عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 7363 - 2022 / 9 / 6 - 21:33
المحور:
الادب والفن
(مقاطع من هذيان جندي مُسِنّ.. من بقايا الحرب العراقيّةِ – الأيرانيّة)
في بساتينِ "الزريجي".. كنتُ أسمعُ النخيلَ يئنّ.. ويتمدّدُ بين "سُرُفات" الدبابات.. ويموتُ من الدهشة .
وفي بساتينِ"الجباسي".. سَرَقْنا عِذقاً من نخلة برحيّ
وكان نصفنا يضحكُ.. لأنّهُ يأكلُ
ونصفنا يبكي.. لأنّهُ يسرقُ
لأوّلِ مرّةٍ في حياته.
كلُّ شيءٍ قابلٍ للسرقة، مادامت الحربُ قائمةً.. والملاّكُ غائبون..
والجيوشُ ترِثُ الأرضَ بمن عليها .
لماذا يسرق الجنود دوماً.. أشياء عظيمة
لامعنى لها في الحروب
كنخلِ البصرة ؟
***
في "مهران "
كان دويُّ المدافعِ بعيداً جدّاً
وكان عبيرُ الوردِ
يصّم الآذان .
***
حين نفدَت سجائرنا ليلاً
تسلّلنا من"الحِجابات "
وزحفنا إلى"الأرضِ الحرام".
تفحّصنا جيوبَ الجنودِ الموتى في الحروبِ الغبيّة .
كانت السجائرُ مخلوطةً بالعفن الآدميّ.
عُدنا الى"حجاباتنا "الصديقة
ونفثنا طويلاً( بعُمقٍ ونشوة)
غبارَ الجنودِ العراقيّينَ– الأيرانيّينَ
النائمينَ منذ دهور
في الأرضِ السَبِخة .
***
كان"علي الإمام".. يعزف على العود "تقسيم حُجاز "
فلا أعرفُ معهُ.. أينَ تقعُ بالضبط
حدودُ قلبي .
وكانت "سميرة سعيد" تغني "عراق الكرامة "
فلا أعرفُ بالضبط
أين تبدأُ حدودُ كرامتي
وأين تنتهي كرامةُ وطني
وكانت الأناشيدُ الفارسيّةُ.. تهدرُ خِلسةً في راديوات"الواز"
والجنودُ العراقيّونَ – الأيرانيّونَ.. ما يزالونَ يموتونَ (بأصرارٍعجيب)
في أرضِ السخامِ الفسيحة.
***
جنديٌّ يقرأُ لسارتر
وآخرُ يقرأ لماركس، وتروتسكي
وثانٍ يقرأُ لفرويد
وثالثٍ يقرأُ لنيتشة
ورابعٍ يقرأُ لغادة السَمّان
والجنودُ الآخرونَ لايقرأون
بل يتصفّحونَ بشَبَقِ واضح
مجلات "سيدتي" و"الحسناء" و "الشرقيّة"
وكلُّ واحدٍ منهم يسألُ الآخر
ماالذي جاءَ بكَ إلى هنا..
ولماذا؟
(يتبع)
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟