وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)
الحوار المتمدن-العدد: 7385 - 2022 / 9 / 28 - 16:32
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مارس المصريون الختان منذ عصور ما قبل التاريخ، وهم الذين نقلوا هذه الممارسة إلى العالم السامي بصفة عامة (اليهود والعرب)، وبالأخص إلى من كان هيرودوت يسميهم السوريين. وهو يسوق قرينتين لكي يثبت أن الكولخيين كانوا مصريين: "إن الكولخيين والمصريين هم الوحيدون الذين لجأوا إلى الختان منذ الأزمنة الموغلة في القدم. ويعترف الفينيقيون وسوريو فلسطين بأنهم تعلموا الختان من المصريين، ولكن السوريين الذين يعيشون على شواطئ الترمودون وبانينوس، وكذلك جيرانهم الماكرونيين، يقرون بأنهم أخذوا ذلك منذ أمد قريب من الكولخيين. وهذه الشعوب هي الوحيدة التي تمارس الختان، ويقال إنهم إنما يحاكون في ذلك المصريين". (هيرودوت، الجزء الثاني، ص 104).
وبوسعنا أن نستنتج أيضا من كافة التفاصيل في التوراة حول ختان إبراهيم، إثر زواجه من هاجر الزنجية المصرية، بعد أن بلغ التسعين من عمره، وكذلك موسى ومن بعده اليهود، أن "الساميين" لم يمارسوا الختان إلا بعد اتصالهم بالعالم الأسود، وهو ما يتطابق مع شهادة هيرودوت.
ولا يجد الختان تفسيرا متكاملا له إلا في إطار مفهوم عام للكون عند الزنوج: وينطبق ذلك بالأخص على مفهوم نشأة الكون عند الدوجون، وهو شعب زنجي من افريقيا، يعيش في مالي، وقد حافظ بشكل خاص على ثقافته، والذي تناوله مارسيل غرييول في كتابه "إله المياه" (ص 187): "تكون الذكورة والأنوثة بنفس القوة، طالما يحتفظ الإنسان بغفلته أو ببظره، وهما دعامتا مبدأ الجنس المضاد للجنس الظاهر، ولذا فمن الخطأ اعتبار الرجل غير المختون امرأة، إنه مثل الفتاة التي لم يبتر بظرها، أي أن كلا منهما ذكر وأنثى في آن واحد. ولو استمر عدم الحسم هذا إزاء الجنس وظل على حالة، لما مال الكائن أبدا إلى الإنجاب".
فهو يرى أنه لكي يكتسب الختان معناه الكامل، فإن الكائن الذي يولد، يكون خنثى إلى حد ما، شأنه في ذلك شأن الإله الأول الخالق؛ ولذا يتعين أن يكون مصحوبا بالبتر، (أي ختان الأنثى)، باعتبار أن العمليتين تهدفان إلى تخليص الرجل من جانبه الأنثوي وتخليص المرأة من علامات الذكورة، وترمي هذه العملية، حسب العقلية القديمة، إلى تغليب سمات أحد الجنسين عند شخص معين.
كما توجد أسباب مختلفة تفسر الختان والبتر منها: "ضرورة تخليص الوليد من قوة شريرة، وضرورة أن يقدم ضريبة الدم وحسم مسألة جنسه نهائيا". (إله المياه، ص 189). أنظر (شيخ أنتا ديوب. الأصول الزنجية للحضارة المصرية، ص 157-159).
#وديع_بكيطة (هاشتاغ)
Bekkita_Ouadie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟