أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ردوان كريم - الفلسفة العدمية جسر بين معنى الحياة العام و معنى الحياة الخاص














المزيد.....


الفلسفة العدمية جسر بين معنى الحياة العام و معنى الحياة الخاص


ردوان كريم
(Redouane Krim)


الحوار المتمدن-العدد: 7349 - 2022 / 8 / 23 - 02:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك نوع من الناس قبل أن تقرأ بعض الكتب الفلسفية و الأدبية، كان لها مشروع أو كانت تخطط للذهاب إلى الجنة. و طبعا الجنة ليست مدينة من الواقع الملموس. تصادمت مع المنطق العلمي و الفلسفات الوجودية، العدمية، و العبثية. اعتقدت أنها أصبحت حرة من القيود الدينية، الواجبات الأخلاقية، و الجانب العاداتي و أعراف المجتمع. بعد التخلي عن هدف حياتهم الذي هو التحضير للسفر الأخير نحو أرض الجنة في كوكب الميتافيزيقا، وجدوا أن الحياة أصبحت بلا معنى أو هدف.


لو نأخذ مثلا الكاتب الأكثر تكرارا على أفواههم، ألبرت كامو، نجد أنه عندما تحدث عن العبثية لم يكتفي بإخبارنا بأن الطبيعة أو الحياة لا مبالية بمصيرنا أو ما يقع لنا فقط، بل قدم لنا براهين كثيرة لنقبل لا مبالاة الطبيعة اتجاه ما يحدث و يقع لنا، و أن نعمل على تقبل العالم كما هو و ليس كما نريده، و نحب الحياة لما هي و ليس كما نتمنى أن نراه فيها. كامو شرح العبثية و دعا الناس إلى الإنسانية و الحب. عاش من أجل تحقيق أهداف صنعها بنفسه لنفسه، من مسرح، صحافة، و كتابة الرواية. عاش مستمتعا بالحياة، بالسفر، بالقراءة، حب الممثلة ماريا كازاريس، و مرافقة أصدقائه كميشال غاليمار، ريني شار، أندري جيد، الأستاذ جيرمان و غيرهم.

عاش كامو حياته القصيرة حياة صاخبة و لم يعشها غائما و حزينا، حياة بلا هدف و بلا معنى. الكثير من الفاشلين الذين لم يتمكنوا من فهم كامو و الفلسفة مثلما جعلها المتعصبون الدينيين مجالا ضد النص الديني، هم جعلوا منها سببا للبرود، الكسل، و عدم السعي وراء أحلامهم. الفلسفة وجدت لفهم الحياة أكثر، فهم النفس، والإستمتاع بالدنيا بحكمة أكبر.


لا يمكنك أن تقرأ كتاب طبخ أو تفسير الأحلام أو كيف تتحدث أمام الجمهور و مختلف كتب البناء الذاتي و حتى بعض كتب فرويد المتناثرة هنا و هناك! (ليس نقدا و لا إنقاصا لعظمة الكاتب و إنما نقدا لسطحية قراءة أصحاب النفسيات المهتزة له.) تعتقد أنك فهمت كل شيء و أصبحت مثقفا جدا.


تعتقد بذلك أن الحياة لا قيمة لها و لا شيء فيها له معنى. الإنسان ليس محور الأرض و كوكب الأرض مستقل بذاته و الكائنات التي تعيش عليه كلها متساوية و كلها عرضة للانقراض. ملايير من الناس ماتوا منذ ألاف السنين و لا أحد كان أساس الحياة و قلبها النابض. الحياة لا مبالية و لا تكترث بك. الحياة ليس لها معنى و لكن لها معاني كثيرة. أنت فقط من يمنح معنى لحياتك، حسب ما تريد و ترغب. مارادونا كانت كرة القدم محور حياته و بدونها حياته ليس لها معنى. ألبرت أينشتاين كل حياته كانت منصبة على الفيزياء و منها يستمد وجوده. جون بول سارتر كان التفكير في الحياة و كتابة أفكاره و صنع أرائه حول الأحداث التى تحصل حوله هو ما يعطي لحياته معنى و السبب الذي يعيش من أجله. لوتشيانو بافاروتي لم يكن لحياته أي قيمة لولا الموسيقى و الأبرا. و عاش أحمد ديدات ينشر الإسلام و الأم تيريزا تقوم بالأعمال الخيرية باسم المسيح. معنى الحياة لا يأتي بشكل عام بل بشكل خاص و فردي و من الإنسان و ليس من الحياة.


ما يمنح معنى لحياتك ليس له أي معنى و قيمة بالنسبة لشخص آخر، و العكس صحيح. وإذا كنت لا تملك هدفا أو معنى لحياتك، لا تخف و لا تجزع. استرخي واهدأ ولا تقلق. هدفك في الحياة هو ما تحبه و ما لطالما أحببت القيام به. إنه ما يجعلك سعيدا. وما يجعلك تستيقظ كل صباح لتحارب من أجله و لا يهم إن كان ماديا أو معنويا. فقط فكر ماذا تود أن تفعل أو ماذا سيخفف عنك ألم عدم اكتراث العالم لما أنت فيه من ظرف. معنى الحياة هو تجسيد لوعي الإنسان و ترجمة لأفكاره إلى أفعال. إن لم تستطع خلق هدف لك فأنت لم تخرج من العدمية أو العبثية فهي ليست إلا مرحلة انتقالية بين معنى حياة منحه لك المجتمع، الثقافة، و الدين الذي تنتمي إليه ومعنى الحياة الذي تبنيه بنفسك. الاستهزاء بالقيم، حال الناس إزاء معنى الحياة الجماعي، و أخلاق و قيم المجتمع المتحكمة بالعابد المؤمن و المواطن العادي، والاكتفاء بالنظر فقط و السخرية من الأقدار هو فشل في إيجاد غايته الخاصة. إن الفرد من هذا النوع إنصدم من سخافة، تناقضات، و خيبة أمله في المعنى العام للحياة و انبهر بالتحرر وفك القيود الدينية والمجتمعاتية، وهدم الأخلاق الروتينية الوراثية الغير واعية، اللامنطقية ولا علمية. و لكنه لم ينتقل إلى خلق قيمه، أخلاقه، أهدافه و معنى حياته الخاصة كما تقترحه الفلسفات العدمية انطلاقا من فلسفة شوبينهاور مرورا بفريدريك نيتشه الذي صاغ لها تعريفا و حلولا و فلسفات من تبع نهجهم.


على الإنسان أن يكون سيد نفسه، سائق قدره، متحكما بزمام أمور حياته، خالقا لها معنى و غير خائف من مفاجآة الحياة، صانع أخلاق و قيم قابلة للنقد، التطور، و التغير. هكذا تشترط الفلسفات الإنكارية و العدمية في جوهرها على قرائها.



#ردوان_كريم (هاشتاغ)       Redouane_Krim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقد سئمنا من رؤية نفس الجيل يتكرر
- كتمنا أنفاسنا فحناجر الصائمين عزف عنها الضحك!
- هل نستحق الوعي و ماذا يمنعنا من إدراكه؟
- إقتباسات وسائل التواصل الإجتماعي وليدة الثقافة العامة الخادع ...
- الفطرة السليمة لا تقول -مستوى سنة رابعة ابتدائي-!
- الشباب بالمعنى الغير تقليدي!
- الشاب الجزائري حراق في دماغه سواء كان راحل أم باقي
- حان الوقت لجيل الثمانينات التعلم من جيل 2020!
- اللغة القبائلية إنتصرت في معركة و ينتظرها الأصعب
- أنت حر بين قول لي من الأول أو من الأخير!
- عندما تحكم العاطفة العرب، الغرب يصنع بهم السياسة
- في الذكرة ال42 لرحيل الرائع جاك برال
- الجزائري الإفريقي!
- القلم لسان العقل
- أين هي المشكلة تحديدا؟
- نبذة عن بداية المسرح الجزائري و علاقته بالمجتمعات العربية و ...
- نبذة عن حياة نيتشه الفلسفية (الجزء الثاني)
- نبذة عن فلسفة فريديريك نيتشه (الجزء الأول)


المزيد.....




- متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس ...
- مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء ...
- عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي ...
- بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر ...
- أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
- موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب ...
- مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
- تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا ...
- رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ردوان كريم - الفلسفة العدمية جسر بين معنى الحياة العام و معنى الحياة الخاص