|
مقاربة أولية لتجربة جيل التسعينيات الشعري في سورية
أديب حسن محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1688 - 2006 / 9 / 29 - 07:25
المحور:
الادب والفن
في المصطلح :
لعل من أهم الصعوبات التي تعترض سبيل أية دراسة جادة هو ضبط المصطلح وفي حال مصطلح (الجيل ) يزداد الأمر تعقيدا . إذ أن الكثيرين من النقاد المتابعين يقفون ضد هذه التسمية أو هذا المصطلح . وفي حالة جيل التسعينات نذكر أن هذا المصطلح يوفر الكثير من العناء أمام تصنيف الشعراء ويسهل تناول المظاهر الشكلية والموضوعية لتيار شعري محدد ببعض السمات والخصائص التي تميزه عن سابقيه ولا حقيه وبناء عليه ارتأينا أن نطلق تسمية شعراء التسعينات على أولئك الذين نشروا بواكير قصائدهم في مطلع تسعينات القرن المنصرم وتشكلت وتبلورت تجاربهم خلال ذلك العقد بغض النظر عن إصدارهم مجموعة شعرية في تلك الفترة إذ أن بعضهم قد تشكلت لديه تجربة ناضجة ودون إصدار أي مجموعة مثل : محمد دريوس ، مروان خورشيد .. فيما تراوحت إصدارات البقية بين مجموعة واحدة مثل : طارق عبد الواحد ، إبراهيم حسو ، عبد البركو ، ريزان يونس، .. وبين 11 مجموعة (طالب هماش) نذكر هنا أيضاً ظهور مصطلح الجيل لأول مرة بهذا الزخم عند جيل التسعينات الشعري وقد اصطلح البعض على تسميته بجيل الجوائز لترافق التجربة مع ظهور العديد من الجوائز الأدبية : جائزة طنجة المغربية ، جائزة سعاد الصباح ، جائزة الشارقة ، البياتي ، وغيرها ....
حول الأشكال الشعرية :
لم يختلف شعراء هذا الجيل كثيرا بطبيعة الحال عن سابقيهم ولا حقيهم لجهة خوضهم في أشكال الشعر الثلاث : النثر ، التفعيلة ، العمود وان كان بإمكاننا إيراد بعض الملاحظات السريعة هنا : 1- تراجع وانحسار في كتابة الشكل الكلاسيكي الذي اقتصر على نفر قليل من شعراء هذا الجيل ويمكننا بالتحديد ذكر : مالك الرفاعي ، ومحمد مصطفى درويش ، مالك سليمانو ، وبشكل أقل ياسر الأطرش ، وعبد الناصر حداد ، منير خلف ، عيسى إسماعيل 2- انتعاش قصيدة النثر بشكل لافت واختراقها لأساليب جيل التسعينات والثمانينات حيث تشكل مناخ نثري تسعيني متميز استطاعت فيه قصيدة النثر خلق خصوصية ما من خلال السعي المستمر للتجريب شكلا وموضوعا وبرزت خلال هذا العقد الكثير من الأسماء المتميزة نثريا : محمد عيسى ، محمد دريوس ، محمد الحموي ، محمد المطرود ، هنادي زرقة ، عبد البركو ، رولا حسن ، مروان خورشيد ، لقمان محمود ... - بروز جزيرتين نثريتين متميزتين في سوريا - قصيدة الساحل : اللاذقية وجبلة خصوصا ، نموذج أدونيس - قصيدة الجزيرة : نموذج سليم بركات بالنسبة لمنطقة الجزيرة ساهم وجود العديد من الأثنيات العرقية في اللجوء تقليد تجربة الشاعر النثري الأهم ( سليم بركات ) وهنا يمكننا ذكر تجربة شعراء مدينة عامودا " مسقط رأس سليم بركات " : عبدالرحمن الحسيني ، وعبد المقصد الحسيني ، ومحمد نور الحسيني ، وعبداللطيف الحسيني ، إضافة إلى مروان شيخي ، عماد الحسن ، لقمان محمود ، وهي حالة تستحق التأمل والدراسة إذ تكاد التجربة التسعينية في مدينة عامودا تقتصر على قصيدة النثر . أما في مدينة القامشلي ، والحسكة فإضافة إلى النثر برز بعض شعراء التفعيلة التسعينين مثل : عيسى الشيخ حسن ، ومنير خلف ، وسط كم كبير من كتاب قصيدة النثر أمثال : راكان حسو ، أحمد حيدر ، علاء الدين حسن ، عبد البركو ، نورة خليف ، عارف حمزة ، ريزان يونس ، دلدار فلمز ، إبراهيم حسو ، هوشنك درويش ، ياسر شاكر ، فتح الله الحسيني 3- على صعيد الأسماء الأنثوية كانت السمة الطاغية كذلك قصيدة النثر : ميادة لبابيدي ، فرات اسبر ، هنادي زرقة ، شاعران ، رولا حسن ، مع استثناء يكاد يكون الوحيد في كتابة قصيدة التفعيلة : غالية خوجة فيما اضمحلت الكثير من الأسماء الأنثوية الطارئة لأسباب كثيرة ليس آخرها ضعف الموهبة،وعدم امتلاك رؤيا التجربة الشعرية المتكاملة إذ ظلت كتابتهن ضمن إسار الخواطر الوجدانية الرتيبة. 4ـ تهيأت لشعراء هذا الجيل حرية كبيرة في النشر وفي الانفتاح على تيارات شعرية شديدة التنوع من خلال النشر الالكتروني الذي لم يكن متاحاً للأجيال السابقة،وبحيث ظهرت القصيدة "الالكترونية" إن صح التعبير وبحيث انتقلت القصيدة من الورق إلى الورق والضوء معاً. 5- غياب النقد المواكب لتجربة هذا الجيل الشعري إذ أن الحركة الشعرية التسعينية لم تفرز حركة نقدية موازية ، باستثناء شذرات بسيطة هي أقرب للقراءات الانطباعية لبعض المجموعات الشعرية التسعينية مما حدا ببعض شعراء هذا الجيل للتصدي لهذه المهمة أما نقاد جيل الثمانينات فنادرا ماتعرضوا لكتابات أبناء هذا الجيل مع استثناءات قليلة تم فيها الزج بقلة من الأسماء التسعينية ضمن سياق عام غير قادر على الإحاطة بمزايا ومظاهر ونزعات الكتابة الشعرية لأبناء هذا الجيل . وساهم استيلاء جيلي السبعينيات والثمانينيات على المنابر الثقافية في وضع حاحز منيع أمام ظهور التجربة التسعينية والقراءات النقدية عنها،وظلت هذه المنابر تمجد التجارب السابقة وتتجاهل اللاحقة.. ويمكننا هنا الوقوف على ثلاثة تجارب نقدية قدمت نفسها في هذا المجال : - د. هايل الطالب ،د. حمزة رستناوي ، عيسى الشيخ حسن إضافة إلى تجربة كاتب هذه السطور ( المظاهر التراثية في شعر التسعينات السوري – التناص مع القرآن انموذجا ) وكل من هذه التجارب هي في طور إعداد بعض المخطوطات النقدية التي تتخصص بتبادل هذا الجيل الشعري المهمش نقديا كما تم نشر ملفين كبيرين من تجربة جيل التسعينات الشعري الأول أعده الشاعر علي سفر في مجلة شعراء الفلسطينية والثاني أعده كاتب هذه السطور في مجلة الجسرة القطرية الفصلية التي توقفت عن الصدور ومن المفارقات أن أهم الدراسات عن تجربة هذا الجيل قد جاءت من ناقد عراقي هو د. محمد صابر عبيد(( تحولات النص الشعري ـ قراءة في نماذج من شعر التسعينيات في سوريا ـ )) 6- ضمور المواضيع الكبرى والقضايا التي انشغل بها كتابات جيل التسعينات ، وجزء من كتابات الثمانينات حيث لوحظ تكون بذرة الانفعال عن هذه القضايا في بعض قصائد الجيل الثمانيني ، لتترسخ بشكل أكبر عند جيل التسعينات حيث اتجهت القصيدة أكثر فأكثر باتجاه الذات الشاعرة التي انشغلت بالتقاط هوامش الحياة وبرصد يومياتها المغيّبة بحيث لا تكاد تخلو قصيدة من هذه التفاصيل التي تستحضر الذات بهمومها الخاصة وتعلي قيمة الألم الخاص. 7ـ ميوعة الموضوع والانشغال بمستلزمات الشكل الشعري مع ما يعني ذلك من بروز النزعات الشكلية التي تهدف إلى الإبهار اللغوي دون اكتراث كبير بالمحتوى،وهي ظاهرة صارخة في كتابات العمود والتفعيلة،وأقل وطأة في الشكل النثري الذي أتاح حرية أكبر في التقاط المعنى دون اكتراث كبير بمسألة الشكل الذي يعيق ويقيد المعنى مهما كان هذا الشكل خارجياً وصامتاً.
#أديب_حسن_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمهّلْ صديقي
-
حجر في زرقة الأبد
-
قصيدة ماغي
-
حوار مع الشاعر الكردي أديب حسن محمد أجراه نضال بشارة
-
ماجدة الرومي..فقط لو كنتُ لبنانياً..!!
-
أنا هؤلاء
-
هل حقاً كان الماغوط شاعراً كبيراً الجزء الثاني
-
هل كان الماغوط حقاً شاعراً كبيراً
-
قفا نضحك
-
ويسألونك عن الأنفال
-
المشهد الشعري السوري 12 قصائد بحجم ابتساماتنا لثلاثة شعراء
-
مأساة نادي الجهاد ومهزلة الدوري السوري
-
تأبط أرضاً
-
وقائع برنامج خاص عن سليم بركات في الإذاعة السورية
-
المشهد الشعري السوري11 خدعة الغامض لفرات إسبر
-
العماء العربي إلى أين بمناسبة دعوة رجل الأعمال السعودي مقاضا
...
-
ما يطلبه المضطهدون
-
المشهد الشعري السوري 10 قصيدة النثر ما أبسط أن تكون وحشاً لم
...
-
النبي العربي والتجربة الدانماركية
-
المشهد الشعري السوري9 قصيدة النثر بورتريه لأمير مهزوم لمحمد
...
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|