مختار سعد شحاته
الحوار المتمدن-العدد: 7363 - 2022 / 9 / 6 - 16:32
المحور:
الادب والفن
النصوص لا تسافر ولا يمكنها حجز التذاكر إلى السينما، ولا حتى التقديم على رحلة عُمرة أو حج على تطبيق اعتمرنا...
النصوص مؤنثة في الاجتماع، تصير مثل أمة أو كيان يُشبه وصف بندكت في الجماعات المتخيلة، ومفردة وحيدة كلما استبد بها القلق، تمامًا ككوكب العشوائيات...
النصوص بريئة جدًا، حد براءة الزوجين المنفصلين حديثًا في محكمة الأسرة، كلاهما بريء وضحية، وكلاهما مستهتر وقبيح وخائن للعشرة، وقاريء النصّ يختار ما بين دور القاضي ودور المحامي مختلط النوايا...
النصوص مساحة الفوضى بعد جولة من تكيلا البارات، وسجائر الماريجوانا المهربة من حدود البلاد القريبة، مسموح فيها بكل المشاعر، والحكايات والأسرار، والإسقاط المبتذل، وأحيانًا تكرار الحكايات مع تمسك شديد بأنها هذه المرة جاءت من رؤية جديدة ومنفتحة...
النصوص تملأ كل يوم في ساعات الصباح الأولى "أبليكيشن" التوظيف، وتبتسم لكرافت موظف الإتش آر، الذي مارس عنصريته اللغوية، والطبقية على غير المؤهلين، والمرفوضين، والباحثين كل يوم عن عمل...
النصوص هي ال"Resmo" بالبرتغالية، وال"proposal" بالإنجليزية، ويمكن أن يترجمها متصفح جوجل بمختصر السيرة الذاتية في نسخته المطورة، وبعض تعديلات "الWord" الموجودة في التيراك...
النصوص أيامنا التي راحت، وشموعنا التي سكبت روحها رغبة في النور، ثُمّ انتهت إلى الذبول...
النصوص طاقتنا اليومية التي تأكل روحنا على مائدة الطعام كل يوم، وفي مطاعم الوجبات السريعة، وبين لفافة ساندويتش يكلفك بحساب تحويلات الدولار مبلغًا مبالغًا فيه، وتدفعه مبتسمًا بانتصارك الزائف على الرأسمالية...
النصوص دومًا نديم الشراب، وأصل السراب، وكل ما تغنيه اليمامة على سور التراس، وصورة الطيارة النفاثة التي تركت خلفها خيط الدخان...
النصوص لا تدفع عنك إيجارًا، ولا تساهم في تكاليف المعيشة في بيت جديد، ولا تمنحك في الشتاء فاتورة مسبوقة الدفعة للتدفئة...
النصوص ليست أغنية على الممر، ولا وطنًا، ولا بطلاً، ولا أهلاً يحمون ابنهم من حملة التفتيش، والبحث المستمر من سلطات الاحتلال...
النصوص مشرد بلا مأوى، طفل يشارك أطفال الملجأ الهاربين بعض تفاصيل قسوة شوارعنا، واختلال نوازعنا، وكل جين السوء المحمول في خلايانا البشرية جيل بعد جيل...
النصوص أنا، وأنا النصوص، وحياة الآخرين الذين ارتضينا إدخالهم في التفاصيل، والمبعدين من متنها إلى الهوامش أسفل الصفحات...
برلين، سبتمبر 2022
#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟