عاهد جمعة الخطيب
باحث علمي في الطب والفلسفة وعلم الاجتماع
(Ahed Jumah Khatib)
الحوار المتمدن-العدد: 7379 - 2022 / 9 / 22 - 02:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مسيرة التاريخ
لا يمكننا فهم فلسفة التاريخ عند ابن خلدون الا من خلال فهم طبيعة الدولة ودورها في مسيرة التاريخ والمجتمع والحضارة.
تبدأ ولادة الدولة في البادية، لان البادية هي الاصل، والبداوة تقوم على العصبية القبلية، والعصبية القبلية تدعو الى التغلب ، والتغلب يدعو الى التملك والملك ، والملك هو التغلب بالحكم والقهر.
ويسيرالتاريخ على شكل حلزوني في حركة صاعدة نازلة ويتطور ويتكامل ولكن ليس نحو الاعلى والافضل دوما ولا في خط مستقيم او عامودي، وانما يتحول من شكل الى آخر، فهو جديد وقديم في الوقت نفسه. هذه العملية الجدلية تنظر الى العالم في حركة تطور، غير ان هذا التطور ليس تطورا هادفا. وبالمقارنة بالديالكتيك الماركسي، فان جدلية التاريخ عند ماركس هي في حركة لولبية لا متناهية ومتناقضة في آن، وان حصيلة هذا التناقض هو تشكيل اعلى وافضل. اما جدلية ابن خلدون فهي في تجدد ابدي مستمر وتظهر في تحليله لخصائص كل من البداوة والحضارة.
والدولة ( الملك) تقوم على حركة حلزونية وفي دورة اجتماعية دائرية تستغرق ثلاثة اجيال حتى تستكمل الدولة عمرها. وتمر الدولة في اغلب الاحيان بمراحل مختلفة لا تتعدى خمسة مراحل
وهي:-
1- مرحلة النشوء والتكوين. فالدولة تنشأ اولا في القبيلة ذات العصبية القبلية القوية. وتتماثل هذه المرحلة مع مرحلة ولادة الانسان ونشوء الدولة.
2- مرحلة التوسع، حيث تقوم القبيلة بغزو المناطق المجاورة لها واحتلال اراضي زراعية غنية حيث يتحول البدو الرحل الى حياة الاستقرار والتحضر والتنعم بمستوى اقتصادي اعلى. غير ان العصبية في هذه المرحلة تبدأ بالضعف وتصبح " المشيخة" معزولة تقريبا لان همها الاساسي هو جمع اكبر عدد من الافراد المؤيدين، وبذلك تتحول سلطة القبيلة الى سلطة الفرد الواحد. وهذه المرحلة تتماثل مع مرحلة الشباب عند الانسان.
3- مرحلة ازدهار الدولة الذي يظهر في ارتفاع مستوى المعيشة وتوسع المدن وتقدم التجارة والصناعة وازدهار العمران. غير ان ارتفاع مستوى المعيشة والثراء يدفع الى الجاه والسلطة فيزداد جمع الضرائب من جهة وتراكم الثروة والبذخ والاسراف من جهة اخرى، وفي ذات الوقت لا يعود للعصبية من وجود، لان الدولة تعتمد الان على الجيش والشرطة لاستتباب الامن والنظام. هذه المرحلة تماثل مرحلة الرجولة عند الانسان.
4- مرحلة الكفاية والدعة. فالحكام يقلدون فيها من سبقهم فلا يبدعون. وتتحول الدولة بالتدريج الى مرحلة الهرم والشيخوخة. وتبدأ مرحلة التفكك. وبذلك تصبح الدولة مريضة ولا امل في انقاذها.
5- في المرحلة الخامسة تقوم قبيلة بدوية ذات عصبية قبلية قوية فتهجم على الدولة المفككة وتستلم السلطة بقوة عصبيتها. وهكذا تبدأ ومن جديد دورة اجتماعية جديدة لحركة حلزونية أبدية حسب القانون الاجتماعي لمسيرة التاريخ الخلدونية، الذي يعني "ان الموت عند ابن خلدون لا يعني الفناء، وانما ولادة حياة جديدة". وهكذا دواليك.
#عاهد_جمعة_الخطيب (هاشتاغ)
Ahed_Jumah_Khatib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟