|
وطن يعطينى مرتبا شهريا على تمردى
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7374 - 2022 / 9 / 17 - 16:06
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
---------------------------------------- لا أعرف ما هذه اللذة التى يستشعرها البعض فى ممارسة الكذب والتضليل وتنبادل الاشاعات ؟؟. ما هى المتعة التى يتشبث بها البعض ، عندما يرجعوننا الى الوراء ، حيث أزمنة ، وعواطف ، وأفكار ومواقف ، مسرطنة بالعفن ومتقيحة بالصديد، وطافحة على الجلد ، بالبقع والدمامل ؟؟. أهؤلاء البعض من كوكب آخر ، كائنات فضائية تغزونا ، لتلتهمنا ، وتكسر عظامنا ، وتسحقنا لتعيد تشكيلنا من جديد ، حسب قواعد وقوانين الكوكب التى هبطت منه ؟؟. أهم من سكان هذا الكوكب ، أهم من سكان مصر ، الوطن الذى ليس لدينا غيره ، وليس لديه غيرنا ؟؟. هؤلاء البعض المتحمسين لكى نبدأ من الصفر ، وننسى الثورة المصرية ، وننسى الشهداء الذين حلموا بمصر أقوى ، وأعدل ، وأجمل ، لماذا يفضلون الهدم بدلا من البناء ، والظلام على النور ، والخذلان على الكرامة ، ولن يهدأوا حتى " يخربوها ويقعدوا على تلها " ؟؟. من المؤكد أن هؤلاء لديهم أوطان بديلة عن الوطن المصرى ، وكل ما يشغلهم هو منافع شخصية ضيقة الأفق ، لا ترى أبعد من قدميها . ولأن المنافع الشخصية مغرية جدا ، فان قلائل على مر الأزمنة وفى كل مكان ، هم الذين استطاعوا مقاومتها ، وفكروا ألف مرة قبل الانقياد لها ، والغرق فى أوهامها . ومن التاريخ ، نعرف أن هؤلاء القلائل نساء ورجالا ، هم الذين بنوا الأوطان ، وحافظوا عليها ، بالفكر المنفتح ، والعمل الجاد ، والتشبث بالحقيقة ، وبحب الوطن الذى هو دائما فى حاجة اليهم . حتى لو كتم الوطن أنينه ، وضم أحزانه الى قلبه ، كانوا قادرين على سماع صراخه الكامن ، وتلبية النداء فورا ، كل حسب طاقته وقدراته ومواهبه . من التساؤلات التى تلازمنى دائما ، هى ما هو الوطن الذى أريده أن يحمل اسم " مصر " ؟؟. ما هو هذا الوطن ، الذى يتحدى ليس فقط هؤلاء البعض الشغوفين بتأخره ، وشده الى أزمنة تنفر منها الانسانية ، ولكن يتحدى كلمة المستحيل نفسها ، والتى ألغاها الامبراطور الفرنسى نابليون بونابرت 15 اغسطس 1769 - 5 مايو 1821، من أبجديته ، وقد كان من رموز واحدة من أعظم ثورات التاريخ ، وهى الثورة الفرنسية 5 مايو 1789 - 9 نوفمبر 1799 ؟؟؟. ماذا أحب لمصر وطنى ، ووطن أقدم الحضارات ، ومعلمة وملهمة حضارات وأمم ؟؟. ما هو الوطن الجميل الذى يداعب يقظتى ونومى ؟؟. أهو الوطن الرحب ذو الأذن الموسيقية الراقية ، الذى لا يجد تناقضا ، بين الاستماع الى موسيقى " القصبجى " ، وموسيقى " موتسارت "؟. يتذوق " أسمهان " ، و " فايزة " مثلما يتذوق " اديث بياف " ، و " شيرلى باسى " ؟. يصفق لصوت " فريد " ، كما يفعل مع صوت " فرانك سيناترا " ؟. أهو الوطن المؤمن بضرورة تقليص الفوارق الطبقية بين الناس ؟. أيكون هو الوطن الذى يصنع أرغفة الثقافة ، والفن ، والأدب ، والسينما ، والمسرح ، والغِناء ، والصحافة ، بوفرة وجودة رغيف الخبز ؟ . أو ربما يكون ، هو الوطن الذى ينسف دون رجعة ، ضوضاء مكبرات الصوت ، الشرسة ، المتنمرة ، المنتهكة ، للخصوصية ، والهدوء ، وحُرمة المسكن ، المتسببة فى التلوث السمعى ، والحضارى ؟. الجاهلة بشئ بديهى اسمه " الحساسية للأخرين "؟. أيمكن أن يكون الوطن ، اليقظ ، الذى يقطع الطريق ، على وسطاء ، وأوصياء الدين ، والثقافة والأدب والأخلاق والأحوال الشخصية ، يفسدون العلاقة بيننا ، وبين عقولنا وأجسادنا ، يغطون النساء بالأقمشة والطاعة المقدسة للذكور ، يضعفون مناعتنا الذاتية بالخرافات والأكاذيب والاشاعات والتضليل ؟؟. أهو الوطن الذى يتكلم عن الحرية ، بالوقار ، والهيبة ، والانبهار ، الذى يتكلم به عن لاعبى الكرة ، وزوجات رجال الأعمال ونجمات السينما ، وملكات جمال الحجاب ؟. أم تراه الوطن ، الذى يكفل خدمة طبية فاخرة ، لمنْ لا يملك الا اعتلال جسمه ، وقوت يومه ؟. الوطن الذى يحترم حرية الاعتقاد ، واللاعتقاد ، وحرية الابداع ، وحرية التعبير ، وحرية الصمت ، وحرية العنوسة ، والعزوبية ، وحرية خروج الزوجات دون الاذن العبودى من الأزواج ، وعدم انجاب الأطفال " أحباب الله "؟؟. هل الوطن المصرى الذى لا يفارق خيالى ، هو الوطن الآمن من الارهاب الدينى المسلح والارهاب الفكرى غير المسلح ؟. هل هو وطن ، لا يمارس التجريحالشخصى ، والشتائم ، والبذاءات ، والمزايدات الفجة ، باسم الوطنية والفضيلة ، والسلف الصالح ؟. أم هو الوطن الذى يأكل من عرق جبينه ، وينتج من دوران ماكيناته مطتوب عليها بعزة وفخر : " صُنع فى مصر " .. وطن يجرم قمع النساء ، وشرب الأطفال من ترع البلهارسيا ؟. وتنتشر فيه مقاهى البكاء والحزن ، قدر انتشار مقاهى المرح والرقص والغِناء ؟؟. مقاهى مختلطة الجنسين فى الهواء الطلق ، يتبادل فيها الشابات والشباب والنساء والرجال ، أنبل المرح وأرقى الأمسيات التى تغنيهم عن التدخين ، وحمل السكاكين ، وشرب المخدرات ، وادمان الحبوب ضد الأرق والاكتئاب واليأس ؟؟. أيكون وطنى الجميل ، وطن ينتصر لوسائل نقل عام ، تحترم انسانية الناس ، بسلام ، وأمان ، تنقلهم من مكان لآخر ، دون حوادث ، دون أن تنقل لهم أمراض تسرب العادم ؟ . وطن ، توجد فيه العدالة ، داخل قلوب البشر ، قبل أن توجد فى كتب القانون فى كليات الحقوق ، ومكاتب المحامين ، و منصات القضاء ؟. وطن ، لا تستخدم فيه النساء الماكياج ، والمجوهرات ، والأزياء الفخمة ، ولا تلجأ الى أليات التجميل التى تمحو بصمات الزمن ؟؟. وأكيد هو وطن يفض الاشتباك الموروث المضحك المخزى غير العادل ، غير الشريف ، بين غشاء البكارة ومفاهيم الشرف والرجولة . وبدون أدنى شك ، هو وطن لا يضايقه غضبى ، وانتقاداتى ، تسعده أحلامى المتشبثة بكل الخير له . وفى آخر كل شهر ، يعطينى مرتبا سخيا ، على مشاكساتى ، وتمردى . لسبب بسيط ، أنه وطن كبير ، واثق فى نفسه ، وفى حضارته الثابتة فى عمق الأرض . وهو يعلم من التاريخ ، أن الأوطان ، تزدهر بالتمرد ، والتساؤل ، وأن الوطنية المخلصة تبدأ ، وتنتهى ، بالاحتجاج . بل انه يعتبر الصوت المتمرد ، من ضرورات الصحة الوطنية ، والعافية الحضارية ، وضرورة لا غنى عنها ، للانتصار ، والتألق . -----------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
13 سبتمبر ميلاد أبى شريف حتاتة
-
فنان أخذ من - البحر - الاسم والعنفوان والخلود
-
مصلحة البشر وسعادتهم وحريتهم فوق الأديان
-
الموت على البث الحى
-
تأملات .. الرأسمالية وباء وداء
-
العَلم والقلم ..... ثلاث قصائد
-
رجل يتمنى صداقتى .. ميتة مخادعة ............. قصيدتان
-
كاتبة من شبرا ..... ثلاث قصائد
-
مشاهد ناقدة لمفهوم وصلاحية الديمقراطية
-
طالما أننى ... قصيدة
-
أمى .. اليكِ أشكو ثلاث قصائد
-
لا تهاجرى .... لا تهاجر
-
جوائز النفط ... أربع قصائد
-
15 أغسطس عيد استقلال وطن لا أحمل جنسيته
-
تأملات .. الأحكام الأخلاقية لأجساد النساء
-
ثلاث قصائد .. للكِلاب أقدم اعتذارى
-
تنويعات .. محمد رمضان ونجيب محفوظ
-
متلازمة ستوكهولم ومسئولية الاعلام
-
تنويعات ... الخرفان هى التى تصنع الذئاب
-
تنويعات ... الديمقراطية ليست هى الحل
المزيد.....
-
ما مدى تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على المستهلكين
...
-
تصعيد إسرائيلي في جنين وغزة واستئناف مفاوضات المرحلة الثانية
...
-
مقررة أممية: فظائع إسرائيل بحق فلسطينيات غزة -إبادة جماعية ل
...
-
حزب الله يحدد 23 فبراير موعدا لتشييع نصرالله وصفي الدين معا
...
-
رئيس كولومبيا: سياسات ترامب فاشية
-
خبير عسكري يكشف سر زيارة زيارة نتنياهو لواشنطن
-
ترامب: لدينا مناقشات مخطط لها مع أوكرانيا وروسيا
-
المهاجم الدولي الجزائري أمين غويري يدعم هجوم مرسيليا
-
المكسيك ترفض البيان الأميركي وترامب يقر بتداعيات الرسوم الجم
...
-
تدشين معبد هندوسي ضخم في جنوب أفريقيا
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|