|
بالنووي يا بوتين
إياد الغفري
الحوار المتمدن-العدد: 7365 - 2022 / 9 / 8 - 16:01
المحور:
كتابات ساخرة
كاريكاتور قديم رسمه حسبما أذكر الأردني عماد حجاج عن شخص وشم على زنده أسم عشيقته ثم وضع عليه إشارة ضرب بعد أن انتهت صلاحيته ليكتب تحته اسم عشيقته الثانية ويمسحها لاحقاً، وأخيراً كتب تحته "بالكيماوي يا صدام" ومسحه عندما تم إسقاط الديكتاتور. بغض النظر عن أن جريمة حلبجة ألهبت مشاعر المؤيدين للديكتاتور الراحل لسنوات، وما تزال؛ فإن صورة الرسم الكاريكاتوري تظهر في مخيلتي مؤخراً بشكل دوري وكنت أنوي التوجه لمختص بالتاتو لأكتب بالوشم عنوان النص على زندي راجياً المولى ألا اضطر لمسحه لاحقاً، لكني عدلت عن الفكرة لأن زوجتي الموقرة نهتني عن ذاك أولاً، وثانياً لأن الوشم تكلفته عالية بالنسبة لمواردي المحدودة، وأخيراً لأن الوشم بمرور الزمن يفقد رونقه حيث أنه يتمدد مع الجلد؛ البارحة وأثناء التسوق انحنت سيدة في المتجر فأبرزت وشماً يعلو مؤخرتها على شكل قرون وعل، الوشم الذي يمنح الإست رونقاً للآنسات وربات الخدور مثير ومغر إلى حين، لكنه يفقد مفعوله مع ازدياد الوزن وتمدد الجلد، السيدة بقرون الوعل التي زينت فيما مضى عجزها والمنطقة القطنية بلغت من العمر ما بلغت والدهر اللئيم أكل وشرب وسلح على تلك المنطقة وغيرها من المناطق فترك عليها بصماته وبعض من بصاقه، ومع أنني لا أعتقد بأن النقد البناء له علاقة بالمظهر وأن هذا يقرب للشخصنة، إلا أنني في مثل هذه الحالات أقوم بالاستثناء عن طيب خاطر. يا ستنا بيجوز الوشم كان بيطير العقل بالتسعينات، بس القاعدة الفقهية بتقول وإذا بليتم فاستتروا. الجلباب يليق بهذه السيدة، والحمد لله على نعمة الإسلام.
***
الخطر النووي المحدق الذي سبب للغالبية الرعب خلال القرن السابق بدأ مع القصف الأمريكي لليابان واستمر بتشيرنوبيل والمفاعل الياباني الذي نسيت اسمه ولن ينتهي بتفجر المفاعل الأوكراني الذي احتله الروس والذي يزعم السيد زيلينسكي أن المحتل الروسي الكلب يقصفه لقتل جنوده بداخله.
في الحروب تتبادل الفصائل التهم، وكسوري سابق يمكن لي ذكر بضع الآلاف من التهم التي تبادلها أطراف الصراع في الحرب الأهلية السورية المسماة تجاوزاً بالأزمة أو الثورة، كذلك هو الحال على الأراضي الأوكرانية اليوم.
من يقصف المفاعل الأوكراني؟ سؤال محير، يشابه سؤال من استخدم الكيماوي، ولكن كما كان اللبنانيون يتقولون فيمن كان وراء حربهم الأهلية فإن الحق على الطليان.
*** بالنووي يا بوتين.
لإنهاء الجدل البيزنطي حول تقدم وتراجع، كر وفر الأطراف المتحاربة ولإنهاء حالة الرعب والتضخم الذي قد تسببه حرب طويلة الأمد في ربوع أوكرانيا الغراء، لا بد من حل سريع ينهي الأزمة ويضع العالم أمام أمر واقع، أمر واقع كدولة الكيان التي ومهما طال الجدل حول شرعية وجودها إلا أنها كدولة الإسلام باقية وتتمدد. الحل الوحيد لإنهاء الجدل هو نصر سريع وهذا لن يكون إلا باستخدام الرعب النووي.
شاهدت قبل سنوات وثائقي عن كارثة انفجار مفاعل تشيرنوبيل الذي أقض مضجعي أيام الشباب، حيث أنني كنت حينها أنظر بريبة لكل خسة قبل غسلها وأسألها إن كانت قد تشربت الإشعاعات الخطيرة فتصمت الخسة لتتركني غارقاً في حيرتي. الوثائقي تحدث عن وضع منطقة تشيرنوبيل بعد الكارثة وعن الإشعاعات القاتلة التي تلوث المنطقة، وفهمت أن المواد المشعة لن تتفكك إلا خلال بضع مئات الآلاف من الأعوام وأنها تسببت في الكارثة الأخطر للبشرية، لكن اليوم وبعد أن قررت تبني عنوان النص كشعار للمرحلة فإنني أتساءل عن محتوى الوثائقي، أذكر صورة لملعب كرة قدم في تشيرنوبيل، ملعب صبت مدرجاته من الإسمنت الذي بدأ بالتفتت خلال عقود قليلة وبدأت الأعشاب تنمو منه، شجيرات اخترقت البيوت وبدأت بالنمو بشكل عشوائي واللقطة الأهم كانت لشجرة عملاقة وقف باحث أمامها يرتدي بذلة واقية من الإشعاعات ويحمل بيده عداد غايغر يتكتك بشكل مزعج ليؤكد لنا أن الشجرة مشبعة بالإشعاعات وأن وضعها حرج.
الأشجار التي أتذكر رؤيتها من غابات ألمانيا التي ضربها الجفاف تبدو وكأنها شواهد لانتهاء البشرية بينما شجرة تشيرنوبيل العملاقة تعاني من التلوث الإشعاعي بأوراقها الخضراء وتحجب نور الشمس. إن الإعلام على كل شيء قدير.
*** كعادتي ألقيت فكرتي على الفاضلة زوجتي مع قهوة الصباح، فلوت بوزها شبرين وتمنت على الله أن أكون ساخراً لا أن أكون قد أصبحت من أتباع نظرية المؤامرة، ولم تقتنع بحقي الديموقراطي في تشكيل نظرية مؤامرة تلائمني.
يبلغ عدد من يؤمنون بتسطح الأرض وينفون كرويتها بضع ملايين، بينما يؤمن مليار ونصف بأن أحدهم ركب على دابة عجماء وصعد بها لاجتماع مصغر مع رب العزة، وهناك قرابة المليار يتمسحون بالبقر ويتبركون بروثه، ويمكن الحديث عن مليارين من الهوموسابيانات متأكدين من أن هناك سيدة متزوجة من نجار لكنها عذراء وأنجبت بدون تبادل لسوائل الجسد مع أي ذكر. إن قبلنا كل هذا فلماذا لا يحق لي ديموقراطياً تكوين نظرية مؤامرة خاصة بي.
برأيي المتواضع فإن الإشعاعات النووية هي من المكملات الغذائية كفيتاميني الباء والثاء، والكائن البشري بحاجة لقليل من الإشعاعات النووية ليتمكن من العيش لفترة أطول، وعدادات غايغر التي تقوم بالتكتكة ما هي إلا خدعة سينمائية أنتجتها هوليوود بالتعاون مع استوديو الجزيرة في قطر، وكل من يقول عكس ذلك فهو ليس منا.
وإن كانت الطبيعة قادرة خلال بضع سنوات على تفتيت إسمنت ملاعب كرة القدم لتنمو عبرها الشجيرات فأهلاً وسهلاً بالرعب النووي، واللهم أجرنا من عدادات غايغر، فيديوهات البثاثين وروايات اللاجئين، اللهم إنك على كل شيء قدير.
*** الإيمان بفكرة أو بنظرية هو جزء من حاجتنا لفهم الأمور التي تحيط بنا وهذا الإيمان يساعدنا على تقبل فكرة زوالنا عن سطح هذا الكوكب، فالأجداث التي سنؤول إليها لتضم رفاتنا "بعد عمر طويل إن شاء الله" ما هي إلا مرحلة مؤقتة مقابل الخلود الموعود، فحين سينفخ في الصور سنعود، هكذا يؤمن المليارات، يؤمنون بالمولى عز وجل كما يؤمنون بكروية الأرض وخطر الإشعاعات النووية، فكلها حقائق لا تقبل النقاش ولا ينتطح فيها وعلان.
إن كان أبناء خدام قد استوردوا نفايات كيماوية كما علمنا مؤخراً، وإن كان غالبية البثاثين مع الحلول السلمية ويدعون للتظاهر ولم يحرضوا على التسلح يوماً، وإن كان كل ابن قحبة هو ابن ثورة، وإن كان ماركسيي سوريا في السابق قد هداهم المولى للدين الحنيف فصار حسون يستحي من مناظرتهم فلماذا لا تكون أشعة غاما من الفيتامينات؟ سؤال يطرح نفسه.
الطبيعة التي عادت للحياة بشراسة في تشيرنوبيل قهقهت وهي تدمر ملاعب كرة القدم الإسمنتية التي بناها السوفييت، وكذلك ستنمو مجدداً بعد انفجار مفاعلات أوكرانيا، وعمرنا المحدود على سطح الكوكب لا معنى له بالمقارنة مع الكائنات التي ستنمو وستتغذى على بقايا خلايانا.
إن كان الوجود البشري على الأرض مرتبط بالذعر النووي الذي يهدد فيه وجودنا جنون زمك تضخمت أناه العليا، فلا بأس من زوال هذا الوجود. *** أخبرني صديقي معن أن صديقة مشتركة أبدت امتعاضها من "زعرنتي" وقلة أدبي في النصوص. قلة الحياء هذه قد تكون السبب في عدم حصول نصي السابق على تأكيدات الموافقة وأصابع التأييد، حيث أن النيك ورغم كونه الهاجس الأهم للكائنات الهوموسابيانية إلا أنه من المحظورات التي نترفع عن ذكرها، لذلك سأعمد جهدي ألا أسيء الأدب في النصوص المستقبلية كيلا أخدش الحياء، ساعدتني الآلهة.
***
اتصل رجل بصديقه الطبيب هاتفياً وأخبره أنه يعاني من ضعف الانتصاب، فطلب منه الصديق ربط العضو الذكري بحبل وشده للأسفل، وعندما قال المريض أن المذكور أعلاه قد وصل إلى مستوى الركبة وأنه لم ينتعظ بعد، طلب منه النطاسي إدخال الحبل بين ساقيه وسحبه ووضعه على كتفه ومتابعة الشد. - كمان ما صار شي دكتور. - وين وصل؟ - تحت باب كذا. - أي خرا عليه، ما منه فائدة.
***
عالم كهذا يشبه ذاك، والحل الذي اقترحه النطاسي هو الأمثل لحضارتنا التي صار نبراسها فطبول، رمز صمودها زمك، ديكتاتورها زمك، حكيمها زمك، وساستها خيرهم زمك، لذا وللحيثيات السابق ذكرها نكرر: بالنووي يا بوتين
08 أيلول 2022 إياد الغفري – ألمانيا
#إياد_الغفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النيك 18+
-
فاضت روح نبيل فياض
-
مخطوطات صنعاء
-
الألقاب
-
الانتخابات
-
المسبار
-
سب وأهان
-
الضروع العربية
-
الإكسسوارات
-
تداول السلطة
-
الدعاء
-
جينات الشهوة
-
القضاء والحساب
-
محاكمات كوبلنز
-
هواية الثورة
-
الشخصنة والثورة
-
الأمل
-
الشعر والأحلام
-
الإلحاد القويم
-
جبل المشتى والمراهقة
المزيد.....
-
الفرقة الشعبية الكويتية.. تاريخ حافل يوثّق بكتاب جديد
-
فنانة من سويسرا تواجه تحديات التكنولوجيا في عالم الواقع الاف
...
-
تفرنوت.. قصة خبز أمازيغي مغربي يعد على حجارة الوادي
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|