كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 7379 - 2022 / 9 / 22 - 18:40
المحور:
الادب والفن
رجل في الثلاثين .. تزيده العوينات والغضون والصفرة وبقايا لحية مرقطة غموضا..بدشداشته الرصاصية يستقر على كرسي امامي .. بين حاسبات وشاشات اعدت للصيانة .. تأملني ساهما ثم رشني بالاسئلة المتلاحقة (الم تعرفني , انا ابو مهدي ) تحتاج فراسة لتلتقط ابتسامة نحتها بصعوبة .. (آسف لم اتذكر ) .
ــ تذكر جيدا...الا تعرف ام حمزة ؟
ــ جارتنا , لدى ابنها سيارة كية ..
ــ لا انهم ..
ـــ تذكرت , عائلة ابو حمزة السائق الطيب.
ـ نعم ..(هل لديك اخوان ؟ كم اخا ؟ اين تعمل ؟ هل ما تزالون بنفس داركم ؟هل تزوجت؟ كم طفلا ؟لماذا لم (تصعد ) ... الجميع صعدوا ... امك ابوك حيان يرزقان )...اجبته عن سؤالين..ثم التفت اليه :
ــ يا اخي سألت كثيرا .. والان اجبني (ما تفسيرك للآية ((وعسى الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم))..
فصعق وسرح قليلا وتقلص وجهه فقال :
ــ يعني ان الله يرزق من يشاء ...
اجاب متلعثما , كمن صعق وتغيرت ملامحه واعتصم بعدها بالسكوت .
في اليوم الاخر , قصدت ظهرا محل انشائيات ... لتسديد مبلغ بسيط .. كنت متعبا , وفاجأني ان محله مغلق ..فسألت احد المارة ( اين منزله ؟)
ـ هنااك , اخر الزقاق ...
فتدخل غلامان (تريد من؟ ) وقبل ان اجيب اتى طفل وسخ (ماذا تريد ؟) ... لم اجبه فسأل الغلامين .... فتقدمت في وابل من النظرات المستفسرة .. فدخلت زقاقا عرضه اقل من مترين, تجري فيه ساقية قذرة , فضغطت علي بيوت ضيقة انشئت لصقا من مخلفات الصفيح والبلوك والعصي والاشراك والطابوق العتيق والورق المقوى وابواب الثلاجات الخربة واذرع الاسرة ..وخنقني ما كتب عليها من تفاهات .. صناديق بشرية .. اشبه بزنزانات ..محرقة للنفوس ومضيعة للعمر ..اسلاك الكهرباء تتشابك مع اسلاك الامبير ...خارطة عنكبوتية ...بعد خطوات لحظت شابا قلقا .. كأنه تناول حبة مسكرة :
ــ (اين منزل صاحب الانشائيات؟ ),
ـ وماذا تريد منه ؟..فشرحت له.
قال(انه ابي اعطني المبلغ..او خلفك الباب فاطرق ).
وظهرت يد امراة (ما تريد منه ؟) ... وفسّرت .. فظهر الرجل .(انتظرني جوار باب المحل .. اشرب الشاي والتحقك .. لا فكة عندي الان )
انفس افرغت فتفسخت .. وارعبت فحذرت ...طحنها اليأس والتأجيل..
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟