|
النيك 18+
إياد الغفري
الحوار المتمدن-العدد: 7355 - 2022 / 8 / 29 - 12:01
المحور:
كتابات ساخرة
***
بقليل من الصدق مع الذات يمكن للمرء الترفع عن محاولات تلميع الذات بتناول مواضيع ثانوية، كالله، الوطن والقيم السامية الأخرى والتوجه مباشرة للموضوع الأهم. طبعاً النص غير موجه لربات الصون والعفاف، ولا لجماعة "إلا حبيبي رسول الله"، حيث أنه ورغم أن الشغل الشاغل للجماعات المذكورة أنفاً هو موضوع اليوم، إلا أن برقع الحياء المصطنع يدفع البعض لادعاء ما يخالف حقيقة ما هو عليه.
بداية يجب التأكيد على أن الطبيعة، التطور، الله، كريشنا أو غيرهم ممن يمكن نسب وجودنا إليهم قد وضع الغريزة الجنسية في داخلنا للحفاظ على النوع وللتكاثر. القطيع البشري الذي ارتفع عن بقية قطعان المخلوقات أو الموجودات كان من أضعف الحيوانات المتواجدة على الكوكب، حيث أنه فقد فروه بتطور بطيء مما دفعه لاستخدام جلود الفطائس وفروها لتدفئة نفسه، وذلك قبل أن يقطع سيدنا بوتين الغاز وقبل أن تتطور مقدرات هذا الحيوان ليتمكن من قتل نظائره لتصنيع جلودها كألبسة تقي من برد الشتاء. بسبب من الأعداء الطبيعيين لأسلافنا، ومن سوء تجهيز هياكلهم بالمقارنة مع بقية خلق الله، اضطر المولى لزرع الغريزة في هذه الكائنات، فبينما ينزو الفهد كل بضعة أشهر مرة نتألق بقدراتنا على المضاجعة اليومية، إلا المتزوجين الذين تنخفض النسبة لديهم لمرة في الأسبوع "يوم الخميس" على أقصى حد، وذلك للحفاظ على النوع الذي تطول فترة حمله وطفولته مقارنة ببقية الثدييات، إضافة لمحدودية الإنتاج، فالجرذ مثلاً على صغره يلد ست أو سبع توائم كل مرة، بينما تندر التوائم لدى أفضالنا.
*** إن كنا صادقين مع أنفسنا وتجردنا من المؤثرات الكيماوية للفرمونات والهرمونات التي هي أصل كافة أنواع المخدرات، فإن الجنس هو عملية "مجئجئة" ولا أظن أنه يمكن لأي ذكر سوي دفن رأسه في مبول شريكته في القطيع ولعق ما يتيسر له إلا تحت تأثير المخدرات الهرمونية سابقة الذكر، وكذلك بالنسبة للسيدات فإن عملية تبادل سوائل الجسد مع انتفاء الفرمونات هي عملية مقززة، مما يفسر حالات الصد التقليدية التي تؤدي لاغتصابات تاريخنا مليء بها.
الطبيعة التي زرعت هذه الغريزة خلال بضع ملايين السنين في جدنا المسكين ليحافظ على النوع، تتعرض لمشكلة كبيرة اليوم حيث أن الكائن المسكين الذي كان يأكل بقايا الفطائس ويرتدي جلودها، صار اليوم يأكل كافيار، ويلبس غوتشي، وبعد أن كان وجوده مهدداً بالكوارث، صار هو نفسه كارثة على الكوكب المسكين، وانتفت الحاجة للحفاظ على النوع، حيث أن القطعان التي جابت الكوكب بالعشرات صارت تحكم مدناً تحتوي الملايين وتحتار في كيفية إرضاء رغباتهم، وما كان تعداده أقل من نصف مليار خلال مئات الآلاف من السنين تحول ليصبح ثمانية مليارات خلال قرن من التطور. إن قضت جائحة أو وباء مما يخوِفونا به اليوم على ثلاثة ارباع البشرية، فسيبقى عددنا أكثر من ضعف ما كنا عليه مطلع القرن الماضي. لم تتمكن الطبيعة، التطور، الله، كريشنا أو غيرهم من تعديل الخلطة العجيبة لفرموناتنا وهرموناتنا خلال القرن المنصرم، فما زال دافع التناسل موجوداً والرغبة الجنسية متوفرة.
لا أعلم إن كان الخالق وراء الموضوع، إلا أن الكائن البشري لجأ لتصنيف الدوافع الجنسية وتطوير مفرداتها بدون وعي منه، ربما لمواجهة هذا التضخم السكاني الذي سيقضي على إمكانية العيش في الكوكب. بالطبع الأرض ستستمر بعد أن نخربها، ستمر بضع ملايين السنين لتتفتت بقايا آخر مفاعل نووي سينفجر، سطل بلاستيك، أو فلاشة تحتوي روايات أدباء الثورة السوية، وبعد عصر جليدي مجيد ستعود الكائنات للتطور وقد يظهر لا سمح الله كائن ابن قحبة يماثل البشر ليعيد كتابة التاريخ ثانية.
يسأل القارئ المهتم: "وين النيك؟" بالطبع فإن تحويل مفهوم النيك للتكاثر للحفاظ على النوع مخيب للآمال، وطبيعي ألا يعتبر القارئ الممحون أن نيكنا لأم الكوكب وبقية الأجناس هو المقصود بالعنوان. *** عند نشوب شجار في العالم العربي يبدأ كلا الطرفان بتبادل عبارات من عيار: "والله لنيك كذا"، والكذا هنا في الغالب الأعم هي إحدى سيدات العائلة أو منظومة قيمية فكرية أو دينية، والغربي يستخدم مصطلح "فوك يو" الأهم في اللغة الإنجليزية للتعبير عن الاستهزاء بالآخر. هذا الاستخدام لفعل النيك يدل على أننا في دواخلنا لا نعتبر أن الفعل شيء جميل بحد ذاته، بل يدل على احتقار واشمئزاز من العملية بشكل عام.
خلال خمسة عقود تطورت الغريزة الجنسية لدى العبد الفقير لرحمة مولاه بالرغم من انتفاء فكرة التكاثر، فقد كنت أقوم بالعملية للاستمتاع لا غير، وكان الأدرينالين المرافق للتستوستيرون يرفع من مستوى الدوبامين ويحقق شعوراً باللذة، طبعاً مصدر الأدرينالين كان أن الممارسات الأهم هي التي تتم بالسر خارقة لكافة القيم الأخلاقية التي دعت إليها الشرائع السماوية، حيث أنني ومنذ نعومة أظفاري أقدس الخيانة الزوجية وأسعى للزنا ما استطعت إليه سبيلا، طبعاً ولتوخي الصدق والشفافية فإن العقد الأول كان بالتمني، الثاني بالتخيل، الثالث والرابع بالممارسة الوجدانية حيث أنني كنت أنيك بضمير وإخلاص "من كل قلب ورب"، بينما كان العقد الخامس يتسم بالخدمة الذاتية والذكريات لأسباب سياسية تتعلق بالهجرة لبلاد الجرمان، وربما لتقلص الفرص بسبب بلوغي من العمر عتيا، مضافاً لذلك أن الذائقة لم تتطور مع تطور العمر حيث إنها ما زالت انتقائية.
*** الطبيعة التي لم تتمكن من تخفيض مستويات الهرمونات والحد من الرغبة في التكاثر اتبعت أساليب ملتوية لتخفيف النيك في القرن الماضي، فجأة اكتشفت البشرية أن الحالات الاستثنائية لرغبات جنسية مغايرة هي الأغلب الأعم وأن من لم يكن لوطياً أو مثلياً فهو راغب بالتحول والعبور، ومن لم يعبر، يلط أو يلاط به فهو مشروع لوطي لم يخرج من الخزانة بعد. بالطبع وللحفاظ على الجندرة، يتوجب القول بأن فعل لاط هنا ينطبق على كافة الأجناس ويتضمن في طياته سحق وأخواتها.
بعد الثورة الجنسية في ستينات القرن المنصرم بدأ الكائن البشري باكتشاف جسده، فكان العري وكانت الأزياء الفيتيشية التي لم تعد حصراً على المفعول بهن بل صارت مطلوبة للجنسين.
*** لعقود خلت كنت أعتقد أنني صاحب إرادة حرة، وأن الدعاية والتسويق لا يؤثران بي، كيف وأنا من ردد شعارات الحزب في كل صباح في طابور المدرسة، وكان شاهداً على تأبيد قائدنا الخالد في المرحلة الثانوية، بعد أن كانت الأمة العربية الواحدة هي شعارنا.
الغرب الذي هربنا إليه مكرهين يخضع لمنظومة متطورة مبنية على التسامح وتقبل الآخر المختلف، وهي تقوم على احترام أديان ومعتقدات الغير، نظرياً على الأقل، لكنه يقوم بدون وعي بتعويض قصور الطبيعة، التطور، الله، كريشنا أو غيرهم في تحديد النسل والانفجار السكاني، وذلك باختراع بدائل للنيك التقليدي. لا أظن أن الجنس الفموي والشرجي هما من الاختراعات الحديثة، لكنهما حصلا على أهمية متزايدة خلال السنوات الماضية، ومن ميزات هذين الفعلين أنهما يحدا من التكاثر لانتفاء تواجد المبايض في المري والريكتوم، لكن هذا لا يكفي ولتفادي الانفجار السكاني المتوقع قريباً بإذن واحد أحد، توجب إجراء عملية إخصاء جمعي، وهذا هو ما يحدث الآن بالجندرة.
بلغ عدد التوجهات الجنسية ما يفوق السبعين، وغالبيتها لا تتسبب في زيادة عدد سكان الكوكب، وبما أن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، فإن مهمة المدارس لم تعد اكتشاف مواهب الصغار منذ السنوات الأولى لتوجيه قدراتهم للعمل الأفضل، بل صار واجب المربي في المدرسة اكتشاف التوجه الجنسي للطفل. في شمال أمريكا يبدأ المربي باستكشاف إن كان الطفل لديه ميول جنسية خاصة منذ البداية، ويستمر هذا الاستكشاف طيلة سنوات الدراسة، فبعد أن كان مثلي الجنس يخفي ميوله خوفاً من المجتمع الذي يدينها سابقاً، صار دأب العاملين بقطاع التربية والتعليم الترويج للميول المثلية: - أكيد ما عندك ميول مثلية يا فرانك؟ - لا والله يا آنسة. - طيب ما حاسس بإنجذاب لحدا؟ - نبلي، عاجبتني مونيكا. - ليش جو من شو بيشكي؟ - حباب بس مونيكا عاجبتني كثير. - طيب... جرب تحكي مع بوب، هو بيستلطفك كثير، هيك قال لي. - بوب؟؟؟ أي بس أنا ما بطيقه يا مِس، لأنه غليظ كثير. - خلص معناها خليك مع جو. - ومونيكا آنسة؟ - بدي أحكي معها اليوم، هي وساندرا لابقين لبعض كثير، الله يوفقهم ويساعدني لخليها تفهم.
طبعاً السيناريو المتخيل يحدث يومياً بشكل أو بآخر، وإن كان بهزلية أقل، والدعاية التي ظننت أني بمأمن منها تلاحقني أثناء ممارسة الهوايات.
لمن لم يسبق له متابعة نصوصي، يجب التنويه أن الاستمناء هو ثاني هواياتي، حيث أن هوايتي الأولى موضوع نص اليوم بعيدة المنال لظروف متعددة خارجة عن إرادتي.
أثناء قضاء الحاجات على طريقة حلاقة بالفأس ولا حاجة الناس، أقوم باستخدام الحاسب وأتصفح صفحات مخلة بالأدب، الحاسب بالمناسبة هو من أفضال الله على عبيده وذلك بسبب من برنامج الإكسل وصفحة البورن هوب الغراء، أدامها الله علينا نعمة.
عند ممارسة الاستمناء في السابق، كان يظهر بين الفينة والأخرى ما يعكر صفو انسجامي، شيء لا يوافق توجهاتي الجنسية، فكنت أتجاوزه وأعود لتغذية الفيتيش الذي نما وتطور معي خلال العقود، لاحظت مؤخراً أن الخوارزميات التي كانت تطمرني بدعايات تطويل القضيب، بدأت تتجه لقضايا المنشطات التي لا أحتاجها والحمد لله، لكن الدعايات اللئيمة التي تتكاثر هي المتعلقة بقضايا الممثلية والتي بدأت تؤرقني، حيث أنه وكما العلم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن الزن على الراس له مفعول السحر، ولم يعد بإمكاني تجاهل وجود متحول أو أكثر في كل صفحة أزورها، وصارت الدعايات المرافقة لعملية جلد العميرة تسوق لأعضاء أمتلكها لكنها مخصصة لأمثالي من المثليين، والأغرب أن خوارزمية لعينة بدأت تتصيدني لتستفهم بين الفينة والأخرى لماذا لا أميل لجو، بوب أو فرانك. ادعاء أن مونيكا وأخواتها هن من يحركن لواعجي تم صده بفكرة أنني ربما لست مستعداً بعد للخروج للعلن بمثليتي.
حالياً يتم اعتماد عقلية المخابرات السورية، فكما كل مواطن متهم إلى أن تثبت براءته فإن كل مواطن مثلي متخفٍ إلى أن يكون مستعداً للإعلان عن هذا.
لا أعلم كيف ستكون النهاية، لكني أقول بعد الاتكال على المولى الله يحسن ختامنا
29 آب 2022 إياد الغفري – ألمانيا
#إياد_الغفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فاضت روح نبيل فياض
-
مخطوطات صنعاء
-
الألقاب
-
الانتخابات
-
المسبار
-
سب وأهان
-
الضروع العربية
-
الإكسسوارات
-
تداول السلطة
-
الدعاء
-
جينات الشهوة
-
القضاء والحساب
-
محاكمات كوبلنز
-
هواية الثورة
-
الشخصنة والثورة
-
الأمل
-
الشعر والأحلام
-
الإلحاد القويم
-
جبل المشتى والمراهقة
-
العصفرة
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|