|
تمت خيانة الاشتراكية !
دلير زنكنة
الحوار المتمدن-العدد: 7381 - 2022 / 9 / 24 - 20:33
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
كارلوس نابايس، صحيفة أفانتي (الصحيفة الأسبوعية للحزب الشيوعي البرتغالي)
روجر كيران وتوماس كيني من نشطاء أمريكا الشمالية. روجر مؤرخ صاحب مؤلفات ومدرس جامعي. توماس خبير اقتصادي. اصدقاء قدامى ، عملوا معًا لدراسة وتحليل الأسباب التي أدت إلى هزيمة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفيتي ، و التي اعتبرت خسارة لا توصف للعمال والشعوب المضطهدة في جميع أنحاء العالم. تكشف النتائج أنهم حققوا ذلك ، كما هو موضح في كتابهم "الاشتراكية المغدورة " ، الذي نشرته مؤخراً أفانتي!
أفانتي! - متى ولماذا اهتممتم بالبحث في أسباب هزيمة الاشتراكية وانهيار الاتحاد السوفيتي؟
توماس كيني - مثل روجر ، شعرت أن أحداث 1989-1991 ، انهيار الاشتراكية الأوروبية ، كانت كارثة عظيمة . بعد عام 1991 اعتقدنا أن تاريخ الاشتراكية سيثير اهتمام العديد من الباحثين وسنجد سيلًا من المطبوعات حول هذا الموضوع. لكننا لم نرى شيئًا ، فقط الصمت. في حين أن هذا ليس الاختصاص المهني لأي منا ، فقد قررنا التخصص في مجال البحث هذا ، وقراءة جميع الأدبيات التي يمكن أن نجدها. لقد عملنا لأكثر من أربع سنوات ، بين 1999 و 2004 ، العام الذي نشرنا فيه الكتاب في الولايات المتحدة مع استنتاجاته. لكن ما دفعنا حقًا إلى محاولة تحديد أسباب الانهيار هو حقيقة أننا نعتقد أن النظرية لا تسمح بمثل هذا التطور. تناقض انهيار الاشتراكية مع كل ما كنا نعتقده. لم نعتقد أبدًا أنه من الممكن تدمير الاشتراكية. على العكس من ذلك ، كنا نعتقد بقوة أن الاشتراكية سوف تتطور باستمرار.
أ- هل المادية التاريخية خاطئة بعد كل ما قيل و حصل؟
توماس كيني - لا. كنا على يقين من أنه ، فيما يتعلق بالمنهج ، بقيت المادية التاريخية صالحة ، لكننا سألنا أنفسنا - لماذا لم يُقال أي شيء عن الانهيار؟ كنا بحاجة إلى القيام بالكثير من القراءة. بعد أكثر من عام ونصف بدأنا في تحديد بعض أجزاء اللغز وشرح تأثير ما يسمى بـ "الاقتصاد الثاني" في الاتحاد السوفيتي ، والذي أثبت أنه عنصر حاسم في استنتاجاتنا.
روجر كيران - نعتقد أن اشتراكية القرن الحادي والعشرين تحتاج إلى معرفة ما حدث لاشتراكية القرن العشرين. بعد ثورة أكتوبر نفسها ، ربما كان أهم حدث في القرن العشرين هو تدمير الاتحاد السوفيتي والاشتراكية في أوروبا.
أ - لكن بالنسبة لمعظم الناس ، تشير الأدلة إلى أن أزمة عميقة فقط هي التي يمكن أن تسبب مثل هذه الكارثة ...
ر ك - هذا طبيعي. لقد كانت خطوة هائلة إلى الوراء ، لذلك يميل الناس إلى المبالغة في رد فعلهم في تقييم أسبابها. لم تكن هناك أزمة في الاتحاد السوفياتي. كانت هناك مشاكل ، لكن لم تكن هناك أزمة.
أ- هناك فكرة أن البيريسترويكا شكلت رداً على أزمة في المجتمع ، في السياسة ، في الثقافة ، في الأيديولوجيا ، في الأخلاق ، وفي الحزب ، نتيجة للتشوه الخطير للنموذج الاشتراكي. تراكمت الأخطاء والتأخيرات على مدى سنوات عديدة. إنها فكرة أن النموذج السوفياتي للاشتراكية قد استنفد إمكاناته للتنمية ، مما يجعل من الضروري إجراء إصلاحات جذرية. هل تريد التعليق؟
ر ك - أعتقد أنه يمكننا تلخيص وجهة نظرنا على النحو التالي: ما قتل المريض ، "الاشتراكية "، كان العلاج. على عكس ما يعتقده الكثيرون - أنه كانت هناك مؤشرات على وجود أزمة - لم تكن هناك بطالة ولا تضخم ولا مظاهرات وما إلى ذلك. لكن هذا لا يعني أنه لم تكن هناك مشاكل. من الواضح أنه كان هناك ، خاصة في المجال الاقتصادي ، ساءت معظمها في فترة بريجنيف ، التي اتسمت قيادتها بالسلبية وعدم الاستعداد لمواجهة المشاكل. بهذا المعنى ، يمكننا القول أنه كان هناك نوع من "الركود" ، على الرغم من أننا لا نحب الكلمة ، والتي تعني بالمعنى الدقيق للكلمة غياب النمو ، وهو ما لا يتوافق مع الحقائق.
أ - تفاقمت المشاكل الاقتصادية منذ ذلك الوقت؟
ت ك - بدأ معدل النمو الاقتصادي في التباطؤ من وقت خروتشوف ، من نمو بنسبة 10 إلى 15 في المائة سنويًا إلى خمسة وأربعة وثلاثة في المائة سنويًا. كان هناك تباطؤ واضح ، لكن الاقتصاد استمر في رؤية ، وفقًا للمعايير الرأسمالية ، نموًا محترمًا ، مما سمح بارتفاع مستمر في مستوى المعيشة السوفيتي. في عام 1985 بلغ مستوى المعيشة أعلى مستوياته على الإطلاق. من حيث القوميات، لم تكن هناك صراعات أو تناقضات ملحوظة بين شعوب الاتحاد السوفياتي. كانت هناك مشاكل وصعوبات ، لكن لم تكن هناك أزمة. على الصعيد الدولي ، كان الاتحاد السوفياتي تحت ضغط إمبريالية أمريكا الشمالية. زادت إدارة ريغان من الضغط العسكري والاقتصادي والدبلوماسي. كما نحدد المشاكل داخل الحزب الذي طالب بالإصلاحات. لكن القضية الرئيسية كانت في مكان آخر.
أ - إذا لم تكن الاشتراكية ، كما ذكرت ، في أزمة ، فما هو مصدر الإصلاحات المدمرة التي أجريت في نهاية الثمانينيات في الاتحاد السوفيتي؟
ت ك - طوال تاريخ الاتحاد السوفيتي ، كان هناك دائمًا صراع في السياسة بين اتجاهين: جناح يميني ، يحمل أفكار وأساليب الرأسماليين ، وجناح يساري يدعم الصراع الطبقي ، وحزب شيوعي قوي ، ودفاع لا هوادة فيه عن قيادة الطبقة العاملة. بالمناسبة ، وجدنا هذين التيارين حتى قبل ثورة أكتوبر: التيار المنشفي من جهة ، والتيار البلشفي من جهة أخرى. في وقت لاحق ، استقطبت هذه المعركة حول بوخارين وستالين ، وخروتشوف ومولوتوف ، وبريجنيف وأندروبوف ، وغورباتشوف وليغاتشيف. يمكن رؤية تاريخ الاتحاد السوفيتي بأكمله في ضوء الصراع بين هذين التيارين. ومع ذلك ، حقق غورباتشوف ، جنبًا إلى جنب مع الجناح اليميني، انتصارًا كاملاً.
ر ك - بريجنيف ، بسياسته المتمثلة في استقرار الكادر وخوفه من إحداث هزات ، ترك قيادة مسنة للغاية وترك مشاكل مختلفة في الاقتصاد والمجتمع تزداد سوءًا. إن ندرة بعض المنتجات ، وخاصة المنتجات عالية الجودة ، وتطور "الاقتصاد الثاني" ، وفساد قادة الحزب ، كلها عوامل جعلت الناس غير سعداء. عندما وعد غورباتشوف بحل هذه المشاكل ، وافق الجميع تقريبًا. يبدو أنه ، أخيرًا ، ظهر شخص ما لديه الإرادة لتغيير الأشياء إلى الأفضل.
أ- ومع ذلك ، يشير البعض كأسباب للانهيار ، انحطاط الحزب الشيوعي ، إلى أن الجماعية استبدلت في مرحلة معينة بدائرة صغيرة من القادة وحتى بقائد فردي. تم خنق الديمقراطية الحزبية من قبل نظام بيروقراطي مركزي. التداخل والارتباك غير المرغوب فيه بين الهياكل الحزبية وهياكل الدولة. استياء جماهير الحزب. فشل الديمقراطية الاشتراكية ، التي قدمت على أنها أعلى مستوى للديمقراطية. وفقًا لهذه النظرية ، تم تجريد الشعب السوفيتي من السلطة السياسية ، وكان ذلك قاتلًا للاشتراكية. هل توافقون ؟
ت ك - إن الفكرة القائلة بأن الاتحاد السوفياتي عانى من نقص الديمقراطية ومن المركزية المفرطة منتشرة بشكل كبير بين الإصلاحيين الاجتماعيين والاشتراكيين الديمقراطيين والمؤرخين البرجوازيين وحتى بعض الشيوعيين. لكن من وجهة نظرنا ، هذا خطأ ويضخم مشاكل الديمقراطية السوفيتية. على الرغم من بعض المشاكل ، كانت للديمقراطية السوفيتية حيوية كبيرة. شارك حوالي 35 مليون عامل بشكل مباشر في أعمال السوفييتات ، التي كانت مؤسسات سلطة ، تتخذ قرارات فاعلة. بلغ عدد العمال النقابيين 163 مليون عامل. كان لدى الحزب 18 مليون مناضل. كانت للديمقراطية مؤسسات أخرى مثل الرسائل من القراء في جميع الصحف ، والمنظمات النسائية ، وتلك الخاصة بالشباب. صحيح أن كل هذه المؤسسات بها عيوب. كان بإمكانهم العمل بشكل أفضل وأكثر فاعلية ، لكن في الحقيقة لم يكونوا مؤسسات وهمية. يعتقد الأشخاص الذين هاجموا كتابنا ، في أغلب الأحيان ، أن الافتقار إلى الديمقراطية والمركزية المفرطة كانتا من أسباب الانهيار السوفياتي. من الغريب أن هذه كانت دائمًا الحجة الرئيسية للبرجوازية للتشهير بالنظام السوفيتي ، قبل وقت طويل من وصول غورباتشوف. من وجهة نظرنا ، من الخطأ اتهام الديمقراطية السوفيتية بأنها ادت إلى الانهيار.
ر. ك. - كثير من هذه الانتقادات متجذرة في المفهوم البرجوازي للديمقراطية. في الواقع ، لطالما اتهم الاتحاد السوفييتي بعدم وجود ديمقراطية برجوازية ، وعدم وجود أحزاب متنافسة. ومع ذلك ، فإن أشكال الديمقراطية الاشتراكية ، وإن لم تكن مثالية ، إلا أنها كانت في نواح كثيرة أكثر ثراءً من تلك الخاصة بالديمقراطية البرجوازية. أعتقد أن الصراع الأخير في جورجيا يعطينا مثالاً في هذا الصدد. في الاتحاد السوفياتي السابق ، كانت أوسيتيا الجنوبية منطقة توجد فيها الأقليات العرقية المتمتعة بالحكم الذاتي و لها مدارسها ولغتها وثقافتها. بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ، ألغت "الديمقراطية" الجورجية حالة الحكم الذاتي للأوسيتيين ، مما أدى إلى تفاقم التوترات وأدى إلى نشوب حرب في المنطقة.
ت ك - تاريخيا ، كانت هناك أسباب جعلت الاتحاد السوفياتي دولة ذات حزب واحد. بعد فترة وجيزة من الثورة ، حاربت الأحزاب الأخرى القوة السوفيتية. ترك الثوار الاشتراكيون الحكومة. كل هذا يعني أنه لم يبق إلا البلاشفة. كان لمعظم الدول الاشتراكية الأوروبية عدة أحزاب ، على الرغم من ضمان الدور القيادي للطبقة العاملة. إن وجود حزب واحد فقط زاد من الاندماج بين الحزب والدولة ، لكننا لا نعتبر ذلك سببا للانهيار.
أ- لكن ألم تمنع عيوب الديمقراطية الشعب السوفييتي من الدفاع عن إنجازاته الثورية ، عن الاتحاد السوفيتي والاشتراكية؟
ت ك - هذه هي الحجة الرئيسية لمن يزعمون أن الاتحاد السوفييتي كان يفتقر إلى الديمقراطية. يتساءلون: "لماذا لم يدافع الناس عن الاشتراكية؟" يجيبون على ذلك: الافتقار إلى الديمقراطية والمركزية المفرطة. أولا ، الحقيقة أنه كانت هناك مقاومة. كانت موجودة. فقط تذكر أنه في استفتاء عام 1991 ، صوتت الغالبية العظمى من الشعب السوفيتي (75 في المائة) لصالح الإبقاء على الاتحاد السوفيتي. علاوة على ذلك ، لفهم لماذا لم تكن المقاومة قوية بما يكفي لهزيمة الثورة المضادة ، يجب أن نأخذ في الاعتبار ما يلي: غورباتشوف وياكوفليف ، بينما وعدا باشتراكية أفضل ، مع حرية و ديمقراطية آكثر ، في فترة قصيرة من الزمن دمروا المؤسسات التي يمكن لقاعدة الحزب والشعب من خلالها التعبير عن إرادتهم. تم تفكيك تنظيم الحزب. الصحف وكل وسائل الإعلام أعطيت لمناهضي الشيوعية. فجأة اختفت الوسائل والأشكال المعتادة للتعبير عن سلطة الشعب.
أ - بالعودة إلى الاقتصاد ، كانت اطروحة البيريسترويكا هي أن المركزية الشديدة لبيروقراطية التخطيط كانت سبب التلكؤ في التنمية الاقتصادية. يضيف البعض أنه كان هناك اقتصاد "دولة" مبالغ فيه ، وأنه كان يجب الاحتفاظ بأشكال مختلفة من الملكية وأن دور السوق قد تم التقليل من شأنه بشكل واضح خلال عملية بناء الاشتراكية. ما هي وجهات نظركم؟
ر. ك. - أعتقد أنه يتعين علينا أن نبدأ بالملاحظة التالية التي لا يجادل فيها أحد: سمحت الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج في الاتحاد السوفيتي بأسرع معدلات نمو صناعي تم تسجيلها على الإطلاق في أي وقت في التاريخ. لم يحدث هذا فقط في الثلاثينيات ، ولكن بعد الحرب ، حتى منتصف الخمسينيات. في غضون أربع أو خمس سنوات ، تمكن الاتحاد السوفيتي من التعافي من الدمار الذي تسببت فيه الحرب العالمية الثانية ، والتي خلفت ثلث مدنه وصناعاته في حالة خراب. بسبب كل هذا ، لم نعتقد أبدًا أن ملكية الدولة والمركزية والتخطيط قد يكون سببًا في الانهيار. ولكن كانت هناك بعض القضايا التي تحتاج إلى شرح. لماذا بدأ هذا النمو في الانخفاض في الستينيات والسبعينيات؟ استمر الاقتصاد في النمو ، ولكن ما هو سبب التباطؤ؟ يرى نقاد التخطيط المركزي هنا دليلاً على أفكارهم.
أ- لعل النسب الهائلة التي حققها الاقتصاد شكلت مشاكل حقيقية وعرقلت التخطيط؟
ر. ك - نعم ، بالتأكيد ، توسع الاقتصاد جعل التخطيط مهمة أكثر تعقيدًا. ومع ذلك ، فإن الاستنتاجات التي توصلنا إليها تشير إلى الاتجاه المعاكس ، وهو أن تآكل التخطيط وازدهار الاقتصاد الثاني هو الذي وضع الحواجز أمام النمو الاقتصادي في الاتحاد السوفيتي.
أ- إذن ، لم يكن التقليل من دور السوق ، بقدر ما كانت الإجراءات المتخذة لتوسيع السوق هي التي حوّلت الموارد عن الاقتصاد الاشتراكي؟
ت ك - جميع المجتمعات الاشتراكية لها أسواق. كان هناك دائمًا سوق للاستهلاك الخاص في الاتحاد السوفيتي. ومع ذلك ، فإن الإصلاحات الاقتصادية لخروتشوف لم تقتصر على التخطيط اللامركزي وإدخال بعض آليات السوق في الاقتصاد ، وأشكال المنافسة بين الشركات. تُرجمت إصلاحات كوسيجين (رئيس وزراء اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بين عامي 1964 و 1980) إلى تنازلات أكبر من أي وقت مضى لأسلوب التفكير الرأسمالي. من بين المعاهد الخمسة الأكثر أهمية وتأثيراً في الاقتصاد السياسي السوفيتي ، كانت ثلاثة في أيدي الاقتصاديين المؤيدين للرأسمالية من نوع "اغانبيغيان" Aganbegyan، على سبيل المثال. مارست القطاعات الرئيسية من المثقفين ، بما في ذلك الاقتصاديين، ضغوطًا كبيرة على الحكومة. كانت هذه عملية تطورت على مدار 20 عامًا ، ولم تحدث دفعة واحدة.
أ: قد يقول البعض أن البيريسترويكا كانت لديها نوايا حسنة لكنها فشلت. قلت في كتابك إنها كانت فرصة عظيمة لمناهضي الاشتراكية للتقدم. ما هي مسؤولية غورباتشوف ونواياه الحقيقية في كل هذا؟
ت.ك .: على الرغم من مواقفه الانتهازية ، لا نعتقد أن غورباتشوف قد تصرف بوعي في البداية لخيانة الاشتراكية واستعادة الرأسمالية. على عكس أندروبوف ، الذي كان ماركسيًا لينينيًا عميقًا وصادقًا ، كان غورباتشوف ممثلاً لامعًا ولكنه شخص ضحل ، دون إعداد نظري كبير. عندما ذهب إلى اليمين سياسياً تحت تأثير ياكوفليف ، اكتشف أن الإمبريالية توافقه ، وأن العناصر الفاسدة في الحزب انحازت معه ، خاصة تلك المرتبطة بالاقتصاد الثاني الذي دافع عن القطاع الخاص ، و اخذ يسرع الإصلاح في هذا الاتجاه . جاء الوقت الذي اتخذ فيه غورباتشوف قرارًا واعيًا بأنه لم يعد شيوعًيا ، بل اشتراكي ديمقراطي. لم يعد يؤمن بالتخطيط ، والملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج ، ودور الطبقة العاملة ، الديمقراطية الاشتراكية ، أراد أن يتحول الاتحاد السوفييتي الى سويد اخر أو شيء من هذا القبيل.
كانت الانتهازية ، التخلي عن النضال ، عملية تدريجية اتضحت في عام 1986. أبدى بعض قادة الحزب مقاومة حازمة ، كما كان الحال مع ليغاتشيف ، ولكن حتى هذا كان لديه نقاط ضعف. لكنه كان أفضل بكثير من غورباتشوف. اصيب ليغاتشيف بصدمة مفاجئة . لقد قال إنه كانت هناك موجتان من الفساد ، واحدة كانت موجودة منذ زمن طويل يعرفها الجميع ، وأرادوا إنهاءها عندما تولوا السلطة في عام 1985 ، والأخرى نشأت بعد عام ونصف كموجة قوية وجديدة من الضغط الآتي من "الاقتصاد الثاني" ومنظمات المافيا المزدهرة.
أ- كيف يمكن لهذه القطاعات أن تظهر بهذه القوة في مجتمع اشتراكي؟
ت ك - وصل الاقتصاد الثاني إلى بُعد مهم في فترتين من تاريخ الاتحاد السوفيتي: الأول كان خلال السياسة الاقتصادية الجديدة (NEP) في عشرينيات القرن الماضي التي أدت إلى تطور الرأسمالية ، تحت سيطرة الدولة ، ضمن حدود معينة. كان هذا لفترة من الوقت هدفًا واعيًا للدولة الاشتراكية للتعامل مع حالة الطوارئ الناجمة عن الحرب الأهلية. في 1928-1929 تقرر تجاوز السياسة الاقتصادية الجديدة. ومع ذلك ، جادل قادة الحزب أمثال بوخارين في الحفاظ على السياسة الاقتصادية الجديدة ، وقدموها على أنها الطريقة الأنسب للوصول إلى الاشتراكية. هذا التيار هزم من قبل غالبية الحزب بقيادة ستالين ، الذين أشاروا بحق إلى أن السياسة الاقتصادية الجديدة قد عرّفها لينين على أنها انسحاب ضروري ، مؤقت فقط.
واعتمد على التخطيط المتمحور حول الملكية الاجتماعية في وسائل الإنتاج. لكن فترة العشرينيات هذه لم تتميز فقط بازدهار الرأسمالية والقطاعات الهامشية والمجرمين ، ولكن أيضًا بانتشار أيديولوجية يمينية مناهضة للاشتراكية. أي يمكننا أن نرى بوضوح علاقة بين القاعدة المادية والأيديولوجية. كانت الفترة الثانية مطولة وتدريجية. كانت بداياتها في منتصف الخمسينيات ، بعد وفاة ستالين. كان خروتشوف أول قطعة في هذا اللغز. في كثير من الجوانب ، وليس كلها ، قام بانحرافات يمينية وعندما أصبحت أكثر من اللازم كان هناك تصحيح.
ثم جاء بريجنيف ، لكنه كره التغيير ، وأراد الاستقرار ، ورغم الخلافات بين جناحي اليمين و اليسار استمرت المشاكل في التراكم. يمكننا أن نرى بوضوح علاقة بين القاعدة المادية والأيديولوجية.
أ- هل كان تراكم المشاكل في عهد بريجنيف هو الذي فرض إصلاحات الثمانينيات؟
ت ك - في الثمانينيات ، كانت المشاكل واضحة للجميع ، لكن السؤال الرئيسي الذي نشأ كان - أي من الاتجاهين التقليديين في الحزب يمكن أن يحلها: اليسار أم اليمين؟
أ - للأسف نعرف الجواب.
ر ك- لكن الأمر لا يعني أن بريجنيف كان له جوانب سلبية فقط. على المستوى الدولي ، عاد السوفييت إلى التكافؤ العسكري مع الولايات المتحدة وساعدوا الحركات الثورية في عدة مناطق من العالم. تطلب هذا الجهد على المستوى العسكري ومن حيث التضامن الدولي موارد كبيرة لا يمكن استخدامها لتلبية احتياجات التوريد المحلية. ربما لهذا السبب أيضًا ، خلال هذه الفترة ، أغمض عينيه عن القطاع الخاص الذي كان غير قانوني في الأقسام المتقدمة من الاقتصاد الاشتراكي. سمح هذا النوع من "التعامل" مع "الاقتصاد الثاني" بظهور طبقة أصبحت تُعرف باسم "مليونيرية بريجنيف" ، وهم أناس حققوا ثروات من خلال شبكات الفساد التي تغض السلطات الطرف عنها.
أ - كان هذا واقعًا قليل الحديث عنه ، خاصة فيما يتعلق بالحجم الذي وصل إليه في المجتمع السوفيتي.
ت ك - حسنًا ، لقد كان قطاعًا غير قانونيًا، لذلك لم تكن هناك أرقام رسمية ، مما يجعل دراستها صعبة.
ر. ك - لكن من الصحيح أن هذه ظاهرة يغفلها الأدب الماركسي ولا يعترف بها. كان يُنظر إلى الاقتصاد الثاني دائمًا على أنه بقايا للرأسمالية التي ستختفي مع تقدم الاشتراكية. ومع ذلك ، هناك دراسات تبين لنا أن حجمه كان اكبر من ان يهمل. على سبيل المثال ، من المثير للاهتمام مقارنة حقبة بريجنيف بالأشهر الأولى من قيادة أندروبوف من حيث القضايا الجنائية والتحقيقات في الأنشطة الاقتصادية غير القانونية. وجدنا أنه في سنوات بريجنيف لم تكن هناك إدانات تقريبًا لارتكاب هذا النوع من الجرائم ، حتى عندما تنظر المحاكم في القضايا. مع أندروبوف ، تغير هذا الوضع بشكل جذري. كثير من الناس أدينوا في تلك الفترة.
أ - كتابكم ، لا يخصص الكثير من التحليل لما يسمى بالتقرير السري عن عبادة الشخصية الذي قدمه خروتشوف إلى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي. لكنك تشير إلى الحاجة إلى إعادة تقييم الفترة ، المعروفة باسم الستالينية ، مشيرًا إلى أنه طالما لم يتم ذلك ، يظل الشيوعيون أسرى الماضي. هل تريدون توضيح موقفكم؟ ر ك - عندما بدأنا في كتابة الكتاب ، ظهر هذا السؤال بالذات وكان علينا اتخاذ قرار. قررنا أننا لن ندخل في موضوع ستالين الجدالي . هناك العديد من التحيزات المتأصلة ، وقبل كل شيء ، هناك العديد من الأشياء التي لا نعرف عنها ما يكفي ، لنكون قادرين على تشريح الادعاءات المتعلقة بستالين والتي يتم تقديمها و تكرر يوميًا. الشيء الوحيد الذي فعلناه ، أو على الأقل حاولنا القيام به ، هو فتح باب في هذا الشأن. ليس لدينا كل الإجابات عن ستالين وعصره ، وسيكون من الخطأ الاعتقاد بأن لدينا. هناك العديد من الجوانب التاريخية والسياسية التي نحتاج إلى استيعابها وفهمها.
أ - ومع ذلك ، فإن جميع إنجازات الاشتراكية المدرجة في مقدمة الكتاب قد تحققت بشكل خاص خلال الثلاثينيات ، تحت قيادة ستالين
ت ك - إنها حقيقة ، ولكن كان علينا الاختيار بين معالجة كل قضية أو ما نعتبره القضايا الرئيسية. في الواقع ، ركزت معظم الهجمات على كتابنا من قبل الماركسيين أو الماركسيين الزائفين أو الاشتراكيين الديمقراطيين أو الشيوعيين التحريفيين بشكل خاص على مسألة ستالين. لم يعترضوا على أي شيء تم تأكيده بشأن غورباتشوف أو حول "الاقتصاد الثاني". لقد تم انتقادنا فقط لأننا ألين للغاية مع ستالين ولأننا لم ندرك أن ستالين كان وحشًا ، غريب الأطوار ، جزارًا.
أ - لكن إذا كانت أطروحة كتابك صحيحة ، فإن سياسات وأساليب ستالين هي الأصح والوحيدة التي يمكن أن تضمن بناء الاشتراكية والدفاع عن الإنجازات الثورية.
ر ك- الموقف من ستالين أعمى ومتطرف لدرجة أن بعض نقاد كتابنا يقولون إننا مخطئون ، ويصرون على أن ستالين كان سبب انهيار الاتحاد السوفيتي.
أ- بخصوص تفكيرك في أهمية العامل الذاتي في الاشتراكية. وفقًا لهذا ، تقول إن دور القادة أكثر حسماً في الاشتراكية منه في الرأسمالية. لماذا ا؟
ت ك - "الرأسمالية تنمو ، بينما الاشتراكية تُبنى". استخدمنا في الكتاب استعارة تقارن الرأسمالية بطوف ينزل في النهر. احتمالات مناورة الطوافة منخفضة ، ويسحبها التيار ، ولا يمكنك سوى إجراء بعض التصحيحات الصغيرة في المسار. في هذه الاستعارة ، الاشتراكية هي طائرة ، والتي على الرغم من كونها وسيلة نقل أعلى بما لا يقاس ، تتطلب أن يقودها فريق جيد الإعداد علميًا وتقنيًا ، والذي يمكنه فهم قوانين الفيزياء وتطبيقها بوعي. بعبارة أخرى ، على الرغم من أن الطائرة نظام متفوق ، إلا أنها معرضة للخطر بطريقة لا تكون فيها الطوافة. من الواضح أن هذا لا يعني أنه يجب علينا التخلي عن الطائرات والعودة إلى الطوافات النهرية. لا يمكننا العودة إلى العيش في الكهوف ، على الرغم من حقيقة أن المنازل يمكن أن تنهار.
ترجمة المقابلة واختصارها من البرتغالية الى الإنكليزية : بيل ميلر. ترجمة من الإنكليزية: دلير زنكنة
______________________________________________________
كتاب الاشتراكية المغدورة: ما وراء انهيار الاتحاد السوفياتي ، تاليف: روجر كيران و توماس كيني ، نشر أفانتي
O Socialismo Traído: Por Trás do Colapso da União Soviética, Avante !
المصدر
https://mltoday.com/review-socialism-was-betrayed/
#دلير_زنكنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هو المشترك بين زيوغانوف وتروتسكي؟ -اشتراكية السوق- بين ال
...
-
كيف كانت الحياة اليومية في الاتحاد السوفياتي
-
المادية الديالكتيكية وبناء نظرية جديدة للكم
-
أرباح رائعة في أوكرانيا : أسرار البنك الدولي
-
الكسندر زينوفييف عن حل الاتحاد السوفياتي
-
أهمية التقييم النقدي للبناء الاشتراكي في القرن العشرين
-
2 تريليون دولار للحرب مقابل 100 مليار دولار لإنقاذ الكوكب
-
الأزمة الاقتصادية و السياسية في الاتحاد السوفياتي
-
السبعون سنة من عمري وجمهورية ألمانيا الديموقراطية السابقة
-
ما هي الماركسية. نظرة عامة
-
أرخبيل الغولاغ .فضح افتراءات سولجينتسين المناهضة للشيوعية
-
الابادة الاوكرانية -هولودومور- و وثائقية -الحصاد المر- أكاذي
...
-
الحزب الشيوعي الفنزويلي يستنكر -الهجوم المخزي -لقيادي الحزب
...
-
كم عدد الأشخاص الذين قتلهم جوزيف ستالين حقًا
-
الإرث الفاسد للفاشي سولجينتسين
-
لم يتحالف ستالين مع هتلر أبدًا.الحقيقة حول معاهدة مولوتوف-ري
...
-
مسالة بولونجير أو اعادة احياء البونابارتية. إنجلس ينقذ الموق
...
-
الليبرالية وماركس في حديث مع دومينيكو لوسوردو
-
الاتحاد السوفيتي. رأسمالية دولة أم اشتراكية حصار
-
كيف تلقي بإله في الجحيم. تقرير خروتشوف
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|