|
أي حل سنختار لإنقاذ أطفال مصر
أحمد حسنين
الحوار المتمدن-العدد: 1689 - 2006 / 9 / 30 - 09:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
يثير مقال الأستاذة الفاضلة سوزان قسطندي، الذي علقت فيه سيادتها - من تجربة شخصية لها مع طفلة قريبة لسيادتها ملتحقة بروضة أطفال في مدرسة تجريبية - موضوع خطير، هو زرع الشعور بالإختلاف بين الأطفال، و الأسوء إنه يتم في سن البراءة المطلقة، و العقول النظيفة التي لم تلقى فيها قاذورات الأحقاد و الضغائن، و كأن هناك من يريد أن يؤصل للعنف و الإختلاف و الإنشقاق داخل المجتمع المصري، بإسلوب منهجي، و يعلم أن الكراهية في الصغر كالنقش على الحجر. أما الأسوء، إن ذلك يتم في مدرسة تجريبية، أي مملوكة للدولة، و ليس في مدرسة خاصة تتبع أحد الهيئات الدينية سواء إسلامية أو مسيحية. بل في مدرسة عامة، يملكها الشعب المصري على إختلاف أديانه و عقائده و أفكاره. فلو إن تأصيل الإختلاف تم في مدرسة تتبع هيئة دينية، لقلنا لقد إختار الأبوان هذا، و هما يعلمان إن مدرسة طفلهما مدرسة دينية تتبع هيئة دينية تختلف عن دينهما، و إنهما بذلك يتحملان جزء من النتيجة، لأن حتى في هذه الحالة من غير المقبول بأي حال إهانة الطفل أو تدمير إحساسه بالكرامه و إشعاره بالنبذ، بما يلحق بشخصيته أذى لا يوصف. الطامة إنها مدرسة أنشأت و تدار بأموال الشعب المصري، و بأموال الأسر المصرية، بكل عقائدها، و التي أرسلت أطفالها ليمرحوا و يتعلموا، فإذا بهم يعودون لبيوتهم و الشعور بالدونية ينتاب بعضهم و الأخرين يسألون أسئلة - لا تناسب براءتهم - عن الأسباب التي تجعل من الدين سبب في إختلاف المعاملة، أو لماذا يكرهونني؟ للأسف إن ما يحدث في المدارس، هو أحد أعراض الإختراق الوهابي الإخواني للمجتمع المصري و الذي بدأ منذ عام 1928، و الذي إستفحل أمره منذ منتصف السبعينات و حتى اليوم على وجه الخصوص بعد أن حظى برعاية الحكام، الذين أرخوا له العنان ليرتع في حدود الإبتعاد عن طلب الحكم. و الأسف هنا مرجعه، أن الأمر وصل إلى إيذاء الأطفال الأبرياء، فوصل إلى غرز الشعور بالإزدراء و الكراهية و الإختلاف، في نفوس طاهرة بريئة لا تعرف الكراهية، و تفترض في الجميع النقاء كما هي نقية. و الأسف يزيد لأن السكوت على هذه الجريمة بحق الطفولة المصرية، يعني أن الشقاق داخل المجتمع المصري يزداد كل يوم، و إن آمالنا في عودة السلام الإجتماعي تتضاءل فرصها مع إستمرار تخريج أطفال عرفوا معنى الإختلاف مبكرا و ذاقوا معنى الكراهية قبل أن يذقوا طعم المحبة. الحل حلان، في رأيي الشخصي، حل مؤقت غير فعال كثيرا، يتمثل في الدورات التدريبية الإجبارية لمعلمات رياض الأطفال، و ندوات التوعية و ما إلى ذلك، و التركيز على نفسية الأطفال، فهناك الكثير الذي يجب أن تتعلمه معلمة أي روضة أطفال، فمن تجربة شخصية لشخص أعرفه جيدا منذ ثلاث سنوات تقريبا، و هو والد لطفل بأحد رياض الأطفال الخاصة، و التي تقبل الأطفال في سن ما قبل الكي جي 1، تحدثت المعلمة مع الأطفال عن الموت و جهنم و إنها جزاء الخطاة و الكاذبين، نعم عن الموت وجهنم لأطفال أصغر من أن يلتحقوا بالسنة الأولى من رياض الأطفال، و لكن الأطفال كانوا محظوظين هذه المرة حين نجوا من جهنم معلمتهم، بعد أن تدخل الأباء لدى مديري دار الحضانة تلك، فتم إستبدلها بمعلمة أوروبية من أحد دول البلطيق متزوجة بمصري، فبدأ الأطفال يعودون لبيوتهم لينشدوا ما تعلموه من أغاني بدلا من أسئلة: هل سأموت؟ متى سأموت؟ أين سنذهب بعد الموت؟ و ما إلى ذلك من أسئلة تعذب بها الأطفال و معهم أولياء أمورهم لفترة على يد المعلمة الإخوانية. الحل الحقيقي بطبيعة الحال ليس في إستيراد معلمات أوروبيات محل الإخوانيات، فأنا شخصيا ضد إحلال عمالة أجنبية محل المصرية، و أتشدد في ذلك، مثلما لا يقبع الحل في ندوات إرشادية و دورات إجبارية و إختبارات تحريرية و شفهية إلزامية، لأن هذه النوعية من المعلمات سوف يدلين في تلك الإختبارات بما يعرفن جيدا إنه يضمن لهن إجتيازها، و ربما بتفوق، و لكن أعماق عقولهن سوف تظل تحوي نفس الأفكار الظلامية التي عبئها الداعية الذي يستمعن إليه و المرشد الذي يقودهن، و ليظل بث الحقد و الكراهية كما هو، و تدمير شخصية الأطفال مستمر. و الوزارة لن تتخذ أي إجراء ضدهن في واقع الأمر، لأن الإخوان قد إخترقوا جميع مستويات العملية التعليمية من أول معلمات دور الحضانة و حتى عمداء الكليات، و بما في ذلك ديواني وزارتي التعليم العالي و الواطي. و الوزير نفسه يرى بنفسه كيف يعقد رئيسيه الصفقات مع الإخوان و كيف يتقاسمون معا الغنيمة، و رأى كيف أن زعيم المعارضة و مرشحها في إنتخابات الرئاسة الوحيدة، ذهب ليستجدي أصوات الإخوان و صلى خلف مرشدهم إظهارا للولاء، الكل يتفاوض معهم و يطلب رضاهم، فهل سيعاديهم هو؟ الحل الحقيقي و الدائم، هو نفس الحل لكل مشاكلنا: تغيير النظام الحاكم بأكمله، و إحلال نظام حكم قوي صلب، يرتكز على قاعدة شعبية راسخة. نظام لا يعرف معنى التنازل و المهادنة و لا يجيد عقد الصفقات، و يدرك أن جميع المصريين سواسية في الحقوق و الواجبات، و يؤمن بأن الدولة المدنية ضرورة لا تفاوض فيها. نظام قادر على أن يضرب بيد من حديد على يد المتطرفين و الفاسدين. نظام يناصب النظام السعودي ألد العداء. نظام لا ينتظر أموال البترودولار و لا يقبل أن يبيع مصر و أبنائها لهم. هذا هو الحل الحقيقي، و لن يصنع ذلك الحل و يجعله ممكنا إلا الشعب المصري، فتعالوا نوقظه معا. أحمد حسنين 29-09-2006 حزب كل مصر تراث - ضمير - حرية - إستعيدوا مصر
#أحمد_حسنين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|