رياض العصري
كاتب
(Riad Ala Sri Baghdadi)
الحوار المتمدن-العدد: 1687 - 2006 / 9 / 28 - 10:17
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
ان المباديء الاخلاقية لعقيدة العصر الجديد تهدف الى تحقيق المجتمع الصالح والسعيد من خلال الدعوة الى الالتزام باحترام حقوق الانسان ونشر مباديء السلام والحرية ومفاهيم الاخوة الانسانية وانهاء صراع الانسان ضد اخيه الانسان , ولان هذه العقيدة تتصف بالعلمية فان المباديء الاخلاقية لهذه العقيدة تم وضعها داخل اطار فلسفي قائم على أسس علمية ومنطقية لكي تكون رصينة ومحكمة ولا تتأثر بالاهواء او الميول او العوامل المزاجية . ان المجتمع الصالح والسعيد هو هدف مبادئنا الاخلاقية , والمجتمع يكون صالحا متى ما كان افراده صالحين , والانسان الصالح هو الذي يتصف بالفضيلة والسلوك الايجابي . ولكن ما هي معايير هذه الفضيلة التي ندعو اليها ؟ وما هي مواصفات السلوك الايجابي ؟ وما هو مفهوم السعادة بالنسبة لعقيدة العصر الجديد ؟ ولكن قبل كل ذلك كيف ظهرت القيم الاخلاقية في المجتمعات البشرية ؟
كانت المجتمعات البشرية البدائية في بدء ظهورها تخضع خضوعا كاملا الى منطق الطبيعة وقوانينها , ولم تكن تعرف تلك المجتمعات القيم الاخلاقية وليس لديها اعرافا اجتماعية , اذ كان يسودها الصراع من اجل البقاء والمنافسة على الغذاء حالها كحال الحيوانات في صراعها مع بعضها البعض , وعندما تعلم الانسان القديم مباديء الزراعة وتدجين الحيوانات بفضل قدراته العقلية , انتهت حقبة التنقل والترحال بحثا عن الغذاء , وظهرت على أثر ذلك المستوطنات البشرية ومن ثم ظهرت الملكية و ظهرت على أثرها النزاعات على الملكية كتعبير عن الرغبة القوية في التملك لدى كل انسان , وفي الحقيقة ان غريزة حب التملك هي من اقوى الغرائز عند البشر منذ ذلك الوقت وما تزال , والملكيات التي كانت مثار نزاعات دائمة تتمثل في قطعة ارض زراعية او محاصيل زراعية او ثروة حيوانية او أشجار مثمرة او ينبوع ماء جاري , وحتى المرأة كانت تعتبر من الممتلكات التي تحدث من أجلها الكثير من الصراعات بين الذكور , لقد كان الذكر الاقوى هو الذي يستحوذ على النصيب الاكبر , وهو الذي ينال الحصة الافضل , وهو الذي يمتلك ما يشاء , وطبعا أي انسان حتى لو كان ضعيفا فانه لن يتنازل ببساطة عن ممتلكاته للاخر لكون الاخر اقوى منه , فكانت تحدث صراعات على الملكية وتحدث جرائم قتل دوافعها اما للاستيلاء على ممتلكات المقتول او للتخلص من منافسته على الملكية او لاسترداد الممتلكات المسلوبة , وحتى الحروب كانت تحدث لاسباب توسيع الملكية والحصول على المزيد من الممتلكات , اما الضعفاء الذين هم عاجزون عن الدفاع عن ممتلكاتهم ضد اطماع الاقوياء فكانوا غالبا ما يخسرون ممتلكاتهم المادية والمعنوية لصالح الاقوياء , ونقصد بالممتلكات المعنوية الحرية والكرامة , فكان يتم استعبادهم ومعاملتهم باذلال كعبيد من املاك الاقوياء , هذه الاوضاع كانت مثيرة لمشاعر الشفقة والعطف والقلق لدى عامة الناس , وهي التي أدت فيما بعد الى ظهور الدعوات الى حماية الضعفاء ومساعدتهم والاحسان اليهم فكانت تلك الدعوات تمثل ولادة مفهوم الخير , كما ظهرت دعوات الى احترام ملكية الاخرين وعدم سرقتها و عدم الاستيلاء عليها عنوة قكانت تلك الدعوات تمثل ولادة مفهوم الحق , وهكذا ولدت المفاهيم والقيم الاخلاقية , ونخلص من هذا الايجاز التاريخي الى ان الاخلاق ظهرت نتيجة لظهور الملكية , والملكية ظهرت نتيجة الاستيطان , ولو ان البشر خلقوا ليأكلوا ويتناسلوا فقط لما كانت هناك حاجة الى الاخلاق , ثم توسعت القيم والمفاهيم الاخلاقية مع تطور المجتمعات لتشمل مفاهيم جديدة مثل الشرف والمروءة والكرم وغيرها من المفاهيم التي تختلف من مجتمع لاخر ومن زمن لاخر استنادا الى عوامل اقتصادية و سكانية و بيئية , وفي عصرنا الحاضر فان هناك ضرورة ملحة الى وجود قيم اخلاقية تسود مجتمعاتنا وتتناسب مع طبيعة عصرنا , وان حاجتنا لهذه القيم هو للتعبير من خلالها عن اعتزازنا بقيمتنا الانسانية , واننا بشر نستحق الحياة الكريمة , ونستحق ان نحيا احرارا وان تكون حقوقنا مصانة , فالاخلاق هي قيمة للانسان ذاته .
ـ الفضيلة هي احدى المعايير الثلاثة للقيمة الانسانية ( الفضيلة , المعرفة , العمل ) وتتجسد الفضيلة في القيم الاخلاقية الحميدة كالالتزام بالحق والخير والدفاع عنهما والتضامن مع اصحاب الحق والخير في كل مكان في العالم , ومن كان يعتز ويفتخر بقيمته الانسانية فعليه ان يتمسك بالفضيلة لا خوفا من عقاب ولا طمعا في ثواب وانما حبا بالفضيلة ذاتها لانها معيار لقيمة الانسان ذاته , ان القيم الاخلاقية ما هي الا قوى دافعة للسلوك الحسن وقوى كابحة للسلوك السيء , وقد شاع استخدام مصطلح الضمير للدلالة على مصدر الفضيلة والسلوك الحسن لدى الانسان , اننا نعتبر الانسان الطبيعي والسليم عقلا ونفسا هو مع الحق والخير دائما , واما من اختار مسلك الباطل والشر فهو ليس سليم العقل والنفس ويحتاج الى فحص لقواه العقلية او النفسية ومعالجة الخلل فيها لتقويم سلوكه المنحرف
ـ الثروة والعلم والقوة هي قوى فعالة وأسلحة خطيرة بيد من يمتلكها , هذه الاسلحة الثلاثة هي اسلحة مزدوجة التأثير , فهي عندما تكون بيد قوى الفضيلة فانها تصبح في خدمة الحق والخير والانسانية , وعندما تكون بيد قوى الرذيلة فانها تصبح في خدمة الباطل والشر والارهاب , ومعروف ان الاشرار والارهابيين غالبا ما يلجأون الى استخدام الاموال وتسخير منجزات العلم وتسخير قواهم المادية والمعنوية لتحقيق اهدافهم الشريرة , كما انهم لا يتورعون عن استخدام شتى الوسائل الدنيئة والحقيرة لبلوغ غاياتهم , ومن هذه الوسائل الدنيئة احتجاز الناس الابرياء كرهائن لغرض الابتزاز, او استغلال الابرياء كدروع او متاريس بشرية في المواجهات المسلحة , او نشر الارهاب و الرعب والقتل كوسيلة للتعبير عن افكارهم او ابتزاز الناس او تهجيرهم عن ديارهم , فكم من الابرياء فقدوا حياتهم لان الاشرار اتخذوهم وسيلة للتعبيرعن افكارهم ومعتقداتهم الشريرة , وكم من الابرياء دفعوا ممتلكاتهم قسرا , وكم تركوا ديارهم قسرا , ان الشر لا ضمير له , ومن يحيا بلا ضمير لن تهزه صرخة البريء .
ـ ليس هناك علاقة بين الفضيلة وبين الغرائز البشرية , فالغرائز تخضع كليا لقوانين الوراثة بينما الفضيلة لا تخضع الا جزئيا لقوانين الوراثة من خلال تأثير الوراثة على سلوك الانسان , ان طبيعة النفس البشرية ترغب في كل ما هو ممتع ولذيذ وتنأى عن كل ما هو مكدر ومؤلم , فنرى الانسان يسعى سعيا دؤوبا لان يكون غنيا ذا ثروة واملاك وان يكون قويا ذا سلطة ونفوذ وان يكون جميل الشكل ذا جاذبية فهذه غرائز بشرية , ولكن هذه الغرائز لا تأثير لها الا بدرجة محدودة على سلوك الانسان , فالفضيلة صفة كل انسان صالح بغض النظر عن كونه فقيرا او غنيا او كونه ضعيفا او قويا او كونه قبيحا او جميلا .
ـ اذا كان الصراع على الملكية هو الدافع الاول لظهور الاخلاق فاننا لن نرضى بان تصبح الملكية وسيلة لهدم الاخلاق , ان الاغنياء عليهم ان يعرفوا ان ثروتهم عندما تصبح وسيلة لافساد أخلاق الناس وشراء ضمائرهم فانها تتحول الى سلاح ضد الانسانية , كما ان الاقوياء واصحاب السلطة عليهم ان يعرفوا ان قوتهم عندما تصبح وسيلة لظلم الناس واغتصاب حقوقهم فانها تتحول الى سلاح ضد الانسانية .
ـ معايير الفضيلة = الحق + الخير + التضامن ......... وهذه تمثل قيمنا الاخلاقية
ـ الحق : هو حالة كل سلوك يسلكه الانسان ليحقق به وضع الشيء ( فعلا او قولا ) في مكانه الصحيح الحقيقي الفعلي الواقعي من غير أي معالجات او تداخلات و بعيدا عن أي مؤثرات او ميول او عواطف , وبغض النظر عن تحقق المنفعة او عدم تحققها للفاعل او للمفعول لاجله , فالحق لا يشترط حصول المنفعة . ان الحقوق انما هي تمثل ممتلكات مادية او معنوية , وان احترام حقوق الاخرين يعني احترام ملكية الاخرين وهذا ليس بدافع الحصول على منفعة وانما تعبيرا عن التمسك بالفضيلة , يجب ان يأخذ كل صاحب حق حقه ان كان ثوابا او عقابا بشكل مجرد من غاية المنفعة , ان صاحب أي ملكية مسؤول عن ملكيته وهي حقه فلا يجوز للاخرين حرمانه منها طمعا فيها او كرها لها , كما انه هو ذاته لا يجوز له ان يتنكر لملكيته تهربا من عواقبها اذا كانت غير حميدة , طالما انها تعبر عن الحقيقة وعن الصدق فلا يجوز انكارها , ان من يأخذ اكثر من حقه فقد ظلم غيره , ومن يأخذ أقل من حقه فقد ظلمه غيره , والظلم ليس اعتداء على المظلوم فحسب بل وعلى البشر جميعا , لانه انتهاك للحق
ـ عاملين يؤديان الى فقدان الحقوق ( الجهل والضعف ) : فالجهل بالحقوق يكون سببا في فقدانها , لان الجهل هو حالة عدم الوعي , وحالة اللاوعي هي سبب من اسباب ضياع الممتلكات والحقوق , كما ان الضعف هو الاخر سبب من اسباب فقدان الحقوق وضياع الممتلكات , فالقوي يطمع في ممتلكات الضعيف الذي لا قدرة له على حماية حقوقه وممتلكاته , وكلما يطول زمن الفقدان او الاستلاب كلما يصعب استرداد الحقوق الضائعة او المسلوبة , لان الزمن سيصنع واقعا جديدا تذوب فيه الحقوق القديمة , فالوعي والمعرفة بالحقوق كفيل بعدم فقدانها , كما ان القوة اداة ضرورية للمحافظة على الحقوق وعدم فقدانها
ـ لايجوز ابدا امتهان كرامة الانسان ولا يجوز استخدام وسائل التعذيب معه مهما كانت المبررات , , وكل انسان مدعو الى احترام كرامة الاخرين وعدم الاعتداء عليها , واحترام حقوق الاخرين وعدم الاعتداء عليها , لان الاعتداء ظلم , ومن يظلم الاخرين فقد تخلى عن الفضيلة وفرط بقيمته الانسانية . اننا لن نقبل باسلوب اذلال الانسان كثمن مقابل منحه حقوقه , كما اننا لن نقبل باسلوب اغتصاب حقوق الانسان كثمن مقابل المحافظة على كرامته , ان كرامة الانسان وحقوقه لا ينفصلان عن بعضهما واحترامهما واجب على كل يحمل صفة انسان , ان التضحية بالحياة في سبيل الحق او الكرامة خيرا من العيش مع حق مغتصب او كرامة مهانة , لان القيمة الانسانية أغلى من الحياة
ـ نحن نؤمن بالعدالة ونؤمن بالمساواة كقيم اخلاقية تعكس مباديء الحق , ولكننا لا نؤمن بالمساواة بين الحق والباطل , لان الحق أعلى من الباطل , ولا المساواة بين الخير والشر , لان الخير أسمى من الشر , ولا بين الصالح والفاسد , لان الصالح أنبل من الفاسد , ولا بين الجيد والرديء , لان الجيد أرقى من الرديء , ولا بين النافع والضار , لان النافع أرفع من الضار . وليس من العدالة ان تساوي بين المختلفين او تفرق بين المتساوين , الحقوق لا تخضع للمساومة ولا تخضع للميول والامزجة , لكل ثمنه ولكل حقه , من يشتري يدفع ومن يبيع يقبض , وكل مسؤول عن بضاعته , وكل يحمل حمله .
ـ الدولة تتحمل المسؤولية الاولى في توفير العدالة الاجتماعية وضمان مساواة معقولة في المستويات المعيشية , ان التباين الطبقي الكبير بين الاغنياء والفقراء يخلق وضعا حرجا في المجتمع ويكون سببا في الشعور بالظلم , ومثل هذا الوضع لا يمكن ان يصنع مجتمعا صالحا , فاذا كانت دعوتنا قائمة على المساواة في القيمة الانسانية فان هذه الدعوة تعني ايضا العدالة في الحياة الاجتماعية , ان التباين في المستوى المعيشي بين الاغنياء والفقراء في أي مجتمع اذا كان كبيرا جدا فان هذا التباين سيحدث تصدعا في الكيان الاجتماعي , ويخلق العنف والاجرام من جهة وفسادا للذمم من جهة اخرى , وهناك علاقة جدلية بين قسوة الحياة وتطرف النفوس فكلما كانت المعيشة أقسى كلما كانت النفوس اشد تطرفا , والتطرف يؤدي الى الظلم دائما
ـ الامن حق من حقوق الانسان , فمن حق كل انسان ان يعيش في أمن وسلام , السلام قيمة انسانية , وكل من يسعى الى اشعال نيران الحروب ظلما وعدوانا فانما هو يوجه اهانة الى البشرية جميعا , ان الحروب بين البشر يجب ان تنتهي , وان صراع الانسان ضد اخيه الانسان يجب ان ينتهي , ان الطريق الحقيقي للسلام هو ان يعرف كل طرف ما هي حقوقه وما هي حقوق الاخرين وان يحترم هذه الحقوق ولا ينتهكها , اننا نؤمن بالسلام ولكن ليس على حساب الحق ولا على حساب الخير , فلا سلام مع الباطل , ولا سلام مع الشر , ولا سلام مع العدوان , ولا سلام مع الظلم , حتى تعود الحقوق الى اصحابها , وينتهي الشر واصحابه .
ـ الحرية حق من حقوق الانسان , ويشمل هذا الحق حرية الانتماء الى ( دين , مذهب , حزب سياسي , منتدى , ...الخ ) وحرية التعبير عن الرأي والمعتقد قولا أو عملا , وحرية الاختيار , وعندما نقول حرية الانتماء فان ذلك يعني في الوقت نفسه حرية تغيير الانتماء وكذا الحال بالنسبة لحرية الرأي وحرية الاختيار, الحرية لا تعني الفوضى وانما هي نظام والتزام بالقانون وهذه صفة كل انسان يحترم قيمته الانسانية , فاذا كانت الحرية حق لكل انسان فليكن كل انسان جدير بهذا الحق , والحرية مسؤولية , وعلى الانسان الحر ان يتحمل بشرف هذه المسؤولية فلا يتهرب من النتائج المترتبة على تمتعه بالحرية مهما كانت طبيعة هذه النتائج لانها نتاج ارادته واختياره , ومن لا يحترم ضوابط الحرية ومسؤولياتها لا يستحق التمتع بها , فلا حرية للخارجين على القانون , ولا حرية لصناع الارهاب والشر, ولا حرية لدعاة ومروجي الافكار المعادية لمباديء الاخوة الانسانية
ـ ان التعامل بالمثل هو حق , اننا نؤمن بالسلام والحرية ولكننا نؤمن في الوقت نفسه ان لا سلام مع المعتدين والاشرار ولا حرية لهم , ومن لا يحترم حقوق الاخرين لا يستحق ان تحترم حقوقه كانسان , من يبيع الضرر لا يستحق المنفعة , من يغشنا لا يستحق ثقتنا , ومن يرمينا بالحجر لا يستحق ان نحرص على زجاج بيته , من يزرع الخير يحصد رضا الناس ومحبتها , ومن يزرع الشر لا يحصد سوى غضب الناس ونقمتها , هذا هو منطق العدالة , وهذا هو منطق الحق
ـ الديمقراطية هي من القيم الاخلاقية بالرغم من المحتوى السياسي الذي تنطوي عليه , الديمقراطية هي احترام رأي الاخر واحترام اختياره واحترام قناعته , ولكن ليس على حساب الحق ولا على حساب الخير , فهذه ثوابت لا تجوز المساومة عليها , لا يمكن ان نحترم اختيار الاخر عندما يكون اختياره نشر الباطل والشر بافكاره او افعاله . في الحقيقة ان الديمقراطية اخلاق وسلوك لافراد المجتمع قبل ان تكون ميزة لنظام الحكم , وان الحاكم الديكتاتور هو نتاج مجتمعه , وان الشعوب هي التي تصنع طغاتها , فاذا كان الحاكم الطاغية يتحمل نتائج ظلمه لشعبه فان الشعب يتحمل مسؤولية ظهور طاغيته , فالانسان لا يولد ظالما او مظلوما وانما المجتمع هو الذي يصنع الظالم , والطغيان من صنع الانسان
ـ الاعتدال في السلوك يصنع الاستقرار في الحياة , الافراط في التعبير عن المحبة او الكراهية ليست من الخصال الجيدة بالرغم من انها من طبيعة البشر, ان شيوع العواطف المفرطة في أي مجتمع دليل على وجود قسوة مفرطة ايضا في ذلك المجتمع , فالافراط في العاطفة هو رد فعل على القسوة المفرطة , والقسوة المفرطة نتاج عاملين : عامل تاريخي وعامل بيئي , الاحداث التاريخية القاسية تترك اثارا عميقة في وجدان الشعوب , والظروف البيئية القاسية كالمناخ القاسي او التربة شحيحة الغذاء والماء تصنع نفوسا قاسية , وهذه العوامل تنتج علاقات اجتماعية ظالمة لان الانسان يتحتم عليه ان يصارع قسوة الاحداث وقسوة الظروف ليبقى على قيد الحياة , والظروف التي تخلق صراعا من هذا النوع تصنع مجتمعا ظالما , وان الافراد الذين هم قساة القلوب ميتوا الضمائر انما هم نتاج مجتمع ظالما لا تسوده عدالة اجتماعية , ومتى ما صنعنا مجتمعا مستقرا تسوده العدالة الاجتماعية وضمان حياة كل فرد بحيث لا يشعر أي فرد بان حياته او مستقبله او مصيره بيد المجهول , فان الظلم سيزول و ستنتهي الكثير من الظواهر السلبية في المجتمع
#رياض_العصري (هاشتاغ)
Riad_Ala_Sri_Baghdadi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟