أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - لماذا صمت نجيب محفوظ؟














المزيد.....

لماذا صمت نجيب محفوظ؟


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 7364 - 2022 / 9 / 7 - 20:32
المحور: الادب والفن
    


انتهى نجيب محفوظ من إنجاز ثلاثيته مع انتصار ثورة 23 يوليو 1952. هي بالتأكيد مجرد مصادفة، ولكنها مصادفة ذات مغزى. ومع أن «الثلاثية» تقف في أحداثها عند العام 1944؛ أي قبل انفجار الثورة بنحو ثمانية أعوام، لكن أفكارها تمتد كما لاحظ ذلك بدقة الراحل محمود أمين العالم حتى عشية قيام الثورة؛ بل لعلها كانت تتنبأ بها.

وليس من شأن الأدب أن يتوقع التفاصيل، فما في الواقع من تعقيدات يبز كل خيال، ولكن حسب هذا الأدب أن يهجس بالقادم، وهذا ما فعله نجيب محفوظ في «الثلاثية»، حين جعلنا نشعر بأن الأمور لا يمكن أن تبقى على ما كانت عليه.

يقدر محمود أمين العالم في كتابه القيم عن أدب نجيب محفوظ، أنه كان في جعبة الكاتب بضع روايات، لا رواية واحدة عن مرحلة ما قبل الثورة. لو لم تقم الثورة لربما كان باشر كتابتها، ولكن أما وأن الثورة قد تمت، فقد شعر أن ما جرى أجاب على ما كان يعتمل في ذهنه، وبالتالي فإنه لم يعد هناك ما يمكن أن يقوله، فالحياة، في هذا الجانب تحديداً، قد سبقت الأدب.

هنا آثر نجيب محفوظ الصمت، وقال كلماً قاسياً: «لم يعد لي ما أقوله. إن المرحلة الجديدة تتطلب أدباً جديداً»، مُومِئاً إلى أن مهمته، كأديب، قد انتهت.

صمت نجيب محفوظ بعدها نحو سبعة أعوام متتالية. في هذا درس مهم في الحياة وفي الأدب، علينا أن نتعلمه من عملاق الرواية العربية. في مرحلة من المراحل على المبدع أن يتريث؛ أن يعيد النظر، ويراجع نفسه. الأدب الذي يأتي تحت ضغط الحدث هو في الغالب الأعم مرتجل، لم يُؤت بتؤدة وتأمل وتفكير عميق، فيكون إلى السلق السريع أقرب منه إلى النضج.

لم يكن محفوظ محقاً في أنه لم يعد لديه ما يقوله، بعد أن قامت الثورة، وهو على كل حال قول حمّال أوجه، فمن جهة قد يحتمل تأويله بأن الثورة حلّت الإشكالات التي تناولها في أعماله السابقة، خاصة «الثلاثية»، وهو تأويل يفهم منه أن موقفه إيجابي بالإطلاق من التغيير الذي تم، ولكنه أيضاً قول يحتمل التأويل التالي: لكل زمان دولة ورجال. لقد ولى زمني، فليقدم الزمن الجديد دولته ورجاله، وإذا كان هذا قول أقرب إلى السياسة منه إلى الأدب؛ فإنه لا ينزع عنه الوجاهة.

بعد سبع سنوات من الصمت، أطلّ نجيب محفوظ على القراء بروايته التي أصبحت لاحقاً مثيرة للجدل: «أولاد حارتنا»، ومرة أخرى كان محمود أمين العالم محقاً حين اعتبر هذه الرواية «ثمرة صمت طويل، ثمرة ثورة عميقة، وثمرة أزمة فكرية كذلك».

فتحت هذه الرواية مرحلة جديدة من أدب محفوظ، مرحلة التأمل الفلسفي العميق، في الحياة والكون والنفس الإنسانية.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جين فوندا جامعة الصفات
- أمورٌ خاصَّةٌ بأوروبا تعنينا
- غورباتشوف محبوب الغرب منبوذ الروس
- فوضى (خلّاقة) للخراب
- نحن الرقيب
- تدمير مزدوج للدولة وللمجتمع المدني
- بين ابن خلدون وابن رشد
- أثر الفراشة
- عنصريّة (هوليود)
- قضايا الشباب في يومهم
- أبعد من حقوق الإنسان
- امرأة شجاعة من السودان
- نظراء الحرباء
- ما قبل الحداثة
- المرأة ماركيز
- صراع الهُويّات
- ما يقدّمه التلفزيون
- المجتمع المدني التونسي ينتصر لسيادة الوطن
- التدمير المزدوج
- عن رجلٍ صادق نهراً


المزيد.....




- بأقلام قطرية.. كاتبات صغيرات يرسمن أحلامهن بالكلمات
- اختتام مؤتمر الاتّجاه النفسي في النقد باتحاد الأدباء
- قبل 24 ساعة على انطلاقه.. مهرجان كان السينمائي يحظر العُري ع ...
- مغني الراب شون -ديدي- كومز أمام القضاء بتهم الاتجار بالبشر و ...
- الصين بعيون مغربية: هكذا عرفتُ الصين.. مُشاهدات أول طالب مغر ...
- -عليهم البدء بتعلم اللغة الروسية-.. برلمانية أوروبية توجه ند ...
- فرنسا: كان تفرش السجاد الأحمر لكبار المخرجين والممثلين وتجدد ...
- الکويت يرفع التمثيل الدبلوماسي مع لبنان
- مدينة كان الفرنسية تستعد لافتتاح مهرجانها السينمائي يوم الثل ...
- الدموع في عينيه.. بوتين يتأثر بمشاهدة فيلم -غير مدرج في القو ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - لماذا صمت نجيب محفوظ؟