أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - بين جرفين العيون ( ليس شعر بل بوح)














المزيد.....

بين جرفين العيون ( ليس شعر بل بوح)


رياض قاسم حسن العلي

الحوار المتمدن-العدد: 7353 - 2022 / 8 / 27 - 02:11
المحور: الادب والفن
    


لم تكن اغنية بل وجعا في عشرة دقائق...
كنت قد ارتديت ملابسي العسكرية ، فإجازة الاسبوع قد انقضت...
وأنا حزين ، كان حسن بريسم يصدح في الاجواء ، وهو يغني يا بيت اهلنا ، صغار وكبرنا....
كانت تجمعنا فيه أمي على طعام بسيط وهي تخشى علينا من رفاق السوء..
لم تكن تعرف القراءة والكتابة ، لكنها كانت كل يوم تمسح كتبي من غبار الايام...
أمي حبل الله المدود من السماء،
وانقطع هذا الحبل فوجدت ذات صباح تجاعيد تنبت على وجهي،
وهي التي اخبرتني ذات يوم، كفاك ترحالا يا ولدي،
لم ارد عليها..
ولم تعرف اني موعود بمحطات كثيرة،
ترى هل مازالت تدثرني في شتاء المنافي؟
(وصار العمر محطات....)
ويا حزني وأنا امر بهذه المحطات بغير جنة عيونها بنيتي الصافية،
والغافية...
(لوليلي يا امي ، ولو كبران)
كنت اشاهد صوري وأنا صغير امسك بيدي تلك اللعبة المجهولة في ساحة اسد بابل ذات يوم سبعيني غريب...
كنت بريئاً...
قبل ان يأخذني الهور في مجاهله والجبل في محرقة بقيت تشتعل في قلبي كل يوم...
يا لوجع امي وهي تنثر خلف ظلي الماء...
( هل كانت تدرك اني لن أعود اليها؟)
كنت اجلس في عتبة البيت كل صباح،
أقرأ في كتاب ما واشاهد تلك الصبية التي تتغزل بي وهي ذاهبة لجلب القيمر كل صباح...
كان فمها صغير ...
وانا يقتلني العطش ،
كنت وسيماً وقتها قبل أن يهجم علي الهم في عز الشباب...
في ذلك الجحيم كنت أحن الى ركن بسيط في غرفتي ، جحيم الصحراء والمنافي...
كان الشباك يطل على المطبخ...
وكنت اجلب السيارات الصغيرة العب بها في زاوية الشباك وهو يتآكل بغعل الزمن...
في جلبة الرصاص المجاني ، كنت أحن لذلك السطح البارد بعد أن نرشه بالماء عصر كل يوم...
وكان الراديو الصغير يرافقني...
حينما جعت ذات يوم في اسواق السليمانية ، كانت رائحة الطماطة المقلية بزيت قديم من نافذة غرفتي الصغيرة تجوب في ذاكرتي الصدئة..
كم كرهتك يا حسن بريسم وأنت تدعوني أن اعود الى تلك الزاوية...
(وأنا اول من عشق في الدنيا جرحه،)
كان الطريق الى الچبايش ترابا فارغا ، لاشئ فيه...
ورأسي الثقيل يميل الى نافذة السيارة...
وأنا يقتلني العطش..
نسيت كل قصائد المتنبي التي حفظتها ذات يوم على الغداء..
وقصص غازي العبادي...
وشبقيات عبد الستار ناصر..
وصديقي جلال الذي عشق بنت مسيحية اسمها اسكوهيان...
كانت ارمنية جميلة ، قال لي إنّ ملوحة نهديها بقيت في فمه لسنوات طويلة...
(ويالبريسم شرد أعاتب...
وانت تسبقني بعتابك..
يا مذلة كل غشيم يجرب الحياة بسفاهة بلا خبرة،
غشيم انا...)
ترى من تزورني في قبري ممن قلت لهن (احبكِ) ذات يوم؟
كان الهواء الساخن يضرب وجنتي الحمراء ، ويدي على تلك الورقة السخيفة التي تثبت اني التحقت في غاية التاريخ...
ماذا يفعل لو كنت قد استمعت لنداء حسن بريسم..
او لشفاه حبيبتي نجلاء التي زارتني صباح اليوم..
اخبرتني بعد سنوات اني قد قبلتها كثيرا...
وأنا الذي يقتلني العطش...
كان سائق السيارة متعجرفاً وهو يجمع الاجرة بعد أول مفرزة للرفاق...
في حقيبتي كليچة...
ورواية ليشار كمال...
ومجلة اباحية سرقتها من صديقي عادل الذي قتل برصاص بريطاني ذات شتاء...
وذلك الراديو الصغير ماركة عشتار ...
نادى السائق...
من ينزل في الچبايش...
صحت...
نازل...
ومنها نزلت روحي...
ترى ماذا سيحدث لو استمعت لنصيحة حسن بريسم الذي كرهته منذ أن دعاني أن ابقى في البيت ...
وانا الذي صرخت ببرية الهور في وحشة الروح :
الدنيا من تحارب رجل تنفيه
تضكه ولا بعد تنطيه تنفيه
اثاري الضحك للمهضوم تنفيه
تحسده الناس والعلة خفيه



#رياض_قاسم_حسن_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلوسات 19
- هلوسات 18
- هلوسات 17
- هلوسات 16
- هلوسات 15
- هلوسات 14
- هلوسات 13
- هلوسات 12
- هلوسات 11
- هلوسات 10
- هلوسات 9
- هلوسات 8
- هلوسات 7
- هلوسات 6
- هلوسات 5
- هلوسات 4
- هلوسات 3
- هلوسات 2
- هلوسات
- المثثف الدجاجة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض قاسم حسن العلي - بين جرفين العيون ( ليس شعر بل بوح)