|
النص العراقي والناقد
سلام إبراهيم
روائي
(Salam Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 1690 - 2006 / 10 / 1 - 10:43
المحور:
الادب والفن
يفتقد العراق بشكل عام إلى شيء بسيط وجوهري إلا وهو سماع رأي الآخر. وهذا السماع هو مفتاح الفهم المتبادل بين الإنسان وأخيه، الرجل والمرأة، الحزبي وحزبه، وبين الأحزاب المختلفة، وبين الأحزاب والمجتمع. وهذا يعود إلى سيطرة الأيدلوجيا والتقاليد والأعراف القسرية التي وسمت البيئة العراقية والتي نرى تجلياتها هذه الأيام حية على الهواء في الأخبار واعترافات القتلة على شاشات التلفزة العراقية. لا يختلف مجال الأدب عن مناحي التجربة العراقية الأخرى. إذ يفتقر الأدب العراقي في السنين الأخيرة إلى الناقد الموضوعي القادر على تأشير موقع النصوص الجديدة بالنسبة للتجربة الإنسانية، وحرفة الكتابة " الصنعة"، وعصر التجربة التي يتناولها النص. فقلما وجدنا ناقدا خلال العشرين سنة الأخيرة يدرس النص الأدبي في علاقته ببنية المجتمع العراقي من حيث هو نص يعبر عنها بالضرورة. وهذا لا يعني عدم وجود مهتمين بالنقد. لكن ينقسمون إلى أصناف ممكن تلخص اتجاهاتهم بما يلي: ـ الأكاديميون ذوي الثقافة التعليمية التي تعامل النص وكأنه معادلات حسابية وهم كثر أصدروا العديد من الكتب التي لا قيمة معرفية لها.. ولغرض فهم هذا الصنف أورد مثلا لأكاديمي منهم يكتب عن غائب طعمة فرمان فبقوم بحساب لون ملابس شخوص غائب ليصل عبر ذلك إلى خلاصة يعتبرها تحليلا للشخوص أو ما شابه ذلك ـ النمط الثاني من بدأ بالكتابة عن النصوص العراقية ثم رويدا.. رويدا بدأ يتعالى على النص العراقي منشغلا في الكتابة عما يعتقد بأنه سوف يساهم في تعريفه في الوسط العربي كأن يكتب عن سرد التراث أو علاقة السرد بالغرب، أو ألف ليلة وليلة في الأدب الغربي وما شابه ذلك معرضا عن متابعة الجديد النتاج العراقي. لا أريد ذكر أسماء لكنني سأعود إلى كتبهم مستقبلا إذا سمح لي الوقت والعمر. ـ النمط الأيدلوجي: وهو نمط من النقاد شاع مع سيادة أيدلوجيتا القومية العربية والماركسية. وصار الناقد يقيس النص وجودته بدرجة قربه من هذا الفكر أو ذاك في معادلات زائفة ضيعت المعايير الأدبية الحقيقية وقيمت النصوص من منظور لا علاقة له بالمنطلق الأدبي، والأمثلة على هذين النمطين واضحة والأسماء ما زالت متواجدة في الوسط الأدبي وتكتب لكنها عاجزة تماما عن متابعة وتأشير النضج الذي وصلت إليه الرواية والقصة العراقية القصيرة مثلا. ـ النمط الآخر: هو نمط ترعرع زمن الحرب الإيرانية العراقية متأثرة بالنقد الغربي الحديث ونظرياته البنيوية والتفكيكيه، ونظريات الحداثة وما بعدها من نظريات نشأت في الغرب على أساس النص الغربي الذي أفرزته الحضارة الغربية وما وصلت إليه من تطور يسبقنا بمئات السنين في كل الأصعدة. هذا النمط راح يطبق قراءاته لكتب مترجمة عن هذه النظريات على النص العراقي بحيث يبدو الكلام لا علاقة له بالنص، أو غير مفهوم البتة. فعندما كنت في كردستان أطالع باستمرار ما يصلني من صفحات الأدب بالصحافة اليومية العراقية وفي المجلات كالأقلام والطليعة المحشودة بمثل هذه المقالات غامضة الجمل المربكة الصياغة... وهذا النمط لا يزال سائدا في الصحافة العراقية اليوم. في مقابل هذه الأنماط من النقاد والمهتمين بالنقد تبلور جيل من كتاب عراقيين مبدعي نصوص بالأصل مارسوا الكتابة النقدية في الصحف والمجلات العربية من المنظور الذي أشرت إليه أي علاقة النص بالبنية الاجتماعية التي أفرزته وبحرفة الكتابة ومن ناصية موضوعية غير منحازة لأيدلوجيا معينة. وهؤلاء الكتاب دأبوا على متابعة النص العراقي ونصوص بعضهم ونشر تلك المقالات في الصحف والمجلات العربية والعراقية أذكر منهم القاص والروائي جنان جاسم حلاوي، الشاعر والقاص كريم عبد لكنه منذ سنوات هو الآخر كف عن ذلك وراح يكتب بالسياسة، القاص والروائي شاكر الأنبا ري، القاص والروائي نجم والي، بالإضافة إلى كاتب هذه السطور. البحث لتجويد النص الذي أكتبه جعلني أجد بقراءة النصوص وتحليل بنيتها ولغتها وتيمتها فقادني إلى الكتابة عن النص. وأتصور أن ذلك السبب هو الذي قاد زملائي المذكورين إلى الكتابة. والنمط الذي كتبه هؤلاء عن النص العراقي المعاصر عميق ينطلق من فهم عميق للنص كون كاتبيه يمارسون كتابة النص الإبداعي أي عارفين بأسرار الكتابة وكيمياء الكلمة. نحتاج إلى نقد أدبي صريح يحلل النص بالتفصيل ويبرر كل استنتاج يصل إليه بشكل عملي لا سيما أننا أمام منظومة كلمات قابلة للتحليل والتأويل والمعنى لا أمام نوع فني آخر كالرسم والموسيقى التي تحتاج إلى أدوات تحليل لا تعتمد على الكلمة. كل هذا أدى إلى تراكم نصوص روائية وقصصية ذات مستوى متواضع، لم يتطور كتابها كما هو الحال في مصر مثلا حيث تستطيع التمييز بين مجموعة الكاتب الأولى والمتأخرة بينما الحال لدينا ليس كذلك وهذا ما سيراه القارئ عند تحليلنا لكتاب الشهر المنشور في هذا العدد ـ الحدود البرية ـ لميسلون هادي. زرت قبل أيام إحدى مكتبات كوبنهاجن العامة وقلبت الكتب بالقسم العربي، فاندهشت لعدد النصوص العراقية الروائية والقصصية المتوفرة والتي لم أقرأ عنها دراسات جادة تساعد الكاتب القارئ والمهتم وتساهم في تطوير الأدب العراقي، يضاف إلى ما لدي من كتب الأصدقاء والزملاء سأعدد ما أتذكره كي يرى القارئ فداحة غياب الناقد العراقي: 1 ـ المفتون عزيز السيد جاسم 2003 2 ـأبو الريش عبد الستار ناصر 2002 3 ـ إذا الأيام أغسقت حياة شرارة 2000 4 ـ ما بعد الحب هدية حسين 2003 5 ـ الحدود البرية ميسلون هادي 2004 6 ـ نساء على سفر هيفاء زنكنة 2001 7 ـ الخائف والمخيف زهير الجزائري 2003 8 ـ الراقصة شاكر الأنباري 2003 9 ـ غايب بتول الخضيري 2004 10 ـ المحبوبات عالية ممدوح 2003 11 ـ زهرة الرازقي سلام عبود 2003 12 ـ أعمامي اللصوص فيصل عبد الحسن 2002 13 ـ التوأم سليم مطر 2002 14 ـ دروب وغبار جنان جاسم حلاوي 2003 15 ـ ليالي الكاكا شاكر الأنباري 2002 16 ـ الحمى المسلحة أسعد الجبوري 17 ـ الخال ناكود علي جاسب 2001 18 ـ المزمار حمودي عبد محسن 2005 19 ـ أنتحالات هادي السعدون 2003 20 ـ الجنائن المغلقة برهان الخطيب 2000 21 ـ غصن مطعم بشجرة غريبه صلاح نيازي 2002 22 ـ أقمار سوداء على أرض سويدية لعلي عبد العال 2003 23 ـ أزمان المنافي لعلي عبد العال 2005 24 ـ ميلاد حزين لعلي عبد العال 2005 25 ـ كتاب الياسمين شاكر الأنباري 2000 26 ـ إيل هيردوتس عبد الله طاهر2003 27 ـ نجوم أدمية لصلاح عبداللطيف 2000 28 ـ عزلة أرستا لحمزة الحسن 2001 29 ـ ليالي القصف السعيد لمحسن الرملي 2003 30 ـ الأسلاف لفاضل العزاوي 2001 31 ـ أصغي إلى رمادي حميد العقابي 2002 32 ـ ثمة أشياء أخرى حميد العقابي 2004 33 ـ يمامة سلام عبود 2002 34 ـ عربة للصيف امرأة للحرية جنان جاسم حلاوي 2003 35 ـ قصص المقتدر بالله البغدادي ونسوانه جاسم المطير 2000 36 ـ سنوات الحريق حمزة الحسن 2000 سأكتفي بهذا القدر فهنالك الكثير مما لم يقع بيدي. من يكتب عن كل هذا النتاج دراسات تفصيلية تتعلق ببنية النص وعلاقته ببنية المجتمع. من يفرز لنا الغث من السمين من هذا الكم الذي اقتصرت على الكتب المنشورة منذ سنة 2000 أما قبل هذا التاريخ فهي كثيرة أيضا..
#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)
Salam_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنها الحرب
-
اختطاف
-
كتّاب كانوا سوط الجلاد الثقافي
-
بمناسبة المؤتمر الرابع للطائفة المندائية..يا عراق متى تنصف أ
...
-
قالت لي: أنا عندي حنين
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|