كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن-العدد: 7373 - 2022 / 9 / 16 - 02:15
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ابتهج الناس بوصول السفن الحربية إلى البصرة، وكانوا يتابعون تحركاتها وهي تجري تدريباتها اليومية بين منعطفات شط العرب، ثم باشرت بإجراء مناوراتها الشهرية في خليج البصرة، وما أن حل عام 1867 حتى كانت السفينة الحربية (أزمير) في طليعة القافلة البحرية التي انطلقت في موسم الحج من ميناء البصرة صوب ميناء جدة، وعلى الرغم من انتهاء موسم الحج ظلت السفينة الحربية (إزمير) راسية هناك نزولاً عند رغبة أمير الحجاز الشريف علي بن محمد بن عبد المعين بن عون (1833- 1870)، وذلك لاستخدامها في تنفيذ بعض المهمات المرتبطة بأمن التجارة البحرية في حوض البحر الأحمر، إضافة إلى تكليفها بمهمة إرسال ضباط من الحجاز لضمان ولاء الشخصيات البارزة في منطقتي الشحر والمكلا، على ان يتم اصطحاب الضباط عند عودتهم على متن السفينة (إزمير)، وأن يبقى الضباط في جدة بعد انتهاء المفاوضات، لكن الظروف الطارئة وقتذاك تطلبت نقل اولئك الضباط مرة أخرى إلى ميناء الحديدة، وقد أسهمت تلك التحركات في استتباب الأمن في المكلا عام 1868، الأمر الذي جعل أمير الحجاز يطالب بابقاء السفينة الحربية في جدة، على الرغم من مطالبات والي البصرة بعودتها إلى شط العرب، لكنها عادت إلى اسطنبول في مايو 1870 للخضوع الى الصيانة العامة وتجديد اسلحتها، وفي نهاية شهر كانون الأول من عام 1871 كانت السفينة الحربية (بورصة) بحاجة الى إصلاح معداتها الحربية ودفتها وآلاتها وغلاياتها (مراجلها البخارية)، وذلك على نفقة ولاية البصرة. .
نذكر أيضا ان الإمبراطورية العثمانية بدأت تلفظ انفاسها في تلك الأيام، فعلى الرغم من ان قوتها البحرية أصبحت أقوى في عهد السلطان عبد العزيز الثاني. لكنها لم تحظ بالاهتمام اللازم في عهد عبد الحميد، فقد تأخرت كثيراً، فسارعت لسد هذه الفجوة من خلال تعزيزها بالسفن المشتراة من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. .
نذكر ايضا ان السلطان عبد العزيز كان يخطط لإنشاء بحرية جديدة، فاشترى العديد من السفن. ويقال إن البحرية في زمنه كانت ثالث أكبر بحرية في العالم. لكنها لم تُبنى وفق أي استراتيجية أو خطة حربية مدروسة، وهذا هو سبب تراجعها عام 1876 إلى مستويات متدنية بسبب مخاوف السلطان على العرش والهيكل العام للاستبدات. لدرجة أن اللورد الأول للأدميرالية البريطانية (ويليام بالمر)، الذي جاء لفحص البحرية العثمانية، كتب في تقريره: (لا يوجد شيء اسمه البحرية)، في الوقت الذي تطورت فيه السفن الحربية، وظهرت السفن المدرعة في جميع أنحاء العالم. .
والحديث ذو شجون. .
#كاظم_فنجان_الحمامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟