أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جلبير الأشقر - تحية لنساء إيران البواسل!














المزيد.....

تحية لنساء إيران البواسل!


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 7378 - 2022 / 9 / 21 - 12:29
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



قبل أسبوعين، خصّصتُ مقالي الأسبوعي على هذه الصفحات لاضطهاد النساء بوصفه سمة رئيسية من سمات الدول الاستبدادية ومجتمعاتها الذكورية، وذلك في منطقتنا على وجه الخصوص، لا الحصر بالطبع، مع الإشارة إلى محاولة الأنظمة صرف الأنظار عن إخفاقها في التصدّي للمشاكل الاقتصادية والمعاشية التي يعاني منها الناس من خلال تعرّضها للنساء، سواء أكان الأمر بغية دغدغة المشاعر الذكورية لدى الأوساط التي تربّت على تلك المشاعر المتخلّفة، أم لردع المجتمع عن أن يتجرّأ على الاحتجاج («الاعتداء على النساء نهج الجبناء» 6/9/2022).
وكان الدافع إلى اختيار هذا الموضوع أحداثاً شهدتها المنطقة في الفترة الأخيرة، منها عقوبات مذهلة انهالت على نساء تجرّأن على الاحتجاج على ضفّة الخليج العربية، ومنها ما تناوله القسم الأخير من المقال، وهو موضوع التجهيزات التكنولوجية الجديدة التي ينظر الحكم الإيراني في أمر استخدامها من أجل أن يفرض على النساء مقاييس اللباس التي حدّدها. وقد خلص المقال إلى أن منطقتنا تقدّم «خير تأكيد للفكرة العميقة القائلة إن حالة المجتمعات تُقاس بمنزلة النساء فيها، فلن تتحرّر مجتمعاتنا سوى عندما تتحرّر نساؤها».
هذا وبعد أيام قليلة من صدور المقال المذكور، وفّرت الأحداث تأكيداً فاقعاً لأهمية الموضوع الذي تناوله. فقد شهد الأسبوع الماضي حادثة مروّعة في طهران إثر قيام «شرطة الأخلاق» باعتقال الشابة الكردية مهسا أميني التي كانت في زيارة إلى العاصمة، وقد تبع ذلك وفاتها. أما «شرطة الأخلاق» المذكورة واسمها «دوريات التوجيه» في إيران، فهي أداة أساسية من أدوات الاستبداد، مكلّفة بالرقابة على الناس في الفضاء العام إزاء طرق عيشهم من ملبس ومأكل ومشرب وهلمّ جرّا، لتفرض عليهم وعليهنّ ما ترتئيه السلطات واجباً باسم «الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر» أي في ضوء تفسير الحكّام للدين وقرارهم أن الالتزام بتفسيرهم ليس شأناً خاصاً بكل فرد من باب حرّية الإيمان، بل واجباً يُفرض على الناس بأساليب القهر.
هذا مع العلم بأن الإيمان في أساسه علاقة حميمة باطنية بين الإنسان وضميره، وهو ما عبّرت عنه الآية الشهيرة القائلة إن «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» وذلك لأن «اللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ» فليس في حاجة لمن يدّعي فرض مشيئته على الناس ناصباً نفسه ناطقاً باسمه، الأمر الذي هو الكفر بعينه. وسواء أكان المتنبّي فرداً حاكماً أم جماعة حزبية، يؤدّي الأمر إلى الاستبداد، كما يكفي أن تُظهره قائمة الدول التي لديها «شرطة دينية» ومنها المملكة السعودية (إلى أن جرى تقليم أظافر «المطوّعين» قبل ست سنوات) وإيران وأفغانستان وسودان عمر البشير، ناهيكم من قطاع غزّة ومن المناطق التي سيطر أو لا زال يسيطر عليها تنظيم «الدولة الإسلامية» (والإسلام منه براء).


بيد أن الاستبداد بطبيعته ليس أزلياً، إذ «لا بُدّ لليل أن ينجلي ولا بُدّ للقيد أن ينكسر» على حد قول الشاعر، متى استفاق الشعب و«أراد الحياة» فانتفض ضد الطغاة. وها أننا نشاهد في إيران محطة أخرى من محطات احتجاج الشعب الإيراني برجاله ونسائه ضد الحكم الاستبدادي. أما ملخصّ الأحداث فهو أن إحدى «دوريات التوجيه» اعتقلت مهسا أميني بحجة ارتدائها بنطلوناً رأى الشرطيون أنه ليس فضفاضاً بما يكفي في نظرهم. وقد دخلت الشابة في غيبوبة إثر ما تعرّضت له، إلى أن تأكدت وفاتها في مطلع الأسبوع الجاري.
وقد فجّرت الحادثة سخطاً عظيماً في شتى أرجاء إيران، وليس في المنطقة الكردية وحسب، وهي المنطقة التي أتت منها الفقيدة والتي أقيمت فيها جنازتها وشاركت فيها النساء وهنّ سافرات، تعبيراً عن احتجاجهنّ. فقد انطلقت تظاهرات في معظم المدن الإيرانية الكبرى، منها أصفهان ورشت ومشهد وكرج، ومنها أيضاً بالطبع العاصمة طهران حيث خلعت المتظاهرات أيضاً أحجبتهنّ واصطدمت مع قوات الشرطة. ومن الهتافات التي نقلتها التقارير الإعلامية، نذكر الشعار البليغ الذي رفعه طلبة جامعة أمير كبير للتكنولوجيا في طهران، والقائل «نساء، حياة، حرّية».
وإذا صحّ أن أعمق أنماط التحرّر ذلك الذي يصنعه بأنفسهم الذين يتعرّضون للاضطهاد، وهو ما يجعل التحرّر بالقوى الذاتية متفوّقاً نوعياً على التحرير من قِبَل الغير، فإن غالبية المضطهَدين في منطقتنا بلا شكّ مضطهَدات، حيث أن اضطهاد النساء أكثر أنماط الاضطهاد شيوعاً لدينا. فلن يتحقق تحرّر حقيقي ومستديم لمجتمعاتنا سوى إذا شاركت النساء في صنعه مشاركة متناسبة مع قسطهنّ من المجتمع.
لذا فإن الانتفاضة الجارية في إيران، والتي تنضاف إلى الانتفاضات الشعبية المتكرّرة خلال السنوات الأخيرة ضد دكتاتورية «الفقيه» وحاشيته، إنما تحتل أهمية عظمى بوصفها بشرى من بشريات الخير النادرة في منطقة يثير مشهدها الكآبة واليأس. ولنتذكّر دائماً أن حالة المنطقة كانت لا تقلّ سوءاً من ذلك قبيل الانفجار العظيم الذي عُرف باسم «الربيع العربي» والذي ما انفككنا نؤكّد على أنه لا يعدو كونه محطة أولى في سيرورة ثورية طويلة الأمد، سوف تتبعها لا مُحال محطات أخرى على غرار أمواج البحر التي تتتالى في لطم جدار صخري إلى أن يتفتّت.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انقلاب الموازين بين روسيا وإيران وعواقبه الإقليمية
- الاعتداء على النساء نهج الجبناء
- الاقتداء بمقتدى هو الحلّ!
- “ثقافة الإلغاء” في منطقتنا: ليس رشدي سوى أحدث نماذجها
- مصير غزة والمصير الفلسطيني: عودٌ على بدء
- سياسة واشنطن إزاء الصين: من الدهاء إلى الغباء
- كفى نفاقاً: قيس سعيّد صنيعٌ وليس صانعاً
- حينما يتصارع الكبار ينفرج الصغار
- زيارة بايدن في المنظور الاستراتيجي
- عسكر السودان: أخلاق مسالمة أم خوف من الشعب؟
- إنكار الاستقلالية باسم الجيوسياسة و/أو السلم
- حلف الناتو بين الهائج والهادئ
- روسيا وإيران تسرّعان مشروعهما المنافس لقناة السويس
- ملك بلجيكا يعرب عن «أسفه»
- في استقبال اللاجئين وبيتنا الزجاجي
- عن تصورات الديمقراطية في منطقتنا
- في سبر غور أردوغان
- «كلّن يعني كلّن» والانتخابات اللبنانية
- ما وراء زيارة بشّار الأسد لطهران؟
- السودان: الطغمة الانقلابية وتجدّد المجزرة


المزيد.....




- كيفية تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2025 الوكال ...
- يبدأ منذ المراهقة.. لماذا تصاب النساء بالاكتئاب أكثر من الرج ...
- خطأ فادح.. امرأة ترمي ثروة بيتكوين بقيمة 3.8 مليون دولار في ...
- بمناسبة عيد الفطر.. رابط التقديم في منحة المرأة الماكثة بالب ...
- لبنان يعلن مقتل 3 أشخاص بينهم امرأة في غارة إسرائيلية على بي ...
- معجزة تحت الأنقاض.. إنقاذ امرأة حامل بعد 60 ساعة من زلزال مي ...
- عمل المرأة بين تحقيق الطموح وحقوق الأمومة
- طريقة تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 “الوكالة الوطن ...
- أجساد منهكة في تونس .. الهجرة غير النظامية تترك ندوبا عميقة ...
- شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة بالبيت في الجزائر عبر ا ...


المزيد.....

- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - جلبير الأشقر - تحية لنساء إيران البواسل!