|
ظِلَالُ البْنِيقَاتْ
عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 7375 - 2022 / 9 / 18 - 01:27
المحور:
الادب والفن
وأنت تتابع وقائع شريط المخرج الأمريكي البولاندي رومان بولانسكي The Ghost Writer من إنتاج 2010 يساروك آنطباع أن عالم كواليس السياسة أمسى صناعةً مفضوحةً لم يعد للخبايا فيها محل من الإعراب، وحتى ما يسمى المخابرات أمستْ حبكةُ سيناريوهاتها معلومةً معلنةً سلفا بإرادة مقصودة ربما أو نتيجة كثرة تداول نسج حكايات مؤامرات التواطؤ لم يعد للمفاجأة أو لِمَا يُنعَت بالأسرار ذلك الغبش الخفي الذي طالما كانت تُحاك دواليبه في كواليس خلفية شبيهة بما عُرِفَ في تاريخ المغرب مثلا ب(البْنِيقَة)(١)، وهو مجال شبيه بمطبخ تخطيط وتهيئة وجبات السياسة والسياسيين والعلاقات المتشابكة بين الأفراد والجماعات المصغرة ونظيراتها الأخر الأكثر آتساعا في بلد ما داخليا وخارجيا؛ وبطبيعة الحال، كلما ضاقت دائرة الفاعلين وصغرت حلقتها، كلما زاد دَسَم سُمك إيدام الوجبات وفعاليتها في التحكم في الوقائع أو تغييرها أو تدبيرها لقلة المتدخلين والعارفين بدواليب نسج سياسة الدولة...مثل هذه الحبكات كان لها ربما بالأمس القريب نكهة توابلها الخفية كما وَضَّحَتْ ذلك العديد من الأفلام ذات الطابع السياسي مثل(Z)كوستا كافغاس عام 1969 و(I… comme Icare)لهونغي فوغنوي Henri Verneuil عام 1979 وما حيك من مؤمرات في قضية القاضي الإيطالي آلْدو مورو، بل وفضيحة وارتيرغيت نفسها في شريط:(All the President s Men)من تشخيص كل من"دوستين هوفمان" و"غوبيغ غيدفوغد"في دور الصحفييْن اللذيْن فضحا"بْنِيقَا..!!.." كواليس نيكسون أمريكا في عز الصراع بين الشرق والغرب..غير أن عادة التواتر والتكرار والاضطراد كشفت حجاب"عفة الخفاء وصفاوة النقاء ودهشة المباغتة"عن كثير مما كان يُضْمَرُ في كواليسنا التي تحولت مكشوفة لا رواء لها..بالأمس القريب كنا نقرأ عن المرأة التي حكمت البلد الفلاني وتلك التي فعلت كيت وكيت في البلد العلاني قبيل وقائع وقعت وأثرت في تطور أحداث تاريخية معينة بشكل معين أو بطريقة أخرى..أتذكرون ما كان يعرف بالراقصات الملتبسة أدوارهن وأشباههن، وما كان يقوم به الموسومون بصفات "الفنانين والفنانات"والمسخرين والمسخرات وغيرهم في تجميع المعطيات الاستخبراتية من أجل تسهيل صناعة قرار والبث في مصير بلد ما... الأمور غدتْ مع توالي التجارب وتنوع السياسات وكثرة المقاربات صناعة عقلانية مقننة تُدْرَسُ في مؤسسات مختصة لا مجال للصدف والاعتباط والعشوائية والمجازفات وهِبة الشطارة فيها... وأنت تشاهد أحداث الفيلم، تهمس لنفسك مثلا..لِمَ لا يعمد البلد الفلاني أو العلاني من بلدان آل يَعْرُبَ الى إنتاج ما يشبهه من نظائر واقعية مادامت الوصفة جاهزة..يُؤخذ شاب أو فتى أو ربما رضيع في القماط( لِمَ لا!؟)يُربى وينشأ تنشئة تلائم بيئةَ البلدِ الدَّريئةِ، ثم بعد مُدد مديدة أو غير مديدة يكون الصبي ترعرع فيها دون إثارة آنتباه تُمهَّد له سبل الارتقاء السياسي أو العسكري أو هما معا حتى يصل بقدرة صناعة "البنيقات"السرية المختصة جاهزا للاستعمال لقيادة بلد أو وطن أو جماعة أو أمة، بطبيعة الحال، بخلفية مُوَرَّاة لا يُنْعَتُ لها بالبَنان..لا داعي لذكر الأمثلة والأسماء، أليس تاريخ الاستعمار الأوروبي لمناطق الشرق مخضب ببصمات جواسيس مبعوثين بطرق ملتوية مستشرقين مستعربين متأسلمين لبسوا العمامة امتطوا مطايا الجِمال عاشوا والبدوَ في فيافي الفلوات أمسوا فقهاء أئمة يؤمون آل البلد الأصليين يفتونهم، بل يحكمون ويتحكمون، وأثناء ذلك كانت التقارير تُسَوَّدُ تُرسَل ممهدة لما سيكون صفحات سُودٍ في تواريخ الشرق وشمال إفريقيا.والبلد العم صام على رأس القائمة وما لف لفه من الأنظمة، وتواريخ خفاء ما يحاك من وجبات كواليس مطابخ السياسات في حاضرنا وماضينا القريب والبعيد غدت الآن_للأسف_مكشوفة معلومة جلية للعيان لكثرة الاجترار والتواتر والتشابه وآنحسار لمسات الإتقان والفرادة والتميز والإبداع في إخراجها على حيز الواقع وإقناع الناس بمحصلاتها ومخرجاتها..كل شيء أضحى مفضوحا بلا رواء الآن..كل عوالمنا آنمسخت تشوهت أضحت فظيعة في عرائها وسفورها القميء، مبتذلة آبتذال سلسلات(جيمس بوند) الاستعراضية،وضحالة(Un flic dans la mafia/Wiseguy)وتهافت سلسة (مهمة مستحيلة)، بل وهم(رأفت الهجان)و(دموع في عيون وقحة) الخ.. فلَمْ يعد ثمة مجال لجينات تاريخية سرية ببصمات أصيلة، ولا لجغرافية سليمة من وباء طفيليات أشباح ظلال البنيقات ...
_ إحالات:
١_ البنيقة في العامية المغربية لا علاقة لها بما يتداول في العربية الفصحى، فغالبا هي غرفة صغيرة ضيقة تستعمل للحاجة توضع فيها الأشياء الزائدة التي يمكن الرجوع إليها وآستعمالها عند الضرورة، ولا علاقة لهذا المعنى بما يتداول حاليا في العامية بإطلاق الكلمة على مكان سفلي ضمن أماكن مخافر الشرطة تمارس فيه الاستنطاقات؛ لكن المعنى الذي نوظفه هنا هو ما عُرف في تاريخ المغرب بملحقات القصر حيث مقر آشتغال الكتاب والإداريين، وهي حجرات صغيرة يجلس فيها الوزراء والكتاب والاداريون لتأدية أعمالهم السياسية والادارية... ٢_Un flic dans la mafia/Wiseguy: سلسلة أمريكية ظهرت عام ١٩٨٧ وآستمر عرضها الى ١٩٩٠ طيلة أربعة مواسم
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللهْ يَجْعَلْ قَدْ الصَّحَّة قَدْ لَعْمَرْ
-
كَتَاغْسِيس
-
أقنعةُرأس المال آلبشعة
-
كُلٌّ فِي زَمَانِهِ آلنَّضِيدِ..بخصوص الزمن في رواية-الصخب و
...
-
شَبَقُ آلحروف في(إنسان بلا سجايا)
-
وَعَلَى آلطُّفُولَةِ آلسَّلَام
-
(ها أنذا) كما جَأرَها آلمسمى عنتره
-
علمتني الرياضيات الشيءَ الكثير..لا..لم تعلمني شيئا
-
لَمْ يَعُدْ لِي حَنِين
-
سُقوطٌ حُر
-
ضَحِكَ وآلسّلام
-
حَسْرَة
-
لِيَأْتِ جُودُو أو لَا يأتي..لا يهم..
-
مُجَرّد سحليَّة في آلقفارِ أنَا
-
زِيدُو لْكُودَّامْ
-
اِخْتِلَاس
-
عِيدٌ سَعِيد
-
حِمَارُ آللَّيلِ
-
الطفل القديم
-
التَّابْعَة
المزيد.....
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
-
-بوشكين-.. كلمة العام 2024
-
ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|