أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - طفل البحر














المزيد.....

طفل البحر


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7382 - 2022 / 9 / 25 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


اللاجيء والمهرب يجلسان على مصطبة يرقبان البحر ويتفاوضان على صفقة صغيرة يحاولان أن تتم بسرية ونجاح بعيدا ً عن أعين الشرطة والمخبرين . المخبر سعره محدد لا يقبل التنازل عن ليرة واحدة واللاجيء لا يملك المبلغ كاملا ً لكن لديه زوجة صغيرة شابة وجميلة والمهرب بعينيه الذئبيتين أراد أن يستغله من اليد التي توجعه , هو يعرف في سره نقطة ضعف الرجل ويود أن ينفذ من تلك الثغرة تصيبه بمقتل . كان اللاجيء يستعرض ضعفه وقلة حيلته وأيضا ً حاجته الماسة لهذه الرحلة تنقذه من العذاب ومن الذل ورعب الترحيل فقد أغلقت بوجهه كل الأبواب . وبينما هو مسترسل بعرض حاله فاجأه المهرب بفكرته الشيطانية قائلا ً :
_ لم لا تأخذ الطفل معك وتترك زوجتك هنا ريثما تدبر أمورك المالية هناك ؟
_ لا لا أستطع تركها لوحدها في مدينة كبيرة لا أحد لها فيها ..
_ صدقني ستكون بخير هنا . أستطيع تدبير عملا ً لها وتستطيع أنت والطفل أن تنجوا بحياتكما أنا أخشى عليكما من الترحيل , لا نعلم ماذا ينتظركما هناك ؟
_ ليس سوى الموت . لكن الموت أهون من ترك زوجتي وحيدة ً في مدينة غريبة ..
_ في الحالة هذه عليك تدبير المبلغ كاملا ً خلال ساعات ٍ محدودة ٍ ليس أكثر ..
_ يا معلم ألست مسلما ً ؟ الأسلام يوصي بالرحمة وأنا كما ترى مغلول اليدين ..
_ الأسلام دين الدولة الرسمي , ديني أنا هو الدولار . أيضا ً عليك أن تعلم بأن نصف هذا المبلغ يذهب على شكل رشاوى لخفر السواحل .
_ طيب أعطيني فرصة أتفاوض فيها مع زوجتي , هل حقا ً ستجد لها عملا ً تحصل منه على قوت يومها ؟
_ لا تقلق سنجد لها عملا ً يناسبها ..
_ أتيت بها من صف الدراسة لا تتقن أي مهنة , كيف تتدبر أمرها وهي بهذه السن ولا خبرة لديها ؟
_ لدي عائلة ثرية جدا ً أرسلها لهم تعتني بسيدة البيت المسنة ولسوف تحصل على مرتب جيد إضافة إلى المبيت والأكل وثوبا ً يسترها من العوز ماذا تقول ؟
_ سآتي بها غدا ً توكلنا على الله ..
عاد الرجل إلى زوجته يود أن يخبرها بما جرى بينه وبين المهرب من إتفاق . إنتظرته أن يقول شيئا ً لكن الكلمات تموت حالما يود الكلام . كأنه عاد من المقبرة جسدا ً فارق الروح ونسي عادة الكلام . كيف تبخر كل الكلام الذي ود قوله ؟ فكرة ترك زوجته بعهدة المهرب والرحيل نحو مصير ٍ غامض بدت له أقسى من أن يسلم نفسه لسلطات بلده ليس سوى أن يتفسخ في سجن قذر ٍ أو الموت تحت التعذيب . إلهي أعني ماذا أفعل ؟
_ ما بك لماذا لم تقل شيئا ً هل إتفقت مع المهرب ؟
أرجوك قل لي شيئا ً ..
_ يازوجتي الحبيبة أنا في مأزق , وضعنا انا وأنت ِ والطفل في وضع ٍ حرج ٍ للغاية . ليس معي المبلغ المطلوب ولا حل لنا سوى أن تظلي هنا لوحدك ِ بضعة شهور ٍ وننفذ أنا والولد بجلدنا حتى حين ..
_ ماذا تقول يارجل ؟ تتركني وحدي في مدينة غريبة ليس لي فيها أحد . دعني أعود لبلدي على الأقل لي هناك أهل ..
_ بقاؤك هنا مؤقت ثم أني وجدت لك عملا ً يسترك ِ عند عائلة محترمة . الحياة تتطلب تضحية عزيزتي ونحن في ظرف ٍ حرج ٍ للغاية ..
في اليوم التالي أسلم الرجل زوجته بعهدة المهرب وذهب إلى المجهول . كانت الزوجة التعسة في شقة المهرب يحاول إقناعها أن تشاركه كأس الويسكي كي تسترخي أعصابها وتنسى مصيبتها . هي كانت تبحلق بعينين ملؤهما الأسى والدهشة جثثا ً طافية ً فوق الماء . كانت تحدق بالكارثة المحدقة بها وهي تبصر جثث الغرقى طافية ً تتقاذف بها الأمواج بينها جسد طفلها الصغير وزوجها اللذين إستسلما للبحر غرقى مع آخرين لقوا المصير ذاته ثم صاروا خبرا ً تتناقله شاشات التلفزة .



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت وليل
- ليلة الدخلة
- موت قطة متشردة
- من يكترث ؟
- شاعر تقتله كلماته
- تظاهرة
- الوردة والعصفور
- تلك هي المعجزة
- لماذا صمت الجميع ؟
- غريب في مدينة أليفة 10
- غريب في مدينة أليفة 9
- غريب في مدينة أليفة 8
- غريب في مدينة أليفة 7
- غريب في مدينة أليفة 6
- غريب في مدينة أليفة 5
- غريب في مدينة أليفة 4 صياغة جديدة للقصة نفسها
- غريب في مدينة أليفة 4
- غريب في مدينة أليفة 3
- غريب في مدينة أليفة 2
- غريب في مدينة أليفة 1


المزيد.....




- “هتموت من الضحك ” سعرها 150 جنية في السينما .. فيلم سيكو عص ...
- جوائز الدورة الـ 11 من مهرجان -أفلام السعودية-.. القائمة الك ...
- ما الذي نعرفه عن العقيدة الكاثوليكية؟
- روسيا ترفع مستوى التمثيل الدبلوماسي لأفغانستان لدى موسكو
- فيلم Conclave يحقق فقزة هائلة بنسب المشاهدة بعد وفاة البابا ...
- -تسنيم-: السبت تنطلق المفاوضات الفنية على مستوى الخبراء تليه ...
- مصر.. الحكم على نجل فنان شهير بالحبس في واقعة قتل ومخدرات
- -فخّ الهويّات-.. حسن أوريد يحذّر من تحول الهويات لسلاح إقصاء ...
- -هيئة الأدب- تدشن جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي ...
- وزارة الثقافة الروسية: فرق موسيقية روسية ستقدم عروضا في العا ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - طفل البحر