|
في السياسة التعليمية للكرد السوريين
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 7379 - 2022 / 9 / 22 - 23:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لمعرفة اية مسألة بشكلها الصحيح علينا الإحاطة بخلفيتها التاريخية ، والظروف السياسية ، والاجتماعية ، المحيطة بها ، عن مسألة اغلاق - الادارة الذاتية – بالقامشلي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي – ب ي د - للمدارس الخاصة ، والمعاهد ذات المناهج الحكومية السورية ، واجبار الناس التوجه الى مدارسها حيث التدريس باللغة الكردية ، وفي اول وهلة وكأن المواطن الكردي مجبر على الخيار بين لغته القومية و ( حاميها ) الإدارة الذاتية . او اللغة العربية التابعة لادارة حكومة دمشق ،أو هكذا يريد البعض تعسفا تصوير المسألة لتمرير القرار ، وقطع الطريق على إيجاد حلول عادلة ومقبولة ، تنصف التلميذات ، والتلاميذ ، واهاليهم ، وأصحاب المدارس الخاصة ، ولاتشكل عقبة امام تعليم اللغة الكردية في المناهج المختلفة . المدارس والمعاهد الخاصة كانت موجودة ومزدهرة في القامشلي وسائر مدن المحافظة ، وفي كل المدن السورية قبل اندلاع الثورة السورية ، وبعقود زمنية قبل ظهور – ب ك ك – وتنظيمه السوري – ب ي د – وقبل الانتشار السرطاني لمناطق نفوذ الفصائل المسلحة المدعومة ، والمحروسة من الاحتلالات ، وإقامة سلطات الامر الواقع هنا وهناك وفرض سياساتها ، ومناهجها الآيديولوجية ، والدينية ، ومدارسها التعليمية ( اللاوطنية ) ، وفي ظل غياب التوافق الوطني المعارض للنظام على مستوى البلاد ، واستفراد اطراف ومجموعات ، وأحزاب بالتصرف الجانبي بالمصير لن يكون مقبولا ولن يكون مشروعا ان كان بالجانب السياسي ، او الثقافي ، او الإداري ، او الاقتصادي ، ماهو الا فترة انتقالية بانتظار الحل النهائي للقضية السورية عامة والكردية على وجه الخصوص . بحسب المعلومات المتوفرة هناك نحو – ٣٠ – ثلاثين معهد ومدرسة خاصة في القامشلي والمدن الأخرى ، يتعلم فيها اكثر من – ٢٥ ألف – تلميذ ، ومن ابرزها وأقدمها مدرستا : " السعادة " و " بيان " ، وكنموذج فقد بادرت إدارة المدرستين بعد اندلاع الثورة السورية على إضافة تعديلات على المناهج الدراسية بينها تجاوز الدعاية الآيديولوجية لحزب البعث ، واضافة اللغة الكردية ، وكذلك اللغتان الإنكليزية ، والفرنسية ، ولم تصدر عن سلطات النظام الحاكم اية ردود فعل تجاه تلك التعديلات ليس لانها كانت راضية بل كانت مرغمة بسبب انتشار الثورة والمعارضة ضدها بكل مكان ، ومحاولة منها – على ماظهر – في انتظار الفرصة المناسبة للانقضاض على تلك التغييرات في الوقت المناسب عندما تتغير موازين القوى لصالحها . أصحاب المدارس الخاصة تلك ليسوا من أمراء الحرب ، ولا مليونيرية الامر الواقع ، بل انهم مواطنون صالحون ، استثمروا ا مدخراتهم المحدودة من اجل الثقافة والتعليم ، واستيعاب الفراغ التعليمي الناشئ نتيجة الاحداث ، وكان بإمكانهم اللجوء الى طرق أخرى للاغتناء ، حيث لدينا الان بالمنطقة دزينة ( مدعومة من سلطة الامر الواقع والنظام بآن واحد ) من مليونيرية التجارة بالنفط ، والمواد الممنوعة ، وهؤلاء من الد أعداء العلم والثقافة . هل قرار الاغلاق موقف قومي ؟؟ هكذا وبكل بساطة يتم استخدام تدريس اللغة الكردية ، او المطالبة بتدريسها مادة للمزايدة في حين ان اسم الحزب الذي يدير الإدارة الذاتية ليس كرديا ، ويطلقون على كردستان سوريا او المناطق الكردية تسميات مبهمة ومزيفة ( شمال شرق سوريا – روزآفا ) ، واعلنوا مرارا وتكرارا تخليهم عن مبدأ حق الشعوب بتقرير المصير ، وبحسب المعلومات المتوفرة فان مفاوضاتهم مع نظام الاستبداد تتركز على الإبقاء على سلطتهم الحزبية ، واعتبار اللغة الكردية متداولة الى جانب اللغة العربية في بعض المناطق ، والسقف الأعلى هو الإدارة اللامركزية التي يتبناه النظام منذ تسلط البعث على مقاليد البلاد وذلك على مستوى جميع المحافظات السورية ، وما قرار الاغلاق الاخير للمدارس الخاصة الا تغطية على تنازلاتهم في عدم تبني القضية الكردية السورية كقضية شعب من السكان الأصليين ، يستحق التمتع بحق تقرير المصير السياسي ، والإداري في اطار سوريا جديدة تعددية ، ديموقراطية ، موحدة . لم يعد سرا ان إصرار الإدارة الذاتية على التمسك بمناهجها التعليمية لاينطلق من المفهوم القومي الديموقراطي ، بل بالتمسك بما صدر من قرارات من مؤتمرها الذي انعقد بعفرين عام ٢٠١٥ القاضي بفرض منهجها العقائدي على المدارس ، بالتمجيد بالقائد الأوحد – اوجلان – ونشر ثقافة عسكرة المجتمع ، واتباع العنف الثوري تجاه المخالف ، وتجنيد النساء والقصر ، واستخدام منظمات سرية لفرض تلك التوجهات اذا عجزت المؤسسات المعلنة عن ذلك . اما محاولات الاظهار بمظهر الحريصين على اللغة الكردية فحتى لو كانوا – صادقين – فان ذلك يعني انهم مثل العديد من الأحزاب ، والتيارات السياسية في حركتنا الكردية السورية ، يكتفون ببعض الحقوق الثقافية بينها اللغة ، ويتخلون عن الأهداف والمطالب السياسية ، والقومية ، والديموقراطية ، ونحن اختبرنا هذه العينات منذ ستينات القرن الماضي ، واكتشفنا زيفهم ، وانتهازيتهم ، والحقنا الهزيمة بمواقفهم الانهزامية ، اما الجانب القومي ، السياسي فهو الأهم الى جانب الثقافي طبعا ، بل انه جوهر المسالة الكردية في سوريا ، ومقياس جدية أي طرف في النضالين القومي ، والوطني . ان قبول اللغات الفرعية المناطقية من كردية وسريانية وارمنية وتركمانية من اسهل الأمور لدى النظام كما ان موضوع بعض الحقوق الثقافية لايكلف النظام أي تراجع بل هو السبيل لعقد صفقات – فرادية – مع هذا الحزب او ذاك وتلك القوة صاحبة النفوذ او غيرها ، على غرار خطط خفض التصعيد ، خارج نطاق التحولات الديموقراطية على الصعيد الوطني ، وتغيير النظام السياسي ، والحل التوافقي للقضية الكردية السورية ، وهذا النهج يسهل على النظام استمراريته ، وتمرير مشروعه باقل كلفة ، أي صفقة مع سلطة ب ي د بإضافة اللغة الكردية الى مناهج التعليم في بعض المناطق ، وأخرى مع القيمين على المناهج الدراسية التركية في عفرين ، وثالثة مع منهاج تربية الجولاني في ادلب وهكذا دواليك . من السهل السماح بتدريس اللغة الكردية في بعض المدارس ولكن من المستحيل الحفاظ على ديمومتها من دون انتزاع الحقوق القومية السياسية ، والاجتماعية ، والدستورية ، فاللغة هي احد اهم عوامل تشكل الامة ، والشعب ، والقومية ، ولكن توفرها لايعني انجاز وحل القضية الأساسية كما ذكرنا أعلاه ، فجميع الشعوب المحرومة من الحرية ، وتقرير المصير تتكلم بلغاتها والكرد السورييون يتحدثون بلغة الام ، ولكن من دون ان يحقق ذلك طموحاتهم واهدافهم ، ونعود لنؤكد ان الموضوع سياسي بامتياز وليست قضية من مع لغته الام ومن ضدها ؟! . أي انجاز قومي كردي مهما كان صغيرا لن يتحقق الا بالشروط التالية : نظام ديموقراطي يتضمن دستوره الاعتراف بوجود الكرد وحقوقهم ، ويحظى بالتوافق مع الشركاء السوريين الديموقراطيين والوطنيين ويتم تبنيه من الحركة الكردية السورية الموحدة كمطالب واهداف سياسية وقومية وبينها الحقوق الثقافية وليس من جانب هذا الحزب او ذاك ، والشرط الأخطر هو كيفية الحفاظ عليه وتطويره أيضا ولن يتحقق الا عبر الحركة الكردية الشرعية المنبثقة عن المؤتمر الجامع ، والقيادة الشرعية المنتخبة عنه .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شروط الحوار الناجح بين الكرد السوريين
-
اعادة بناء الحركة الكردية السورية مهمة أولى وعاجلة
-
عود على بدء : نحن والخط الثالث
-
العراق رهينة الشيعية السياسية
-
كانت الفرحة اكبر لو شملت الوحدة كل أطياف كردستان ايران
-
أعيدوا بناء حركتكم قبل فوات الأوان
-
من تزييف التاريخ الى تزوير الوقائع
-
التفاعل بين الثقافي والسياسي في تطور الفكر القومي الكردي
-
السورييون لن يتحملوا المزيد من المفاجآت
-
عود على بدء : التوازن بين القومي والوطني
-
الحدث الذي أعاد تعريف وتجديد الحركة الكردية السورية
-
تأملات في دروس التجربة التونسية
-
الخيار الشعبي هو الحل للازمة
-
الشرق الأوسط هدفا لاسياد - القمتين -
-
دفاعا عن الحقيقة
-
- قمم - تؤسس لنظام دولي جديد
-
إشكاليات التمثيل الحزبي
-
حوارات وطنية
-
وهل يجب وبالضرورة ان تكون البدائل حزبية ؟
-
- حق تقرير المصير -: ذلك المبدأ الذي لايعلى عليه
المزيد.....
-
السجن 11 عاما لسيناتور أمريكي سابق لتلقيه رشاوى من رجال أعما
...
-
مبعوث ترامب: على مصر والأردن تقديم بديل لرفض استقبال الفلسطي
...
-
المقاومة الفلسطينية وأسطورة ترامب
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|