|
الثأر والكبير
إياد الغفري
الحوار المتمدن-العدد: 7381 - 2022 / 9 / 24 - 22:50
المحور:
كتابات ساخرة
في بث البارحة للدكتور كمال اللبواني اختصر الكثير من مصائبنا بعد الكارثة السورية. ربما محقاً تحدث اللبواني عن قضية أصحاب الدم، لكنه اعتبر أنه في حال لم تتحقق العدالة فإن الانتقام هو الحل الوحيد وهدد من مأمنه في أوربا العالم بالتكاثر البيولوجي لأمة الإسلام وبأن العالم هو المسؤول عن التطرف والإرهاب الذي سيكون المستقبل. بث اللبواني كان على خلفية عودة بعض المعارضين برعاية تركية لتقبيل القدم وإبداء الندم؛ فخرج اللبواني عن هدوء مفترض وبدأ يتحدث بعقلية الثأر وأولياء الدم.
جمال بثوث اللبواني أنه يفتح صندوق الائتلاف الأسود حيث أنه كان جزءاً أساسياً من الائتلاف المعارض ومن نجوم معارضة الشاشات خلال العقد الماضي. كنت أسر لأصدقائي بأن متابعة حديث عاهرة انشقت عن ماخورها وبدأت بكشف خبايا المومسات والبطرونات هي السبب الرئيس لمتابعتي لأقطاب النظام المنشقين حيث أن سماع عاهرة تائبة يفضح إمكانات باقي المومسات وخباياهن.
في الدقيقة 19:39 من بثه المعنون "العمى بقلبه ما كان يفهم" يقول اللبواني ما يلي:
"عدالة تصالحية.. روح تصالح أنت .. هي عدالة تصالحية... مو عدالة تصالحية.. بكرا بنجيب لكم مصاري وبنروح بنقتل الطائفة العلوية كلها.. شو رأيكم؟ هيدي أخي هادا... أخي في عندنا نحنا في عندنا ست... ميتين ألف على الأقل سجنوا في السجون وقتلوا... ... عطونا ميتين ألف شب... شب... لحتى نقتلهم وخلص روحوا تصالحوا... ما فيا شي... المرأة بالمرأة والعين بالعين والجروح قصاص، والعبد بالعبد والحر بالحر... مو هذا القانون؟ عطونا مقابيلهم ميتين ألف لحتى نقتلهم ومنتصالح ساعتها... فيا شي؟ نقهوهن منين بدكن ياهن.. الاهم يكونوا من خيرة الناس اللي عندكم لأنوا أخدتوا خيرة الناس اللي عندنا... فهيدي العدالة... بدكن هيك؟ لح يصير هيك عملياً أنا عم نبهكم لأنو لح يصير هيك... كل واحد لح يقتل واحد مقابيل اللي مات... "
يعتبر البثاث أن المفاوضة باسم أولياء الدم لا تتم إلا بتوكيل قانوني وأعتبر أن حق الدم لا علاقة له بالسياسة، وبدا وكأنه يحاول أن يكون صوت العقل المطالب بالعدالة الانتقالية لتجنيب البلاد كوارث مستقبلية ستتحتم على تطبيع الائتلاف الذي كان من أعضائه مع النظام الذي لم يكن بعيداً عن رموزه التي صارت بقدرة الله معارضة، وما زال يلمع لبعضها بين الحين والآخر.
في نهاية البث يختم الدكتور اللبواني 22:46 "طول عمرنا نحنا بدو والثأر هو العد... هو اللي بيضب العالم... إذا كل واحد بدو يقتل ويفلت على كيفو شو معناتو؟... شو معناتو هذا الحكي؟؟ إذا ما في عدالة في ثأر... ونحنا الثأر بطبعنا، بدمنا بتقاليدنا، بثقافتنا... فهمتوا؟... ما فهمتوا... العمى بقلبه ما كان يفهم."
أكبر مآسينا هي ممارسات من اعتبروا أنفسهم نخباً، فقضية الثأر التي اعتبرتها طيلة سنوات قضية صالحة فقط للأفلام المصرية التافهة، ما هي إلا حقيقة وواقع حسب المفكر السوري اللبواني، بل وهي البديل الوحيد للعدالة المنشودة.
الحديث عن الحرائر وعن القيم العشائرية وتقاليد الدين الحنيف، لا يمكن أن يؤدي بشكل من الأشكال لحملة تنويرية تنهض بالأمة لمقامات سامية، بل هي أعمدة لرمال متحركة ما أن يضع المرء قدمه فيها حتى تسحبه للأسفل.
الفارق بين حديث اللبواني عن الثأر وبين الأفلام المصرية كبير. في العشائر البدوية هناك شيخ للعشيرة يتخذ منصب المرجعية القضائية فيحكم بما يراه مناسباً وتلتزم العشيرة بحكمه، وكذلك في صعيد مصر هناك في كل قرية كبير يتم الالتزام بحكمه والانصياع لأوامره.
ديموقراطياً يحق للبثاث أن يقول ما يشاء، لكن أن يبث فكره للمجاميع فهذا مرفوض كونه يزيد في اشتعال نيران الكارثة.
غضبة اللبواني من سنوات سجنه، من تهميشه لاحقاً من قبل المعارضة التي كان برغياً في ماكينة ائتلافها، ومن تهميشه من الأجهزة المخابراتية التي قررت أنه لا يمثل وزناً حقيقياً على الأرض ولا يمتلك من خفايا الأمور إلا القليل المتبقي من ذكريات كهل عجوز، تسببت في تضخم أناه لدرجة أنه صار في بثوثه يتكلم وكأنه يمثل المليارات من سكان سوريا وبضع ملايين من سكان الزبداني. الضير ليس في خطاب المذكور ولكن في تعليقات الجموع التي ترفع له القبعات، هنا تكمن الكارثة، فهذا الحقد الأعمى كان يمكن له في الماضي أن يبقى دفيناً في عقول البعض، لكنه صار يبث على منبر تحريضي يسمم ما تبقى من الوطن.
شيوخ العشائر عند البدو والكبير في مصر يمثلون شكلاً من أشكال السلطة، سلطة تكبح جماح حيونة القطيع، هذا ما ينقص حالنا اليوم، فبدلاً من الكبير هناك عشرات الصغار الذين يتفاخرون بصب الزيت على النار.
العشيرة التي يحكمها شيخ تلتزم بقراره، وأنا أتحدى أي من بثاثي المرحلة أن يتحدث عن عشرة من الوجوه السياسية تتفق على التعاون لإنقاذ ما تبقى من ذاك الوطن. بانتفاء ميكانيزم الحماية التي يمنحها الكبير أو الحكيم للجموع يصبح خطر المحرضين أشد بكثير مما يعتقدون، لا تؤلم خطابات الكراهية التي تهدف للتفرقة بين من تبقى من السوريين،بقدر ما يؤلم أن يثني بعض عشرات الآلاف على خطابات الكراهية والمطالبات بالثأر.
خطاب المذكور هو خطاب كهل يفترس حقده على تحيديه من منظومات الارتزاق اضطره لأن يفتح دكانه الخاص لنشر الكراهية، خطاب مقزز لكنه يحظى بمؤيدين للأسف.
#إياد_الغفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بالنووي يا بوتين
-
النيك 18+
-
فاضت روح نبيل فياض
-
مخطوطات صنعاء
-
الألقاب
-
الانتخابات
-
المسبار
-
سب وأهان
-
الضروع العربية
-
الإكسسوارات
-
تداول السلطة
-
الدعاء
-
جينات الشهوة
-
القضاء والحساب
-
محاكمات كوبلنز
-
هواية الثورة
-
الشخصنة والثورة
-
الأمل
-
الشعر والأحلام
-
الإلحاد القويم
المزيد.....
-
الجزائر تعلن العفو عن 2471 محبوسا بينهم فنانات
-
أفلام كوميدية تستحق المشاهدة قبل نهاية 2024
-
-صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
-
فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو
...
-
منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا
...
-
لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي
...
-
فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
-
بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي-
...
-
نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|