضان المشروع الأمريكي فيما يخص العراق والشرق الأوسط أو الفيدرالية الطائفية التي تقسم البلاد على أساس طائفي وبهذا وكلا الطرفين يهدفون وضع الحزب في الحلقة الضيقة ليتسنى لهم ضربه من الخارج وتخريبه من الداخل وهم أساسا لا يؤمنون بحرية الرأي والرأي الآخر ويطالبون الحزب تبنى آرائهم الصحيحة( هواية للكشر ) كي يكون الحزب وطنياً مخلصاً ومطيعاً مؤدباً لا يجرؤ على اتخاذ موقف مستقل تمثل إرادة أكثرية القاعدة الحزبية والجماهيرية! أليس من حق الحزب كما هو حق الآخرين أن يصوغ استراتيجيته وتكتيكاته حسب رؤيته وليس رؤية الآخرين؟ ولهذا فلديه موقف من الفيدرالية الطائفية المراد تطبيقها في الجنوب والوسط والقفز على الواقع على الرغم من الإنكار بأنها طائفية لذر البخار وليس الرماد في العيون، وكان له موقف واضح من تقرير المصير والحكم الذاتي الحقيقي والفيدرالية للإقليم لا بل تبنت مواقفه أكثرية الأحزاب الكردية وفي مقدمتها الديمقراطي والاتحاد الوطني بعد وقت غير قصير وكذلك أحزابا كانت معادية لأسم الديمقراطية. لقد أثبتت الحياة صحة أكثرية مواقفه وتشخيصاته في المجال الوطني والعربي والعالمي وهنا علينا أيضا الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبت كما أعترف بها ولكنها عولجت ووفق آليات ديمقراطية في الكونفرنسات والمؤتمرات وما طرح بشكل علني في وسائل الإعلام بدون إخفاء أية حقيقة حول تلك السياسات.. دلونا على حزب عراقي واحد فعل ويفعل مثلما فعل حزب الشيوعيين العراقيين في مناقشة برامجه ونظامه الداخلي وسياسته بشكل علني وفي وسائل الإعلام وعرضها ليس على جماهير شعبنا وقواه السياسة في الداخل فحسب بل على كل القوى السياسية العربية والعالمية لتبدي الآراء والمقترحات والإضافات . إن الحزب الشيوعي العراقي باقٍ وأعمار الطغاة قصير لا بل جميع أعمار المعادين الشوفينيين والعنصرين والدكتاتورين والطائفيين والتكفيريين وكل الذين يرون في الديمقراطية عدو لهم، ومهما كانت التفجيرات والاغتيالات والمؤامرات فقد كان الحكام على امتداد سنين طويلة متميزين في سياستهم البربرية والوحشية لكنها لم تستطيع أن تخفي ضوء حزب الكادحين ومثلما قيل أن كل الظلام في العالم لا يستطيع أن يطفأ نور شمعة فكيف عشرات الآلاف من الشموع.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حانة الموتى ستظهر في جلاء
-
متى ستتوقف التجاوزات التركية وتدخلاتها في الشأن العراقي؟
-
هدف القتلة من القتل المبرمج بث الرعب وإرهاب الشعب العراقي
-
نعم لقد نطق القاضي عبد الله العامري بجملة حق على الرغم من إن
...
-
الفيدرالية من البصرة الى الموصل هي الأفضل والأصلح للوحدة
-
هدفنا نسف الأمن الداخلي في العراق
-
العلم وغيرة البعض واعتراض أمريكا وخليل زاده
-
مرة أخرى حول محاكمة الأنفال وضحاياها من شعبنا الكردي
-
الطريق الصحيح لحل الصراع العربي الإسرائيلي
-
قارعات القتل على الهوية
-
استغلال المشاعر والشعائر في المناسبات الدينية سياسيأ وطائفيا
...
-
المحاكمة الثانية لصدام حسين وجريمة الأنفال البشعة
-
هل انكفأت العقلية العدوانية بعد أن وضعت الحرب أوزارها؟
-
الدعوة إلى تشكيل اللجان الشعبية هذه المرة لحل معضلة الاضطراب
...
-
نزيف العقول العلمية العراقية وخسارة العراق
-
لنتفق ولكن أولاً على عدوانية حكام إسرائيل وأطماعهم التوسعية
-
الفدرالية الطائفية طريقاً يؤدي للحرب الأهلية وتقسيم العراق
-
تساؤلات عن انجلاء الموقف والمواقف قبل وبعد مجزرة قانا الثاني
...
-
العدالة الاجتماعية في برنامج الحزب الشيوعي العراقي ارتباطاً
...
-
البرلمان العراقي وتداعيات المحاصصة الطائفية والقومية
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|